رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فهد عبدالرحمن بادار

تويتر @Fahadbadar

مساحة إعلانية

مقالات

111

فهد عبدالرحمن بادار

مستقبل أكثر استقرارًا للعملات الرقمية

30 نوفمبر 2025 , 12:59ص

شهد هذا العام تحولاً محوريًا في مجال التمويل الرقمي، مع تزايد استخدام العملات المستقرة، واعتماد اللوائح التي تنظم عملها، وارتفاع توقعات العملاء بالحصول على تسوية فورية للمدفوعات. كما أصبحت المدفوعات الرقمية عبر الجوال أمرًا روتينيًا لملايين المستخدمين حول العالم. وكان الاستخدام المتزايد للعملات المستقرة أحد أبرز محاور النقاش في القمة السنوية لصندوق النقد الدولي التي عُقدت خلال شهر أكتوبر الماضي. وتُعد العملات المستقرة رموزًا رقمية تُتداول عبر تقنية سلاسل الكتل (Blockchain) وتُستخدم في شكل نقود رقمية، وتختلف عن العملات المشفّرة التقليدية في أنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقيمة عملة صلبة، عادةً ما تكون الدولار الأمريكي. ومن أمثلتها الإيثريوم (Ethereum) والتيثر (Tether). وقد شهد استخدامها ارتفاعًا كبيرًا خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، إذ تُسجّل المعاملات باستخدام العملات المستقرة نحو 30 مليار دولار يوميًا. ورغم أن ذلك يمثل أقل من 1% من إجمالي المعاملات، فإنه يعادل ضعف حجم الاستخدام المسجّل قبل 18 شهرًا فقط. وإذا استمر هذا النمو بالمعدلات الحالية، فقد يتجاوز استخدام العملات المستقرة أنظمة الدفع التقليدية خلال عقد من الزمن. 

وتنطبق بعض التحفّظات المتعلقة بالعملات الرقمية، نظرًا لكونها غير ملموسة ولا تكتسب قيمة إلا إذا وثق بها الطرفان، في الواقع على العملات الورقية الرئيسية نفسها منذ التخلي عن معيار الذهب في أوائل السبعينيات. فبينما يميل سكان الاقتصادات المتقدمة التي تتمتع بعملات قوية وأنظمة مصرفية ناضجة وممولة جيدًا إلى وضع ثقتهم في المؤسسات القائمة، يختلف الوضع في الأسواق الناشئة حيث لا يتعامل الكثيرون مع البنوك، فضلاً عن معاينتهم لتجارب متكررة لانهيار قيمة العملة المحلية بسبب ارتفاع معدلات التضخم.  وكان من بين أبرز العقبات المحتملة أن كل عملة مستقرة كانت مملوكة حصريًا للشركة التي أطلقتها، وهو ما حدّ من نطاق استخدامها وإمكاناتها. غير أن هذه العقبة تم تجاوزها بفضل الجسور التقنية التي باتت تتيح نقل الرموز الرقمية بين شبكات سلاسل الكتل المختلفة، مما وسّع من إمكانية استخدامها وفتح الباب أمام تطبيقات أوسع في عالم التمويل الرقمي. 

وفي العديد من الاستخدامات، تمتلك العملات المعتمدة على تقنية سلاسل الكتل مزايا واضحة مقارنة بالنظام المصرفي التقليدي، حيث تُنجز المعاملات، بما في ذلك التحويلات العابرة الحدود، بصفة فورية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وعادة ما تتم خلال ثانية أو ثانيتين فقط. كما أصبح تحويلها إلى العملات المحلية أسهل بفضل التطورات التقنية. وقد حققت شركات التكنولوجيا المالية تقدّمًا ملحوظًا، خصوصًا في جعل المحافظ الرقمية والدفع عبر الهواتف الجوالة أكثر سهولة وملاءمة للمستخدم، مما عزز انتشار هذه الوسائل وأتاح إمكانية استخدامها على نطاق أوسع. 

وفي المعاملات التجارية، يمكن دمج العملات المستقرة داخل عقود ذكية تتيح إمكانية تنفيذ التسوية فورًا بمجرد تسليم الطلب. وتسهم هذه السلاسة في عمليات التسوية في خفض التكاليف وتقليص حالات التأخير في سلاسل التوريد. 

وتتميز تحويلات العملات المستقرة بأنها أرخص من التحويلات الدولية التقليدية، حيث تفرض شركات التكنولوجيا المالية رسومًا لا تتجاوز بضعة سنتات بدلاً من بضعة دولارات. وفي المقابل، لا تزال التحويلات المصرفية الدولية عبر البنوك تخضع لأنظمة المقاصة، وهو ما قد يستغرق عدة أيام قبل إتمام المعاملة. 

وقد أسهمت القوانين المنظمة لاستخدام العملات المستقرة في زيادة تبنّيها، إذ أقرّت الولايات المتحدة في يونيو من هذا العام قانون GENIUS الذي يضع إطارًا واضحًا لعمليات الرقابة، ومتطلبات الاحتياطي، وضمان استقرار العملات المستقرة، مما عزّز الثقة بها وساهم في توسّع نطاق استخدامها. 

وبطرق أخرى أيضًا، تُحدث الثورة الرقمية تحولاً واسعًا في أنظمة الدفع. فحتى داخل القطاع المصرفي نفسه، باتت البنوك تتعاون مع شركات التكنولوجيا المالية لإرسال الأموال دوليًا بسرعة تفوق بكثير ما تتيحه أنظمة المقاصة المصرفية التقليدية، وهو ما يعكس تغيرًا جوهريًا في بنية الخدمات المالية وآلياتها. 

مساحة إعلانية