رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. عبدالله العمادي

د. عـبــدالله العـمـادي

 

مساحة إعلانية

مقالات

705

د. عبدالله العمادي

أعـز الناس بالصعلوك تساوى!

23 يناير 2025 , 02:00ص

العنوان أعلاه جزء من قول مأثور للفاروق عمر - رضي الله عنه - في نقاش حازم مع أحد ملوك الغساسنة وهو جبلة بن الأيهم، بعد حادثة لطمه لرجل من عوام بني فزارة أثناء الطواف بالبيت، ما أغضب الفزاري حتى اشتكاه إلى الخليفة العادل عمر، فبعث اليه وسأله: ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك في الطواف فهشمت أنفه؟

قال جبلة: لستُ ممن ينكر، أو يكتم شيئاً. أنا أدَّبتُ الفتى وأدركتُ حقي بيدي !

قال عمر: أيُّ حقّ يا ابن أيهم؟

يريد أن يقول عمر لجبلة بأن مثل هذه المفاهيم لا محل لها عنده، يُقهر المستضعف أو يُظلم.. هي جاهلية وأزحناها من حياتنا يا جبلة، والكل سواسية أمام شرع الله.

* حديث الفاروق لم يعجب جبلة وكان صدمة أولى له. هذا الذي عاش ملكاً قبل الإسلام، ويريد أن يكون كذلك بعد الإسلام ملكاً يعامل الآخرين كالعبيد كما كان في جاهليته. ثم كانت الصدمة الثانية حين أصدر عمر حكماً للرجل الفزاري أن يقتص من الملك، حسب قانون العين بالعين والسن بالسن.. يلطمه الرجل ويهشم أنفه.

قال جبلة: كيف ذاك يا أمير المؤمنين؟

هو سوقة وأنا صاحب تاج. إنني عندك أقوى وأعز. أنا مرتد إذا أكرهتني.

قال عمر: «عالمٌ نبنيه، كل صدع فيه بشبا السيف يداوى، وأعـزٌّ الناس بالعبد بالصعلوك، تساوى».

لم يستوعب جبلة ما كان يعنيه عمر.

لم يفهم أن الإسلام ساوى بين الناس، وأنه لا فرق بينهم إلا بالتقوى. ولم يفهم أن الارتداد عن الدين يستوجب حداً شرعياً إن هو أقدم عليه.. فما كان من جبلة إلا أن طلب من عمر أن يمهله إلى الغد. حتى إذا انتصف الليل هرب نحو القسطنطينية حيث هرقل الروم، مرتداً عن دينه !

فلما أصبح الناس، طلبه الفاروق، فعلم أنه فر إلى حيث إمبراطور الروم. لكن عمر لم يهتم به ولا مسألة ارتداده عن الإسلام، حتى وإن كان ملكاً من ملوك العرب، واحتمالية ارتداده عن الدين أن تؤثر على ردة ألوف من قومه معه.

* الفاروق رضي الله عنه يدرك ويوقن تمام اليقين أنه في فترة تأسيس وترسيخ قواعد العدالة في دولة فتية، وإن أي تهاون في ذلك أو تأجيل هدم قيم الجاهلية غير المتوافقة مع الدين الجديد، ومنها تعطيل العدالة لصالح كبراء وعلية القوم وإضاعة حقوق ضعاف المسلمين، إنما يعني بناء الدولة على أسس هشة غير صلبة، أو أشبه بتأسيس بنيان على جرف هار يوشك أن ينهار بالبنيان في أي لحظة.

الدول تبقى وتستمر بالعدالة، بغض النظر عن دين أهلها ومعتقداتهم. يروى عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال:» الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، والله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة «.

الدول تنهار حين يتم الإساءة إلى قيمة العدالة بالتهاون أو التغييب، والتي تعني فتح الباب واسعاً أمام تغول الظلم وانتشاره، مع ضمور تدريجي للقيم الفاضلة بالمجتمع، ولعل ما سمع العالم به قبل أيام من قيام الرئيس الأمريكي الصهيوني بايدن بإصدار عفو رئاسي عن خمسة أفراد من عائلته، رغم ثبوت قيامهم بجرائم مختلفة، هو نموذج للتلاعب بقيم العدالة، حيث أراد حمايتهم من أن يصبحوا هدفاً لتحقيقات اعتبرها ذات دوافع سياسية، وهو تبرير أقبح من الذنب، رغم وجود آخرين كثيرين أصابهم الظلم وهم أحق بالعفو.

* ولمزيد من تأكيد التلاعب بالعدالة، أصدر قرارات بالعفو عن جميع المشرعين الذين كانوا أعضاء في لجنة الكونغرس المعنية بالتحقيق في اقتحام مبنى الكونغرس من جانب مؤيدي ترامب بعد خسارته السباق الرئاسي في 2021 ، خشية أن يلاحقهم الرئيس الجديد الذي ثار معلقاً على القرار بأنه مخز، وأن كثيرين من المستفيدين منه ارتكبوا جرائم كبرى، لكن الطريف أن ترامب نفسه وقّع في اليوم الأول من حكمه على عفو رئاسي عن أولئك المشاركين في اقتحام مقر الكونغرس، ما يشير إلى أن العدالة فعلياً بدت ضائعة، وخرج المحققون والمتهمون من القصة وضاعت القضية الأساسية في خضم هذا التلاعب، إلى جانب كثير من القيم التي كانت الولايات المتحدة تتفاخر بها على العالم، ضاعت أيضاً خلال العدوان على غزة دون كثير شروحات وتفصيلات، فالعالم رأى وعاين وشاهد، والأدلة متوفرة في كل مكان.

* الشاهد من الحديث أن ما قام به الفاروق وهو يسير على درب حبيبه المصطفى – صلى الله عليه وسلم – وشدته في الاقتصاص للمظلوم من ظالمه، كان يريد أن يرسّخ في الأذهان وإلى يوم الدين، معنى أن يعيش الناس أحراراً آمنين مطمئنين، لا يظلمون ولا يُظلمون، وأنه لا ذات مصونة أمام القضاء أو الشرع. الكل أمام الشرع سواسية. لا يوجد أي سبب يدعو للتفاضل بين الناس في مسألة العدالة. لا منصب، ولا مال، ولا جاه، ولا حسب أو نسب. وهذا يفسر لك لماذا يخاف كثيرون أن يحكم الإسلام كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، سواء كان الخائفون من أمة محمد أو من هم خارجها..

اقرأ المزيد

alsharq هل شيطنة زوجة الأب حقيقة أم وهم؟

في زمن تتقاذفه الصور النمطية والأحكام المسبقة، يطل علينا الإعلام بوجهه الملون، ينسج خيوطاً من الخوف والريبة حول... اقرأ المزيد

18

| 14 نوفمبر 2025

alsharq حين يثقل الحزن قلبك.. اطرق باب الصلاة

إذا داهمك الخوف وشعرت بالحزن فقم حينها إلى الصلاة، فتطمئن نفسك ويهدأ قلبك، لأن الصلاة تقصي القلق وتبعد... اقرأ المزيد

33

| 14 نوفمبر 2025

alsharq السقوط إلى هاوية الطلاق

من المؤسف ان اتحدث عن الطلاق وهي ظاهرة اجتماعية باتت منتشرة وبكثرة في مجتمعنا القطري والخليجي، فنسبة الطلاق... اقرأ المزيد

18

| 14 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية