رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
احتفلت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي بمرور عشر سنوات على إنشائها.
وأعترفُ لكم في البداية بأنّني أنظرُ إلى هذا الحفل باعتباره لحظة تاريخيّة مؤسّسة، تُشعرني بفخرٍ كبيرٍ حينَ تلتمعُ في ذهني ونحن في فترة حضاريّة جدُّ حساسة من تاريخ ثقافتنا العربيّة بأنّني أشهد على «استئنافٍ حضاريّ» يتولّد من هنا، من الدّوحة كمركز عربي ودوليّ. فما نعيشه في هذا اليوم، وقد مرّت على إحداث جائزة الشيخ حمد للترجمة عشر سنوات، ليُعدُّ حدثًا مُجدّدا لنشاط الفكر العربي وهو يتفاعلُ مع الرصيد الإنساني للمعارف من خلالِ الترجمة.
•••
لنكن اليومَ صُرحاء وجديرين بالاعتداد بهذا المكسب، إنّنا نستعيدُ لحظةً مضيئة من تاريخ ثقافتنا العربيّة، وبقدر ما نُدرك مسؤوليّة تلك الاستعادة فإنَّنا نعي جيّدا التحديات التي تعيشها ثقافتنا وحضارتنا بشكلٍ أشمل، فليست «جائزة الشيخ حمد بن خليفة للترجمة والتعاون الدّولي» مجرّد حدثٍ عابرٍ في سماء الثقافة العربيّة بقدر ما هي انتصارٌ آخر للشخصيّة العربيّة التي لا ترى في هويّتها القوميّة انغلاقا على الذّات رغم ما تعانيه من عداءٍ معلنٍ ومُبطّن في الخطاب الثقافي الغربي، فهيَ لم تيأس من الحوار مع الثقافات الأخرى ولم تبخل بمدّ جسور التّواصل أيّا كانت الظروف، لذلك فالاستمرار في هذا المشروع الكبير هو من أبرز تجليات ديناميكيّة الشخصيّة العربيّة المعاصرة، وأحد عواملِ تجدّدها سيما وهيَ تجعلُ من اللّغة العربيّة لغةً مُحاورة للغات العالم.
•••
من الشيّق أن نعترفَ بأنَّ اقتران الجائزة باسم الشيخ حمد حفظه اللّه، علامةٌ دالّة على وضع رمزيّ في تاريخ قطر المعاصر وليسَ أمرا متعلّقا بتبجيل شخصيّة قياديّة كما هو شائع في كثيرٍ من الجوائز في العالم. ليسَ اقتران الاسم بالمسمّى لإضفاء سمة رسميّة على الجائزة، فما تستمدّهُ الجائزة من الاسم، يتجاوز ذلك بكثيرٍ. إنّنا نعلمُ رؤية سموّ الشيخ حمد للثقافة ودورها في نهضة دولة قطر، بل نُدرك كيفَ ينظر إلى الثقافة باعتبارها جزءا من عمليّة التنمية، ومحورا لتقدّم المجتمعات، فقبلَ عشر سنواتٍ انطلقت هذه الجائزة لتنبتَ في البيئة القطريّة التي مهّد طريقَ نهضتها سموّ الشيخ حمد الأمير الوالد، وعزّز بُناها صاحب السموّ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدّى حفظهُ اللّه.
لقد آمن سموّ الشيخ حمد بدور الثقافة في التنمية، وليست الترجمة غير صمّام أمان للثقافة حيثُ تسمح لها بالانتشار بين الشّعوب وتجاوز حدود البلدان، وتحلّق بالمعارف في المكان والزّمان. لذلك فقد كان إطلاق الجائزة ضمن رؤيته الشاملة للثقافة وقدرتها على أن تروّجَ لقيم المجتمع القطري في انفتاحه على الأمم الأخرى.
•••
عندما نتحدّث عن «الاستئناف الحضاري» فإنّنا نقرُّ بوجود مقوّمات لهذا الاستئناف، وهيَ مقوّمات موضوعيّة، وإن كانت متشابكة مع ما هو ذاتي، فلو لم يكن الشيخ حمد مؤمنًا بدور الترجمة في إحداث التغيير الثقافي وبناء علاقات دوليّة متجدّدة وندية مع العالم، لما كانت الترجمة جزءا من هذه المقوّمات. فالعامل الذّاتي مهمّ في أيّ مشروع حضاري. لو لم يكن هارون الرشيد وابنه المأمون مؤمنيْن بمشروع «بيت الحكمة» لـمَا كانَ لهذا البيت أن يضيء أركانَ الحضارة العربيّة في الفترة العبّاسيّة. لذلك لا معنى للمشاريع التي تولدُ دونَ رغبة ذاتية في إنمائها، وكلّما كانَت للمشاريع إرادة ذاتيّة تتحلّى بالإيمان العميق برسالتها فإنّها تثبتُ في تُربة الواقع وتينعُ وتكبرُ مثل شجرة وارفة للمعرفة.
•••
ما تُقدّمه الجائزة للثقافة العربيّة وليسَ لمجال الترجمة فحسب، هو القدرة على بناء الجسور وليسَ بناء الجدران. وأمّا الترجمةُ فهي من لبناتِ هذه الجسور التي عرفتها الحضارات القديمة، وتعهّدتها الحضارة العربيّة الإسلاميّة في أزهى فتراتها. فقد عرف اليونانيّون أزهى مراحل عيشهم حين ترجموا كنوز العلوم والفنّ عن حضارات قديمة كالحضارة الفارسيّة والمصريّة القديمة، وعرفت الحضارة العربيّة الإسلاميّة أبدع لحظاتها حين تحوّلت الترجمة إلى رهان مهم من رهانات الدّولة العباسيّة، ولكنّ الكثيرين يُهملون لحظة مضيئة من تاريخ هذه الحركة الترجميّة، وهي اللّحظة الأندلسيّة، فقد اهتمّ المسلمون في الأندلس بترجمة الكتب والمؤلّفات العربيّة إلى اللّغة اللاّتينيّة والقشتاليّة حتّى عُدّت الأندلس مركزا من مراكز الترجمة وبلغت حركة التعريب أوجهها في القرن العاشر للميلاد بمشاركة الأساقفة الذين أسّسوا معاهد للترجمة في مدينة طليلطلة حيثُ تمّت ترجمة العشرات من المؤلّفات العربيّة التراثيّة في مختلف العلوم كالفلسفة والطب والتنجيم. ومن المهمّ التأكيد أنّ الترجمة في حضارتنا لا تقلّ شأنا عن أيّ نشاط علميّ آخر.
•••
وفي هذه السياقات الحضاريّة المختلفة ظلّت «بيتُ الحكمة» مثلَ المرجعيّة في الذاكرة الجماعيّة للمثقفين العرب، حتّى أنّني أتذكر أننا في 2010 بتوجيه من صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة اخترنا رمز «بيت الحكمة» في بغداد في أوج الخلافة العباسية، ليكون موضوع حفل «الدوحة عاصمة للثقافة العربية»، منذ ذلك الوقت كان الحلم المشروع لاستئناف حركة الترجمة العربيّة في صميم فكر ووجدان الشيخ حمد، لهذا لا نستطيع، ونحن نستذكرُ المحطّات المضيئة للترجمة في تاريخنا أن لا نصنّف «جائزة الترجمة» ضمن حلقات هذا التاريخ. من الإنصاف دائمًا أن نضعَ هذه الجائزة في صدارة المشروع الثقافي العربي، بعيدًا عن حالة التأزّم التي يعشها جزء من النخب الثقافيّة العربيّة التي انجرّ بعضها إلى تبخيس الذّات وإشاعة اليأس من إحداث التحولات بدل زرع الأمل. هكذا تعطينا الجائزة باستمرار وتيرتها ونجاحها من نسخة إلى أخرى أمل إحداث نقلة نوعيّة في تفكيرنا الثقافي ورؤيتنا المتجدّدة للثقافات الأخرى كلّما قامت الجائزة بتوسيع دائرة اللغات التي يترجم منها وإليها.
•••
في كلّ دورة تُضاف لغات جديدة إلى قائمة اللغات المعتمدة للترجمة حتّى غطت الجائزة خلال عشر سنوات 37 لغة حول العالم، ممّا يوسّع نطاق التفاعل الثقافي لأنّ التّواصل بين الثقافات يتجاوز المعرفة اللغويّة، فاللغة ليست غير جزء من قمّة جبل الجليد المغمور، وكثيرا ما نذهب إلى الاعتقاد بأنّ الترجمة مجرّد امتلاك للغة أخرى ونقل ما تعبّر عنه من معارف الآخرين، قد يكونُ ذلك بُعداً من أبعادها لكنّه ليسَ رسالتها العريقة. ومثلما تتطلّب الترجمة إلماما بثقافة اللغة المترجم منها وإليها فإنّ ما هو جوهري في الترجمة هو تحقيق التقارب بين الشّعوب وتبادل الثقافات بين الأمم. ومن مزايا الترجمة إنقاذ الثقافة الإنسانيّة من الضّياع والتّلاشي والحرق والإتلاف والتّهميش والإقصاء، فهي حافظة مستمرّة، بل أشبه بذاكرة صامدة في وجه الزّمن ودُعاة الانغلاق الفكري. وإنّنا لنذكر ما حدث لكتب ابن رشد وغيره من المفكّرين من حرق، ولولا الترجمة لضاعت الفلسفة الرّشديّة، ولما استطاعت الإنسانيّة أن تتطوّر على هذا النّحو السّريع، لأنّ الترجمة حافظت على ما ساهمت به الشّعوب من إبداعات في الفكر والفن والعلم.
•••
لا مبالغة إذا قلنا إن المترجمين من الأبطال المجهولين، ولا تقل بطولتهم عن بطولة الجنود في الميدان، لذلك تسعى الجائزة لتكريمهم وتقدير دورهم في التعارف بين الشعوب ونقل المعرفة بين الحضارات، ومد قنوات التواصل بين الأمم، إذ أعادت الجائزة المكانة الاعتباريّة للمترجم بل وفّرت له البيئة الإبداعيّة التي تدفعه نحو المساهمة في هذا المشروع الحضاري. لقد أصبحت الجائزة حاضنة للمترجمين وداعمة لهم وأصبحوا لها سفراء في كلّ مكان في العالم، فكلّ المترجمين الذين شاركوا في الجائزة إنّما خاضوا تجربة المشاركة وبعضهم خاض تجربة التتويج وفي جميع الحالات مثّلت الجائزة سياقًا ثقافيا عربيا جديدا للمترجمين المتمسّكين بالتزامهم التاريخي لأجل نقل المعارف للأجيال بأمانة ومسؤولية.
•••
تؤكد الجائزة مكانة اللغة العربية وتأثيرها كلغة حية متطورة، قادرة على التفاعل مع تحديات العصر والمساهمة في التطور الفكري والعلمي في القرن الحادي والعشرين، وتترجم التوجّهات الوطنيّة في تعزيز اللغة العربية هذا المسار، حيثُ لا يُمكن الحديث عن استئناف حضاري دونَ تأكيد حضور اللغة العربيّة وتجديدها، ونعتقد أنّ الجائزة تُساهم في هذا التجدّد الذي تعيشه اللغة العربيّة وهيَ تنقلُ آداب وعلوم الأمم الأخرى، بذلك تكون لغتنا معاصرة لأحوال معاشنا، ومعبّرة عن ذلك التفاعل الدّائم مع منتجات الحضارة الإنسانيّة. ذلك ما تهبهُ لنا الترجمة من إيمانٍ بأنّ العربية ليست لغة الماضي المجيد فحسب، بل هي لغة الحاضر والمستقبل وتحمل في طياتها قدرةً لا متناهية على الإبداع والتجديد.
•••
من مزايا جائزة الترجمة تفاعلها مع مبادرة الأعوام الثقافية ودبلوماسيتنا الناعمة بصورة عامة من أجل تعزيز التفاهم الثقافي والتقارب بين الشعوب، وفي هذا التفاعل ما يؤكّد قدرة الجائزة على أن تكونَ قوّة ناعمة لدولة قطر، وشعاع ضوءٍ في درب الثقافة العربيّة التي باتت في أمسّ الحاجة إلى الوعي بشروط نهضتها، وما الترجمة غير ذلك القنديل المنير لمستقبل حضارتنا، بما تضخّه من معارف معاصرة في عروق ثقافتنا فتتجدّد وتتقدّم.
إنّني في غاية السّعادة وأنا أحلم مثل غيري من المثقفين العرب باستعادتنا لمجد حضارتنا، ونحن نقفُ متفائلين بثمار جائزة الترجمة واثقين من دورها الحضاري.
•••
في هذا اليوم تعود بي الذاكرة إلى موقف تاريخي سنة 2010 عندما التقيت بصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الأمير الوالد وأمير البلاد آنذاك حفظه الله ورعاه أعجبه شعار الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010 (الثقافة العربيّة وطنا والدوحة عاصمة) وقال لي سموّه: « نحن واثقون من أنّ الدوحة ستنجح هذا العام، ولكن طموحنا أن تكون الدوحة عاصمة دائمة للثقافة» وها هي الدّوحة الآن عاصمة من عواصم الثقافة بكلّ ما تعني الكلمة من معنى. وها هي عاصمتنا بمؤسساتها وصروحها الثقافية ودبلوماسيتها الناعمة تشعّ ثقافة وفنّا وتلعب دورا مميّزا في عالم العرب وفي كلّ مكان بقيادة صاحب السموّ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدّى، حفظه اللّه ورعاه.
•••
وإنّني في غمرة هذه السّعادة والتفاؤل أود أن أتقدم بالشكر لفريق جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، وأعبر عن تقديري العميق لجميع المترجمين والباحثين والأدباء الذين يساهمون بجهودهم القيمة في إثراء الثقافة العربية وثقافات العالم، فهم في ذروة العطاء الفكري والقلب النابض للتواصل الإنساني، ويجسدون القيم التي نسعى إلى ترسيخها في مجتمعاتنا.
وأود أن أشكر كل من ساهم في إنجاح هذه الجائزة على مدى السنوات العشر الماضية، هذه الجائزة التي تعزّز فيه التواصل بين الثقافات والشعوب والدول، وتمنحنا أمل الاستئناف الحضاري.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13479
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1791
| 21 نوفمبر 2025
شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من المواطنين والمقيمين من أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في مدارس أجنبية بريطانية رائدة في الدولة بعضا من التجاوب من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي لا سيما وأن سعادة السيدة لولوة الخاطر وزيرة التربية والتعليم إنسانة تطّلع بمزيد من الاهتمام على ما يُنشر ويتم النقاش فيه فيما يخص الخطة التعليمية على مستوى المراحل الدراسية في قطر وتقوم بكل ما في وسعها لتحسين الأمور التي تحتاج للاهتمام ومعالجة كثير من المشاكل التي نوهنا عنها سابقا في سنوات سابقة ظلت معلقة لتأتي السيدة لولوة وتضع نقاطا على الحروف وهو امتياز حظت به الوزارة منذ أن تبوأت السيدة لولوة سدة الوزارة فيها باقتدار وحكمة ودراية دون قصور بمن سبقها لهذا المنصب التي رأت فيه تكليفا لا تشريفا وأبدت سعادتها به بمعالجة كثير من الأمور العالقة فيه فيما يخص المدارس والجامعات، ولذا نكتب اليوم وكلنا أمل في أن يحظى ما كتبناه سابقا شيئا من اهتمام سعادة وزيرة التربية التي لم نعهد فيها سوى ما يجعلها في مراتب عالية من الاحترام لشخصها والتقدير لعملها الدؤوب الذي أثبتت من خلاله إنها الشخص المناسب في المكان المناسب، بالنظر الى عقليتها والتزامها وتواضعها وقدرتها على تيسير الأمور في الوقت الذي يراها كثيرون أنه من العسر التعامل معها ولذا نجدد المناشدة في النظر لما أشرت له وكثير من المغردين على منصة X في الرسوم المالية العالية التي أقرتها إحدى المدارس الأجنبية البريطانية على بداية الفصل الدراسي الثاني بواقع زيادة عشرة آلاف ريال على كل طالب في حين كان يدفع أولياء الأمور من المقيمين ما يقارب 35 ألف ريال لتصبح بعد الزيادة هذه 45 ألف ريال، بينما كانت الكوبونات التعليمية الخاصة بالمواطنين تخفف من عاتق أولياء الأمور بواقع 28 ألف ريال فكانوا يدفعون إلى جانب الكوبون التعليمي سبعة آلاف ريال فقط ليصبح ما يجب أن يدفعه القطريون 17 ألف ريال بعد الزيادة المفاجئة من هذه المدارس التي باغتت كل أولياء الأمور سواء من المواطنين أو حتى المقيمين بالزيادة المالية للرسوم المدرسية بحيث يتعذر على معظم أولياء الأمور البحث عن مدارس أخرى في بداية الفصل الثاني من العام الدراسي لنقل أبنائهم لها، حيث لن يكون بإمكانهم دفع الرسوم الجديدة التي قالت إن الوزارة قد اعتمدت هذه الزيادات التي تأتي في وقت حرج بالنسبة لأولياء الأمور حتى بالنسبة للطلاب الذين قد تتغير عليهم الأجواء الدراسية إذا ما نجح آباؤهم في الحصول على مدارس أخرى مناسبة من حيث الرسوم الدراسية وهي شكوى يعاني منها أولياء الأمور سواء من المقيمين أو حتى المواطنين الذين يلتحق لهم أكثر من طالب في هذه المدارس التي يتركز موادهم الدراسية على إتقان اللغة الإنجليزية للطالب منذ التحاقه فيها أكثر من المدارس المستقلة التي لا شك تقوم موادها الدراسية على التوازن ولا يجب أن ننسى في هذا الشأن القرار الوزاري لسعادة السيدة لولوة الخاطر بتشكيل لجنة تأسيسية لتطوير وتعزيز تعليم القرآن الكريم واللغة العربية في مدارس الدولة برئاسة الدكتور سلطان إبراهيم الهاشمي وهذا يدل على حرص سعادتها بما بتنا نفتقر له في زحمة العولمة الثقافية والإلكترونية وعالم الذكاء الصناعي والتكنولوجيا المخيفة التي بدأت تطغى على مفاهيم وأركان وعادات وتقاليد وتعاليم دينية ومجتمعية كبرت عليها الأجيال المتتالية ولذا فإن الأمل لازال مركونا بالوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر في الالتفات لما تتضمنه شكاوى أولياء أمور، يأملون في تغيير مسار حل مشكلتهم الموصوفة أعلاه إلى مسار يطمئنهم معنويا وماديا أيضا ولا زلنا نأمل في جهود وزارة التربية والتعليم على سد فراغات تظهر مع القرارات المباغتة التي لا تخدم الطلاب وتؤثر بشكل عكسي على آبائهم بطريقة أو بأخرى، «اللهم إنَا بلغنا اللهم فاشهد».
1410
| 18 نوفمبر 2025