رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

سعدية مفرح

كاتبة كويتية

مساحة إعلانية

مقالات

564

سعدية مفرح

حتمية التغيير.. النهر الذي ما زال يجري!

28 أكتوبر 2024 , 02:00ص

نتغير.. نعم! كلنا نتغير ودائما. الحياة سلسلة متتابعة من الأحداث والتحولات التي لا تعرف الثبات، قد نرغب أحيانًا في أن تبقى الأمور على حالها، أو نعتقد أن بإمكاننا الحفاظ على ذواتنا كما هي، من دون تغيير، لكن الواقع يعاند هذه الرغبات. فكما قال الفيلسوف الإغريقي: “لا يمكنك أن تسبح في النهر مرتين، لأن المياه تتغير في كل مرة”. لذلك فالتغيير ليس خيارًا إضافيًا يمكن تجاهله، بل هو ضرورة حتمية إما أن نتكيف معه أو نجد أنفسنا متخلفين عن الركب.

الحياة في سيرها إذن تشبه مياه ذلك النهر؛ فهي في تدفق دائم، لا تعرف التوقف. قد نرغب في الوقوف أمام التيار، لكنه سيتجاوزنا بلا مبالاة. وفي هذه الصورة الرمزية، يظهر المعنى العميق للتغيير؛ حتى وإن حاول المرء الحفاظ على نسخته القديمة، ستظل الحياة بكل عناصرها؛ البشر، الظروف، والتجارب، تتبدل من حوله. وهنا تتجلى الحقيقة الأزلية: نحن في صميم التغيير سواء رضينا أم أبينا.

يرى عالم النفس كارل يونغ أن “التغيير لا يحدث إلا عندما يصبح الإنسان قادرًا على مواجهة ما يزعجه”. غالبًا ما تأتي التغيرات الكبرى في حياتنا بعد مواقف صعبة تفرض علينا ترك المساحات القديمة والمألوفة. ويمكن أن يكون هذا التغيير بهيئة نهاية علاقة، أو انتقال إلى مكان جديد، أو حتى فقدان وظيفة. هذه التحولات قد تبدو في البداية مؤلمة، لكنها تدفعنا إلى النضج وترسم لنا زوايا جديدة لفهم الحياة. خاصة أن الحياة المعاصرة تحديداً تضعنا أمام متغيرات سريعة لا يمكن تجاهلها، سواء كانت تقنية أو اجتماعية. فقد يشعر البعض بالخوف أو الانزعاج من هذه التغيرات، لكن جوهر الحكمة يكمن في إدراك أن التكيف هو أحد أذكى طرق البقاء.

عندما ندرك أن العالم لا يدور حولنا، نصبح أكثر استعدادًا لتقبل تلك التحولات. والتاريخ يخبرنا أن البشر الذين رفضوا التغيير وفضلوا العيش في منطقة الراحة سرعان ما أصبحوا جزءًا من الماضي. في المقابل، أولئك الذين انفتحوا على التطور والتبدل وجدوا أنفسهم أمام فرص جديدة جعلتهم أقوى وأكثر نضجًا. فقبول التغيير ليس فقط ضمانة للنجاة، بل هو أيضًا فرصة لاكتشاف جوانب غير متوقعة في أنفسنا وفي العالم من حولنا.

وبمقابل التغيير، نجد أن الركود كحالة سلبية تعرقل تقدم المرء، فالعيش في دائرة مكررة من الروتين قد يمنحنا شعورًا مؤقتًا بالأمان، لكنه يعرقل إمكانيات النمو والنضج. وقد شبه الشاعر الإسباني أنتونيو ماتشادو ذلك بقوله: “الطريق يصنع بالمشي”، في إشارة إلى أن الحياة الحقيقية تتحقق بالحركة، لا بالجمود.

ولذلك فنحن عندما نتجنب التغيير خوفًا من المجهول، نخسر فرصة إعادة تعريف هويتنا وتجربة مسارات جديدة في الحياة. حسناً.. ماذا عن الألم الذي قد ينتج عن التغيير؟ لا بد أنه يحمل في طياته دروسًا قيمة، تماما كما تتسبب مياه النهر المتدفقة بتآكل الصخور، قبل أن تصقلها، لتصبح أكثر انسيابية ولمعانًا.

الحياة إذن لا تترك لنا خيارًا سوى المضي قدمًا مع التيار. وكما تتبدل الفصول في الطبيعة، كذلك تتبدل مراحل حياتنا. من الطفولة إلى الشيخوخة، ومن الفرح إلى الحزن، تظل الحياة سلسلة من التحولات التي لا يمكن إيقافها. ما نحتاجه هو الوعي بأن التغيير ليس تهديدًا لنا، بل فرصة لنمونا وتجدد أفكارنا. إن القبول بحتمية التغيير يجعلنا أكثر استعدادًا للاستفادة من التحولات، مهما بدت صعبة في بدايتها. نحن جزء من هذا النهر الكبير الذي لا يتوقف عن الجريان، ومن الحكمة أن نتعلم السباحة في تياره بدلاً من مقاومته. فالحياة، في نهاية المطاف، لا تنتظر أحدًا.

اقرأ المزيد

alsharq توطين الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي القطري

يشهد قطاع الرعاية الصحية في قطر ثورة رقمية مع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض وعلاجها. ومع... اقرأ المزيد

18

| 23 أكتوبر 2025

alsharq بين الفكر والروح

من الأوقات الصعبة على أيِّ مبدع أن ينتهي من كتابة رواية أو ديوان، وتتوقف الروح لبعض الوقت عن... اقرأ المزيد

15

| 23 أكتوبر 2025

alsharq النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى، وسلامةٌ تُصان، وحياةٌ تُدار بانسيابية ومسؤولية. لا أحد ينكر مدى... اقرأ المزيد

18

| 23 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية