رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
محطة تاريخية كتب الله سبحانه علينا نحن العرب والمسلمين أن نعيشها ومن مؤشراتها ما ورد في خطاب حضرة صاحب السمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يوم الثلاثاء الماضي في افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى حيث أدان سموه بشدة تجاوز إسرائيل لكل الحدود القانونية والأخلاقية وارتكابها جرائم الإبادة الجماعية في غزة واليوم في لبنان.
وهذا الموقف من زعيم عربي جريء و صادق لا يهادن ولا يتخفى وراء الشعارات يؤكد تلاؤم دولة عربية مع الواقع المتغير بعمق بمواقف ثابتة لا تتحول مع مصالح دول أخرى وقد استمر سموه على نفس النهج في القمة الخليجية الأوروبية ببروكسل ثم مما يدعم نظرية التحول الكبير هو مشهد دفن جثمان الرقيب بالجيش الإسرائيلي (يوواف أغمون) الذي قتل في هجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة على ثكنة عسكرية في حيفا، وبهذه المؤشرات يتأكد لدى العالم أن صفوف المقاومين أصحاب الحق تتعزز وتقوى بينما تتشتت صفوف المحتلين وتنهار.
ثم إن من الحقائق التي لا يتطرق اليها الشك حقيقة مفادها أن ما نعيشه نحن العرب من محن قاسية وأزمات رهيبة ماهي سوى مؤشرات على التغييرات الجذرية وانقلاب موازين القوى فيما يسمى الشرق الأوسط وهذه التحولات الكبرى تطرأ تقريبا كل مائة عام ويذكر المؤرخون أن الخلافة العثمانية سقطت عام 1924 من أجل ما سموه اقتسام تركة الرجل المريض! والغريب أن «الرجل المريض المحتضر» ظل هو نفسه خلال القرن كاملا لكن الطوفان فرض بالقوة والحجة واقعا جديدا من الأكيد أن قوى الاستعمار والعنصرية لم تحسب له حسابا ولم تتوقعه! فحين ترون مشهد رئيس حكومة إسرائيل يهرع جريا الى المخبأ وترى الطبقة الحاكمة هناك مدنية وعسكرية منقسمة ومشتتة وأن مئات الآلاف تكتظ بهم المطارات لمغادرة «بلادهم» و يهاجرون الى الدول التي جاؤوا منها وولدوا فيها لأنهم فقدوا الأمن وفقد العديد منهم مدارس عيالهم نظرا لصفارات الإنذار المتعاقبة في أغلب مدن وقرى إسرائيل.
هذا من جهة ومن جهة فلسطين وقضيتها العادلة نكتشف التعاطف الدولي الواسع والشبابي خاصة كما بدأ في جامعة كولومبيا ثم تعمم في أغلب جامعات العالم الغربي من أمريكا الى أوروبا وصولا الى اليابان ويستمر الى اليوم فندرك أن ما خطط له أعداء العرب والإسلام من «شرق أوسط جديد» بدأ ينهار وتبزغ شمس جديدة مبشرة بالسلام والشرعية والعدالة الدولية وتعلمون أن عنوان (الشرق الأوسط الجديد) هو كتاب (كونداليزا رايس) و (شيمون بيريز) وهو نفس شعار صهر الرئيس ترامب ( جاريد كوشنير) الذي قام بجولته في دول الشرق الأوسط مبشرا بحلول «مالية بديلة « للقضية الفلسطينية سنة 2017. ويسعدني أن أعرج بكم الى مداخلة مثقف يهودي أمين هو الأستاذ (جاكوب كوهين) الذي يعبر في فيديو ليفصح عن رؤيته للعالم وأول ما قاله هو شكره العميق لقناة الجزيرة التي مكنته من متابعة الأحداث المؤلمة على مدار الساعة وفي الفيديو الأخير الذي خصص لانخراط الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أزمة الشرق الأوسط قال السيد (جاكوب كوهين): «إن إيران مستهدفة منذ سنة 2000 رغم أن ثورتها على الشاه تمت عام 1979 وذلك بسبب رفض ايران دخول بيت الطاعة ورفض الاعتراف بسيطرة إسرائيل على الشرق الأوسط كوكيلة وحيدة للغرب الأطلسي واستقلت بقراراتها وحافظت على سيادتها بل امتدت لها أذرع خارجها.
