رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
رحم الله تعالى أولاد المناضل إسماعيل هنية وأحفاده الذين قصفهم قتلة الأطفال ومحتلو أرض فلسطين والمنتقمون بسفالة من المقاومين الأحرار، لأنهم خسروا على الميدان وتخلى عنهم أقرب المناصرين لهم في طغيانهم الهمجي.
واليوم ثبت للعالم أن تسونامي التغيير العميق أغرق أركان الاحتلال وبدد أوهام خمسة وسبعين عاما من "ديمقراطيته" و"تفوقه"، وقد شكلت تلك الأوهام أساطيره المؤسسة لدولة قامت على إبادة شعب أعزل كما كتب المؤرخ الإسرائيلي (شلومو صاند)!.
* نعم تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين السبت الماضي ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد نصف عام من الحرب الإسرائيلية ضد حماس في غزة، وقال المنظمون إن نحو 100 ألف شخص تجمعوا عند مفترق طرق في تل أبيب أعيد تسميته "ميدان الديمقراطية" منذ الاحتجاجات الحاشدة ضد التعديلات القضائية المثيرة للجدل العام الماضي.
ونطق ببعض الحق المحلل السياسي الإسرائيلي (ألون مزراحي) على القناة 12 قال: "حماس لم تهزم إسرائيل فقط بل هزمت الغرب كله بصمود منقطع النظير وبخطط عسكرية لم نتوقعها".
ثم سمعنا السيد (تشارلز فريمان) السفير الأمريكي الأسبق لدى تل أبيب يقول في حديث لقناة السي أن أن: "هل ما زالت إسرائيل تستحق الحياة بعد أن تحولت الى ما يشبه عصابات (الكو كلوكس كلان) الإرهابية العنصرية؟.
كما أن وزير خارجية مالطا (السيد إيان بورج) لم يتأخر عن الإدانة لحرب الإبادة قائلا: "مع الأسف لبست الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي لباس حقوق الإنسان وهبوا لنجدة دولة احتلت أراضي شعب آخر منذ 5 يونيو 67!
* هكذا نلاحظ تفاقم عزلة نتنياهو الشديدة في مجتمعه وفي العالم ولدى مؤيديه وضامني بقائه.
وفي هذه الأجواء تستمر جهود دولة قطر على طريق إقرار الشرعية الدولية وإيقاف مأساة الإبادة والتجويع والترويع وقصف البيوت الآمنة وتهجير ملايين المدنيين الفلسطينيين العزل من مكان إلى مكان وقتلهم بكل شراسة ووحشية هم ومن يطبخ لهم لقمة العيش من بريطانيين وأستراليين وألمان متطوعين!.
وذكر مراسلو وكالة فرانس برس أن المتظاهرين هتفوا "الانتخابات الآن" ودعوا إلى استقالة نتنياهو مع دخول الحرب في غزة شهرها السابع.
* وفي باريس أكد زعيم حزب "فرنسا الأبية" (جان لوك ميلنشون) أن مذبحة ترتكب أمام أعيننا نحن الأوروبيين ولا نحرك ساكنا مما مكن حكامنا من تصنيفنا كشركاء الإبادة البربرية الإسرائيلية لشعب أعزل وهو ما لا يشرف لا حكومتنا المتواطئة مع الاحتلال ولا معارضاتنا الهزيلة المتلاعبة بتوجيهات الرأي العام الفرنسي والأوروبي.
أما من مدريد فقال رئيس وزراء إسبانيا (بيدرو سانشيز) إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يدرس ما إذا كان سيواصل علاقته الاستراتيجية مع إسرائيل
إذا خلصت المفوضية الأوروبية إلى أن إسرائيل انتهكت القانون الإنساني في حربها وكان سانشيز ونظيره الأيرلندي قد طلبا من بروكسل في فبراير إجراء مراجعة عاجلة لتحديد ما إذا كانت إسرائيل تفي بالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان في قطاع غزة، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي هجوما مكثفا واسع النطاق وصل إلى مدينة رفح والى قصف المشافي! وقال سانشيز للجزيرة: "فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي سيكون الباب مفتوحا لإجراء نقاش داخل المجلس الأوروبي لتحديد ما إذا كنا سنستمر في هذه العلاقة الاستراتيجية أم لا؟ لكن هذا الأمر يحتاج منا أولا إلى أن يكون لدينا تقييم شامل من المفوضية الأوروبية.
وفي نفس السياق كشفت القناة 13 العبرية عن أن رئيس الوزراء البريطاني (ريشي سوناك) أبلغ مجلس العموم أن حكومته تدرس إمكانية اعتبار إسرائيل دولة منتهكة للقانون الإنساني الدولي على خلفية مقتل عمال إغاثة بغزة، وذكرت القناة أن "نتنياهو وسوناك تواصلا هاتفيا وبرز خلال المحادثة تهديد سوناك المثير بالإعلان عن أن إسرائيل منتهكة للقانون الإنساني الدولي بعد صدور رأي قانوني في لندن في الأيام الأخيرة.
ومن جهته كشف رئيس الوزراء التركي الأسبق وزعيم حزب "المستقبل" المعارض أحمد داود أوغلو عن تنظيم مسيرة كبيرة للمطالبة بوقف التجارة المتواصل مع الاحتلال.
وفي واشنطن وقعت النائبة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة على رسالة موجهة من عشرات الديمقراطيين في الكونغرس إلى الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، يطالبون فيها بوقف منح الأسلحة إلى حكومة نتنياهو حتى يخطط لسلام عادل مع الملاحظة أن بيلوسي كانت إلى وقت قريب من المدافعين الشرسين عن الاحتلال وعدوانه على قطاع غزة وسبق أن هاجمت عددا من النشطاء الذين طالبوها قبل أشهر بالدعوة إلى وقف إطلاق النار وقامت بشتم بعضهم والمطالبة بترحيلهم، وأظهر دعم بيلوسي لوقف نقل الأسلحة إلى الاحتلال أن هذا هو الموقف السائد بشكل كبير داخل الحزب ونانسي بيلوسي حليفة رئيسية لبايدن ومن الأعضاء المخضرمين في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي، ودعا النواب في رسالتهم إدارة بايدن إلى إجراء تحقيق خاص بها، في مقتل سبعة موظفين من مؤسسة (وورلد سنترال كيتشن) الخيرية، وفي نفس السياق استقالت السيدة (أنيل شينيل) مستشارة وزير الخارجية بلينكن من منصبها بعد أن كشفت عن حالة من الإحباط والتمرد التي تسود أروقة وزارة الخارجية وغالبية الإدارات الأمريكية بسبب حرب الإبادة الجماعية، وتبدو هذه الاستقالة كأنها جزء من تيار عريض بدأ صوته يعلو ضد انحياز إدارة الرئيس الأمريكي جو بادين المنفلت لآلة الموت والقتل الإسرائيلية التي تمادت إلى أقصى حدود التوحش، ومعلوم أن هذه الموظفة السامية لم تكن تخطط في البداية للاستقالة العلنية لأنها لم تر أن موقعها مؤثر إلى هذا الحد وفكرت في الاستقالة بهدوء لكن عندما نقلت هذه الفكرة لزملائها بالعمل قال لها كثير من كوادر الخارجية: "ارفعي صوتك من أجلنا أيضا".
** لعل 7 أكتوبر كانت كما قال المفكر العربي طلال أبو غزالة بداية تحرير فلسطين بفضل إيقاظ الوازع الإسلامي المعبأ للجماهير والموحد لجميع الفصائل والداعي للتحرير كان الطوفان أيضا أول علامة لا تخطئها العين لبداية انهيار منظومة الاحتلال. يبقى أن نذكر للاعتبار أخطر ما صرح به زعيم حزب شاس العنصري حين قال: "قتلنا وجرحنا 100 ألف فلسطيني وهو ما يساعد إسرائيل على تعديل الميزان الديموغرافي لصالح اليهود!" وهو أكبر اعتراف بأنها عملية إبادة مقصودة!.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
702
| 11 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
687
| 16 ديسمبر 2025
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي تحاول القيام بأدوار إيجابية أو سلبية، وخصوصا في مراحل بناء الدول وتأسيسها. ومنطقيا ينبغي على مَن يُصَدّر نفسه للقيام بأدوار عامة أن يمتاز ببعض الصفات الشخصية والإنسانية والعملية والعلمية الفريدة لإقناع غالبية الناس بدوره المرتقب. ومن أخطر الشخصيات والكيانات تلك التي تتعاون مع الغرباء ضد أبناء جلدتهم، وهذا ما حدث في غزة خلال «طوفان الأقصى» على يَد «ياسر أبو شباب» وأتباعه!. و»أبو شباب» فلسطيني، مواليد 1990، من مدينة رفح بغزة، وَمَسيرته، وفقا لمصادر فلسطينية، لا تُؤهّله للقيام بدور قيادي ما!. ومَن يقرأ بعض صفحات تاريخ «أبو شباب»، الذي ينتمي لعائلة «الترابية» المستقرة في النقب وسيناء وجنوبي غزة، يجد أنه اعتُقِل في عام 2015، في غزة، حينما كان بعمر 25 سنة، بتهمة الاتّجار بالمخدّرات وترويجها، وحكم عليه بالسجن 25 سنة. وخلال مواجهات «الطوفان» القاسية والهجمات الصهيونية العشوائية على غزة هَرَب «أبو شباب» من سجنه بغزة، بعدما أمضى فيه أكثر من ثماني سنوات، وشكّل، لاحقا، «القوات الشعبية» بتنسيق مع الشاباك «الإسرائيلي»، ولم يلتفت إليها أحد بشكل ملحوظ بسبب ظروف الحرب والقتل والدمار والفوضى المنتشرة بالقطاع!. وبمرور الأيام بَرَزَ الدور التخريبي لهذه الجماعة، الذي لم يتوقف عند اعترافها بالتعاون مع أجهزة الأمن «الإسرائيلية» بل بنشر التخريب الأمني، والفتن المجتمعية، وقطع الطرق واعتراض قوافل المساعدات الإنسانية ونهبها!. وأبو شباب أكد مرارًا أن جماعته تَتَلقّى الدعم «دعماً من الجيش الإسرائيلي»، وأنهم عازمون على «مواصلة قتال حماس حتى في فترات التهدئة»!. وهذا يعني أنهم مجموعة من الأدوات الصهيونية والجواسيس الذين صورتهم بعض وسائل الإعلام العبرية كأدوات بديلة لتخفيف «خسائر الجيش الإسرائيلي باستخدامهم في مهام حسّاسة بدل الاعتماد المباشر على القوات النظامية»!. ويوم 4 كانون الأول/ ديسمبر 2025 أُعلن عن مقتل «أبو شباب» على يد عائلة «أبو سنيمة»، التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث: وأنهم «واجهوا فئة خارجة عن قيم المجتمع الفلسطيني». وبحيادية، يمكن النظر لهذا الكيان السرطاني، الذي أسندت قيادته بعد مقتل «أبو شباب» إلى رفيقه «غسان الدهيني» من عِدّة زوايا، ومنها: - الخيانة نهايتها مأساوية لأصحابها، وماذا يَتوقّع أن تكون نهايته مَن يَتفاخر بعلاقته مع الاحتلال «الإسرائيلي»؟ - دور جماعة «أبو شباب» التخريبي على المستويين الأمني والإغاثي دفنهم وهم أحياء، مِمّا جعل مقتل «أبو شباب» مناسبة قُوْبِلت بالترحيب من أكثرية الفلسطينيين وغيرهم. - مقتل «أبو شباب» يؤكد فشل الخطة «الإسرائيلية» بجعل مجموعته المُتَحكِّم بمدينة «رفح» وجعلها منطقة «حكم ذاتي» خارج سيطرة المقاومة، وبهذا فهي ضربة أمنية كبيرة «لإسرائيل» التي كانت تُعوّل عليهم بعمليات التجسّس والتخريب. - قد تكون «إسرائيل» تَخلّصت منه، قبل إرغامها، بضغوط أمريكية، على المضي بالمرحلة الثانية من اتّفاق وقف إطلاق النار وذلك بتركه ليواجه مصيره كونه قُتِل بمنطقة سيطرة جيشها!. - الحادثة كانت مناسبة لدعم دور المقاومة على أرض غزة، ونقلت هيئة البثّ «الإسرائيلية»، الأحد الماضي، عن مصادر فلسطينية أن «مسلحين ينتمون لمليشيات عشائرية معارضة لحماس سَلّموا أنفسهم طواعية لأجهزة (حماس) الأمنية في غزة». منطقيًا، لو كانت جماعة «أبو شباب» جماعة فلسطينية خالصة ومنافسة بعملها، السياسي والعسكري، للآخرين بشفافية وصدق لأمكن قبول تشكيلها، والتعاطي معه على أنه جزء من المشاريع الهادفة لخدمة القطاع، ولكن حينما تَبرز خيوط مؤكدة، وباعترافات واضحة، بارتباط هذا الكيان وشخوصه بالاحتلال «الإسرائيلي» فهنا تكون المعضلة والقشّة التي تَقصم ظهر الكيان لأن التعاون مع المحتل جريمة لا يُمكن تبريرها بأيّ عذر من الأعذار. مقتل «أبو شباب» كان متوقعا، وهي النهاية الحتمية والسوداء للخونة والعملاء الذين لا يَجدون مَن يُرحب بهم من مواطنيهم، ولا مَن يَحْتَرِمهم من الأعداء، ولهذا هُم أموات بداية، وإن كانوا يمشون على الأرض، لأنهم فقدوا ارتباطهم بأهلهم وقضيتهم وإنسانيتهم.
636
| 12 ديسمبر 2025