رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد المحمدي

مساحة إعلانية

مقالات

405

د. أحمد المحمدي

التاريخ وفلسفته بين الحكاية والحكمة

23 فبراير 2025 , 02:00ص

التاريخ ذاكرة الزمن، تحفظه الأيام كما يحفظ البحر آثار السفن، أمواجه تهمس بقصص العابرين، لكنها لا تزيد على أن تكون انعكاسًا لما كان، دون أن تبسط للمتأمل سرًّا من أسرارها أو تكشف عن عبرة بين سطورها!

والتاريخ بهذا المعنى ليس إلا سجلًّا يخطّ في صفحاته ما جرى، ويعدد الوقائع والحوادث كما وقعت، يخبرك بأسماء الملوك: تاريخ الميلاد والوفاة، والمعارك: تاريخ البداية والانتهاء! ثم يقف عند هذا الحد، لا يتجاوزه إلى البحث في علل الأحداث، ولا يسبر غور الحِكَم التي انطوت عليها! كمن يقف عند شاطئ البحر لا يرى فيه إلا سطحه، غافلًا عن أن الأعماق حبلى بالخفايا والعجائب! لا تراها العين العابرة، ولا يدركها إلا من وقف موقف الحكيم المتأمل، وهذه فلسفة التاريخ التي لا تقف عند حدود الرواية الجافة، بل تغوص في أعماق العلل، وتبحث في السنن الخفية، فلا تكتفي بأن تقول: «حدث هذا» ولكنها تتساءل: «لِمَ حدث؟ وكيف؟ وما الذي كان سيؤول إليه لو اختلفت الظروف؟ وهل يمكن أن يعود في صورة أخرى؟

ما كان هذا الفهم العميق بدعًا من الفكر، ولا طارئًا على العقول، بل هو قديم قدم البشرية لكنه بزغ منذ قرون في قوانين كتبها ابن خلدون رحمه الله 808هـ في مقدمته -المظلومة- والتي جعلت من التاريخ مرآة صافية، لا ينظر فيها الناظر إلا رأى في انعكاسها: مصارع الأمم ومآلاتها كأنها رأي العين، وفق نظام محكم كأنه ناموس الكيمياء في تفاعل عناصرها! فكما أن الهيدروجين متى ما اتحد بالأوكسجين لم يكن له إلا أن يصير ماءً، فكذلك الأمم متى ما اجتمعت أسباب قيامها وامتزجت بعوامل قوتها وفق مشروع جامع، لم يكن لها إلا أن تنهض.

أما إذا تسللت الرفاهية إلى أوصالها، وامتدت ظلال الترف فوق أجيالها، وغاب عنها المشروع الذي تستظل به، كان ذلك نذير زوالها.

إن هذه السنن الكونية هي بمثابة المدّ والجزر في بحر الوجود، لا يبدلها الأمل، ولا يردها التمني، بل تمضي كما يمضي القدر.

ولو أن الناس قرأوا التاريخ بعين فلسفته، لعرفوا أن حوادثه ليست فوضى تتلاطم أمواجها كيف شاءت، بل هي نظام محكم، تسير فيه الأمم كما تسير الشمس في أفلاكها، ترتفع حتى تبلغ أوجها، ثم تميل إلى غروبها، وتتكرر السنن في أهلها كما تتكرر الفصول في العام.

إنَّ التاريخ في جوهره مادة صامتة، لا تنبض بالحياة إلا حين يلامسها الفهم العميق الذي يصل بين أجزائها، تمامًا كما أن الحروف المبعثرة لا تحمل معنى، ولا تصبح كتابًا إلا إذا نظمها الفكر في سياق متكامل. ومن يقتصر على ظاهر الأحداث دون أن ينفذ إلى حكمتها المستترة، فكأنما يقرأ بلا فهم، ويسمع بلا وعي، وما أشبهه بمن يرى ظلَّ الشيء لا حقيقته!

اقرأ المزيد

alsharq الانتخابات العراقية ومعركة الشرعية القادمة

تتهيأ الساحة العراقية لانتخابات تشريعية جديدة يوم 11/11/2025، وسط مشهد سياسي لا يمكن وصفه إلا بأنه خليط من... اقرأ المزيد

177

| 04 نوفمبر 2025

alsharq حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد

2139

| 04 نوفمبر 2025

alsharq إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!

ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد

339

| 04 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية