رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. خالد وليد محمود

• متخصص بالسياسة السيبرانية

مساحة إعلانية

مقالات

3201

د. خالد وليد محمود

أبعد من الرمزية في مشهد «عصا السنوار»

21 أكتوبر 2024 , 02:00ص

مشهد يحيى السنوار الذي يقف فيه بعصاه في مواجهة المسيّرة الإسرائيلية المتطورة يمثل مشهداً مليئاً بالرمزية والتحدي، ويتجاوز مجرد لحظة شخصية ليلامس معاني أعمق في الصراع بين المقاومة وإسرائيل. إنّ الرمزية الأساسية في هذا المشهد تكمن في أن التحدي ليس دائماً متعلقاً بالقوة العسكرية وحدها، بل بالإرادة والتصميم على المواجهة، حتى في ظل فجوة تقنية كبيرة. ومع ذلك، فإن هذا المشهد يفتح أيضاً باباً للنقاش حول حدود الرمزية في الحروب الحديثة، وما إذا كانت تكفي لتحقيق النصر في عالم يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا والقدرات العسكرية الفائقة.

العصا في وجه المسيّرة تعبر عن ثنائية الصمود أمام القوة الغاشمة، لكنها تذكرنا بضرورة التفكير العقلاني في طرق المقاومة ومدى تأثير الرمزية وحدها في مواجهة التكنولوجيا المتقدمة. ففي سياق الصراعات المعاصرة، تبرز الحاجة إلى التفكير العميق لكل فعل عسكري، خصوصاً عندما تتباين القدرات التكنولوجية بين الأطراف المتحاربة بشكل ملحوظ. مثل هذه الفوارق التكنولوجية ليست مجرد مسألة تقنية، بل هي عوامل تحدد مسار الحروب والصراعات ونتائجها بشكل حاسم. المشهد الأخير ليحيى السنوار، الذي رمى بعصاه في وجه الطائرة المسيّرة الإسرائيلية، وفي محاولة لإسقاطها، ليفتح باباً واسعاً للتأمل في مفاهيم المقاومة، التقنية التكنولوجية، الإرادة، الشموخ والبأس…وأيضاً لاتخاذ القرارات في ظل هذه الفجوة الكبيرة عسكرياً بين قدرات المقاومة وإسرائيل.

على الرغم من الشجاعة التي يمكن أن نستشفها من هذا المشهد السريالي الذي لم يكن أحد يتوقعه إلا أن التحليل يفرض علينا التوقف أمام الدروس التي يتيحها لنا هذا النوع من التحدي، مهما كان محملاً بالصور الملحمية لأنه يسلط الضوء على الحاجة الماسة لتقييم واقعي لموازين القوى. فالتكنولوجيا العسكرية المتقدمة ليست مجرد أداة، بل هي عامل إستراتيجي يحدد نتائج الصراعات ومآلاتها بشكل كبير، كما أن التصدي بطرف أقل تجهيزاً تقنياً لطرف يملك ترسانة من التقنيات الحديثة يتطلب دراسة دقيقة للأثر الواقعي الذي ستخلفه هذه المواجهة في النهاية..  ففي الفوارق التكنولوجية الكبيرة بين حركات المقاومة والجيوش النظامية، يصبح اتخاذ القرارات العسكرية بعقلانية ضرورة حتمية وليس خياراً. هذا لا يعني التراجع أو الاستسلام أمام التفوق التقني للعدو، بل يعني الاستفادة من دروس التاريخ، واستثمار الموارد والقدرات المتاحة بأفضل طريقة ممكنة. فليس كل سلاح تقليدي هو عديم الجدوى، ولكن يجب أن يتم استخدامه في إطار استراتيجية متكاملة تأخذ في الاعتبار قدرات العدو وتعقيدات المسرح الدولي ونتائجه وانعكاساته على الآخرين. تتطلب القدرة على الاستفادة من التقنية المتاحة، سواء كانت بسيطة أو متقدمة، تفكيراً إبداعياً وحسابات دقيقة. في هذا السياق، يكون السؤال: ما الذي يمكن تحقيقه بهذه القدرات؟ وهل يمكن تعويض النقص التقني بوسائل أخرى، مثل التحالفات الدولية، أو تكتيكات الحرب غير التقليدية؟

