رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

819

هديل رشاد

حين يُبيَض القتل بستار العمل الإغاثي

16 يوليو 2025 , 05:16ص

يسرقون رغيفك، ثم يعطونك منه كسرة، ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم. يا لوقاحتهم!، كلمات كتبها غسان كنفاني قبل عقود، لكنها تصف بدقة الجريمة المركّبة التي يعيشها الفلسطيني في غزة اليوم، فالرغيف لا يُمنع فقط، بل يُراقَب، ويُستعمل كسلاح، وتُحيط به القناصة، ويُشترط على الجائع أن يُذلّ كي يلمسه، هذه ليست استعارة؛ إنها الوقائع.

منذ أواخر مايو وحتى أوائل يوليو 2025، استُشهد ما لا يقل عن 798 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع الغذاء التابعة لما يُسمى مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، تحت إشراف مباشر من شركة أمنية أميركية تُدعى Safe) Reach Solutions) (SRS)، وبحماية إسرائيلية مكثّفة. كما أُصيب أكثر من 4.500 شخص، بعضهم برصاص حي، وآخرون نتيجة التدافع أو القمع بالغاز والضرب، وفق تقارير الأمم المتحدة ووزارة الصحة في غزة، بعد أن منع الكيان المحتل دخول المساعدات الغذائية وسلع أساسية أخرى إلى القطاع لأكثر من شهرين، عبر المنافذ التي كانت تُستخدم سابقاً لإدخال المساعدات تحت إشراف الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا.

هذه الأرقام المتزايدة هي نتيجة حتمية لنظام توزيع فُرض منذ نهاية مايو 2025، ويعتمد على توجيه السكان نحو نقاط محددة في أوقات محددة، تحت حراسة مسلحة. في كل نقطة توزيع، تُفرض شروط مسبقة: التعرف على الوجه، اصطفاف خاضع للمراقبة، تجمع يُعامل كهدف، ثم إطلاق نار تحت ذريعة الفوضى أو “التهديد الأمني”. لكن ما هو التهديد الحقيقي الذي يشكله جائعون خائفون أموات وهم أحياء؟.

الشركة المسؤولة، SRS، ليست منظمة إنسانية، بل شركة لوجستية–أمنية، تأسست في الولايات المتحدة، ويديرها Phil Reilly، ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، تعمل بتمويل من شركات استثمار خاصة مثل McNally Capital، وتعتمد في الحماية الميدانية على مقاولين أمنيين أميركيين، بينهم جنود سابقون في مشاة البحرية، فما الذي يفعله هؤلاء في نقاط توزيع غذاء؟ من الذي قرر أن يُسلط على الجائعين قسراً، بفعل الحصار الإسرائيلي، البنادق والقذائف، وهم عُزّل لا حول لهم ولا قوة؟.

تشير بعض التسجيلات المسربة إلى أفراد أمن يضحكون بعد إطلاق النار على طالبي المساعدات، قائلاً أحدهم: “أعتقد أنك أصبته. أحسنت يا رجل!”، وفق تقرير نشرته “فرانس 24” في التاسع من الشهر الجاري، كما توثّق تقارير للمقاولين الأمنيين الأميركيين استخدام رصاص حي، وغاز فلفل ضد أطفال ونساء، لمجرد أنهم اقتربوا من حاويات مساعدات قبل الوقت المحدد، فهل هذا عمل إغاثي أم قتل منظّم؟.

بالموازاة، تروج مؤسسة غزة الإنسانية لنفسها كجهة خيرية مستقلة، لكنها في الحقيقة تعمل ضمن شراكات أميركية–إسرائيلية، وتخضع لمجالس إدارة تضم شخصيات من الإنجيليين المتصهينين المعروفين بدعمهم لفكرة أرض الميعاد وتفريغ الأرض من أهلها الأصليين، ولذا، فإن الشكوك المتصاعدة حول هذه المؤسسة دفعت عدداً من الهيئات الحقوقية الدولية، مثل Trial International وLegal Action Worldwide، لإطلاق تحذيرات صريحة، واصفين ما يحدث بأنه قد يرقى إلى جرائم حرب، بل جرائم ضد الإنسانية، باستخدام الغذاء كسلاح، والسيطرة على السكان من خلال بوابة الحاجة، كما طالبت منظمة أطباء بلا حدود بوقف نشاط مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، معتبرة إياها مسؤولة عن مجازر متكررة. لكن الغطاء السياسي الغربي، والصمت العربي المؤسف، يسمح بمرور هذه الجرائم تحت عباءة العمل الإغاثي.

ختاماً…

في قلب هذا كله، لا أحد يسأل: ماذا يريد الفلسطيني؟ إنه المقهور، المجوَّع، الجريح، والشهيد لا محالة في ظل هذه المعطيات. ما يحدث يضع الفلسطيني على المحك مع الحياة. تلك الحياة التي أطبقت الخناق عليه، وباتت تتلذذ بعذاباته. فإما أن يأكل كسرة خبز مغمسة بدم أخيه، أو أن يموت واقفاً في “مصائد الموت”، أو كما يسمونها.. طوابير المساعدات.

اقرأ المزيد

alsharq شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم

ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن... اقرأ المزيد

4713

| 11 نوفمبر 2025

alsharq الاعتراف بفلسطين في موازين السياسة الدولية

عندما أعلن كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني الجديد، عن نيّة بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، بدت الخطوة للبعض بمثابة... اقرأ المزيد

138

| 11 نوفمبر 2025

alsharq بين الأفول والإشراق تطيب الحياة

ليست الحياة الطيّبة تلك التي تُساق للمرء فيها الأقدار كما يشتهي، وليس معنى جودة حياته أن يتحقق له... اقرأ المزيد

216

| 11 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية