رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أيﱡ رسالةٍ تُرسلها أمريكا، والغرب بشكلٍ عام، للعرب والمسلمين، حين ننظر في ردود الأفعال على مقتل الصحفي الأمريكي على يد (داعش) بطريقتها الوحشية المعروفة؟
مرةً تلو أخرى، تضعُنا ممارساتُ مَن يُفترض بهم أن يكونوا (عالَماً أكثر إنسانيةً)، لكي لا نقول بابتذال (أكثرَ تقدماً).. تضعُنا وجهاً لوجه، لا أمام نفاقهم وانتهازيتهم وازدواجية معاييرهم فقط، بل أمام مأزقٍ بشري يبدون، بأفعالهم، مصممين على ترسيخه وتعقيده على جميع المستويات، حتى لو أدى، في نهاية المطاف إلى انفجار عالمي، من الواضح أن غرور القوة يوهمهم باستحالة حصوله.
كل شيءٍ نتج عن الغدر بهذا الإنسان البريء يمكن أن يصبَّ في خيرٍ ما للإنسانية، إلا المعاني الخسيسة الكامنة في الموقف السياسي لأمريكا وأوروبا من هذه القضية، فهي تؤدي إلى عكس ذلك بالتأكيد.
فبعد وفاته، جاءت كلمات والدته لتعبر عن مشاعر عفوية، فيها الكثير من تلك (الإنسانية) التي نبحث عنها، عندما قالت: "لم نكن فخورين بـ (جيمس) أكثر من فخرنا به اليوم. لقد وهب حياته ساعياً لإطلاع العالم على معاناة الشعب السوري. نرجو من الخاطفين أن يحفظوا أرواح الرهائن الباقين. هم مثل جيمس أبرياء. ليس لديهم القدرة على التحكم بالسياسة الأمريكية الخارجية في العراق وسوريا وأي مكان في العالم. ممتنون لجيمس للسعادة التي وهبنا إياها. حقاً كان ابناً وأخاً وصحفياً وشخصاً استثنائياً".
هكذا، بينما دفع جيمس حياته ثمناً "لإطلاع العالم على معاناة الشعب السوري"، جلست الحكومات، في أمريكا وأوروبا، تتفرج على هذه المعاناة قرابة أربع سنوات الآن، بغض النظر عن كل الشعارات والوعود الكاذبة، وكل الممارسات السياسية التي لا تدخل إلا في إطار (التهريج) تجاه الشعب السوري في مأساته.
قبل مقتل فولي بقليل، لم يطرف جفن لأمريكا وأوروبا حين قررت الأولى، ولَحِقتها الثانية، تسليح حكومة كردستان، وضرب داعش جوياً، وإرسال المستشارين العسكريين إلى العراق، وإلقاء شحنات مساعدة جوية إلى المهجرين والمتضررين.
حصل هذا بسهولةٍ لا تُصدﱠق، فقط لأن داعش اقتربت من خطوط حمراء حقيقية تتعلق بالمصالح الأمريكية..
لم يحتج الأمر لا إلى اجتماعات مجلس أمن، ولا لمؤتمرات دولية، ولا لتشكيل جماعة أصدقاء.. ولم يتطلب استخدام الكذب والنفاق والمناورات السياسية وتوزيع الأدوار بخصوص التعنت الروسي والرفض الصيني، و..(التعقيدات) الداخلية في أمريكا وأوروبا.
وبعد مقتل الرجل، أمكن بسرعةٍ قياسية عقدُ اجتماعٍ لمجلس الأمن تبنَّى في جلسةٍ واحدة، دون كثيرٍ من الجدال، وبالإجماع، وتحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتيح استخدام القوة لتنفيذه "نزع سلاح وتفكيك داعش وجبهة النصرة.. بشكل فوري ووقف الأعمال الإرهابية"!..
ينظرُ الشعب السوري، الذي قدم أكثر من مائتي ألف شهيد على مذبح الحرية، وعلى يد نظامٍ رسمي إرهابي، إلى هذا المشهد السوريالي وهو لايكاد يُصدق ما ترى عيناه.
أيﱡ رسالةٍ يُرسلها هذا المشهد، بكل مفارقاته وتناقضاته مع الحد الأدنى من مقتضيات الأخلاق والقانون، ليس فقط إلى الشعب السوري، بل وإلى جميع شعوب العالم؟
"نحن لا نتحرك إلا عندما تُمس شعرةٌ في رأسنا، أما غير ذلك فلتذهب الشعوب الباحثة عن الحرية إلى الجحيم، ومعها كل شعاراتنا عن الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان. هكذا كانت القاعدة دائماً، وهكذا هي الآن، وهكذا ستكون. افهموها أيها الأغبياء".
هذا، بكل اختصار ووضوح، مضمون الرسالة الكامنة فيما يجري من مهزلةٍ تُسمى "سياسة دولية" في منطقتنا العربية.
كيف يمكن لأحدٍ، بعد هذا، أن يحارب التطرف في المنطقة بشكلٍ حقيقي؟ كيف يمكن لكل المعتدلين الإسلاميين، ومعهم المعتدلون الليبراليون والعلمانيون والديمقراطيون و و.. أن يُقنعوا ملايين العرب والمسلمين بأن قَدَرهم مع الغرب، تحديداً، والعالم بشكلٍ عام، ليس الخصومة والحرب والصراع؟ كيف يمكن، في ظل هذه المهزلة العالمية القميئة، أن يُركِّز هؤلاء، وأي مُصلحٍ كان، على إصلاح الفكر التقليدي السائد، دينياً كان أو غير ذلك، وفي تبيان إشكالاته والإشارة إلى جذور ظاهرة التطرف والإرهاب فيه؟
لسنا هنا في معرض الشكوى أو استجداء الحلول ممن كانوا ولا يزالون جزءاً كبيراً من المشكلة: حكومات وساسة أمريكا وأوروبا. وسيظل من يحاولون الإصلاح من أهل المنطقة، أياً كانت خلفيتهم وانتماؤهم، يبذلون ما يستطيعون من جهد على طريق الإصلاح.
لكن المطلوب في هذا المقام يتجاوز ذلك إلى أمرٍ، قد يبدو مثالياً، لكنه بالتأكيد أحد الخيارات القليلة المتاحة: التحالفُ مع الضمير الأخلاقي والحقوقي والإنساني في أوروبا وأمريكا، والعالم، والذي تُمثله كلمات والدة جيمس فولي والمعاني الكامنة فيها.
فغرورُ القوة، لدى تلك الحكومات وهؤلاء الساسة، كبيرٌ فعلاً إلى درجةٍ تُعمي أعينهم عن المأزق (الأخلاقي) العالمي الذي يسحبونَ البشرية بأسرِها إليه. ومن الطبيعي، تبعاً لذلك، افتقادُ القدرة لديهم على رؤية احتمالات تحول ذلك المأزق إلى مأزقٍ سياسي وأمني عابرٍ للقارات، في ظل عولمةٍ غابت معها الحدودُ والموانع، وأصبحت أدواتُها مُتاحةً لكل إنسان وجماعة.
يغفل هؤلاء، تحت ضغط غرورهم بالقدرة على التحكم بالظواهر البشرية، وعلى ضبطها واستيعابها، أنﱠ الاجتماع البشري مُعقدٌ إلى درجةٍ تجعله، في ظروف معينة، طليقاً جداً من كل القيود. وأن الضغط المستمر، خاصةً حين يحصلُ بوقاحةٍ وصفاقةٍ ليس لها نظير، يمكن أن يُفجِّر في ذلك الاجتماع البشري طاقةً هائلةً تخرج في شكل رد فعلٍ على ذلك الضغط. وأن هذا قابلٌ للحصول بتسارعٍ وقوةٍ يكونان خارج أي حسابات.. حصل هذا عشرات المرات في تاريخ البشرية، ويمكن له أن يحصل على الدوام.
ثمة ضمير أخلاقي وحقوقي وإنساني كبيرٌ في هذا العالم الواسع يجب التفكير في التواصل معه بجدية، وهذا الضمير موجودٌ في أوروبا وأمريكا رغم كل الظواهر، فكما كتب أحد الأصدقاء: "التعليقات الغربية، التي جاوزت ستة آلاف تعليق، على صفحة الحرية لجيمس فولي كانت تتمحور حول التعاطف مع الشعب السوري والصلاة لروح جيمس. نادراً ما تجد غضباً أو انفعالاً يتعلق بوصف الإسلام بأنه شرير. ربما تكون استفاقةً مهمة في الوعي الغربي العام ضد التنميط الذي تجذر لعقود".
ذكرنا من قبل أن كل شيءٍ نتج عن الغدر بهذا الإنسان البريء يمكن أن يصبَّ في خيرٍ ما للإنسانية. لم لا نحاول إذاً أن نصل إلى ذلك الضمير العالمي، ونتحالف معه، كأحد الخيارات القليلة المُتاحة أمام الجميع؟
جوهر الكلام: صرخات ثقيلة تحت سماء ملبّدة!
تتنوع مُسمّيات (المطر) في لغة العرب تبعا لشدته وغزارته، ومنها الرشّ: وهو أول المطر، والطّلّ: المطر الضعيف، والرذاذ:... اقرأ المزيد
357
| 21 نوفمبر 2025
«ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»
عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها، تلك التّي كانت تهوى اقتطافه من غصنه اليافع في حديقة... اقرأ المزيد
444
| 21 نوفمبر 2025
ظلّي يسبقني
في الآونة الأخيرة، بدأت ألاحظ أن ظلّي صار يسبقني. لا أعلم متى بدأ ذلك، ولا متى توقفت أنا... اقرأ المزيد
219
| 21 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
9645
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1491
| 21 نوفمبر 2025