رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يأتي اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية ليجسد رؤية قيادية تؤمن بأن الاستثمار في الثقافة والمعرفة لا يقل أهمية عن الاستثمار في الاقتصاد والتنمية، وهي رؤية يقودها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، الذي أضفى على هذا المشروع بعداً يتجاوز الإطار اللغوي إلى أفق حضاري وإنساني أشمل. فقد شكّل دعم سموه لهذا المعجم دلالة واضحة على إيمانه العميق بدور اللغة العربية في صون الهوية وتعزيز مكانة الأمة في عالم متغير، مؤكداً أن القيادة الواعية هي التي تبني الإنسان من خلال المعرفة كما تبني الأوطان بالقرار والرؤية.
وقد جاء حفل اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية ليكون أكثر من مناسبة احتفالية بإنجاز لغوي كبير، بل محطة فارقة في الوعي العربي المعاصر، تتجسد فيها قيمة العمل المعرفي الجاد حين يحظى برؤية سياسية واعية، وإرادة مؤسسية صلبة، وإيمان عميق بدور اللغة في بناء الإنسان وصون الهوية. فقد مثّل هذا الحفل تتويجاً لمسار علمي طويل امتد لسنوات، ونجح في إنجاز أحد أضخم المشروعات اللغوية العربية في العصر الحديث، مشروع لم يكتف بتجميع الألفاظ، بل أعاد كتابة سيرة الكلمة العربية عبر أكثر من عشرين قرناً من التحولات الدلالية والحضارية.
وحضور حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، لهذا الحدث، أضفى عليه بعداً استثنائياً، مؤكداً أن هذا المشروع ليس عملاً ثقافياً معزولاً، بل جزء من رؤية شاملة تؤمن بأن النهضة تبدأ من المعرفة، وأن اللغة هي عمودها الفقري. فدعم سموه لمعجم الدوحة التاريخي يعكس إدراكاً عميقاً بأن الاستثمار في اللغة العربية هو استثمار في الأمن الثقافي، وفي مستقبل أمة تواجه تحديات العولمة وتآكل الهويات، وتبحث عن أدوات علمية راسخة تعيد لها الثقة بذاتها وقدراتها الحضارية.
وقد عكس الحضور العربي والدولي الواسع للحفل المكانة العلمية التي بلغها المعجم، إذ اجتمع مثقفون وباحثون وأكاديميون، ورؤساء مجامع لغوية، وممثلو منظمات إقليمية ودولية، إلى جانب نخبة من المستشرقين المهتمين بالدرس اللغوي العربي. هذا الزخم العلمي أكد أن معجم الدوحة التاريخي لم يعد مشروعاً محلياً أو قطرياً فحسب، بل بات مشروعاً عربياً ذا إشعاع عالمي، يضع اللغة العربية في قلب النقاشات اللسانية المعاصرة، ويعيد تقديمها بوصفها لغة قادرة على الإسهام في البحث العلمي الدولي.
وفي هذا السياق، جاءت كلمة سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، لتمنح المشروع بعده التربوي والنهضوي الأعمق، حين أكدت أن أهمية المعجم لا تكمن فقط في كونه منجزاً لغوياً رائداً، بل في كونه ركيزة أساسية لدعم تعليم اللغة العربية، وبناء المعرفة، وصون الهوية الثقافية في الحاضر والمستقبل. وقد لامست كلمتها جوهر التحدي الثقافي العربي، حين شددت على أن اكتمال المعجم يجب أن يكون استهلالاً لمشروع نهضوي أشمل، لا محطة ختام، في ظل معاناة العمل الفكري العربي من الموسمية وغياب الاستمرارية.
وأبرزت الوزيرة القيمة الاستثنائية للمعجم في جديته وطبيعته التراكمية، وفي المؤسسة الحاضنة له، بما تمتلكه من زخم في الإنتاج العلمي، والتأليف، والترجمة، والبرامج الأكاديمية. كما توقفت عند أحد أهم إنجازاته غير المرئية، والمتمثل في قدرته على صهر التباينات الفكرية والمنهجية بين العاملين عليه، رغم اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم، ليجتمعوا لأكثر من عقد من الزمن حول مشروع علمي جامع، في مشهد نادر في فضاء عربي يعاني من الاستقطاب وتراجع الحوار المعرفي.
ومن جانبه، جاء حديث الدكتور عز الدين البوشيخي، المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي، ليكشف حجم الجهد العلمي والمنهجي الذي انطوى عليه هذا العمل الجبار، مؤكداً أن المعجم ثمرة عمل مؤسسي تراكمي، واجه تحديات علمية كبيرة، تتعلق بتعدد المصادر، وتنوع الاستعمالات، ودقة التحقق من المصطلحات في مختلف الحقول المعرفية. وقد أوضح أن المعجم لم يكن مشروعاً تقنياً أو لغوياً تقليدياً، بل رؤية معرفية شاملة تهدف إلى حفظ الهوية اللغوية، وإعادة الثقة للأمة بقدرتها على إنجاز مشروعات علمية كبرى ذات نفس طويل.
وفي المحصلة، فإن حفل اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية لم يكن احتفاءً بكتاب أو منصة رقمية، بل احتفاءً بفكرة النهضة ذاتها، حين تتوافر لها القيادة الراعية، والمؤسسة الجادة، والعقل العلمي المنفتح. وهو إنجاز يضاف إلى سجل الأعمال الحضارية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ويؤكد أن قيادته لا تقتصر على إدارة الحاضر، بل تمتد إلى بناء الوعي وصناعة المستقبل. فبدعمه لمشروع بحجم معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، يرسخ سموه نموذج القائد الذي يدرك أن اللغة هي روح الأمة، وأن صونها وتطويرها هو أحد أنبل أشكال العمل الوطني والعربي المشترك. كما يؤكد أن قطر لا تنظر إلى الثقافة بوصفها ترفاً، بل باعتبارها ركيزة استراتيجية لبناء الإنسان، وجسراً للتلاقي العربي، وأداة فاعلة لصناعة مستقبل أكثر وعياً، وعدلاً، وإنسانية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كاتبة قطرية - مستشار الصحة البيئية
falotoum@hotmail.com
@faalotoum
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1992
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1584
| 28 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى مطالبة احتساب الفوائد المتراكمة على البطاقة الائتمانية. فقد شهدت أروقة محكمة الاستثمار والتجارة مؤخراً صدور حكم قضائي لا يمكن وصفة إلا بأنه «انتصار للعدالة الموضوعة « على حساب « الشكليات العقدية» الجامدة، هذا الحكم الذي فصل في نزاع بين إحدى شركات التأمين وأحد عملائها حول فوائد متراكمة لبطاقة ائتمانية، يعيد فتح الملف الشائك حول ما يعرف قانوناً بـ «عقود الإذعان» ويسلط الضوء على الدور الرقابي للقضاء في ضبط العلاقة بين المؤسسات المالية الكبرى والأفراد. رفض المحكمة لاحتساب الفوائد المتراكمة ليس مجرد قرار مالي، بل هو تقويم مسار»، فالفائدة في جوهرها القانوني يجب أن تكون تعويضا عن ضرر او مقابلا منطقيا للائتمان، أما تحولها إلى إدارة لمضاعفة الديون بشكل يعجز معه المدين عن السداد، فهو خروج عن وظيفة الائتمان الاجتماعية والاقتصادية. إن استقرار التعاملات التجارية لا يتحقق بإطلاق يد الدائنين في صياغة الشروط كما يشاءون، بل يتحقق بـ « الثقة» في أن القضاء يقظ لكل انحراف في استعمال الحق، حكم محكمة الاستثمار والتجارة يمثل نقلة نوعية في تكريس «الأمن العقدي»، ويؤكد أن العدالة في قطر لا تقف عند حدود الأوراق الموقعة، بل تغوص في جوهر التوازن بين الحقوق والالتزامات. لقد نجح مكتب «الوجبة» في تقديم نموذج للمحاماة التي لا تكتفي بالدفاع، بل تشارك في «صناعة القضاء» عبر تقديم دفوع تلامس روح القانون وتحرك نصوصه الراكدة. وتعزز التقاضي وفقا لأرقى المعايير.
1119
| 24 ديسمبر 2025