رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد المحمدي

مساحة إعلانية

مقالات

1278

د. أحمد المحمدي

مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى

26 يناير 2025 , 02:00ص

لا تكاد تمر بأمة الإسلام آية من آيات الله، إلا وأقلام السوء تخرج من جحورها في محاولة بائسة لهدم اليقين في قلوب المسلمين! ظانين أن الشبهة إذا أُلبست رداء عقل قاصر نُصرت، وما درى هؤلاء أن العقل الذي لا يهتدي بنور الوحي ضال كالسائر في ظلمة ليلٍ دامس يتلمس السبيل! إذ كيف لعقلٍ يدَّعي العلم أن يقيس أمر الإسراء والمعراج بموازين الأرض وهو غافلٌ عن أن الذي أسرى بعبده ليلاً هو الذي خلق الزمان والمكان، وصرف الأسباب كما شاء.

فقل للأولى قد أنكروه رويدكم

أمامكم آيات ربي فانتظروا

إذا أنكر المعراج بالأمس جاهل

فليس يمارى اليوم فيه مفكر

أيعرج صاروخ إلى قمر السما

تسيره منا عقول تفكر

وننكر أن يرقى إليها محمد

بتقدير من للكائنات يسير

أيقدر مخلوق ويعجز خالق

تباركت يارب فإنك أقدر

فلندع تلك القلوب الحائرة تلتمس في ظلمة شكها هلاكها، ولنقف أمام قول الله ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

إن اختيار الله للمسجد الأقصى بدايةً للإسراء، كان إشارةً إلى مكانته في العقيدة، فهو القبلة الأولى التي صلّى إليها المسلمون، والأرض التي بارك الله حولها، ومهوى قلوب الأنبياء من قبله. ولولا أن لهذه الأرض شأنًا عظيمًا، لما كان المرور بها مقصدًا في تلك الرحلة المقدسة. ولو شاء الله لعرج بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى السماوات العلا مباشرة، ولكن الحكمة أرادت أن يرتبط المسجد الحرام بالمسجد الأقصى، لتظلّ قلوب المؤمنين بهما متصلة، فلا يفرّطوا في قدسيتهما.

أما وعد الله بعودة الأقصى إلى المسلمين، فليس مجرد وعدٍ بعيد، بل هو وعدٌ مُنتظرٌ له شروطه التي يدركها كل مؤمن صادق.

عودة الأقصى للمسلمين هي عودةٌ للكرامة، هي عودةٌ للأمل بعد المحنة، هي عودةٌ لتحقيق وعد الله لعباده المخلصين.

نحن نعيش اليوم مرحلة من مراحل التاريخ التي قد تكون مظلمة، ولكن التاريخ لا ينسى أصحاب الهمم الطاهرة. فكما كان في الماضي أحرارٌ حملوا راية الدين وحرروا الأماكن المقدسة، فإن القادم من الزمان يحمل في طياته تحريراً لا محالة، طالما أن العزم صادق والإيمان راسخ.

وإذا كان الأقصى قد احتُل، فلا تحسب أن الأرض قد قُيدت، بل هي في يد الله، هو الذي يقرر الزمان والمكان.

وغدا سيبزغ الفجر على الأرض المقدسة، فوعد الله واقعٌ لا محالة، قال صلى الله عليه وسلم (لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي على الدِّينِ ظاهرينَ، لعدوِّهم قاهرينَ، لا يضرُّهم مَن خالفَهُم؛ إلَّا ما أصابَهُم مِن لأواءَ حتَّى يأتيَهُم أمرُ اللَّهِ وَهُم كذلِكَ. قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، وأينَ هُم؟ قالَ: ببيتِ المقدسِ وأَكْنافِ بيتِ المقدسِ).

مساحة إعلانية