رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

528

هديل رشاد

لا تحزن.. أنت في غزة!

27 نوفمبر 2024 , 02:00ص

هل اعتقدت يوماً عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة أنَّ الحزنَ رفاهية؟!

هل شعرت بهذه المشاعر التي جعلتك غير قادر على ممارسة هذا الشعور الفطري؟!، الذي يساوي في قدسيته المشاعر كافة التي دخلت في تكويننا منذ أن كُنَّا في أرحام أمهاتنا، حقيقة ولن أخفيك سرا عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة، فالتعامل مع مشاعر الحزن والألم... رغم رغبتنا الجامحة في تجاهلها، إلا أنها تبقى ذات سيادة، لها جللها وجلالتها، وحتى خبراء وأطباء علم النفس والباحثون في السلوك الإنساني، يدعوننا إلى منح كل شعور حقه دون إفراط أو تفريط، أي وفق قانون الوسطية، فالانحياز إلى أحد الجانبين دلالة على أنَّ هذا الشخص ليس متوازنا، وبالتالي فهو يعاني من اعتلال نفسي ويحتاج إلى مساعدة خارجية من قبل المختصين.

رغبت في أن أستهل الموضوع بهذه المقدمة ليس من باب الفلسفة، أو من باب التعدي على أخصائيي علم النفس والسلوك، بل هذه الأسئلة هي من زاحمت أفكاري المتلاحقة منذ بدء عملية طوفان الأقصى، وهذه الأسئلة تتقاذفني كقطعة بلاستيكية في موج بحر هادر يأبى الركون إلى السكينة، لاسيما في كل مشهد تبثه وسائل الإعلام لتوثق الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ولتكون شاهدة على عالم منافق مخادع يدعي المثالية، وهو يغوص بالزيف والدناءة حتى أذنيه، المشاهد كثيرة عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة، ورائحة الدم تزكم أنوفنا وأنوفكم من وراء الشاشات لكمياتها، وكأن الدم الفلسطيني خُلق ليراق على مذابح الكرامة والبسالة، إلا أنَّ مشهد أحد طواقم الدفاع المدني الذي كان يصرخ بوجه رفاقه الذين أجهشوا بالبكاء على زميلهم الذي استهدفته طائرات الكواد كابتر لثنيه وزملائه عن القيام بعملهم في محاولة تخليص بعض الأحياء من تحت ركام منزلهم الذي استهدف من قبل جيش الاحتلال، ليتحول من منقذ إلى شهيد مقطع الأوصال، ورغم قساوة المشهد ومرارة الفقد، فلم يسمح أحد زملائهم بأن يكونوا نهبا للألم أو الاستسلام لليأس الذي يحقق أهداف العدو، صارخا بوجوههم إلى أن بات صوته طاغيا على هدير طائرات الاحتلال التي كانت تطوق ذلك المبنى.. بهدف تثبيتهم، وتذكيرهم أنهم وكل أهل غزة في اختبار، وعليهم أن ينجحوا به نجاحا باقتدار، نجاحا ثمنه يوازي ثواب صبر أيوب على الابتلاء.

فهذا المشهد لم ولن يخرج من رأسي، وصوت زميلهم الذي يحثهم على الثبات والصمود في أحلك الظروف ما زال صداه في أذنيّ وهو يقول لزملائه باللهجة المحلية الفلسطينية «إهدوا، مالكو؟ إهدوا...» فهذه العبارات المختصرة مع ذلك الصوت الذي ملأ المكان كان رسالة واضحة بأنه لا مكان للحزن في غزة، رغم كل الحزن الذي ملأها، ورغم كل المآسي التي طوقت صباحاتها ولياليها، بل إنَّ كل مشهد من مشاهد التجويع والإبادة الجماعية والتهجير التي يعيشها سكان غزة تسمح لهم بألف من سرادق العزاء بأيامها الثلاثة، إلا أنَّ في غزة... الأحزان مؤجلة، ليس لقسوة منهم، أو لقوى خارقة خُلقوا بها، وإنما رفاهية الحزن ستجعلهم في موقف هزيمة لا انتصار، في موقف الضعيف لا القوي، في موقف سارق الحق لا أصحاب الحق، وهذا التصرف باعتقادي ليس تصرفا عبثيا بل هو دلالة على رسوخ العقيدة، فالصبر عند الصدمة الأولى يظهر إيمان المؤمن، فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر، وهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فلا إيمان لمن لا صبر له، كما أنه لا جسد لمن لا رأس له.

ختاماً..

إنَّ الأمة الإسلامية بحاجة للمؤمن القوي، ليس القوي بعضلاته، بل في رسوخ عقيدته، وبعلمه وعمله، وبإخلاصه لقضايا أمته فهي بوصلة المؤمن الحق، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللَّهِ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ، احرِص على ما ينفعُكَ، واستِعِن باللَّهِ ولا تعجِزْ، وإن أصابَكَ شيءٌ، فلا تقُل: لو أنِّي فعلتُ كان كذا وَكَذا، ولَكِن قل: قدَّرَ اللَّهُ، وما شاءَ فعلَ، فإنَّ لو تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ». صحيح مسلم.

اقرأ المزيد

alsharq ماذا استفادت القضية الفلسطينية بعد حرب غزة؟

شهدت القضية الفلسطينية واحدة من أكثر اللحظات دراماتيكية في تاريخها الحديث، حين اندلعت مواجهة غير مسبوقة بين فصائل... اقرأ المزيد

33

| 26 أكتوبر 2025

alsharq سلامٌ على غزة وأهلها

تباشر قناة الجزيرة منذ أيام مضت أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد توقيع الاتفاق في شرم... اقرأ المزيد

33

| 26 أكتوبر 2025

alsharq رؤية الأسرة القطرية

ألقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، خطابًا شاملاً بمناسبة انعقاد دور... اقرأ المزيد

21

| 26 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية