رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بغضﱢ النظر عن كل (مظاهر) الاهتمام في عالم العرب بخصوص ما يجري فيه حالياً من أحداث، وبمدى تأثيرها القادم على المنطقة كشعوبٍ ودول وثقافة وخرائط، يَظهر في كثيرٍ من الممارسات والقرارات الافتقارُ إلى الدرجة المطلوبة من (الجدﱢية الإستراتيجية) فيما يتعلق بإدراك حساسية الواقع العربي الراهن، وفي التعامل معه.
ما يجري خطيرٌ جداً، لايجب أن نملﱠ من التذكير بهذه الحقيقة، وحين نقول إنه خطيرٌ على الشعوب والدول والثقافة والخرائط، فبمعنى أن التهديد (وجودي)، وهو يستهدف كل المكونات.. كلها دون استثناء.. ولا تنفع معه لا التطمينات السرية، ولا الوعود الزائفة، ولا التنازلات الجانبية، ولا التفاهمات المُنفردة. فهذه كلها تدخل في تكتيكات (الاستفراد)، وهي جزءٌ من اللعبة الجديدة التي انطلق مسارها، ولن يوقفها إلا تفكيرٌ إستراتيجيٌ حقيقيٌ يُجمع عليه العرب، أو من تبقى منهم من عُقلاء، وهؤلاء موجودون دون شك.
في هذا الإطار، لم يعد ممكناً لنا، كعرب بشكلٍ عام، وكسوريين خصوصاً، أن نخلط بين الأهداف والوسائل، ونظن أن مجرد الضجيج في التعبير عن أهدافنا والإصرار على مطالبنا المشروعة من خلال البيانات والخطابات والمقالات الصحفية، يكفي لتحقيقها، أو ليكون منطلقاً للتعامل مع متغيرات السياسة العالمية والمحلية بغرض التأثير فيها وتوجيهها فيما يخدم مصالحنا. لابد، كبديل، من توليد رؤيةٍ إستراتيجة تتمحور حول تلك الأهداف، لكنها تأخذ بعين الاعتبار الحركة الدائمة في معادلات موازين القوى والمصالح العالمية، وتحاول تحقيق أهدافها من خلال استيعاب وتوظيف مناطق الخلخلة والتغيير المتكررة في تلك المعادلات..
في كتابٍ عن السيرة نشره منذ عقود الدكتور عماد الدين خليل، لخصَ الكاتب إستراتيجية الرسول الكريم في قصة الهجرة بعبارةٍ أنقلُها من الذاكرة: "إن الرسول توكل على الله وكأنه لايوجدُ هناك عالم أسباب، لكنه في نفس الوقت أخذَ بعالمِ الأسباب وكأنه لايوجد هناك شيءٌ اسمه التوكلُ على الله"!
باستحياء هذه القاعدة، يُصبح المطلوب اليوم هو "الاعتماد على القوة وكأنه لايوجدُ شيءٌ اسمه دبلوماسية أو سياسة، واستخدامُ الدبلوماسية والسياسة وكأنه لا يوجد شيءٌ اسمه القوة".
ولما كان السوريون اليوم في خط المواجهة الأول، فإنهم أولى الناس بمراجعة كل مايفعلونه، وباتخاذ المعادلة المذكورة منهجاً للتعامل مع قضيتهم. لأن قبولهم بوضعهم الراهن، واستمرار ممارساتهم وطريقة تفكيرهم وعملهم، ساسة وعسكرا، ونُشطاءَ ومثقفين، هو، عملياً، الخطوة الأخيرة قبل الاستسلام، حتى لو ملأوا الدنيا ضجيجاً بشعارات تقول، نظرياً، عكس ذلك.
هذه حقيقةٌ أخرى لم يعد ينفع الهروب من قولها بقوةٍ ووضوحٍ وصراحة: كل شيىءٍ يفعله السوريون، ممن ينتسبون إلى الثورة بأي معنى من المعاني، بات تهيئةً لإعلان الاستسلام، بل والانتحار الجماعي.
فبعد كل ما عرفوهُ اليوم من نفاق العالم وانتهازيته ووحشيته، لايكونُ الاستمرارُ في أي نوعٍ من المماحكات التنظيمية والأيديولوجية العنيدة والسخيفة لساستهم وعسكرهم، أو السلبية القاتلة لنشطائهم ومثقفيهم، إلا مساهمةً حثيثة في التحضير العملي للاستسلام والانتحار.
نعم. أظهر السوريون، قبل توريطهم في عسكرة الثورة من قبل النظام والعالم من خلفه، نمطاً فريداً من الممارسات يحكي، واقعياً، عن رسوخ عُمقهم الحضاري. واليوم، بعد تجربة السنوات السابقة، باتَ عليهم استعادة ذلك العُمق بطريقةٍ أخرى، أو القولُ، تبريراً للعجز، بأنه كان وَهماً أو كذبةً كُبرى، وليُترك مصير سوريا لجيلٍ قادمٍ يأتي بعد مرحلة (التيه).
المشهد (السوري) اليوم هو في الحقيقة (سوريالي) من حيث ملامحه الغرائبية العَبَثية. ولا مخرج من هذا الوضع إلا بإجماعٍ وطنيٍ تُلغى معه كل الأجندات الحزبية والطموحات الشخصية والرؤى الأيديولوجية التي لم يعد لها معنى، لأنها، أصلاً، مُهددةٌ بالإلغاء جميعاً، ومعها أصحابُها، ووطنُهم وشعبُهم.
السوريون اليوم أمام مَفرق طريق تاريخي بكل مافي الكلمة من معنى. والسؤال ليس حول (الخيارات) التي لديهم، وإنما حول إمكانية وكيفية قيامهم بالاتفاق على الخيار الوحيد المتوفر لديهم، وبأقرب وقت.
التشبيهُ القادم حساسٌ ومؤلم، ولكنه ليس عنصرياً بالتأكيد. فإما أن تقوم (كتلة حرجة) من السوريين، من جميع الأطياف والهياكل والانتماءات، بالانتفاض على الواقع الراهن لـ (مُجتمع الثورة) بكل مكوناته، وتتعلم من دروس إخوتنا في فلسطين والعراق، ويتم إنقاذ سوريا وشعبها، أو تدخل البلاد وأهلها، في النفق الذي دخل فيه البلدان العزيزان.
يبقى هذا خيار السوريين، لكن المفارقة أن آثارهُ لن تنحصر في حدود بلادهم. فالمؤكد أن الوضع العربي لايحتمل استسلامهم، لأنه يعني قدوم الطوفان الكبير. وهذه فكرةٌ يجب أن تبقى هاجساً يؤرقُ العرب، لأن النومَ عنه قد لايكون بعدهُ استيقاظ.
ماذا يمكن للعرب أن يفعلوا؟ حسناً. قالها يوماً ماوتسي تونغ: "القوة السياسية تأتي من فوهة البندقية". وبعدهُ قال جورج أورويل: "ينامُ الناس بسلامٍ في أسِرﱠتهم ليلاً لأن هناك رجالاً أشداء يسهرون مستعدين للعنف من أجلهم".
وبكل صراحة، لا يوجد أقربُ من إيران نفسها لنتعلم الدرس، ونتعاملَ معها بالشكل المطلوب. فقد مضى زمنٌ لم يكن فيه عندها أي مجالٍ للسياسة والدبلوماسية، واضطُرت اضطراراً للإبداع في توظيف القوة، حتى وصلت إلى وضعٍ يُمكِّنها من الجمع بين قوة القوة وقوة السياسة والدبلوماسية.
أما العربُ، فوضعهم اليوم، من جانب، أفضل مما كان عليه وضع إيران سابقاً. بمعنى أن بإمكانهم التفنن في الجمع بين القوتين، والاستفادة من ذلك بشكلٍ حاسم، فأوراق القوة وأوراق السياسة والدبلوماسية متوفرةٌ لديهم، وكل ما ينقصهم هو التخطيط الإستراتيجي والإرادة، مع التأكيد أن وجود التخطيط والإرادة ينبع من ضرورةٍ قاهرة، وليس نوعاً من (الترف) الذي يمكنهم معه أخذ الوقت للتفكير، فوضعهم الراهن، من جانبٍ آخر، أسوء من وضع إيران سابقاً، لأن التهديد الذي يواجههم (وجوديٌ) كامل، وليس لديهم (رفاهية) التعامل معه بالتكتيك والمناورات الخفيفة والرؤية القصيرة النظر.
"والله تا ياخدو بناتنا ونساءنا سبايا لـ (قم).." قالها صالح القلاب، وزير الإعلام الأردني السابق، بصراحته المعهودة منذ أيام، مُختصراً خطورة الموقف. وإما أن تتوقف "الألعاب الصغيرة" كما سماها، ومعها محاولات "الاختباء وراء الأصابع"، ويرتقي العربُ إلى جدية الموقف، أو تصبح رقبةُ الجميع تحت المقصلة.
«المجد أوروبا».. تذكرة لـ «اللاعودة»
وجوه شاحبة، أعين تملؤها الأسئلة، جلبة لا تهدأ، سيدة تصرخ تحت وطأة المخاض، وطفل في إحدى الزوايا يختنق... اقرأ المزيد
201
| 19 نوفمبر 2025
مع إعلان شعار اليوم الوطني لدولة قطر لعام 2025 «بكم تعلو ومنكم تنتظر» يتجدد التأكيد بأن الإنسان -... اقرأ المزيد
156
| 19 نوفمبر 2025
القيادة الرقمية ركيزة التحول نحو حكومة المستقبل في قطر
في ظل التسارع التكنولوجي الحالي، والذي يفتح آفاقًا جديدة من بيئات العمل المختلفة، لم تعد القيادة الفاعلة تُقاس... اقرأ المزيد
432
| 19 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
9984
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2436
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1365
| 14 نوفمبر 2025