رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خولة البوعينين


Khawla.life@outlook.com
@Khawlalbu3inain

مساحة إعلانية

مقالات

402

خولة البوعينين

حين تهمس الحكمة!

13 مايو 2025 , 02:00ص

لا يأتي النضج الحق تلقائيًا من تراكم الأيام وعبور الساعات؛ فالنضج الحقيقي ينبع من لمحات وعي، ولحظات إدراك، من ألم فُهِم، ومن تجربة أُعيد تأويلها.

فكم من أناس في العشرين أكثر نضجًا من آخرين في الستين والسبعين، لأنهم قرروا ألّا يبقوا في دوائر الضحية، ولا أن يُداروا ردود أفعالهم بطفولية.

ذلك لأن النضج هدية التجارب، ووليد الاختبار، مرهون بدوام الممارسة والمران على المواقف ومع الأشخاص. وما مآل ذلك إلا إدراكًا حقًا، ووعيًا ناضحًا لا يلوم، بل يفهم.

يدفع المرء إلى أن يختار أن يحتضن شعوره بدلًا من إسقاطه، ويرتب إحساسه عوضًا عن شتاته، فتُمنح له بصيرة الناضجين، وحكمة الراشدين، فيزن الأمور بميزانها، ويعرف متى يكون الصمت حضورًا، ومتى يكون الكلام أثرًا.

والناضج رصينٌ في حبّه وكُرهه، وإقباله وصدوده، فهو يختار الحب لا عن حاجة، بل من كفاية، ويمنحه من امتلاء، ويفيض به عن كفاية، ولا يُعلّق سلامه على وجود أحد، ولا يحارب ليُثبت ذاته في حضرة الآخر.

بل النضج يُهدي اتزانه حتى في الألم وهبّات الوجع، فيُحيل المرء متفكرًا في نفسه: هل بات يُكرّر نفس أنماطه الشعورية؟ أم أنه تدارس الألم، فعلم كيف يحتضنه، ويستخرج من بين غياهبه نسخًا منه أكثر عمقًا ووعيًا؟

لأنه يُدرك أن الرصانة لا تعني ألّا يتألم، بل أن يُحسن الرُشد في التعامل معه، واحتضان أشواكه.

النضج عطية الأوّابين إلى ذواتهم، أولئك الذين غاصوا في أعماقهم حتى تبيّن لهم صداها، فصاروا يختارون بما تهديه البصيرة لا بما يهمس به الهوى.

يتخلّون عمّا قد تتوق إليه النفس، لأنهم أدركوا أن ما يُشبه الأعماق أصدق مما يلمع على السطح.

والرُشد فيهم يتجلّى حين يُقرّرون المضي أو التراجع، لا بانفعال الخوف أو غشاوة التعلّق، بل بثبات الوعي وطمأنينة الفهم.

وقبل ذلك كله، النضج هو نوافح النفس للنفس، وعطوفات الذات على الذات، يتجلّى في هبات الرحمة، والتسامح معها، وفي الإنصات العميق لها، حتى يدرك المرء متى قسا على روحه، ومتى كانت في شوقٍ إلى حضنٍ من الرحمة.

وبذلك، لا يكون النضج صخبًا ولا إعلانًا، بل سكونًا داخليًا يُضيء على مهل، وهدوءًا يترسّب في النظرة، ويظهر في اللمحة، ويُعلن عن نفسه في ردة الفعل، وفي القرار.

هو عودة صادقة إلى الذات، ومآلٌ أوّابٌ لما للحكمة من صفات، ومصالحة جريئة مع تقلبات النفس ومرايا أهوائها.

فمن اختار أن ينضج، اختار أن يُبصر، أن يرحم، أن يُحب دون قيد، ويترك دون مرارة، ويعيش دون أن يُفرّط بنفسه في أحد.

فالنضج ليس خاتمة الحكاية، بل بدء حديث السريرة بين المرء وذاته، حيث الوعي أصفى، والحب أنقى، والأثر أهدأ وأجلى.

لحظة إدراك:

النضج ليس محطة تُنال بالعمر، ولا هدفًا يُدرك بتقادم الأيام، بل مسار يُنتقى بإدراك، وطريق يُختار بوعي، وبرحمة القلب، وحكمة الإنصات للذات.

هو قطاف ثمر التجارب حين تُفهم، وهبة المرء لنفسه حين يقرر أن يرى بعمق، ويُحب بكفاية، ويختار بثبات.

اقرأ المزيد

alsharq قضايانا المتسارعة تباعاً

السودان يستغيث وسوريا تستغيث وفلسطين تستغيث واليمن يستغيث وليبيا تستغيث وماذا بعد؟! وأنا جادة في السؤال لأنني بتُّ... اقرأ المزيد

237

| 29 أكتوبر 2025

alsharq قطر.. حين تتحدث الحكمة في زمن الحرب

في زمنٍ ارتفعت فيه أصوات الصواريخ، اختارت قطر أن يكون صوتها سلاماً يعلو على الضجيج، ليُثبت للعالم أن... اقرأ المزيد

273

| 29 أكتوبر 2025

alsharq المثقف في محكمة التاريخ.. الحقيقة أم الولاء؟

منذ أقدم الأزمنة، كان المثقف يقف على خط النار بين السلطة والجماهير، بين إغراء الولاء وضغط الضمير. وفي... اقرأ المزيد

111

| 29 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية