رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

537

هديل رشاد

الفلسطينيون فائض بشري!

19 فبراير 2025 , 02:00ص

يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير 2025، لم ينسَ وعوده القديمة للصهاينة، ولم يتخلَّ عن نزعاته العنصرية التي جعلت من خطابه السياسي وقودًا للأزمات، فكانت آخر صيحاته في هذا السياق اقتراحه تهجير سكان غزة بحجة إعادة الإعمار، وباعتبارها مكانًا غير قابل للعيش، وكأن الحل يكمن في اقتلاع أصحاب الأرض بدلاً من إنهاء الاحتلال الذي يحاصرهم.

ترامب الذي لا يخفي انحيازه الأعمى للكيان المحتل، يتحدث وكأن غزة أرض بلا شعب، يمكن ببساطة شطبها من الجغرافيا وإعادة توزيع أهلها على خرائط الآخرين، الحل ليس رفع الحصار أو إنهاء الاستيطان أو الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، بل تهجيرهم، وكأنهم فائض بشري يجب التخلص منه.

إذ أنَّ فكرة التهجير ليست مجرد مقترح عابر، بل هي امتداد لمشروع استعماري متجذر، بدأ منذ النكبة ولم يتوقف يوما، ما يطرحه ترامب اليوم ليس جديدا، بل هو إعادة إنتاج لفكرة صهيونية قديمة، تعود إلى وثائق بن غوريون والقيادات الإسرائيلية التي خططت، وما زالت تخطط، لطرد الفلسطينيين من أرضهم بكل الوسائل الممكنة، الفرق أن ترامب يضعها اليوم على الطاولة بشكل فجّ، دون مواربة أو محاولات تجميل.

لكن السؤال الأهم: هل غزة قابلة للترحيل؟ هل يمكن اقتلاع قرابة المليوني فلسطيني من بيوتهم؟، ومن ذكرياتهم؟، ومن بحرهم وسمائهم وحِجارتهم؟ وهل سيسمح لهم التاريخ بذلك؟

إنَّ ردود الفعل الفلسطينية على تصريحات ترامب لم تكن مفاجئة، فالرفض جاء قاطعا، ليس فقط من القيادات السياسية، بل من الشارع الذي لم يعرف يوما إلا المقاومة والصمود، حركة حماس أكدت أن أهل غزة، الذين صمدوا أمام الحصار والقصف والتجويع، لن يتخلوا عن أرضهم، ولن يكونوا جزءا من أي مخططات تهجير، حتى لو سُوِّقَتْ تحت عناوين إعادة الإعمار، كما وصفت حركة الجهاد الإسلامي التصريحات بأنها جريمة سياسية، تهدف إلى إكمال مشروع التهجير القسري الذي بدأ منذ 1948، مؤكدة أن غزة رغم كل الألم، تملك من القوة والإرادة ما يكفي لإفشال هذا المخطط.

ومن الطريف أن هذه التصريحات لم تلقَ تأييدًا حتى داخل الولايات المتحدة في مجلس الشيوخ، فكانت هناك آراء تؤكد أنها زوبعة في فنجان وأنها تصريحات غير قابلة للتنفيذ، بل ومثيرة للسخرية، السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المعروف بتأييده المطلق لإسرائيل، لم يستطع التماشي مع هذا الطرح، وصرّح بأن الكونغرس لن يدعم أي محاولات لتهجير سكان غزة، أما الديمقراطي ريتشارد بلومنتال، فقد كان أكثر صراحة، إذ وصف الفكرة بأنها تطهير عرقي مُقَنَّع، وحذر من أن واشنطن قد تجد نفسها في عزلة سياسية إذا مضت في هذا الاتجاه، كما كان الموقف العربي حيال تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن رافضا لأي خطط تستهدف توطين الفلسطينيين خارج وطنهم.

إنَّ ترامب وكل من يتزلف له، يتعاملون مع غزة وكأنها قابله للبيع! يودون تمرير ما اختلقه الصهاينة بأنها أرض بلا شعب، وأنَّ لهم الحق في تحديد مصير الفلسطينيين!، ولكن الحقيقة التي يعرفها الجميع هي أن غزة غير قابلة للمساومة، وغير قابلة للبيع، فالأمر لا يتعلق بالفلسطيني الذي يحاصر ويُجَوَّع ويُقصَف، بل في المستعمر المحتل الذي يفرض عليه هذا الواقع ليس وليد السابع من أكتوبر بل يعود كما سبق أن ذكرنا إلى وثائق بن غوريون والقيادات الإسرائيلية التي خططت، وما زالت تخطط، لطرد الفلسطينيين من أرضهم وليس من غزة فحسب كما يحدث الآن في الضفة الغربية، لتوسيع خطة الاستيطان.

ختاما...

قد يظن ترامب أن بإمكانه تغيير المعادلة بقرار أو بمقترح، لكنه يجهل أن غزة ليست مجرد بقعة جغرافية، بل فكرة، وغزة كما يعرفها العالم، ليست قابلة للتهجير، لأن من يسكنها ليسوا ضيوفًا، بل أصحاب الأرض، الذين يعلمون جيدا أن من يجب أن يرحل ليسوا هم، بل الاحتلال ومن يدعمه، ولهم من نكبة 1948 درس، فقد علمتهم أنَّ الوطن لا يستعاد بالمفاوضات الفارغة، ولا بالتنازلات التي لا تليق بأصحاب الحق وتفرّغ القضية من جوهرها، بل بالصمود والمقاومة المسلَّحة، فمن ذاق أسلافه مرارة التهجير لن يسمح بأن يُفرض عليه وعلى أبنائه المصير ذاته.

اقرأ المزيد

alsharq Bien hecho España

مع احترامنا لجميع الدول التي ساندت أهل غزة والحكومات التي كانت تدين وتندد دائماً بسياسات إسرائيل الوحشية والإبادة... اقرأ المزيد

198

| 27 أكتوبر 2025

alsharq التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح فارقا مهما بين شيئين: الأول هو «التصوف» الذي تختلف الناس... اقرأ المزيد

105

| 27 أكتوبر 2025

alsharq عن خيبة اللغة!

يحدث أحيانًا أن يجلس الكاتب أمام بياض الورق أو فراغ الشاشة كمن يقف في مفترق لا يعرف أي... اقرأ المزيد

165

| 27 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية