رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
رأينا في الجزء الأول كيف تناقضت نتائج قانون الأسرة مع نوايا الزعيم الحبيب بورقيبة بعد مرور عقود على تاريخ صدوره عام 1956 وهو أمر طبيعي لأن المجتمعات تتغير بسرعة وأحيانا من الضد للضد بسبب خروج المرأة للعمل والوظيفة خارج البيت بعد أن عاشت قرونا ربة بيت تربي أولادها وهي رسالتها النبيلة كعماد للأسرة وسند للزوج وضمان لتربية أصيلة للعيال وبسبب تزايد الحاجيات المالية وظهور اختلافات بين الرجل والمرأة في كيفية إنفاق الراتبين وغير ذلك من الطوارئ التي جدت مما يدعو إلى تعديلات جوهرية في بنود هذا القانون. ونعود «للمناضلة النسوية المتحمسة» التي تنكر على الزوج أن يكون مسؤولا عن أسرته وعياله لنقول لها ما قاله لي صديق محام تونسي كبير سمعها مثلي فأكد لي أن مؤسسة الزواج هي بمثابة الشركة وحتى إذا افترضنا أن الطرفين المساهمين فيها متساويان تماما يعني (50 % 50 %) فالقانون يطالب دائما بأن يعلن أحدهما مسؤوليته المدنية والجزائية ويسمى (المتحمل للمسؤولية القانونية أو المتصرف أو المدير) وهو الذي يحاسب أمام القضاء في حال ارتكاب أحد الأبناء القصر جنحة أو جناية فيودع الأب السجن متحملا المسؤولية المدنية وهي مسؤولية جسيمة تفرضها (رئاسة العائلة) التي تريد السيدة الحداثية اقتسامها مع الزوج! فهل فكرت في احتمال اقتسام السجن؟ وأذكر أني شخصيا كنت في يوم من أيام مطلع الثمانينيات أجلس بالصدفة وراء الزعيم بورقيبة في إحدى الحفلات التي يحبها بمناسبة أعياد ميلاده يوم 3 أغسطس في قصر المرمر بالمنستير وهو يحضر عرضا موسيقيا لإحدى الفرق الجهوية فلفت نظره أن الفرقة يقودها شابان اثنان يمسك كل منهما بعصا قائد الأوركسترا يسيران العازفين معا فانزعج بورقيبة ونادى منظم هذه الحفلات صالح المهدي وقال له ادع لي هذين الشابين فاقتادهما صالح المهدي فوقفا أمام الرئيس وجلين خائفين فسألهما أيكما رئيس الجوقة؟ فأجابا بصوت واحد: نحن الاثنان! فقال الرئيس: لا يمكن وذلك أمر مستحيل لأن فيه ازدواج القيادة ألم تسمعا بالمثل التونسي القائل: «إن مركبا على متنه قبطانان اثنان يغرق» وهممت أنا بأن أهمس في أذن الزعيم بأن حال الأسرة التونسية كما أرادها هو نفسه أشبه بحال المركب بقائدين مصيرها الغرق. هذه هي النواميس الخالدة في المجتمع والقانون والفيزياء والطبيعة لأن أي اختلاف بين رئيسين حول قرار أو هدف يؤدي إلى الفوضى والفتنة على مستوى دولة أو أسرة أو أوركسترا أو سفينة. وهذه السيدة المتحمسة للحط من قدر الرجل تعتقد بسذاجة أنها بالحط من قدر الرجل ترفع من قدر المرأة وتتقدم على طريق المساواة الكاملة بين الجنسين وتدافع عما سماه المرحوم بورقيبة تحرير المرأة!
ثم إني أتوسل إلى هذه السيدة وهي جامعية أن تفسر لنا أسباب الأرقام القياسية التي بلغتها بلادنا في نسبة الطلاق ونسبة العنوسة ونسبة الإجهاض من دون أسباب شرعية ونسبة الأمراض النفسية ونسبة الكوارث في البرنامج التلفزي (عندي ما نقول لك) ونسبة تعاطي المخدرات وهي أوبئة اجتماعية تنخر النسيج الأسري وتهدد استقرار المجتمع ولا تحصنه إذا ما اضطر المجتمع إلى مواجهة تحديات صعبة سياسية واقتصادية وأمنية فرضتها علينا بالرغم عنا عواصف إقليمية وعالمية؟ أعتقد أن هذا النموذج من التخبط الديماغوجي خاصة في وضعنا الراهن العسير هو أسطع مثال على الحداثة الدخيلة أي المستوردة من خارج حدودنا الحضارية بعكس الحداثة الأصيلة التي نهضت بها اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وفنلندا ودول أوروبا الشمالية وتركيا وغيرها من المجتمعات التي انطلقت من أصولها ومن لغاتها ومن قيمها فنجحت وارتقت وحققت ما عجزنا نحن عن بلوغه. وفي نفس السياق كنت وما زلت أقول إن الحط من قدر الرجل لا يرفع من قدر المرأة.
* المتأمل في تاريخ الشعوب التي دمرتها حرب ضروس بل ومحت عمرانها من على وجه الأرض وخذ لذلك مثل ألمانيا التي هزمت فيها النازية وقسمها المنتصرون (الحلفاء أمريكا وروسيا وأوروبا) إلى شطرين: شطر ليبرالي يعمل بحرية الأسواق والأفكار والتداول الديمقراطي على السلطة (سموه ألمانيا الغربية) وشطر استولى عليه الاتحاد السوفييتي سابقا وجعله شيوعيا ماركسيا وضم إليها شعوب البلقان وفرض عليهم رؤساء من الشيوعيين المستبدين آخرهم (هانس مودرو) حاكم ألمانيا الشرقية و(فلاديسلاف غوموكا) آخر رئيس لجمهورية بولندا الشيوعية ثم زلزلت العلاقات الدولية زلزالها على أيدي (ميخائيل جورباتشوف) وقبله بقليل (يلتسين) اللذين مهدا لعمل تاريخي عظيم وهو ثورة كل الألمان على جدار برلين الذي فصل بين الألمان عقود الحرب الباردة وأسقطت فؤوس المواطنين الألمان من الشباب خاصة ذلك الجدار (جدار العار) في نوفمبر 1989 وانتصر الشعب وتوحد وبإرادة صلبة استوعب النصف الغربي الغني شقيقه النصف الشيوعي البائس. واليوم سنة 2025 نرى ألمانيا في أوج قوتها الاقتصادية واستقرارها الاجتماعي أول قاطرة أوروبية في التصنيع والتصدير! وكذلك اليابان المهزومة في نفس الحرب هي اليوم ليست أقل من هازمتها أمريكا تصنيعا وتصديرا دون التفريط في أي من عاداتها العريقة من احترام الزوجة للزوج وطريقة تربية العيال على سنن دينهم ونزع نعليك حين تدخل بيتا يابانيا كما ندخل مساجدنا حرصا منهم على الطهارة!
ونحن لم نخرج عن موضوع مقالنا وهو الانحراف الاجتماعي عن تقاليدنا الإسلامية بتوريد منظومة قوانين الأسرة من الغرب الأوروبي كاملة عوض القيام منذ عام استقلال تونس سنة 1956 بتعديلات ضرورية على القوانين المعمول بها عن جهل والتي بحق غلبت جنس الذكور على جنس الإناث بينما ديننا الحنيف ساوى بينهما في كل مجالات الحياة فخاطب المؤمنين والمؤمنات وأوصى الرجال بصيانة المرأة والدفاع عنها من أي ظلم يسلط عليها باسم مفاهيم خاطئة عن مقاصد الإسلام. ولم يفهم المجتمع حكمة الله تعالى من (للذكر مثل حظ الأنثيين) فأولها العلمانيون المتطرفون تأويلا خطأ بل واتهموا الدين (حاشا الدين) بالعنصرية وبإقرار الدكتاتورية الذكورية على المرأة «المستعبدة» حسب تأويلهم السخيف.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1134
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1056
| 22 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ها قد عاد اليوم الذي نفتخر به كمواطنين ليس كتاريخ الذي فيه تأسست قطر على يد مؤسسها في عام 1878 فحسب، بل بإنجازات تواصلت عبر أكثر من 150 عاماً بمختلف ظروفها لبنة لبنة، حتى أصبح البناء صلبا شامخا بوصولنا إلى هذا اليوم الذي سبقه 365 يوما من العمل الدؤوب قيادة وحكومة وشعبا، ليلا ونهارا صبحا ومساء ليس على أرض الوطن فحسب بل اتسعت دائرة العمل والعطاء لتشمل دائرة أكثر اتساعا من جغرافية الوطن، الحركة التي لم تتوقف ولم يتوقف رجالها ونساؤها يوما ويستسلموا وإن كان بعض منهم قد أوقفتهم الحياة ولكن سرعان ما استبدلوا بخلفهم من يؤمن بحب الوطن كما الحاليون، فقد نقل إليهم أجدادهم وغرسوا فيهم حب هذه الأرض المعطاء، فكلهم أسياد في خدمة الوطن العزيز في مجالات الحياة المختلفة. خلال السنة التي بدأنا في طي صفحاتها الأخيرة، يمكنني أن أسجل بكل فخر، جوانب من إنجازات للوطن تستحق الإشادة والاحتفال: ففي الجانب السياسي محليا، أيد غالبية المواطنين عند استفتائهم توجهات سمو الأمير بعودة أداة تعيين أعضاء مجلس الشورى، بعد التجربة التي خاضتها الدولة قبل أربع سنوات بانتخاب ثلثيهم، حيث رأى حكماء البلد وعلى رأسهم سمو الأمير أن التجربة لم تكن إلا لتزيد من التأثير على اللحمة الوطنية العامة والخاصة، والتي بنيت وثبتت بين مواطنين منذ الاستقلال وقبله والأجيال التي تعاقبت واجتهدت في البناء، ولم يتخلف منهم أحد، وكان ملبيا الواجب في البناء والتطور. وقطر بقيادتها وشعبها مؤمنون وهم يدعون في سياساتهم بالحفاظ على الهوية والتي تنطلق من خلالها لرسم حاضرها ومستقبلها على إرث غني تركه من سجلوا تاريخا كدولة عربية إسلامية، لا تتزعزع عنها، وبذلك لا يخاف عليها من رياح عوامل الخارج والتي مرت خلال تاريخنا حاولت النَّيْل منها، إلا أن صمودها كان بترابط المنتمين المخلصين. وخارجيا، تابعت قطر دورها المشهود لها عربيا ودوليا بماء من ذهب، في إنكار واضح دون تردد تلك الممارسات التي قامت بها إسرائيل في غزة، ومتابعتها من على شتى المنابر في لوم الدولة المعتدية في التسبب، فالحقوق إن ضاعت سيكون حتما وراءها مطالبون. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ومطالب قطر كانت مستمدة عليها، والتي عرفها أحرار العالم كذلك، مطالبة كبريات القوى العالمية بالضغط للاعتراف بحل الدولتين. وعلى موقفها الثابت هذا، تعرضت قطر لهجومين شديدين لم تألفهما، ولكنها صمدت وعززت بالحادثتين موقفها دوليا، ولم تتزعزع وتثنِها عن قول الحق، واستطاعت فعلا بخبرتها الدبلوماسية أن تجمع حولها دول العالم بتأييد منقطع النظر. أما اقتصاديا، يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي القطري المحلي، أن قطر تسير سيرا حسنا في تطوير إمكانياتها الاقتصادية سنة بعد سنة، ولم تقف متفرجة، بل يشهد الجميع بتنوع مبادراتها الاقتصادية بشكل ناجح، فقطاع الغاز على سبيل المثال، على وشك أن يسدل الستار خلال أشهر على مرحلة كبيرة للتوسع في إنتاج الغاز المسال بقيادة قطر للطاقة، والذي كما تقول التقارير الدولية المختصة بأنه سيؤدي إلى معدلات نمو في الناتج المحلي بشكل كبير، قد يرتقي إلى أكثر من 5 % خلال السنوات حتى 2030، مما يعزز المكانة المالية. وفي مجال الاقتصاد السياحي ارتقت السياسات والمبادرات والممارسات المنفذة، بناء على الإستراتيجيات التي أقرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ولامستها أيدي المطورين أن أصبح القطاع السياحي المحلي بالدرجة الأولى، تتطور خريطته بحرا وبرا، بل أصبح القطاع يحقق نموا كبيرا لم يكن متوقعا في تنميته. وعالميا، توسعت جغرافية الاستثمارات القطرية الخارجية خلال السنة الماضية بأكثر من 10 % حسب مراقبتي للإحصائيات الدولية، بل تشهد تنوعا في القطاعات لتشمل التكنولوجيات المتقدمة ذات التأثير الكبير في المستقبل، وفي نفس الوقت ازدادت دخول الاستثمارات الخارجية في قطاعات كثيرة من صناعية وزراعية وطبية وتعليمية أثرت في إثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، لقد زخرت مسارح الوطن على اختلافها خلال العام، بالحيوية منقطعة النظير، بما هيأتها الدولة من بنية تحتية متكاملة وأنظمة مساندة وتقنيات، في الساحات سواء كانت علمية أو تعليمية واجتماعية أو ثقافية ورياضية، حقق كلها لقطر مكانة ومحطة متميزة يشهد لها الجميع، وستدعم التوجه العالمي لقطر وتحقيق أهدافها التنموية. وأخيرا وليس آخرا، تشهد التنمية البشرية التي تؤمن بها قطر في كل سياساتها منذ عقود بأنها آتت أكلها، والتي تحقق آمال وتطلعات القيادة عندما تشير في كل مناسبة بأن «الإنسان القطري هو الركيزة الأساسية للتنمية المنشودة»، ولم تخل صفحات المؤلفات العالمية والتقارير الدولية، من ذكر جوانب من إنجازاتها وتأثيرها محليا وعالميا. فأبناء الوطن رجالا ونساء يمتلكون أعلى المؤهلات ومن مختلف جامعات العالم الرائدة، والجامعات المحلية وعلى رأسها جامعة قطر المتفوقة على نفسها، بدأوا يساهمون في النهضة التي ترتضيها قطر، كماً ونوعاً، فليبارك الله مساعيهم. فكم هي حلوة تلك الصور التي تجمع القيادة بأبناء الوطن المتميزين والمنابر العالمية بهم. وختاما، فالاحتفال باليوم الوطني، وقد أنجز الكثير مما يتطلع له المواطنون والمقيمون ومحبو قطر، من العرب والمسلمين في نهضة تحققها واجب وحق، فإلى الأمام أيتها اللؤلؤة، دائما وأبدا، والله يرعاك ويحفظك يا قطر يا من تطلعين كما شعار يومك الوطني «بكم تعلو ومنكم تنتظر».
684
| 18 ديسمبر 2025