رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثيراً ما نقرأ أو نسمع على وسائل الإعلام العالمية محاولات فهم المواقف القطرية تجاه الملفات الحارقة والأزمات المهددة بالتوسع ونشعر طبعا بالارتياح لما نسجله من موضوعية وأمانة في هذه المقاربات - إذا استثنينا القلة القليلة من الأبواق المأجورة ذات النوايا الهدامة التي لا تخفى على المتأمل الحصيف - ولفت نظري شرح قدمه أحد الأساتذة الخليجيين الدكتور محمد ظافر العجمي الأستاذ الكويتي للعلوم السياسية في جامعة الكويت في فيديو قال فيه: «قطر هي الوحيدة التي تشرع نوافذها لحركات التحرير فهي التي فتحت قبل انتهاء الحرب مكتبا لحركة طالبان مثلا بينما تصنف هذه الحركة لدى دول كثيرة على أنها منظمة إرهابية كما أن قطر هي الوحيدة من الجيران العرب التي فتحت في الدوحة مكتبا لحركة حماس قبل سنوات من الطوفان وانظروا إلى النتيجة حين مالت واشنطن للانسحاب من أفغانستان والتفاوض مع طالبان لم تجد سوى القناة القطرية ودبلوماسيتها النشيطة لتيسير تلك المفاوضات وإنقاذ الآلاف من الضحايا المحتملين من الأمريكان والأفغان (عشرون ألف قتيل أمريكي خلال عشرين سنة من الحرب مع خسارة الخزانة الأمريكية من أموال دافعي الضرائب لأكثر من 46 مليار دولار واستشهاد حوالي المليون أفغاني أغلبهم من سكان الجبال المزارعين وليسوا من المقاتلين المسلحين). وأضاف د. ظافر مؤكدا بأن الدوحة كانت دائما تطلع جميع الجهات على هذه العلاقات وهي تؤمن أن تلك النوافذ المفتوحة لا تصب في خانة طرف دون آخر، بل غاية قطر هي خدمة السلام والأمن الدوليين لا غير والحث على اتباع نهج المفاوضات والوفاق عوض الإسراع للحرب والحلول العسكرية وشهد الرأي العالمي على المباشر بفضل تلفزيون الجزيرة بقنواتها الخمسة مشاهد الانفراج بينما كانت الأزمة منذرة بالانفجار وحصد المزيد من الأرواح والمليارات المهدرة في حرب بلا نصر وبلا هزيمة أي مرشحة للتأبيد وحصد المزيد من الضحايا». ونحن نعتقد أن الذي يقوي المواقف القطرية ويكتب لها السلامة هو تمسك دولة قطر بمبادئ الشرعية الدولية والقانون الأممي الذي رغم هناته وزلاته يبقى السبيل الوحيد للخروج من دوامة العنف العبثية بأقل التكاليف مع حقن الدماء وتجفيف منابع العنف والإرهاب وهما اليوم يتسعان ويتعولمان (من العولمة) بسرعة الضوء بواسطة وسائل الاتصال الاجتماعية وتطور التكنولوجيا المذهل وانتشار المعلومة في حينها من أدنى الأرض إلى أقصاها بشكل آني مدهش.
** نحن نعلق على كلام الدكتور ظافر بالتذكير بتاريخ مشرف للدبلوماسية القطرية بتوجيه من قيادة الدولة بنفس المواقف أيام توسطت قطر في أزمة لبنان عام 2008 حين كان لبنان بلا رئيس بسبب استحالة توافق جميع الفصائل فدعا صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني كل الأطراف اللبنانية إلى اجتماع في الدوحة وتم ذلك في فندق شيراتون وكنت شخصيا مدعوا وعشت ذلك الجو من النقاشات والترددات والمطالبات حتى أن بعض الزملاء الإعلاميين كانوا يتندرون في قاعة الاتصال بالفندق زاعمين بأن سمو الأمير أمر بإغلاق أبواب الفندق إلى حين يتفقون وينتخبون رئيسا للجمهورية اللبنانية! وتم ذلك بالاتفاق على انتخاب الرئيس ميشال سليمان الذي ظل رئيسا من 2008 إلى 2014 بفضل اتفاق اللبنانيين أنفسهم وبفضل الجرأة القطرية وأميرها ووساطتهم المباركة التي يذكرها اللبنانيون بكل اعتزاز وفخر وانفرجت أزمة لبنان الشقيق واستقر اللبنانيون فترة من تاريخهم رمموا خلالها ما استطاعوا من أنقاض حرب أهلية مدمرة دامت 16 سنة وحصدت أرواحا من خيرة شباب هذه البلاد من كل الديانات والانتماءات بل وخلفت جراحا لم تندمل وذكريات لم تمح.
مع العلم بأن هذه المساندة القيمة للبنان تتواصل مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله. وكانت الزيارة التي أدتها سعادة السيدة لؤلؤة بنت راشد الخاطر وزيرة الدولة للتعاون الدولي إلى بيروت آخر المستجدات في العلاقات القطرية اللبنانية، حيث أكدت سعادتها على استمرار موقف قطر الراسخ والثابت تجاه لبنان وسيادته وحقه في المحافظة على أمنه، كما أدانت بشدة كل الاعتداءات ضد المدنيين قائلة بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تكن تستطيع توسيع رقعة الصراع لو أن المجتمع الدولي وقف وقفة جادة وحازمة أمام ما كان يحدث في غزة من مجازر وعمليات إبادة غير مسبوقة وأضافت في نفس السياق أنه تم إطلاق الجسر الجوي من الدوحة إلى بيروت وننوي خلال هذا الشهر إرسال عشر طائرات (سي 17) محملة بالمواد الطبية ومواد الإيواء والغذاء مؤكدة على أن دعم لبنان هو موقف قديم ومستمر وهو دعم كذلك لمؤسسات الدولة اللبنانية الوطنية والقوات المسلحة اللبنانية التي تلعب دورا محليا في هذا السياق.
** انتهى تصريح سعادة وزيرة الدولة في بيروت والذي نقلته قناة الجزيرة مباشرة وأعقبه الشكر الخالص الذي عبر عنه السيد نجيب ميقاتي باسم جميع اللبنانيين وتقديرهم للموقف القطري الناجع ودوره في تخفيف معاناهم اليومية ومواجهتهم لقوات الاحتلال الخارجة عن كل القوانين والأعراف ثم للحقيقة والتاريخ فدولة قطر بتوجيه من سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لا تكتفي بإعلان الموقف أو الدعم الدبلوماسي أو تفعيل الوساطة بل هي التي خصصت 100 مليون دولار لدعم الجنوب اللبناني كما كانت في فلسطين عوضت بـ 100 مليون دولار أولئك المساهمين في وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) ثم انسحبوا منه تاركين أهل غزة في أوضاع إنسانية وصحية متردية مستجيبة في ذلك لنداء السيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة وهو الذي أطلق على دولة قطر اسم الدولة الأممية والشريكة الكاملة في تحقيق السلام.
** وقبل الختام لا بد أن أذكر عجائب التاريخ التي تقلب الموازين وتعيد تركيب الأحداث بمنطق نعجز عن فهمه فلبنان اليوم يجد نفسه في نفس وضع 2008 أي بلا رئيس ويكتشف اللبنانيون أن مصيرهم ليس بأيديهم بل ينتظر اتفاق باريس وواشنطن وهو أمر شبه مستحيل وهذا الوضع مريح لرئيس حكومة الاحتلال الذي يواصل قصف لبنان من شماله إلى جنوبه بجنونه العنصري وهو يهدد بمجازر شبيهة بما وقع لغزة رغم قوة حزب الله الذي هدد العدو بمخطط (هدهد).
العبرة من كل هذا هي غياب تنسيق عربي إسلامي شامل يحول أمتنا إلى قوة عظمى بين القوى تحمي مصالحها وتحرس حدودها وترفض العدوان والإذلال والخنوع. وهذا لعمري يرونه بعيدا ونراه قريبا لأن الله سبحانه قادر على نصرنا بالحق.
خيركم
يا لجمال الخير وأصحابه! من منا لا يحب الخير ؟ ومن منا لا يحب أن يترك أثراً من... اقرأ المزيد
174
| 11 ديسمبر 2025
النضج المهني
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش... اقرأ المزيد
450
| 11 ديسمبر 2025
مرحبا بكل من يحترم مجتمعنا
تعيش قطر هذه الأيام بطولات رياضية كبرى وهي كأس العرب فورميلا 1 وكأس الخليج تحت 23 سنة، بالإضافة... اقرأ المزيد
123
| 11 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4323
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2145
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
1881
| 10 ديسمبر 2025