رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أحمد علي

مساحة إعلانية

مقالات

954

أحمد علي

البؤساء في غزة.. لم يكتب روايتهم الحزينة «فيكتور هوجو» (2/2)

26 مارس 2025 , 02:00ص

أستكمل اليوم مقالي عن «البؤساء» في غزة الذين لم يكتب روايتهم «فيكتور هوجو».

وبعيدا عن سيرة ومسيرة أبطال المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتهم الشهيد القائد المجاهد أحمد ياسين مؤسس حركة حماس الذي اغتالته يد الإرهاب الإسرائيلي في هجوم صاروخي شنته مروحيات من طراز أباتشي بعد قيامه بأداء صلاة الفجر في مسجد المجمع الإسلامي القريب من منزله في حي صبرا في غزة يوم الإثنين 22 مارس 2004.

وفي سياق حديثي عن المواقف الترامبية، الزئبقية، خرج علينا «ستيفن ويتكوف»، المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط بتصريح يخلو من المنطق قائلاً:

لا يمكننا أن نسمح بأن تحكم غزة منظمة إرهابية وإلا سيكون هناك (7 أكتوبر) كل بضع سنوات.

وينسى أن حماس وصلت إلى حكم القطاع بالانتخابات.

وبعيداً عن منطوقه الخالي من المنطق، أطرح عليه سؤالي المنطقي، وأساله:

لماذا لا تطبقون موقفكم، المناهض للحركات والمنظمات والجماعات والجمعيات والتجمعات التي تصنفونها أنها «إرهابية» على الأحزاب الصهيونية التي تمارس إرهابها على المدنيين الفلسطينيين؟

ولماذا تسمحون لأحزاب التطرف اليهودي، أن تحكم إسرائيل، وتتحكم في مسارات القرار الحكومي الإسرائيلي؟

ومنها على سبيل المثال، حزب «الصهيونية الدينية» الراديكالي المتشدد، والمتشنج، بزعامة الإرهابي «بتسلئيل سموتريتش»، الذي يشغل حالياً منصب وزير المالية في الحكومة الإتلافية؟

وله سجل حافل، في تشجيع الإرهاب الاستيطاني، وتحريض المستوطنين، على قتل الفلسطينيين.

وهو ينكر وجود الشعب الفلسطيني، ويعتبر أنه مجرد اختراع عربي، عمره أقل من مائة عام.

وله سابقة إرهابية، إجرامية، يعاقب عليها القانون الجنائي، تتمثل في دعوته، في شهر مارس 2023 لإحراق ومحو بلدة «حوارة» التابعة لمحافظة نابلس الواقعة شمال الضفة الغربية المحتلة.

وتضمنت تصريحاته، تحريضاً رسمياً خطيراً لارتكاب جريمة حرب، مكتملة الأركان، في إطار خطاب الكراهية، والعداء والعنف والإرهاب، الذي يروجه ضد الفلسطينيين.

وبسبب تصريحاته العدائية، التي طالب فيها الحكومة القيام بذلك الفعل الإرهابي، شهدت البلدة المستهدفة، هجمات غير مسبوقة من المستوطنين، أسفرت عن استشهاد فلسطيني، وإصابة عشرات آخرين، وإحراق عشرات المنازل، وتدمير العديد من السيارات.

وبعيداً عن قضية حوارة وفي سياق الحقارة، التي تنبعث من شخصيته، المليئة بالأحقاد والكراهية، يواصل انتهاكاته المتكررة لحقوق الفلسطينيين، ولا يخفى دعمه للاستيطان غير المشروع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وهو مستعد للتحالف مع الشيطان، لتحقيق أهدافه الإرهابية، ولهذا تتجسد في تصرفاته وتصريحاته، ومواقفه، شخصية الإرهابي الصهيوني المحترف، واليهودي المنحرف!

ونفس الحال، ينطبق حرفياً على الإرهابي الآخر «ايتمار بن غفير» وزير ما يسمى الأمن القومي، الذي يتولى زعامة حزب «العظمة اليهودية».

وله سوابق، ومن المؤكد ستكون له لواحق، في الإجرام المنظم، والإرهاب الموجه ضد الفلسطينيين.

وما دامت واشنطن، تحارب ما تسميه «الإرهاب الفلسطيني» ولا تعتبره نضالاً مشروعاً ضد الاحتلال، وحقاً أصيلاً لنيل الاستقلال..

ينبغي تطبيق موقفها، على «الإرهاب الإسرائيلي»، ولا تسمح لقياداته، المشاركة في تشكيل الحكومة، لتثبت أن «الإرهاب» في مفهومها له تعريف واحد، وله وجه واحد، وله تصنيف واحد.

وتثبت للعالم المتحضر، أن من يشجع على قتل الأبرياء الفلسطينيين، هو «إرهابي» صهيوني، لا يستحق أن يكون وزيراً في الحكومة الإسرائيلية، ولا شريكاً في الائتلاف الحكومي.

وهذا موقفي، بشأن المسألة الإرهابية، سواء كان المتورط فيها عربياً، أو إسرائيلياً، أو أمريكياً.

وفي سياق ذلك، فإن من يسعى لضم كندا، رغماً عن إرادة شعبها لتصبح الولاية الحادية والخمسين في الولايات المتحدة، ينبغي تصنيفه بأنه إرهابي.

ومن يهدد ويتوعد، بانتزاع قناة «بنما» بالقوة من أصحابها، هو فعلاً يقوم بفعل إرهابي.

ومن يخطط للاستحواذ على «جرين لاند»، والسيطرة على مقدراتها، وفك ارتباطها عن الدنمارك، غصباً عن خشم «كوبنهاجن»، لا يمكن أن يصنع السلام في العالم..

.. ولا يمكن أن يحقق السلام في الشرق الأوسط.

ولا يمكن أن يكون داعية سلام، وتصالح وتصافح وتسامح، بين اليهود والفلسطينيين.

والملاحظ أن الرئيس الأمريكي، يسعى لتقويض النظام العالمي، وتأسيس نظام فوضوي، يقوم على اللانظام، واللاقانون مع غياب العدالة السياسية، وتعزيز النزعة الاستبدادية، وتهشيم القرارات الدولية، وتهميش المنظمة الأممية، لتبقى إسرائيل بلا حساب، وبلا عقاب.

وهو بذلك يريد أن يفرض واقعاً جديداً، في الشرق الأوسط، يحكمه الكيان الصهيوني، ويتحكم في تفاصيله ومفاصله.

وليس هذا فحسب، بل هو يريد تقديم الضفة الغربية المحتلة، على طبق من ذهب، لحكومة التطرف الإسرائيلي، وفي صميمها القدس، وفي داخلها المسجد الأقصى، وكل المقدسات المحيطة بها.

مع ضرورة قيام الأنظمة العربية جميعها، بالتصفيق له، وتقديم فروض الولاء والطاعة لإدارته، والزحف نحوه، من أجل استكمال مشروعه لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وأقول لصاحب هذا المشروع وهو صاحب مقولة «أمريكا أولاً»، إن مقولتنا الراسخة في عقولنا، النابضة في قلوبنا، الثابتة في ضمائرنا «فلسطين العربية أولاً»، «فلسطين الحرة» دائماً.

وسيبقى التحدي الأكبر وسط المواقف الترامبية المنحازة والمؤيدة لإسرائيل، أن نعمل جميعاً لضمان حقوق الفلسطينيين، في إقامة دولتهم المستقلة.

لكن أخشى ما أخشاه، وسط الأوضاع المأساوية المتفاقمة، والظروف غير الإنسانية المتراكمة، على أهالي غزة، أن يكون العدوان الصهيوني، هو البداية الفعلية والعملية والميدانية، لتنفيذ مخطط، تهجير الفلسطينيين، خارج ديارهم!

وتحديداً إلى الإقليم الانفصالي المسمى «أرض الصومال»، الذي يسمونه «صومالي لاند»، مقابل الاعتراف الأمريكي به، كدولة مستقلة.

وعندما أقول ذلك، لا أنشر الخزعبلات، ولا أروج الشائعات، ولكن أستند على حزمة من المعلومات، والكثير من المؤشرات، التي تشير وفقاً للعديد من القراءات والمتابعات، أنه يتم حالياً الإعداد والتحضير، لتنفيذ هذا المخطط الخطير.

والمعروف أن «صومالي لاند»، أعلنت انفصالها من جانب واحد، عن جمهورية الصومال في 18 مايو 1991، بعد الإطاحة، بنظام الدكتاتور محمد سياد بري، ومنذ ذلك التاريخ، غير معترف بها دولياً، لكنها تواصل فرض حكمها الذاتي الانفصالي في تحدٍ صريح لحكومة مقديشو، المعترف بها دولياً.

والملاحظ أنها تحتفظ بعلاقات إستراتيجية وطيدة مع أثيوبيا، وقوية مع الإمارات، التي تعتبر أكبر وأكثر دولة مستثمرة في أرض الصومال.

وفي الشهر الماضي شارك رئيسها «صاحب السعادة» كما يسمونه، عبدالرحمن محمد عبدالله «سيرو»، ويعرف أيضاً باسم «عرو»، في القمة العالمية للحكومات، التي عقدت في دبي بالإمارات، خلال الفترة من (11) إلى (13) فبراير الماضي.

وهناك أعلن أنه يتوقع التشاور مع واشنطن، بشأن استقبال اللاجئين الفلسطينيين في بلاده، لاتخاذ موقف نهائي بشأن هذه القضية.

علماً بأنه لم ينف بشكل قاطع، الأنباء التي تسربت حول مخطط تهجير الفلسطينيين إلى «صومالي لاند»، ولم يؤكد أيضاً صحتها، بل حرص في تصريحه، على إضفاء الغموض حول هذه المسألة، معلناً حرصه على اتخاذ قرارات إستراتيجية، تصب في مصلحة الجميع.

لكن عبدالرحمن ظاهر وزير خارجيته، أكد أن بلاده، لا تستبعد استيعاب أهالي غزة، مشترطاً الحصول على الاعتراف الدولي لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، والتعامل معه كدولة مستقلة.

وهذا الموقف، يظهر محاولة استغلال، أو استثمار الوضع المتفجر في غزة، لتحقيق مكاسب سياسية، طال انتظارها لأكثر من 33 عاماً، مع الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل.

ولعل ما يضفي الكثير من الأهمية على منطقة «أرض الصومال» أن إدارة ترامب، ترغب في إقامة قاعدة عسكرية في تلك المنطقة المهمة، الممتدة على نحو 20 % من مساحة الصومال الإجمالية، مما سيمنح واشنطن نفوذاً أكبر، على ساحل شديد الأهمية، يستلقي على خليج عدن، ويطل على القرن الإفريقي، الذي يناطح أمواج المحيط الهندي.

والمؤكد أن الاعتراف السياسي، بهذا الإقليم، سيسمح للولايات المتحدة، واستخباراتها بإقامة آليات دعم العمليات طويلة الأمد.

ومراقبة حركة الملاحة في باب المندب، ومتابعة أنشطة الصين المتنامية في المنطقة، وإجهاض أنشطة الحوثي في البحر الأحمر الداعمة للحقوق الفلسطينية.

ولو نجح المخطط الأمريكي ـ الصهيوني لا سمح الله، لتهجير الفلسطينيين إلى «صومالي لاند»، لن نستغرب، أن نجد جيلاً فلسطينياً، بعد تهجير أهاليهم إلى «هرجيسا» عاصمة «أرض الصومال» وغيرها من مدن الإقليم، يتحدثون اللهجة الصومالية، وينادون بعضهم البعض يا «وريا»، وتعني يا رجل، بدلاً من يا «زلمة»!

مساحة إعلانية