رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. عطية خليف العلي

مساحة إعلانية

مقالات

213

د. عطية خليف العلي

ما بين عكاظ وكتارا

14 أبريل 2025 , 02:00ص

على مرّ العصور، كانت الثقافة نافذة الشعوب نحو العالم، تعبّر من خلالها عن هويتها، وتسجّل تاريخها، وتصوغ مستقبلها.

في قلب الجزيرة العربية، بين مكة والطائف، كان سوق عكاظ أحد أشهر الأسواق العربية القديمة، لم يكن مجرد سوق تجاري، بل كان منبرًا أدبيًا وثقافيًا يجتمع فيه الشعراء والخطباء من مختلف القبائل، ليتباروا في إلقاء القصائد والخطب أمام جمهور واسع، فيما يُشرف على تقييمهم كبار الأدباء والنقاد. ولم تقتصر أهمية عكاظ على كونه احتفالًا بالإبداع اللغوي، بل كان أيضا ساحة لعقد المعاهدات، وحل النزاعات، والتبادل التجاري. لقد كان ملتقى سنويا يتجاوز الجانب الاقتصادي إلى كونه مؤسسة ثقافية واجتماعية متكاملة. مما جعل السوق مدرسةً مفتوحةً للشعر والخطابة.

واليوم، في العصر الحديث، نجد في كتارا – الحي الثقافي في قطر امتدادا لهذا الإرث، حيث أصبحت كتارا منصة عالمية للفنون والأدب والثقافة، تماما كما كان عكاظ قديما، ولكن بروح العصر وحداثته.

وبينما كان عكاظ في الماضي ملتقى الثقافة العربية، نجد أن كتارا في قطر اليوم تمثل نموذجا حديثا لمنصة تجمع الفنون والأدب والثقافة العالمية. تأسس الحي الثقافي كتارا ليكون مركزا عالميا يحتضن الفعاليات الأدبية والفنية والتراثية، ويجمع المبدعين من مختلف الجنسيات في تفاعل ثقافي مستمر.

أبرز ملامح كتارا اليوم، أنها تستضيف العديد من الفعاليات الأدبية، والشعرية، والفنية، التي تُبرز الإبداع الحديث بمختلف أشكاله، تماما كما كان عكاظ منصة للمنافسات الشعرية قديما.

وإذا كان عكاظ يقتصر تقريبا على العرب فقط، فإن كتارا تعتبر ملتقى عالميا يجمع فنونا وثقافات من جميع أنحاء العالم، مما يعزز الحوار الثقافي والانفتاح على العالم.

ومع هذه المقارنة اللطيفة بين عكاظ وكتارا، نجد أن روح الثقافة لم تتغير، بل تطورت بأساليب جديدة تتناسب مع مجريات العصر.

عكاظ في وقته وحّد العرب بلغتهم وشعرهم، وكتارا اليوم توحد الثقافات من خلال الفن والحوار والإبداع. وستظل شعلة ثقافية تُضيء طريق الأجيال القادمة، مؤكدة أن الثقافة هي الجسر الذي يصل الماضي بالحاضر، ويصنع المستقبل.

مساحة إعلانية