إن الحروب ليست فقط مواجهة بين جيوش أو مجموعات مقاومة مسلحة، بل هي صراع يعكس توازنات دولية وتحالفات سياسية تؤثر بشكل مباشر في مجرياتها. إذ يلعب الدعم الدولي، سواء كان مادياً أو سياسياً أو تقنياً، دوراً حاسماً في تحديد مسار الحروب. وفي حالة المقاومة الفلسطينية وحزب الله، نرى كيف أن الفجوة التكنولوجية مع إسرائيل تتطلب دعماً دولياً يوازي هذا التفوق التقني، سواء كان في مجال الدفاع الجوي أو في توفير أدوات لتعزيز الصمود المجتمعي.

إن الفجوة التقنية لا تعني بالضرورة الهزيمة، ولكنها تتطلب التكيف مع الواقع الجديد. الحرب ليست فقط ساحة للتفوق العسكري، بل هي أيضاً ميدان للإبداع الاستراتيجي، وهذا ما أثبتته العديد من الحروب غير التقليدية التي خاضتها جماعات أقل تجهيزاً. التكنولوجيا تمنح ميزة، ولكن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على استثمار القدرات المتاحة بشكل مبتكر وفعال. وبالعودة لعصا السنوار، ورغم أنها قد تبدو متواضعة أمام المسيّرات الإسرائيلية المتطورة، تحمل درساً مهماً: ليست كل مواجهة يجب أن تتم بنفس الأدوات، ولكن يجب أن تُحسب بدقة والتمسك بالعقلانية والحسابات الاستراتيجية يعني دراسة التأثيرات بعناية من كل الجهات، واتخاذ القرارات التي تراعي القدرات الذاتية والدولية على حد سواء. ومهما يكن من أمر فإن الرمزية في مشهد «عصا السنوار» - والتي في رأيي هي القصة الوحيدة التي تستحق السرد حالياً - ستبقى محفورة في ذاكرة الأجيال، لكنها أيضاً يجب أن تكون درساً مستفاداً بضرورة التحليل الواقعي للمعارك والحروب العسكرية بين دولة مدججة بأحدث الأسلحة والتكنولوجيات العسكرية وفاعل غير دولي «حركة مقاومة». فالفوارق التكنولوجية، مهما كانت عظيمة -بعيداً عن مفهوم النصر والهزيمة- لا تعني نهاية الصراع، ولكنها تتطلب عقلنة الأفعال وتحليل تأثيرات الحرب بشكل عميق ومدروس. وفي نهاية المطاف، المشهد يعطينا فرصة للتفكير في كيفية التعامل مع صراع غير متوازن. العصا التي وقفت في وجه المسيّرة (التي تعبر عن أحد ما توصلت إليه الصناعات العسكرية) قد لا تغير موازين القوى بشكل مباشر، لكنها تذكرنا بأن الرمزية والشجاعة لهما دور، بشرط أن يتم دعمهما بتخطيط عقلاني ومدروس ورؤية واقعية.. نعم واقعية للصراع.

اقرأ المزيد

alsharq العقل التبريري - قراءة أخلاقية بمنظور إسلامي

العقل التبريري آفة من آفات القلوب قبل أن يكون خللا في التفكير؛ لأنه يعطل فريضة المحاسبة، ويصادم مقصد... اقرأ المزيد

123

| 21 ديسمبر 2025

alsharq الموضوع القديم الجديد

لقد أيقنت بعض الدول المتقدمة والسريعة النمو ضرورة المحافظة على نسبة وتناسب القوى البشرية والمتمثلة بالأخص بعدد مواطنيها... اقرأ المزيد

165

| 21 ديسمبر 2025

alsharq قطر والوسطاء متمسكون بوقف حرب غزة.... وإسرائيل تصعّد وتهدد بانهيار الهدنة!!

حذر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن في منتدى الدوحة مطلع شهر ديسمبر، وبعد اجتماعه... اقرأ المزيد

117

| 21 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية