رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في مناخ الحرب والفوضى وتبادل التهم بالأكاذيب المتبادلة تعودت بصراحة ألا أثق إلا فيما يصدر عن الرسميين القطريين وآخر من وضح الحقائق وتحدث للعالم بصدق كان معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الذي كشف أمام ممثلي الصحافة واقع الحال مبينا الموقف القطري الثابت المرتكز على خدمة السلام والأمن في المنطقة وفي العالم والتمسك بالشرعية الدولية وهو في ذلك يشير الى أن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أمير قطر حفظه الله ورعاه هو الذي يوجه بحكمته وبعد نظره سياستنا الخارجية وينادي من على كل المنابر الدولية المتاحة بهذه القيم العليا والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن تسود في العالم. أما ما عدا هذا فإنك أيها القارئ ستضيع في غابة من التضليل ولن تجيب عن أسئلة من نوع: هل دمرت إسرائيل كل المفاعلات النووية الإيرانية تماما وهل صحيح أن اسرائيل حققت انتصارات ساحقة وبلغت غاياتها في القضاء النهائي على قوة إيران وهل جندت الاف الجواسيس المندسين في قلب إيران ليقلبوا نظام الملالي من الداخل وهل وهل وهل؟ ومحاولة منا لفهم السياسات الإيرانية نقول إن هذه الدولة المسلمة الشقيقة تجد نفسها بين ماض إمبراطوري يصر على العودة وواقع إقليمي يضج بصراعات الهيمنة حيث برزت تفسيرات للمسار الذي انتهجته طهران في بناء مشروعها الجيوسياسي القائم على ما يُعرف بـ “الاستراتيجية الكبرى للممانعة»؛ وهي رؤية موجّهة أساسا لمقاومة النفوذ الغربي المعادي للإسلام عموما. وفي ظل تصاعد حدة التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران عاشت طهران مشاهد غير مسبوقة تمثلت في تدفق كثيف للمدنيين الهاربين من المدينة بالتزامن مع تلويح إسرائيل بضربات جديدة قد تكون «أشد وأوسع» من الهجوم الجوي الذي نفذته مؤخرا. ومن جهة الكيان المحتل ففي الليلة التي بعدها أطلقت إيران عددا من الصواريخ البالستية على حيفا وتل أبيب واستهدفت كما أعلنت عدة مبان ذات طابع عسكري ومخابراتي شهد العالم على المباشر حالة غير مسبوقة من الهلع لدى الإسرائيليين وهم يتكدسون في المخابئ بالموازاة مع صور العمارات المدمرة التي تذكر بنفس ما يجري في غزة وجنين وخان يونس مصحوبة بالبحث عن الجثث المطمورة تحت الركام والاستعانة بالكلاب المدربة لاستخراج الأموات أو من بقي حيا تحت أكوام الحجارة والأسمنت والحديد المنهارة على رؤوس ساكنيها! إلى جانب ما تابعناه خلال الأيام الثلاثة الماضية من بطولة المقاومة التي أربكت المحتل وفاجأته بعمليات مسلحة جريئة. أما غير المتوقع فهو إعلان ايران عن القاء القبض على أعداد كبيرة من الجواسيس ومرتزقة الموساد متغلغلين في المجتمع الإيراني وتم العثور لديهم على 400 مسيرة صغيرة محملة بالقنابل تنطلق من داخل ايران لضرب ايران!!!وفي لقاء مع «سكاي نيوز عربية»، قال الخبير العسكري والاستراتيجي العميد تركي الحسن: «إن التهديدات الإسرائيلية لا تندرج في إطار الحرب النفسية فقط بل تترافق مع عمليات عسكرية فعليّة منذ أربعة أيام وأشار إلى أن المحتل الإسرائيلي أثبت قدرة كبيرة في الاستطلاع الاستخباراتي مما مكنه من تنفيذ ضربات دقيقة أفضت إلى تحييد قيادات عسكرية من الصف الأول في إيران كما أن ايران اعتمدت على عقيدتها الدفاعية – الهجومية التي تقوم على امتصاص الضربة ثم الرد بصواريخ بعيدة المدى. ولدى كلا الجهتين تفوق كما لديهما معوقات فإيران دولة ممتدة على مساحة عملاقة من الأرض أغلبها جبلي بينما تنكمش إسرائيل على رقعة صغيرة جدا من أرض منبسطة تستحيل حمايتها الشاملة من القصف الصاروخي مع العلم أن إسرائيل تعودت منذ 1948 على الحرب الخاطفة حيث تفاجئ خصمها كما وقع في حرب يونيو 1967 وتدمر قدراته الجوية وتجبره على توقيع هدنة هي في الحقيقة استسلام مهين! واليوم حين تطيل إيران الحرب فهي تدرك تلك الحقيقة وتضطر العدو الى قبول حرب استنزاف ليست نتيجته مضمونة بالنصر مثلما يدعي رئيس الحكومة (بنيامين ناتنياهو).
ثم عشنا حادثة فاجأت دولة قطر يوم الاثنين 23 يونيو تتمثل في رشقات صاروخية استهدفت قاعدة العديد التي تم إفراغها وتحويلها الى مكان آخر. ثم إنه من باب الصداقة وعلاقة الثقة بين قطر وايران والتاريخ الطويل المشترك والجغرافيا التي جعلت الجوار قدر الشعبين الدائم وكذلك الاتصالات شبه اليومية بين القيادتين وتأكيد صاحب السمو الأمير حفظه الله لإيران أن قطر لن تسمح باستعمال أرضها أو جوها أو بحرها ممرا لأي عدوان يستهدف الشقيقة إيران ولا ننسى أن قطر مستمرة في الوساطة والحوار لتحقيق السلام ولم تنتج عن الحادث أي وفيات أو إصابات وخلال مؤتمر صحفي انعقد بتنسيق د. الأنصاري واشتركت فيه وزارتا الدفاع والداخلية تمت الإجابة الضافية على أسئلة الإعلاميين وجاء فيه خاصة أن الهجوم الفاشل خرق لقواعد حسن الجوار مع التأكيد على احتفاظ قطر بحق الرد ثم استتب الأمن في كل الدولة وتم الإعلان عن أن أجواء وأراضي قطر آمنة والحياة عادت لطبيعتها كما عادت حركة الملاحة الجوية باستثناء تأجيل الامتحانات المدرسية ليوم واحد. واجتمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون ليصدروا بيان تنديد بالاعتداء على قطر وتلقى حضرة صاحب السمو أولا من الرئيس الإيراني اتصالا هاتفيا عبر فيه السيد الرئيس (مسعود بازشكيان) عن أسفه عما تسبب به هذا الهجوم من أضرار معبرا عن الأخوة بين الشعبين وعن التقدير الصادق الذي يكنه الشعب الإيراني حكومة وشعبا لحضرة صاحب السمو الأمير وشعب قطر. كما تلقى صاحب السمو اتصالات تضامن من قادة العالم مع تنديدهم الشديد بما استهدفت له سيادة قطر وأعـرب سمو الأمير المفدى للقادة عن شكره على مشاعرهم الصادقة وتضامنهم مع دولة قطر وشعبها وخاصة في الإجراءات الاحترازية الـتـي تـم اتـخـاذهـا حيث لـم تـنـتـج عـن الــحــادث أي وفـيـات أو إصـابـات. وجـددت الدولة التأكيد بـأن أجــواء وأراضـي دولة قطر آمنة وأن القوات المسلحة القطرية على أهبة الاستعداد دائما للتعامل مع أي خطر. وعبر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية عن إدانـة دولـة قطر الشديدة للهجوم الـذي استهدف قــاعــدة الــعــديــد الــجــويــة مــن قــبــل الــحــرس الــثــوري الإيراني واعتبره انتهاكا صارخا لسيادة دولة قطر ومـجـالـهـا الــجــوي ولـلـقـانـون الــدولــي ومـيـثـاق الأمم المتحدة مؤكدا أن دولة قطر تحتفظ بحق الرد المباشر بـمـا يتناسب مـع شـكـل وحـجـم هــذا الاعتداء السافر وبما يتوافق والقانون الدولي.
قطر كما عودتنا اختارت دومًا أن تكون في صف الحكمة لا المغامرة وفي قلب مساعي التهدئة لا دوائر التصعيد. لذلك لم يكن مستغربًا أن تكون من أوائل الدول التي أطلقت التحذير من مغبة التصعيد في المنطقة. لكن الموقف القطري لم يكن مجرد خطاب أخلاقي. فعندما تعرضت سيادة البلاد للانتهاك مساء الاثنين من قبل الهجمات الصاروخية تعاملت القوات المسلحة مع الحدث بكفاءة عالية وسرعة لافتة فوجدنا منظومة دفاعية على مستوى عالٍ من الجاهزية استجابت بشجاعة ومسؤولية. الاستجابة لم تكن عسكرية فقط بل كانت مؤسساتية شاملة أظهرت تكاملاً أسهم في السيطرة الكاملة على الموقف وتقديم نموذج يُحتذى به لأن الحياة استمرت على طبيعتها ولأن الدولة بكل مكوناتها كانت على قدر التحدي.
موازنة الدولة 2026 نهج متوازن يعزز جودة التنمية
تعكس موازنة الدولة للعام المالي 2026 جملة من المؤشرات الإيجابية التي تؤكد حرص الدولة على ترسيخ الاستقرار المالي،... اقرأ المزيد
48
| 13 ديسمبر 2025
من الرياض.. أطيب التهاني للدوحة بيومها الوطني
من فضل الله تعيش دول مجلس التعاون الخليجي اليوم مرحلة غير مسبوقة من التقارب والتنسيق، تعمّقها رؤى قادتها... اقرأ المزيد
84
| 13 ديسمبر 2025
العدالة المعلقة بين النية المبطنة والإبادة المعلنة 1-2
على شريط ساحلي قبالة بحر أبيض، وبتوقيت يكاد يتفق واللحظة، تُعاد كتابة التاريخ بدمٍ لا يزال يجري طوفانه!... اقرأ المزيد
81
| 13 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2334
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2256
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل كراية مرفوعة تتقدم بثبات لا يعرف الانحناء. خطا اللاعبون إلى العشب بخطوات واثقة، كأنهم يحملون على صدورهم تاريخًا يرفض أن يُمحى، وكأن كل نظرة منهم تعلن أن حضورهم موقف لا مجرد مشاركة. لعبوا بروح عالية، روح تدرك أنها تمثل وطنًا يقف رغم العواصف، وطنًا يُعلن في كل لمسة كرة أنه باق، صامد، وشامخ مهما ضاقت به الأيام. المنتخب الفلسطيني قدم أداءً أذهل النقاد وأوقف الجماهير احترامًا. لم يكن الفوز ولا التعادل وليدي صدفة، بل ثمرة بناء ذهني وشراكة وجدانية بين لاعب يعرف لماذا يلعب، ومدرب يحول الحلم إلى خطة، والخطة إلى واقع. منذ اللحظة الأولى ظهر الفريق كجسد واحد، تتشابك أرواح لاعبيه بخيط خفي. لم تلعب فلسطين بأقدام كثيرة، بل بقلب واحد. كانت احتفالاتهم بالأهداف تُشبه عودة غائب طال اشتياقه، وتحركاتهم الجماعية تؤكد أن القوة الحقيقية تولد من روح موحدة قبل أن تولد من مهارة فردية. ولم يعرف اللاعبون طريقًا إلى التراجع؛ ضغط مستمر، والتزام دفاعي صلب، واندفاع هجومي يُشبه الاندفاع نحو الحياة. في مباراتهم الأولى أمام قطر لعب "الفدائي" بثقة المنتصر، فانتزع فوزًا مستحقًا يليق بروح تقاتل من أجل الشعار قبل النقاط. وفي مواجهة تونس، ورغم صعوبة الخصم، حافظ اللاعبون على حضورهم الذهني؛ لم يهتزوا أمام ضغط الجمهور ولا لحظات الحماس، بل لعبوا بميزان دقيق يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع. فجاء التعادل إعلانًا أن فلسطين جاءت لتنافس، لا لتكمّل المشاركة. وراء هذا الأداء كان يقف مدرب يعرف لاعبيه كما يعرف صفحات كتابه المفضل. وظف قدراتهم بذكاء، وزع الأدوار بانسجام، وأخرج من كل لاعب أفضل ما لديه. وبدا الفريق كآلة متقنة، يعرف كل جزء فيها دوره، وتتحرك جميعها بتناغم ينبض بالحياة والتكيف. كلمة أخيرة: لقد كتب الفدائي اسمه في كأس العرب بمداد الفخر، ورفع رايته عاليًا ليذكرنا أن الرياضة ليست مجرد لعبة بل حكاية وطن.
1458
| 06 ديسمبر 2025