رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الدولة المارقة أو المنحرفة وصف لطالما أطلقه علماء السياسة الغربيون وساستهم على الدول التي تخرج عن الإطار العام للمجتمع الدولي. وذهب كثير من الباحثين منذ سنوات بعيدة إلى تأكيد هذا المعنى. من هؤلاء إدوارد سجارين وروبرت كيلي في كتابهما « الانحراف السياسي ومفهوم المسؤولية، (1986). عالم آخر في العلوم السياسية هو ميروسلاف نينيتش قدم وصفا إضافيا للدولة المنحرفة بأنها تلك التي تشكل تهديدا للمجتمع الدولي، وذلك في كتابه «النظم المارقة، مواجهة السلوك المنحرف في السياسة العالمية» 2007. أما معجم ويبستر فيقدم وصفا أكثر مباشرة وشمولا هو: الدولة المارقة أو المنحرفة هي التي تنحرف عن الأعراف المقبولة ولا تحترم الدول الأخرى في تصرفاتها الدولية.
وبنظرة سريعة على الساحة العالمية، نجد أن أكثر دولة يمكن أن ينطبق عليها هذا الوصف هي الولايات المتحدة التي تتزعم إطلاق هذا الوصف على كل ما يخالفها من الدول. ويمكن القول إن سلوك الولايات المتحدة كدولة مارقة يعود، فعليا، إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية عندما بدأت تحل محل الامبراطورية البريطانية كدولة استعمارية، وأسست ما يسمى «سي آي إيه» أو جهاز الاستخبارات القومي الذي عاث في الأرض فسادا بكل معنى الكلمة. وقد بدأ سلوك الولايات المتحدة كدولة منحرفة عن المجتمع الدولي ينكشف، بدرجة أوضح، خلال رئاسة ترامب وما بعدها. فمثلا خلال عهد ترامب نقضت واشنطن تقريبا كل ما أبرمته إدارة سلفه باراك أوباما من اتفاقات ومعاهدات، كان منها اتفاق المناخ والاتفاق النووي مع إيران ثم إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، مما جعلها تخرج عن الإطار الدولي العام ومصلحة الجانب الأكبر من المجموعة الدولية وتظهر عدم احترامها لبقية دول العالم.
كما أن انحراف الولايات المتحدة «الترامبية» وممارستها لما يسمى بالبلطجة السياسية لم يتوقف بنهاية عهده، إذ أنه استمر في عهد الرئيس «الشبح» جو بادين بدعم إدارته لأوكرانيا في حرب يزعم كثيرون إن إدارته هي من أثارتها لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية و»شخصية». ثم ها هي تخلع القناع عن إجرامها ومروقها بالكامل في دعمها المطلق بالمال والسلاح للكيان الصهيوني في إبادته الجماعية لسكان غزة.
فخلال العقدين الماضيين أو أكثر قليلا مارست واشنطن السياسة الدولية بانفلات تام تجلى بوضوح في مقولة بوش الابن «من ليس معنا فهو ضدنا» والتي بلورت استهانتها بالإجماع الدولي وتجاهلها عدم موافقة الأمم المتحدة على غزو العراق مثلا. ثم توالت سياسة البلطجة الدولية بتنفيذ ما سُميت «الحرب على الإرهاب» وهي الفكرة التي أسس لها صمويل هنتنغتون لتخطي كل قواعد القانون، فالحرب على الإرهاب وفق هذه العقيدة هي حرب الخير ضد الشر وفيها يفعلون أي شيء بلا قواعد ولا قوانين.
وهنا نتساءل، هل في العالم دولة أكثر عنفا ودموية وخروجا على النظام الدولي من الولايات المتحدة؟ وهل في العالم دولة أكثر تحريضا وتنفيذا للانقلابات العسكرية من الولايات المتحدة. القائمة تطول ولكن من أراد أن يعرف إجابات موثقة فإن الكتب المعترف بها في هذا الصدد أكثر من أن تعد ومنها ما كتبه أمريكيون من الساسة أو ممن شاركوا بأنفسهم في مؤامرات لقلب أنظمة حكم ديمقراطي وتثبيت أخرى غير ديمقراطية، بطريقة قطاع الطرق ورجال العصابات. من هؤلاء مايلز كوبلاند، المسؤول السابق في السي آي إيه وكتابه التاريخي «لعبة الأمم» الصادر عام 1969ويتناول الكيفية التي تدير بها الولايات المتحدة العالم. وجون بيركنز العميل الأمريكي وكتابه الشهير «اعترافات قاتل اقتصادي» الصادر عام 2004 ويشرح بأحداث واقعية كفاعل وشاهد على التاريخ الكيفية الاقتصادية والعسكرية التي يتبعها الأمريكيون للسيطرة على العالم، وللاحتفاظ بهذه السيطرة إلى ما لا نهاية.
ومن الكتب الكثيرة المهمة التي كشفت الكثير من الأسرار في هذا الصدد، كتاب « نزع القناع عن العولمة.. الإمبريالية في القرن 21، 2001، والذي يقدم تفاصيل عدد من الانقلابات التي نفذتها واشنطن في أمريكا اللاتينية، كدليل على أن العولمة اسُتخدمت كستار لعودة الاستعمار العسكري العالمي، وترسيخ الهيمنة الأمريكية، تحت شعار حماية المصالح القومية الزائف.
لكن في مقابل تلك الأساليب والسياسات التي مارستها الولايات المتحدة للسيطرة على السياسة العالمية بتحديها لكل الأعراف المتفق عليها ومروقها من النظام الذي شكلت معظم قواعده على عينها، هناك قوانين وسنن كونية، تنبيء بزوال الدولة المارقة الظالمة، وهي لا تخطيء وإن طال انتظار حدوثها. منها ما يسمى «الحتمية التاريخية» وترى أن كل أمة تحمل في طياتها بذور فنائها وهي الفكرة التي قدمها الرسول الكريم للبشرية في حديثه عن الوهن، وغيره، ثم دار حولها المفكرون من أمثال ابن خلدون في التراث العربي الإسلامي، وكارل ماركس في التراث الغربي. وقد صدرت في شرح فرص سقوط الإمبراطورية الأمريكية مؤلفات لا حصر لها، منها نبوءة لعميل الكي جي بي إيجور بانارين الذي قال عام 1994 إن أمريكا ستتفتت إلى ست دول بحدود عام 2010. وهناك الفرنسي إيمانويل طود الذي توقع عام 2001 تفكك الولايات المتحدة وسقوطها كقوة عظمى وحيدة قريبا. وكان طود قد تنبأ في 1976 بسقوط الاتحاد السوفيتي. وبزوال الولايات المتحدة ستزول كيانات كثيرة ربما تسبقها أو تلحقها، منها إسرائيل.
الســـودان القضيــة التي ماتت
عام 2025 يوشك على الانتهاء بعد شهرين من الآن وأزمة السودان التي تفجرت منذ 15 أبريل 2023 تتفاقم... اقرأ المزيد
33
| 02 نوفمبر 2025
الذكاء الاصطناعي.. من يقرر ملامح الحقيقة القادمة؟
لم يعد سؤال الهيمنة في عصر الذكاء الاصطناعي مجرّد منافسة تقنية على أدوات السيطرة، بل تحوّلًا بنيويًا في... اقرأ المزيد
33
| 02 نوفمبر 2025
زمن الشهرة الزائفة
لم يعد التغيير الذي أصاب النفوس البشرية خفيًّا أو محدودًا، بل أصبح واضحًا لكل من يتأمل طبيعة العلاقات... اقرأ المزيد
27
| 02 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6678
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2751
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2352
| 30 أكتوبر 2025