رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يباغتنا سؤال الجدوى دائما ونحن في خضم محاولاتنا الفردية في نصرة أي قضية عامة نؤمن بها. ما جدوى ما نفعله نحن الذين لا نملك شيئا سوى كلماتنا وآرائنا وأصواتنا الضعيفة التي لا يسمعها أحد وإن سمعها فلن يهتم بها؟
نضعف أحيانا أمام هذا السؤال فنتراخى ونكاد نتوقف عن محاولاتنا لولا إشارات يلوح لنا بها القدر أحيانا لمصدر للالهام ووقود للاستمرار.
في لحظة من لحظات الضعف التي كدت أن أستسلم فيها لليأس أمام سؤال الجدوى مما نكتبه عما يحدث في غزة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، لفت انتباهي مقطع من المقاطع الكثيرة التي تزدحم بها وسائل التواصل الاجتماعي لاعتصامات ومظاهرات ومسيرات تضامن مع اهل غزة في مدن عالمية كثيرة؛ مشهد امرأة بريطانية تبلغ من العمر 87 عامًا، كما كتب في الخبر المرفق مع المقطع المصور، تقف بمفردها أمام فرع لأحد المطاعم العالمية الشهيرة الداعمة للكيان الصهيوني، حاملة لافتة تعبر فيها عن تضامنها مع أهل غزة في أجواء لندن المثلجة.
فكرت بتلك المرأة البريطانية التي نجت من الدعاية الغربية ضد السردية الفلسطينية واكتشفت كما يبدو أنها، بوجودها الإنساني الراهن، شاهدة على جرائم دولة الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.
لكن ما الذي دفع تلك المرأة المسنة لاتخاذ مثل هذا الموقف؟ هل تعتقد أن وقوفها، بمفردها، في الشارع، سيغير وجهة نظر المسؤولين في بلدها بشأن القضية التي تؤمن بها؟ هل تظن أن لافتتها يمكن أن تحدث فارقًا لدى من يقرأها من المارة؟ هل ترى أن هناك جدوى بخروجها من بيتها الدافئ لتتضامن من شعب بعيد عنها جغرافياً وثقافياً ودينياً رغم أنها ليست مسؤولة بكيانها الفردي أدنى مسؤولية عما يحدث له؟
لا شك في أن التضامن مع الآخر في محنته قوة تنبع من التعاطف والرحمة والإيمان القوي بالعدالة. وعندما نقرر أن نتضامن مع أحد ما في أي قضية من القضايا، فإننا نؤكد على إيماننا الإنساني المشترك بالحق وبأهمية مساندة الآخر عندما يحرم من أي حق من حقوقه.
وتصرف المرأة البريطانية هو شهادة على روح الفرد العنيدة القادرة على أن تتخذ موقفًا بناءً على مبادئها بغض النظر عن الصعوبات المتوقعة أو عن جدوى الموقف في ظل النتائج المحتملة له!
وعلى الرغم من أنه قد يكون من الصعب قياس الأثر الفوري لمثل هذا التصرف، إلا أنه مهم على أكثر من صعيد لعل آخرها الصعيد المباشر في نصرة القضية الفلسطينية بمستواها الإنساني ومساندة أهلها في غزة. فهو أولاً وعلى سبيل المثال سيبدو كمصدر إلهام للآخرين الذين قد يشاركون تلك السيدة في الإيمان نفسه بأهمية مساندة أهل غزة والظلم الواقع عليهم من قبل الكيان الصهيوني، ولكنهم ترددوا في التعبير عنه لشعورهم، كل على حدة، أنهم لوحدهم وأن لا جدوى من تضامنهم الفردي بهذا الشكل، مما سيشجعهم على الخروج بالطريقة ذاتها أو بطريقة أخرى للتعبير عن المبدأ ذاته!
كما أن هذا النوع من التضامن يمكن أن يكون له تأثير حقيقي، رغم فرديته وأحيانا بسببها، على الرأي العام، فصورة امرأة مسنة تقف وحيدة، ثابتة في معتقداتها لنصرة قضية بعيدة لابد أنها ستفتح حوارات متنوعة حول الأمر كله، خاصة وأنها ستبدو صورة مثالية لصناعة الإعلام بكل أشكاله، وهذا هو نفسه ما جعل اللقطة أكثر انتشارا من لقطات كثيرة لمظاهرات جماعية خرجت لنفس الهدف!
وعلى الرغم من أن تصرف فرد واحد قد لا يؤدي بمفرده إلى تغيير جذري، إلا أنه يسهم في رسم الطريق لذلك التغيير. فمن خلال الجهود التكاملية للأفراد، سواء كانوا يعملون بمفردهم أو في مجموعات صغيرة، يتم غالبًا بدء التغيير الحقيقي. والتاريخ أظهر لنا أن الحركات الاجتماعية غالبًا ما تنشأ من شجاعة وعزيمة عدد قليل من الأفراد الذين يرفضون قبول الوضع الحالي.
إنه إذن أثر الفراشة الذي لا يرى ولا يزول، وهو على الأقل الوسيلة الوحيدة لإقناعنا بعدم الاستسلام لسؤال الجدوى وإن كنا، كل على حدة، وحيدين!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كاتبة كويتية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3447
| 04 نوفمبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2580
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2115
| 03 نوفمبر 2025