رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما هي الفرص المتوفرة أمام المسلمين لاستغلال الإعلام الجديد وخاصة الانترنيت للقيام بالدعوة والتعريف بالإسلام والرد على الصور النمطية والتشويه والتضليل والحملات الدعائية المغرضة؟ هل وظف المسلمون الإمكانيات والوسائل التي يوفرها الإعلام الجديد لنشر الثقافة الإسلامية. فللشبكة العنكبوتية ميزات عديدة تؤهلها للعب أدوار محورية للتحاور مع الآخر ونقل التراث الثقافي والحضاري للعرب والمسلمين للآخر. ما هو وضع الثقافة الإسلامية في ظل العولمة وما هي خصائص المجتمع الرقمي؟ إلى أي مدى عولمت تكنولوجيا الاتصال الجديدة الثقافة وجعلتها أحادية البعد؟ ما هي الفرص المتوفرة لنشر الثقافة الإسلامية في العصر الرقمي وما هي التحديات التي تواجهها هذه العملية في عصر تحكمه القوى العظمى وتسيطر على صناعة الصورة فيه الشركات الإعلامية والثقافية المتعددة الجنسيات. وأخيرا تناقش الورقة آليات وسبل نشر الثقافة الإسلامية في العصر الرقمي حيث ضرورة اعتماد لغة العصر وثقافة الحوار والتواصل بين الحضارات وتوفير الإمكانيات والموازنات الضرورية بالإضافة إلى التنسيق بين الجهات المختلفة لإيصال الثقافة الإسلامية إلى المنابر العالمية.
هل حان الوقت للتفكير ولاتخاذ اللازم لتسويق الصورة الحقيقية للعرب وللمسلمين للعالم بلغة العصر و بتكنولوجية الألفية الثالثة؟ لقد اهتزت صورة الإسلام و العرب في السنوات الأخيرة في الرأي العام الدولي بصورة خطرة جدا ساهمت في العديد من المرات في اتخاذ مواقف معادية وسلبية ضد الشعوب العربية والإسلامية. و المشكل هنا يطرح على مستويين، المستوى الأول و هو الصورة الباهتة و الضعيفة للإسلام داخل الدول الإسلامية نفسها حيث أن وسائل الإعلام العربية وقادة الرأي لم ينجحوا في احتواء الصور النمطية والآراء المشوهة و المضللة للإسلام و المسلمين، كما أن الإسلام السياسي وما أفرزه من تضارب الآراء و الأطروحات ترك الشارع العربي و الإسلامي في مفترق الطرق. ما يحدث في إيران و السودان و أفغانستان و الجزائر و اليمن قضايا و مسائل يكتنفها الكثير من الالتباس والغموض بالنسبة للغالبية العظمى من الشارع العربي والإسلامي فما بالك بالنسبة للرأي العام الدولي.
العالم الإسلامي أمام تحديات كبيرة لنشر ثقافته وتقديمها للآخر، حيث أن وسائل الاتصال الحديثة وخاصة الانترنيت تشكل وسيلة محورية و استراتيجية للذي يعرف كيف يوظفها بعقلانية ومهنية وحرفية للوصول إلى الآخر ومحاورته والتواصل معه. فالثقافة الإسلامية اليوم لم تأخذ نصيبها الذي تستحقه من التواجد في المنابر والمحافل الثقافية الدولية. فحضورها ضحل ومحتشم وفي الكثير من الأحيان نجدها تعاني التهميش والتضليل والتشويه والتنميط، حتى أصبحت الثقافة الإسلامية تنحصر في الإرهاب والجرائم و إقصاء الآخر، في عالم تسيطر عليه الثقافة الرأسمالية الغربية. فالعالم اليوم يعيش العصر الرقمي الذي يتميز بسرعة فائقة في تبادل المعلومات وكذلك غزارتها كما يتميز بعولمة الثقافة وبـ "اللازمان" و"اللامكان" وانهيار الحدود والرقابة.
ففي عالم اليوم تعيش الشعوب والأمم في صراع محتدم على صناعة الصورة و تشكيل الرأي العام والسيطرة عليه. فمن خلال البث الفضائي المباشر والشركات الثقافية والإعلامية العابرة للقارات والشبكة العنكبوتية العالمية أصبح العالم قرية صغيرة يتحكم في ثقافتها من يتحكم في تكنولوجية وسائل الاتصال الحديثة وفي المصادر المالية الضخمة التي توظف في المنتجات الثقافية المختلفة من أخبار وترفيه وأفلام ومسلسلات وإعلانات...الخ.
إن إشكالية نشر الثقافة الإسلامية في العصر الرقمي تتمحور حول الاستغلال الأمثل للوسائل والإمكانيات المتاحة من تكنولوجيات حديثة لوسائل الاتصال ومن وسائط متعددة. فالحضور الثقافي على المستوى الدولي بحاجة إلى جهود كبيرة منسقة و منظمة تخاطب الآخر بلغة العصر وبمنهجية وبعلمية وبمنطق حتى تحقق المبتغى منها. إن المشاركة في التراث الثقافي العالمي تحتاج إلى إنتاج فكري وعلمي وتحتاج إلى جودة ونوعية تستطيع أن تنافس ما هو موجود على الساحة العالمية، مما يعني أن هناك تحديات جسيمة و كبيرة جدا تنتظر العالم الإسلامي في مسعاه لنشر الثقافة الإسلامية. ومن بين أهم هذه التحديات سيطرة "الذين يملكون" على صناعة الثقافة العالمية وكذلك أحادية الثقافة العالمية وهيمنة الشمال على الجنوب. من جهة أخرى يجب الحذر والاحتياط عند الكلام عن الانترنيت وتكنولوجيات وسائل الاتصال حيث أن هناك جوانب سلبية ومشكلات عديدة تشوب هذه الوسائل التي تعتبر سلاحا ذا حدين. فالشباب المسلم في جميع أنحاء العالم مثله مثل الشباب الموجود فوق هذه المعمورة يعاني من التسطيح والتهميش والإقصاء والاغتراب وانفصام الشخصية. فهناك مواقع عديدة على الانترنيت تشوه الإسلام وتسيء للدين الحنيف باسم الإسلام، وهناك مادة إعلامية وثقافية نجدها حبلى بقيم دخيلة غريبة وعجيبة لا علاقة لها بالقيم الإسلامية السمحاء وبالقيم الانسانية الكونية.
بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 و إعلان الحرب على الإرهاب زادت الحملات المعادية للإسلام واغتنمت جهات عديدة الفرصة لتأكيد الصور النمطية ولتمرير الرسائل والصور والأفكار التي تشّوه الإسلام وتفّرغه من قيمه السامية ومن مبادئه الإنسانية الراقية. وفي ظل العولمة انتشرت ثقافة الأقوى والأعظم على حساب الذي لا يملك والذي يستهلك ويستقبل فقط وبذلك انتشر مصطلح صراع الحضارات على يد منظرين أمثال توينبي و برنارد لويس و صامويل هنتغتون وفرنسيس فوكوياما و غيرهم بالرغم من محاولات عديدة من مفكرين ينادون ويدعون لحوار الحضارات والديانات . فهناك من يرى ويرّوج لفكرة أن الإسلام عبر التاريخ والحضارات كان وما يزال تهديدا قائما و خطرا دائما على الحضارات المغايرة له و أنه معاد للهويات والثقافات والديانات الأخرى. وفي ظل هذا التشويه والحرب النفسية اهتمت ماكينات صناعة الرأي العام الغربية بتشكيل الوعي وقولبته وفق ما تمليه الأيديولوجية السائدة والتي ترى في الإسلام عدوا للإنسانية وعدوا للحضارة ودين الإرهاب وإقصاء الآخر.
هل حان الوقت للرد على الافتراءات و على الإساءات العديدة الموجهة ضد الإسلام والمسلمين وتقديم الصورة الحقيقية للعرب وللمسلمين للعالم بلغة العصر وبتكنولوجية الألفية الثالثة؟ ماذا أعد العرب والمسلمون للآخر لمحاورته وإعطائه الصورة الحقيقية للإسلام و لتاريخ الحضارة الإسلامية ولماذا قدمه هذا الدين السميح للبشرية جمعاء من قيم وأخلاق ومبادئ وعلوم. لقد اهتزت صورة الإسلام والعرب في السنوات الأخيرة في الرأي العام الدولي بصورة خطرة جدا ساهمت في العديد من المرات في اتخاذ مواقف معادية و سلبية ضد الشعوب العربية والإسلامية ناهيك عن المضايقات والاعتقالات وسجن وإيقاف مئات الأبرياء في العديد من المطارات والعواصم العالمية بدون سابق إنذار وبدون محاكمة وفق القوانين والأعراف المعمول بها دوليا.
حرمة الميت بين توجيه السنة وخطاب الإعلام
في زمن تعددت فيه وسائل الإعلام وتنوعت فيه المنابر الإذاعية والتلفزيونية والرقمية أصبحت قصص الموتى تُروى على الهواء... اقرأ المزيد
168
| 27 نوفمبر 2025
خذلنا غزة ولا نزال
(غزة تواجه الشتاء بلا مأوى وهي تغرق اليوم بنداءات استغاثة جديدة في حين توقفت أصوات القصف وجاءت أصوات... اقرأ المزيد
105
| 27 نوفمبر 2025
الغائب في رؤية الشعر..
شاع منذ ربع قرن تقريبا مقولة زمن الرواية. بسبب انتشارها الأكبر في كل العالم. عام 1985 كتبت مقالا... اقرأ المزيد
135
| 27 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1818
| 21 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1461
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1449
| 25 نوفمبر 2025