ويضيف هذا الرجل قوله بأن ايران خططت عام 2000 لبرنامجها النووي للاستعمال المدني فقط و لم تفكر قط في امتلاك سلاح نووي لكنكم تعلمون أن اسرائيل بإيعاز من الغرب الأطلسي منعت أي دولة عربية من التمكن من التكنولوجيا النووية حتى السلمية منها لكن ايران المسلمة أعلنت عصيانها لهذه الأوامر وشرعت تؤسس مفاعلاتها على سطح الأرض ولا تخفي منها تفاصيلها وطبعا تذكرون كيف شيد العراق في مطلع الثمانينات مفاعله لأغراض مدنية وانتظر الموساد اكتمال البناء فهب لقصفه يوم 7 يوليو 1981 واغتيال قائد الفريق العلمي الذي كان يتدرب في معهد (ساكلاي) الفرنسي و قتله أعوان الموساد في فندق بباريس وأغلق الملف النووي العراقي نهائيا.
ويواصل الاستاذ شرحه فيقول بأن ايران منذ سنوات قليلة شعرت بخطر التهديدات الإسرائيلية فاتصلت بالرئيس الروسي (بوتين) فما كان من (بوتين) الا توقيع معاهدة تعاون إستراتيجي مع طهران تنص على بند الدفاع المشترك فايران تشكل قوة إقليمية تعتبرها روسيا حليفة لها وحامية لمصالحها في المنطقة الأكثر إنتاجا للطاقة من بترول وغاز والمتمتعة بموقع جغرافي استراتيجي يقرأ له العالم حسابا في أي أزمة قادمة.
** وأجاب السيد كوهين عن سؤال هو:» كيف تتوقع نهاية الحرب القذرة ضد فلسطين؟ فقال:» لو كان على رأس حكومة إسرائيل شخص ثان غير الموجود حاليا لأوقف الحرب وابتكر وسائل دبلوماسية تحفظ له ماء الوجه لكن (ناتنياهو) يعاني من مركب العظمة فهو رئيس الحكومة الأطول مدة في تاريخ تلك البلاد ويدعي البطولة ثم إنه مطلوب من عدالة بلاده لتجرئه على تغيير صلاحيات المحكمة الدستورية أعلى هيئة قضائية وتورطه مع زوجته في جرائم اختلاس أموال عمومية وهو ما رفضته أغلبية ساحقة من الشعب الإسرائيلي وخرجت مظاهراته مطالبة بالتفاوض مع حماس وإيقاف حرب الإبادة التي شوهت سمعة إسرائيل بينما ترفع الى اليوم شعار (الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!) هذه حالة (ناتنياهو) اليوم بعد مرور عام على الطوفان أي لا يستطيع إيقاف الحرب ولا يستطيع تحقيق أي من الغايات التي رسمها لها بسبب صمود حماس وسرايا القدس وردهما على كل ضربة بضربة وإثبات حقيقة تواجدهما على الميدان بل من المسافة صفر لأن المقاومين هم أبناء الأرض الفلسطينية المولودون منذ أجيال فوقها ويرفضون مغادرة بيوتهم المهدمة في ملحمة أسطورية أبهرت العالم وفي سياق مشابه أصدر معهد (بروكنغس) تقريرا استشرافيا شارك فيه عديد الباحثين الأمريكيين وهم من قدماء المسؤولين الكبار في وزارتي الخارجية والدفاع بواشنطن انتهت خلاصته الى حدوث تغييرات في خريطة الشرق الأوسط بحجة أن جيوشا عربية نظامية لم تصمد أمام جيش إسرائيل سوى ساعات في حرب يونيه 67 بينما تصمد حماس والجهاد والحوثيون أكثر من عام وهي منظمات منفردة لكنها ذات عقيدة وإرادة.
خيركم
يا لجمال الخير وأصحابه! من منا لا يحب الخير ؟ ومن منا لا يحب أن يترك أثراً من... اقرأ المزيد
213
| 11 ديسمبر 2025
النضج المهني
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش... اقرأ المزيد
639
| 11 ديسمبر 2025
مرحبا بكل من يحترم مجتمعنا
تعيش قطر هذه الأيام بطولات رياضية كبرى وهي كأس العرب فورميلا 1 وكأس الخليج تحت 23 سنة، بالإضافة... اقرأ المزيد
144
| 11 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4335
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2208
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2139
| 10 ديسمبر 2025