رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. محمد علي الهرفي

د. محمد علي الهرفي

مساحة إعلانية

مقالات

1453

د. محمد علي الهرفي

سقوط صنعاء هل يعيد دولة العبيديين؟

30 سبتمبر 2014 , 02:17ص

كان سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين أمرا متوقعا، فكل تسلسل الأحداث التي سبقت السقوط كان يؤشر على ذلك وبكل وضوح، وقد نبهت إلى ذلك مرارا، خاصة بعد أن احتل الحوثيون مدينة دماج وأجبروا الدولة على تهجير كل سكانها وتفريقهم في شتى مدن اليمن وكل ذنب هؤلاء أنهم كانوا سلفيين لا يتفقون مع الحوثيين في معتقداتهم كما كانوا في الوقت نفسه يحذرون من مذهبهم العقدي وطموحاتهم السياسية، وزاد الأمر وضوحا بعد احتلال عمران ومن ثم محاصرة صنعاء لمدة طويلة، وطوال تلك الفترة لم تتخذ الحكومة اليمنية أي إجراءات حقيقية لمنع الحوثيين من احتلال صنعاء حتى تم لهم ما أرادوا وبطريقة دراماتيكية طرحت عشرات الأسئلة حول الظروف التي مكنتهم من احتلال عاصمة اليمن بكل يسر وسهولة، وقد قيل الكثير حول ذلك وكان من أشهر ما قيل: إن هناك تدخلا محليا ودوليا إلى جانب الحوثيين وهو الذي مكنهم من احتلال صنعاء وبسط نفوذهم عليها وعلى كل مفاصل الدولة المهمة.

سقطت صنعاء ولم نسمع لسقوطها دويا، ولا حتى عبارات الاستنكار المعتادة، ولم يتحدث الإعلام العربي عن الجرائم التي ارتكبها الحوثيون قبل وبعد السقوط، لقد ارتكب هؤلاء جرائم مروعة في حق مخالفيهم، فقد فجروا دور تحفيظ القرآن الكريم ومراكز الحديث الشريف، كما هدموا مساجد مخالفيهم في العقيدة وفرضوا على بعض المساجد أئمة ممن يتفقون معهم في المعتقد.

أما الإعلام بكل أنواعه فقد استولوا عليه بالقوة، كما لاحقوا الإعلاميين المخالفين لهم، أما قتل مخالفيهم وملاحقتهم وسرقة منازلهم فحدث عن ذلك ولا حرج، لقد فعلوا ذلك قبل وبعد توقيعهم على الاتفاقية الأمنية، وفوق ذلك كله فقد سرقوا كمية كبيرة من أسلحة الجيش ونقلوها إلى مخازنهم في عمران استعدادا للحرب القادمة التي يخططون لها.

حرص الحوثيون على تقديم أنفسهم على أنهم يعملون على خدمة الشعب اليمني والمطالبة بحقوقه، كما أنهم حرصوا، في الوقت نفسه، على تقديم أنفسهم للرأي العام الأمريكي خاصة، والعربي عامة، على أنهم سيحاربون الإرهاب في اليمن، خاصة القاعدة والإخوان المسلمين في اليمن، وهذا نوع من الاستجداء الرخيص لمن كانوا يصفونهم بأبشع الصفات ويدعون عليهم بالموت في بعض الأحيان.

احتفل الحوثيون بانتصارهم في صنعاء بصورة كبيرة تدل على استخفافهم بكل اليمنيين، واحتفل معهم لهذا الانتصار - وإن بطرق متنوعة - الإيرانيون الذين كانوا فرحين لهذا الانتصار، لأنهم اعتبروه انتصارا لهم، وقد عبر عن تلك الفرحة عدد من الإيرانيين، منهم السيد علي رضا رازكاني النائب في مجلس الشورى الإيراني الذي قال: إن عاصمة عربية رابعة دخلت تحت الهيمنة الإيرانية وهي صنعاء، أما السيد محمد صادق الحسيني الإعلامي الإيراني المعروف، فقد كان أكثر فرحا من سابقه، حيث أكد أن عبد الملك الحوثي أصبح زعيم اليمن وسيد الجزيرة العربية بلا منازع.

وأكد أن إيران وبعد سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين أصبحت سيدة البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط كذلك، وقال: إن إيران هي من باتت قادرة على صنع خريطة المنطقة الجديدة التي لا مكان للسعودية فيها.

الفرح بانتصار الحوثيين رأيناه عند البعض في بعض دول الخليج وبيروت وكأن هذا الانتصار أعاد لكل هؤلاء الأمل في بسط نفوذهم على العرب، كما كان الحال عليه في عهد الدولة العبيدية ذات التوجه الشيعي الإسماعيلي والتي حكمت المغرب العربي وشمال إفريقيا ومصر والشام والحجاز ولمدة ٢٨٨ عاما، فقد بدا لبعض هؤلاء أن الوقت قد أصبح ملائما لهم وأن الأوضاع السياسية في المنطقة العربية تصب في صالحهم ولهذا فإن عليهم اغتنام هذه الفرصة التي سنحت لهم وبأسرع وقت ممكن.

احتلال صنعاء ومحاولة فرض الحوثيين مذهبهم العقدي بالقوة وبالقتل أحيانا سيفجر حربا مذهبية رهيبة في المنطقة العربية وفي دول الخليج على وجه الخصوص، كما أنه في الوقت نفسه سيضاعف من الإرهاب في اليمن، وقد رأينا كيف أن القاعدة أعلنت أنها ستتولى محاربة الحوثيين، وأعتقد أن الجرائم التي ارتكبها الحوثيون والتي أعتقد أنهم سيرتكبونها مستقبلا ستدفع أعدادا كبيرة من اليمنيين إلى الالتحاق بالقاعدة دفاعا عن معتقداتهم وعن أنفسهم أيضا، وسيجد هؤلاء حاضنة شعبية لهم بين اليمنيين، وهذا النوع من الحروب قد لا يتوقف في اليمن، بل ربما يطال دول الجوار، وهذا ما أرجحه.

الحوثيون يحاولون إقناع الآخرين ومنهم اليمنيون، أنهم لا يريدون حكم اليمن وأنهم وقعوا على كل الاتفاقيات التي تجعل الدولة هي التي تحكم اليمن فعلا، وأنهم إنما يبحثون عن المشاركة الفعلية في إدارة شؤون البلاد، مثل غيرهم من القوى اليمنية الأخرى، والواقع الفعلي يقول عكس ذلك تماما، فهم ما زالوا يتحكمون في كل مفاصل الدولة وسيحاولون الاستمرار في التحكم في كل شؤون اليمن وربما يتخذون من نموذج حزب الله في لبنان، فهذا النموذج يحقق لهم التحكم في اليمن وبسط سيطرتهم عليه وبدون خسائر تذكر.

سقوط العاصمة العربية الرابعة في أيدي الإيرانيين فتح شهيتهم للتمدد في عالمنا العربي وفي الخليج على غرار دولة العبيديين، وقد عبر عن هذه الرغبة أكثر من مسؤول إيراني وغير إيراني أحيانا، وإذا كان لكل دولة الحق في السعي لتحقيق مصالحها، فإن لإيران الحق مثل غيرها من الدول في السعي لتحقيق مصالحها وإن كانت على حساب العرب ومصالحهم، واللوم هنا يقع على العرب عامة وعلى دول الخليج خاصة الذين لم يعملوا من أجل تحقيق مصالحهم وإنما انشغلوا في صراعات تافهة لم تحقق لهم إلا الخسران.

قطعا كان بإمكانهم كسب الوضع في اليمن وفي سوريا والعراق أيضا، لكنهم فرطوا في ذلك كثيرا، مما جعل الأمر سهلا لإيران كي تكسب تلك المواقع المهمة لصالحها.

ما كنت يوما ضد إيران، باعتبارها دولة مسلمة ووقفت كثيرا إلى جانبها المقاوم للصهاينة وأيضا مساعدة المقاومين، وقد قلت أكثر من مرة إنني مع إيران في حقها في امتلاك السلاح النووي بكل أنواعه مادامت إسرائيل تملك هذا السلاح، ولكن ذلك كله لا يجعلني أقف معها عندما أسمع أنها تنوي الامتداد إلى محيطنا العربي أو الخليجي، ولا أستطيع الصمت عما أراه من استخدام الطائفية البغيضة في اليمن ورغم أنوف الآخرين، لأنني أعلم مخاطر ذلك على الخليج كله.

دول الخليج مدعوة للوقوف بحزم إزاء ما يجري في اليمن وإن كان الوقت قد تأخر كثيرا ولكن لا يزال بإمكانها تحقيق بعض المكاسب، وإذا كانت دول الخليج تحارب الإرهاب في العراق وسوريا، فإن انتشار الإرهاب في اليمن سيكون أكثر خطرا عليها من الإرهاب هناك.

اقرأ المزيد

alsharq الأبعاد العميقة.. بواقعية!

من أصعب ما نواجه هذه الأيام الاعتراف بالإشكاليات، حيث ندرك الصعوبات ونتجاهل الحلول لها. ونستيقن الأوضاع غير المرغوبة... اقرأ المزيد

126

| 09 ديسمبر 2025

alsharq نقلة جديدة في مسيرة الشراكة القطرية السعودية

شكلت زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى المملكة العربية السعودية،... اقرأ المزيد

66

| 09 ديسمبر 2025

alsharq عالم مائع.. مع سبق التخريب والتصهيُن!

أكثر ما يخيف في متابعة الشأن الدولي المعاصر هي حالة الغفلة العجيبة التي يعيشها الناس شرقا وغربا عما... اقرأ المزيد

90

| 09 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية