رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
زيادة فاحشة في ثروات الولاة الطغاة وأذنابهم، وعجز مشين في ميزانيات دولهم
ضرورة إقرار الذمَّة المالية قبل وبعد شغل الوظيفة
إن ولي الأمر في كل أمة، عقدة نظامها وقوامها، وملاك أمرها، وحرزها، وكهفها، ومعقلها الذي يلجأون إليه، شهابها الساطع، ونجمها الثاقب، وبدرها الطالع، وسهمها النافذ، فإذا فسد فمن يصلح ومن أين يكون الصلاح ؟؟!!
كنتُ من كربتي أفزع إليهم ..... فهمُ كربتي فأين الفرار؟
إذا كان ربُ البيتِ بالطَبلِ ضارباً ..... فشيمةُ أهلِ البيت كلهم الرقصُ.
(إِذا مَا اللَّحْم أنتن ملحوه....... ونتن الْملح لَيْسَ لَهُ دَوَاء)
يا معشر القراء يا ملح البلد ....... ما يُصلحُ المِلْحَ إذا المِلحُ فسد؟
من بالغ الدروس، وأعاجيب أحداث عالمنا العربي المعاصر، أنك ترى تضخما في ثروات رعاة هذا العالم العربي، وعجزا مريعا في ميزانيات دولهم، لم يعرف قانون من أين لك هذا سبيلا إلى تشريعاتهم، ولم يضرب على وتر قلوبهم حديث رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- "لا تزولُ قدَمَا عبد يومَ القيامة، حتى يُسألَ عن أربع عن عُمُره فيما أفناه؟ وعن عِلْمِهِ ما عمِل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيما أبلاه؟»1،ولا استشعرت قلوبهم حديث النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنِ استعملناه على عمل، فرزقناه رزقاً، فما أخذَ بعد ذلك فهو غُلول»2 وقد قال تعالى "..وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ"3، لو أنه تتم محاسبة هؤلاء، لما تم نهب وسلب ثروات الأمة، حتى تتجمع في أيدى شرذمة، بينما عامة الشعب يتضورون جوعا، ويفترشون الحرمان، ويلتحفون العراء، وكان لسان الحال عند ضيق الصدور وبلوغ القلوب الحناجر من مثل هذه المظالم.
إن كنت لا ترضى بما قد ترى ........ فدونك الحبل به فاختنق
وفي الحديث الصحيح من تقرير مبدأ المحاسبة فى الدنيا – قبل القيامة - ما يضع حدا لهذه الجرائم : عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ عَلىَ صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ الأُتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَهَلاَّ جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّىَ تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقاً؟" ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَىَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلاَّنِي اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلاَ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّىَ تَأْتِيهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقاً، واللهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئاً بِغَيْرِ حَقِّهِ، إِلاَّ لَقِيَ اللهَ تَعَالَىَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلأَعْرِفَنَّ أَحَداً مِنْكُمْ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُ بَعِيراً لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعِرُ". ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّىَ رُؤيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟" بَصُرَ عَيْنِي، وَسَمِعَ أُذُنِي4. شعوبهم لهم بالمرصاد، ومن فوق الشعوب رب العباد، " إن ربك لبالمرصاد"5.
كتب عليّ بن أبي طالب إلى ابن عمه عبد الله بن عباس – رضي الله عنهم- واليه على البصرة:
أما بعد، فإنه قد بلغني عنك أمر، إن كنت فعلته فقد أسخطت الله، وأخزيت أمانتك، وعصيت إمامك، وخنت المسلمين. بلغني أنك جردت الأرض وأكلت ما تحت يدك، فارفع إليّ حسابك، واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس والسلام6.وما تردد في الآونة الأخيرة من زيادة ثروات بعض هؤلاء الرعاة الطغاة – زيادة فاحشة، تكفى لسد العجز في ميزانيات دولهم، بظهور هذه الثروات الخيالية فطنت الشعوب، كيف أصاب ميزانيات دولها العجز مع كثرة الموارد، وتنوع وتعدد مصادر الدخل لإيرادات الدولة، هذا ذكَّرنا بما ورد، في أدبيات تاريخنا العربي مِن أن معاوية خطب يوما فقال: إن الله تعالى يقول: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ "فعلام تلوموني إذا قَصَّرت في عطاياكم؟ فقال له الأحنف بن قيس: وإنا والله لا نلومك على ما في خزائن الله ولكن على ما أنزله الله لنا من خزائنه فجعلته في خزائنك وحلت بيننا وبينه7.ترى أليس هذا حال كثير من رعاة وطننا العربي؟؟؟؟ !!!!ولذلك لا بد من المساءلة العادلة، والمحاسبة المسؤولة ففي الحديث "أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْوولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْوولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَىَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَىَ بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَىَ مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"8. بالله قولوا لي : ماذا عساه أن يكون في نفس الرعية وهي تتضور جوعا، بينما رعاتها، تكاد يقتلها البشم والتخمة، أين العدل وأين الشورى،وأين العدالة الاجتماعية ؟؟؟!!! ذكرت كتب التاريخ أيضا أنه قد أصاب القوم مجاعة في عهد هشام بن عبد الملك، فدخل إليه وجوه الناس من الأحياء، وفي جملتهم درواس بن حبيب العجلي وعليه جبة صوف مشتمل عليها بشملة قد اشتمل بها الصماء، فنظر هشام إلى حاجبه نظر لائم في دخول درواس إليه، وقال: أيدخل عليّ كل من أراد الدخول. وكان درواس مفوّها فعلم أنه عناه، فقال درواس: يا أمير المؤمنين ما أخلّ بك دخولي عليك ولقد شرفني ورفع من قدري تمكني من مجلسك، وقد رأيت الناس دخلوا لأمر أعجموا عنه، فإن أذنت في الكلام تكلّمت، فقال هشام: لله أبوك تكلّم، فما أرى صاحب القوم غيرك، فقال: يا أمير المؤمنين تتابعت علينا سنون ثلاث، أما الأولى فأذابت الشحم، وأما الثانية فأكلت اللحم، وأما الثالثة فانتقت المخ ومصَّت العظم، ولله في أيديكم أموال، فإن تكن لله فأعطفوا بها على عباد الله، وإن تكن لهم فعلام تحبسونها عنهم، وإن تكن لكم فتصدقوا بها عليهم فإن الله يجزي المتصدقين ولا يضيع أجر المحسنين. فقال هشام: لله أبوك ما تركت واحدة من ثلاث، وأمر بمائة ألف دينار فقسمت في الناس، وأمر لدرواس بمائة ألف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين ألكل رجل من المسلمين مثلها، قال: لا ولا يقوم بذلك بيت المال، فقال: لا حاجة لي فيما يبعث على ذمّك، فلما عاد إلى داره أمر بذلك فبعث إليه فقسم تسعين ألف درهم في تسعة من أحياء العرب، وحبس عشرة آلاف درهم فبلغ ذلك هشاما، فقال: لله دره إن صنيعة مثله تبعث على الاصطناع.9.
*كان عبد الله بن جعفر من الجود والكرم بالمكان المشهور، وله فيه أخبار يكاد سامعها ينكرها لبعدها عن المعهود، وكان معاوية يعطيه ألف ألف درهم كل سنة فيفرقها في الناس، ولا تراه إلّا وعليه دين. ولما مات معاوية وفد عبد الله بن جعفر على يزيد فقال له: كم كان أمير المؤمنين معاوية يعطيك؟ قال: كان رحمه الله يعطيني ألف ألف، قال يزيد: قد زدناك لترحمك عليه ألف ألف، قال: بأبي وأمي أنت، قال: ولهذه ألف ألف، قال: أمّا إني لا أقولها لأحد بعدك، فقيل ليزيد: أعطيت هذا المال العظيم رجلا واحدا من مال المسلمين فقال: والله ما أعطيته إلّا لجميع أهل المدينة، ثم وكل به من صحبه وهو لا يعلم، لينظر ما يفعل في المال، فلما وصل المدينة فرّق جميع المال حتى احتاج بعد شهر إلى الدّين10.
وقال له الحسن والحسين عليهما السلام: إنك قد أسرفت في بذل المال، فقال: بأبي أنتما، إن الله عز وجل عوّدني أن يتفضل عليّ وعوّدته أن أتفضل على عباده، فأخاف أن أقطع العادة فتنقطع عنّي المادة11.
قال المدائني: قدم عبد الله بن جعفر على يزيد بن معاوية، فقال له: كم كان عطاؤك؟ فقال له: ألف ألف. قال: قد أضعفناها لك. قال: فداك أبي وأمي وما قلتها لأحد قبلك! قال: أضعفناها لك ثانية. فقيل ليزيد: أتعطي رجلا واحدا أربعة آلاف ألف؟ فقال: ويحكم، إنما أعطيتها أهل المدينة أجمعين، فما يده فيها إلّا عارية. فلما كان في السنة الثانية قدم عبد الله بن جعفر، وقدم مولى له يقال له نافع كانت له منزلة من يزيد بن معاوية. قال نافع: فلما قدمنا عليه أمر لعبد الله بن جعفر بألف ألف، وقضى عنه ألف ألف، ثم نظر إليّ فتبسم، فقلت: هذه لتلك الليلة12.
ترى هل يصنع أفراد أنظمة الأحزاب الحاكمة في ديارنا، ما كان يصنع سمحاء هذه الأمة عندما كان يغدق عليهم الولاة العطايا والهبات، أم أن أفراد الحزب الحاكم، تجوع الشعوب ليشبعوا، وتعري ليكتسوا، وتظمأ ليرتووا، وقف أعرابي على حلقة الحسن البصري فقال رحم الله من تصدق من فضل أو واسى من كفاف أو آثر من قوت فقال الحسن البصري : ما ترك الأعرابي أحدا منكم حتى عمه بالسؤال13 ترى هل بقي أحد من أفراد الرعية إلا وله حق في هذه الفضول؟؟!!!ومن عجيب أنهم يستخفون بهذه الأموال من الناس،"يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً"14. نخلص من هذا كله إلى درس بالغ من الدروس المهمة من أحداث الأمة، هو ضرورة تقديم كل موظف كبر أو صغر، إقرارا بذمته المالية عند شغله لوظيفة من وظائف الدولة وعند تخليه أو تركه لها إقالة أو استقالة، فهلا اتخذت وزارة المالية من الاجراءات، ما يجعل هذا فى حيِّز التنفيذ، وهلا أصدرت المجالس التشريعية - بغرفتيها (النواب، الشيوخ) أو ( الشعب، الشورى) أيا ما كانت التسمية - يصدر عن المؤهل أو الفاعل منهما من القوانين والتشريعات ما يجعل هذا معيارا للنزاهة، وسياجا ومعصما، ومرشحا للكفاءة والترقية إلى الأعلى من الوظائف والمناصب والمراكز، يتم من خلاله الكفكفة أو التقليم لأظافر من تمتد أيديهم إلى المال العام، والأخذ على أيديهم بيدٍ من حديد لتسود الأمانة، وتشيق الثقة وحتى لا تكون الوظائف العامة مغنما، ومرتعا ممرعا للسلب والنهب، هذا وللحديث صلة بحول الله وقوته. ومنه وحده العصمة من الزلل والخطأ والخلل في القول والعمل.
هوامش:
1-أخرجه الترمذي في سننه في صفة القيامة باب رقم (1) حديث رقم (2419) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال.
2-أخرجه أبو داود في سننه في الخراج والإمارة باب في أرزاق العمال رقم (2943) وإسناده صحيح
3-آل عمران:161
4-صحيح البخاري،كِتَاب الْإِكْرَاهِ. باب احْتِيَالِ الْعَامِلِ لِيُهْدَى لَهُ.صحيح مسلمكتاب الإِمارة. باب تحريم هدايا العمَّال.
5-الفجر: 14
6-[العقد الفريد 5/ 103]
7-المستطرف في كل فن مستطرف (ص: 70)
8-صحيح مسلم كتاب الإِمارة. باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر، والحثُّ على الرِّفق بالرَّعية، والنَّهي عن إدخال المشقَّة عليهم.سنن أبي داوود، كتاب الخراج والفيء والإمارة. باب ما يلزم الإمام من حق الرعية.
9-عيون الأخبار (2/ 366):محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء (1/ 626)
10-[التذكرة الحمدونية 2/ 269]
11-[التذكرة الحمدونية 2/ 269]
12-[العقد الفريد 1/ 322]
13-ثمرات الأوراق في المحاضرات (1/ 107)
14-النساء{108}
احتفالات باليوم الوطني القطري
انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي حضره صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير... اقرأ المزيد
216
| 23 ديسمبر 2025
لا تبرروا لهؤلاء أخطاءهم
هل لدى أحدنا شك بأن قطر هي أغلى ما نملك وأننا نحبها حبا لا يمكن أن تعبر عنه... اقرأ المزيد
141
| 23 ديسمبر 2025
حُرمة نفس !
من اللافت جدًا أن يكون المرء أنيساً منسجماً، طيّب المعشر، يألف الناس ويألفونه، غير متكلف في خلقه ومسلكه،... اقرأ المزيد
129
| 23 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1131
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
945
| 16 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ها قد عاد اليوم الذي نفتخر به كمواطنين ليس كتاريخ الذي فيه تأسست قطر على يد مؤسسها في عام 1878 فحسب، بل بإنجازات تواصلت عبر أكثر من 150 عاماً بمختلف ظروفها لبنة لبنة، حتى أصبح البناء صلبا شامخا بوصولنا إلى هذا اليوم الذي سبقه 365 يوما من العمل الدؤوب قيادة وحكومة وشعبا، ليلا ونهارا صبحا ومساء ليس على أرض الوطن فحسب بل اتسعت دائرة العمل والعطاء لتشمل دائرة أكثر اتساعا من جغرافية الوطن، الحركة التي لم تتوقف ولم يتوقف رجالها ونساؤها يوما ويستسلموا وإن كان بعض منهم قد أوقفتهم الحياة ولكن سرعان ما استبدلوا بخلفهم من يؤمن بحب الوطن كما الحاليون، فقد نقل إليهم أجدادهم وغرسوا فيهم حب هذه الأرض المعطاء، فكلهم أسياد في خدمة الوطن العزيز في مجالات الحياة المختلفة. خلال السنة التي بدأنا في طي صفحاتها الأخيرة، يمكنني أن أسجل بكل فخر، جوانب من إنجازات للوطن تستحق الإشادة والاحتفال: ففي الجانب السياسي محليا، أيد غالبية المواطنين عند استفتائهم توجهات سمو الأمير بعودة أداة تعيين أعضاء مجلس الشورى، بعد التجربة التي خاضتها الدولة قبل أربع سنوات بانتخاب ثلثيهم، حيث رأى حكماء البلد وعلى رأسهم سمو الأمير أن التجربة لم تكن إلا لتزيد من التأثير على اللحمة الوطنية العامة والخاصة، والتي بنيت وثبتت بين مواطنين منذ الاستقلال وقبله والأجيال التي تعاقبت واجتهدت في البناء، ولم يتخلف منهم أحد، وكان ملبيا الواجب في البناء والتطور. وقطر بقيادتها وشعبها مؤمنون وهم يدعون في سياساتهم بالحفاظ على الهوية والتي تنطلق من خلالها لرسم حاضرها ومستقبلها على إرث غني تركه من سجلوا تاريخا كدولة عربية إسلامية، لا تتزعزع عنها، وبذلك لا يخاف عليها من رياح عوامل الخارج والتي مرت خلال تاريخنا حاولت النَّيْل منها، إلا أن صمودها كان بترابط المنتمين المخلصين. وخارجيا، تابعت قطر دورها المشهود لها عربيا ودوليا بماء من ذهب، في إنكار واضح دون تردد تلك الممارسات التي قامت بها إسرائيل في غزة، ومتابعتها من على شتى المنابر في لوم الدولة المعتدية في التسبب، فالحقوق إن ضاعت سيكون حتما وراءها مطالبون. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ومطالب قطر كانت مستمدة عليها، والتي عرفها أحرار العالم كذلك، مطالبة كبريات القوى العالمية بالضغط للاعتراف بحل الدولتين. وعلى موقفها الثابت هذا، تعرضت قطر لهجومين شديدين لم تألفهما، ولكنها صمدت وعززت بالحادثتين موقفها دوليا، ولم تتزعزع وتثنِها عن قول الحق، واستطاعت فعلا بخبرتها الدبلوماسية أن تجمع حولها دول العالم بتأييد منقطع النظر. أما اقتصاديا، يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي القطري المحلي، أن قطر تسير سيرا حسنا في تطوير إمكانياتها الاقتصادية سنة بعد سنة، ولم تقف متفرجة، بل يشهد الجميع بتنوع مبادراتها الاقتصادية بشكل ناجح، فقطاع الغاز على سبيل المثال، على وشك أن يسدل الستار خلال أشهر على مرحلة كبيرة للتوسع في إنتاج الغاز المسال بقيادة قطر للطاقة، والذي كما تقول التقارير الدولية المختصة بأنه سيؤدي إلى معدلات نمو في الناتج المحلي بشكل كبير، قد يرتقي إلى أكثر من 5 % خلال السنوات حتى 2030، مما يعزز المكانة المالية. وفي مجال الاقتصاد السياحي ارتقت السياسات والمبادرات والممارسات المنفذة، بناء على الإستراتيجيات التي أقرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ولامستها أيدي المطورين أن أصبح القطاع السياحي المحلي بالدرجة الأولى، تتطور خريطته بحرا وبرا، بل أصبح القطاع يحقق نموا كبيرا لم يكن متوقعا في تنميته. وعالميا، توسعت جغرافية الاستثمارات القطرية الخارجية خلال السنة الماضية بأكثر من 10 % حسب مراقبتي للإحصائيات الدولية، بل تشهد تنوعا في القطاعات لتشمل التكنولوجيات المتقدمة ذات التأثير الكبير في المستقبل، وفي نفس الوقت ازدادت دخول الاستثمارات الخارجية في قطاعات كثيرة من صناعية وزراعية وطبية وتعليمية أثرت في إثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، لقد زخرت مسارح الوطن على اختلافها خلال العام، بالحيوية منقطعة النظير، بما هيأتها الدولة من بنية تحتية متكاملة وأنظمة مساندة وتقنيات، في الساحات سواء كانت علمية أو تعليمية واجتماعية أو ثقافية ورياضية، حقق كلها لقطر مكانة ومحطة متميزة يشهد لها الجميع، وستدعم التوجه العالمي لقطر وتحقيق أهدافها التنموية. وأخيرا وليس آخرا، تشهد التنمية البشرية التي تؤمن بها قطر في كل سياساتها منذ عقود بأنها آتت أكلها، والتي تحقق آمال وتطلعات القيادة عندما تشير في كل مناسبة بأن «الإنسان القطري هو الركيزة الأساسية للتنمية المنشودة»، ولم تخل صفحات المؤلفات العالمية والتقارير الدولية، من ذكر جوانب من إنجازاتها وتأثيرها محليا وعالميا. فأبناء الوطن رجالا ونساء يمتلكون أعلى المؤهلات ومن مختلف جامعات العالم الرائدة، والجامعات المحلية وعلى رأسها جامعة قطر المتفوقة على نفسها، بدأوا يساهمون في النهضة التي ترتضيها قطر، كماً ونوعاً، فليبارك الله مساعيهم. فكم هي حلوة تلك الصور التي تجمع القيادة بأبناء الوطن المتميزين والمنابر العالمية بهم. وختاما، فالاحتفال باليوم الوطني، وقد أنجز الكثير مما يتطلع له المواطنون والمقيمون ومحبو قطر، من العرب والمسلمين في نهضة تحققها واجب وحق، فإلى الأمام أيتها اللؤلؤة، دائما وأبدا، والله يرعاك ويحفظك يا قطر يا من تطلعين كما شعار يومك الوطني «بكم تعلو ومنكم تنتظر».
678
| 18 ديسمبر 2025