رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما إن منح المجلس الوطني التأسيسي ثقته للحكومة الجديدة، بقيادة السيد مهدي جمعة فجر الثلاثاء الماضي، حيث يعتبر التصويت على منح الثقة لحكومة جمعة نهاية فعلية لحكومة «النهضة» الإسلامية، وبداية المسار الأخير من عملية الانتقال الديمقراطي، إذ من المفترض أن تقود الحكومة الجديدة تونس حتى إجراء انتخابات عامة مقررة قبل نهاية العام الحالي، حتى تفجرت فضيحة سياسية جديدة، تتمثل في أن وزيرة السياحة التي تم تعيينها حديثا، وهي السيدة آمال كربول اتهمت من قبل عدد من نواب المجلس التأسيسي، وأحزاب المعارضة اليسارية والقومية بـ«التطبيع مع إسرائيل» باعتبارها زارت إسرائيل في العام 2006، ودعوا رئيس الحكومة إلى «التخلّص منها»، الأمر الذي أدّى إلى إحراجه.
في تبريرها لموضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني، قالت آمال كربول إنها عندما سافرت إلى إسرائيل في نطاق برنامج ممول من الأمم المتحدة لتدريب شبان فلسطينيين «لم تنظر إلى الموضوع من وجهة نظر سياسية»، موضحة أنها تعرضت إلى «مضايقات» عند حلولها في مطار تل أبيب إذ «تركوها أربع ساعات في الانتظار ولم يسمحوا لها بالعبور باعتبار أنها تونسية مسلمة».. واعتبر العديد من التونسيين المعارضين للتطبيع أن وزيرة السياحة قدمت في تبريرها مسرحية لتمرير تعيينها.
وقالت آمال كربول مباشرة بعد أن أدّت اليمين أمام الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي اليوم، إنها قدّمت لرئيس الحكومة استقالتها وله «سديد النظر في قبولها أو رفضها»، ودعت رئيس الحكومة التونسية الجديد مهدي جمعة، في تغريدة نشرتها في صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إلى «قبول استقالتها إذا ثبت أن الاتهامات التي وُجّهت إليها بالتعامل مع الكيان الصهيوني صحيحة». وبعد اجتماعه بكربول، دافع رئيس الحكومة جمعة عنها بالقول «تحدثت مع وزيرة السياحة، وقد زارت بالفعل إسرائيل سنة 2006 في إطار مشاركتها في برنامج تكوين تابع للأمم المتحدة لفائدة شباب فلسطينيين، وقد بقيت يوماً واحداً في إسرائيل وتعرّضت لتحقيقات دامت 6 ساعات بمطار تل أبيب لأنها عربية مسلمة، كما أنها رفضت مواصلة برنامج التكوين لهذا السبب، حتى وإن كان لفائدة فلسطينيين»، ورغم هذا الدفاع، فإن العديد من نواب المجلس التأسيسي أعربوا عن رفضهم لهذه الوزيرة، حتى أن أحدهم لم يتردد في مخاطبة الوزيرة الجديدة بالقول«.. إذا ثبت أنك زرت إسرائيل، فما عليك سوى أن تحملي أغراضك ومغادرة هذه الحكومة».
لقد تضمّنت المسوّدة الأولى للدستور التونسي الفصل 27 الذي يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني في حين سقط هذا الفصل في مسوّدة يونيو2013 التي قدّمها السيد الحبيب خضر المقرّر العام (من حركة النهضة) للدستور، و بالرغم ممّا أثاره ذلك المشروع في إبانه من اعتراض على العديد من الفصول التي احتواها من مختلف الأطراف السياسية والمدنية فإنه بدا وكأن الجميع قبل إسقاط فصل تجريم التطبيع متزامنا مع الجلسات مع الرؤساء والسفراء الأجانب، ولم تقع إحالته إلى لجنة التوافقات على غرار العديد من الفصول الأخرى، ولابدّ هنا من الإشارة إلى الدور المشبوه والمكمّل لدور السفراء الذي لعبه فيلتمان (طابخ الدساتير الملغومة).
أسقطت حكومة النهضة بفعل الضغط الشعبي وجيء من رحمها بالسيد مهدي جمعة بترشيح من بعض الأطراف الأوروبية ومن شركات النفط العالمية، وسط أجواء مشحونة وتسرّب حينها أنّ تشكيلة الحكومة الجديدة ستضم يهودياً تونسياً وزيراً للسياحة وكان القصد من تلك التسريبات جرّ بعض الأطراف السياسية والمدنية إلى الاحتجاج على ذلك التعيين واتهامها بمعاداة(السامية)، غير أن ذلك المخطط لم ينجح وتعاملت الأغلبية الساحقة من فعاليات المجتمع التونسي بمسؤولية عالية ولم تنجرّ إلى مستنقع معركة طائفية بسبب وجود تونسي يهودي في الحكومة الموعودة.. وحين فشلت الخطة جيء لنا بتونسية (مسلمة) تحمل شبهة التعامل مع الكيان الصهيوني، وفي نفس الخطة التي كان سيشغلها اليهودي التونسي بعلم مسبق من رئيس الحكومة المعيّن بل وبإصرار منه..
وبصرف النظر عن التبريرات التي سيقت من قبل وزيرة السياحة، وكذلك من قبل رئيس الحكومة التونسية الجديدة، فإن الوزيرة التونسية، وغيرها من السياسيين التونسيين الموجودين في العديد من الأحزاب السياسية سواء منها الإسلامية أو العلمانية، أو المنظمات غير الحكومة الممولة من قبل مؤسسات دولية معروفة، يشكلون جميعاً جزءاً من هذا التيار التبشيري العربي الذي ينادي بالتطبيع مع الكيان الصهيوني على اختلاف دوافعه وغايته، بوصفه تياراً نصيراً قوياً للتطبيع مع العدو الصهيوني.
فهذا التيار التبشيري يطالب باندماج الكيان الصهيوني في النظام الشرق أوسطي الجديد الذي نادي به شمعون بيريز منذ العام 1993، لأنه يرى في هذا الاندماج، العودة إلى الوضع الطبيعي حسب منطلقه، ولذلك يقول مبشرو هذا التيار إنه يجب التخلي عن كل الممارسات والأفكار المشوهة التي لم تكن تعبر تعبيراً صادقاً عن حقائق ورغبات الأغلبية العظمى من شعوب المنطقة العربية، هذه الأغلبية العظمى لم تنتمِ يوماً لما كنا نسميه عروبة أو عربا، وكانت ضحية لكلمات فضفاضة من لغة عقيمة ومتخلفة، وفي مثل هذا التوجه الشرق أوسطي لا تختلف إيران عن إسرائيل، ولا تختلف إسرائيل عن أي دولة عربية، ولا تختلف أي دولة ناطقة بالعربية عن تركيا أو باكستان أو الهند الكل يجمعهم توجه واحد وإقليم واحد ومصلحة مشتركة.
وتنبع الفكرة الإيديولوجية الأعمق لهذا التيار التبشيري من محاولة طمس الهوية
العربية - الإسلامية للمنطقة العربية، معتبراً إياها أنها مساحة جغرافية تعاني من محنة الهوية، وبلا هوية حضارية، ولذلك يندفع بقوة انطلاقاً من استغلاله أزمة الهوية أو عقدة الهوية في الوطن العربي التي يعانيها العرب الآن لتسويغ وجود الكيان الصهيوني على أرض العرب، وقبول التطبيع معه، باعتباره دولة موجودة في الإقليم الشرق أوسطي نفسه، على هذا القدر الرفيع من التقدم الصناعي والاجتماعي والسياسي، يتطلب والحال هذه من العرب، أن يكونوا مستعدين للدخول في مرحلة من التحدي الحضاري معها، وهي مرحلة قد تكون أصعب من مرحلة التحدي العسكري للكيان الصهيوني التي انتهت، أو قاربت على الانتهاء، وبالتالي القبول للهوية الجديدة « الشرق أوسطية» التي تتموقع فوق هويات شعوب المنطقة – باعتبارها حاملة لواء الحضارة والتقدم والأمل في تغيير المجتمعات، وحل مشكلات النمو الاقتصادي والحريات الفردية والجماعية، والليبرالية السياسية، وبشائر الديمقراطية، والتطور الاقتصادي والاجتماعي المتناسق، والتبعية الثقافية.
فالمدقق في هذا المفهوم « الشرق أوسطي » الذي يروج له هذا التيار التبشيري، من الذين لهم مصالح تجارية واقتصادية، ونفع ذاتي، ومصالح ضيقة، وقصر نظر سياسي، ومن المتذمرين من فساد أحوال مجتمعاتهم، ومن المنظرين "للتغريب الثقافي" ولمفهوم "الكونية" يرى فيه سياسة تستهدف تحقيق السلام بين الكيان الصهيوني والدول العربية، بما يعني إنهاء حالة الحرب والعداء، والاعتراف بشرعية الاحتلال الاستيطاني لفلسطين، وإقامة علاقات سياسية واقتصادية وتجارية طبيعية معه، وإنهاء حالة المقاطعة الاقتصادية العربية له.
فالسلام والتطبيع شيئان متلازمان ويعنيان الانتقال من حالة الحرب والعداء والمقاطعة للكيان الصهيوني إلى عكس هذه الحالات جميعها، لكي يكتشف العرب في ظل التبشير بمفهوم «الشرق أوسطية»، أنهم كانوا على خطأ طيلة المرحلة التاريخية السابقة، وكانوا يعيشون في ضلال، وليكتشفوا أيضاً أن الكيان الصهيوني هو البوابة الحقيقية والمنفذ الوحيد المناسب للتصدير إلى أوروبا، تتنافس دول المنطقة على كسب وده.. حيث أصبحت إسرائيل القناة الوحيدة لتصدير التكنولوجيا إلى الدول العربية، وتلقين علمائها ومهندسيها وفلاحيها.
القيادة الرقمية ركيزة التحول نحو حكومة المستقبل في قطر
في ظل التسارع التكنولوجي الحالي، والذي يفتح آفاقًا جديدة من بيئات العمل المختلفة، لم تعد القيادة الفاعلة تُقاس... اقرأ المزيد
399
| 19 نوفمبر 2025
أي بوصلة نحتاجها اليوم؟
قرأت مقولة تقول: «إن من يملك بوصلة، يملك سلامًا». فالبوصلة ليست مجرد أداة للاتجاه نحو الشرق أو الغرب،... اقرأ المزيد
144
| 19 نوفمبر 2025
كنت أظن بكل سذاجات البدايات أن الضحك دليل على أننا بخير، فالناس لا يضحكون الا اذا فرحت قلوبهم،... اقرأ المزيد
171
| 19 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
9972
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2430
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1356
| 14 نوفمبر 2025