رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

4991

"الشرق" تفتح ملف الأخطاء الطبية

08 نوفمبر 2015 , 06:27م
alsharq
محمد العقيدي

شهدت ساحات المحاكم خلال الفترة الماضية نظر العديد من قضايا التعويض بسبب الاخطاء الطبية منها قضية طالب مصاب بخطأ طبي في معدته بأن نسي الفريق الطبي بالمستشفى الذي أجرى عملية جراحية له قطعة معدنية في بطنه، بمبلغ مليون ريال تعويضاً لإصابته، ومبلغ 5 ملايين ريال على سبيل تعويضه للضرر النفسي الذي ألمّ به. كما قضت محكمة التمييز برفض الاستئنافات الثلاثة المقدمة من مريض فقد عينه في عملية جراحية أجريت له لإزالة المياه البيضاء، وأيدت حكم الاستئناف وهو إلزام المطعون ضده وهو مركز طبي بأن يؤدي مبلغ 200 ألف ريال تعويضاً أدبياً ومادياً.

ولاشك ان الخطأ الطبّي يحصل لعدة اسباب منها انعدام الخبرة أو الكفاءة من قبل الطبيب او ممارسة عمليّة أو طريقة حديثة وتجريبيّة في العلاج، أو نتيجة حالة طارئة تتطلّب السرعة على حساب الدقّة، أو نتيجة طبيعة العلاج المعقّد. تصل نسبة حالات الوفاة نتيجة الخطأ الطبّي إلى معدّلات عالية سنويّاً في معظم أنحاء العالم، ومنها الدّول المتقدّمة؛ ففي الولايات المتّحدة على سبيل المثال تُقدّر حالات الموت الناتجة عن أخطاء طبيّة إلى ما يقارب 98،000 حالة وفاة سنويّاً.

وقد اكد الدكتور عثمان السعيد مدير عام عيادات الدوحة ان نسب الاخطاء في قطر قليلة وانه ليس هناك احصائيات بها.

القصور

وتتفاوت معدلات الأخطاء الطبية بالعالم، ولكن المعدل الحقيقي غير معروف في أغلب دول العالم وذلك بسبب القصور في الإبلاغ عن بعض الأخطاء الطبية من قبل العاملين بالقطاع الصحي ومن قبل المراجعين أيضا. والتهاون بالإبلاغ عن الأخطاء الطبية له أسباب عديدة، منها خوف العاملين بالقطاع الصحي من العقاب أو من تحمل المسؤولية، وبالنسبة للمراجعين خوفهم من عدم الاهتمام بهم من قبل العاملين بالقطاع الصحي إذا ما قاموا بالإبلاغ عن الأخطاء أو لقناعتهم أنهم لن يستفيدوا من الإبلاغ وانه لن يسمعهم احد. ومن الأسباب المهمة لعدم الإبلاغ هو عدم وجود نظام واضح للإبلاغ والتعامل مع هذه الحالات.

ولتطوير القطاع الصحي وتفادي الأخطاء الطبية يجب أن توضع قضية الأخطاء الطبية من أولويات المسؤولين، والتعامل مع الخطأ الطبي بموضوعية والبحث عن الأسباب والحلول لا محاولة وضع إصبع الاتهام على الأشخاص والاعتقاد انه بعقاب المخطئ نكون قد حللنا المشكلة. ولتقليص معدل الأخطاء الطبية بداية يجب الاعتراف بوجود المشكلة وعدم محاولة إخفائها أو التستر عليها. هنا سوف نوجز بعض المقترحات للحيلولة دون ارتفاع معدل الأخطاء الطبية.

"الشرق" في هذا الملف تحاول التعرف على أسباب الأخطاء الطبية وكيفية وضع حلول لتفاديها والحد منها وماهي حقوق المرضي في حالة وقوع الخطأ؟

أبرز الأخطاء الطبية

أسباب الأخطاء الطبية متنوعة، ولم يتم حصرها جميعا. ولكن من المهم جدا معرفة أسباب الأخطاء الطبية لوضع حلول لتفاديها والحد منها.

ومن ابرز الاخطاء التي شهدتها المحاكم في قطر وقضت المحكمة الكلية بالمحكمة الابتدائية بإلزام مستشفى تسبب في خطأ طبي لمريض أجريت له عملية تحويل مجرى معدة أدت إلى وفاته، بأن يؤدي لورثة المتوفى مبلغاً وقدره 200 ألف ريال كتعويض جابر للضرر الأدبي مع إلزامه بمصاريف الدعوى، وقضت برفض دعوى التعويض المرفوعة من الورثة بحق المستشفى الثاني لكونه حولت إليه الحالة المرضية وكذلك اكتشف بعد عام من إجراء عملية له في المعدة، وجود قطعة معدنية نسيها الطبيب الذي أجرى العملية في معدة المريض، وأن هذه القطعة قد بنى الجسم عليها أنسجة تحتاج إلى عملية أخرى لاستئصالها وقد لجأ المريض إلى القضاء يطالب بتعويض عن ذلك الخلل وإصلاح ما أفسده الطبيب المعالج. السؤال، هل هذا يصنف بخطأ طبي أو إهمال يعاقب عليه القانون؟، كما قضت محكمة التمييز برفض الاستئنافات الثلاثة المقدمة من مريض فقد عينه في عملية جراحية أجريت له لإزالة المياه البيضاء، وأيدت حكم الاستئناف وهو إلزام المطعون ضده وهو مركز طبي بأن يؤدي مبلغ 200 ألف ريال تعويضاً أدبياً ومادياً.

ويمكن تقسيم أسباب الأخطاء الطبية إلى الفئات التالية:

* أخطاء التواصل ونقل المعلومات وتعد من أكثر أسباب الأخطاء الطبية شيوعا. وقد تحدث على جميع المستويات بين الفريق الصحي الواحد أو الأقسام المختلفة. مثل صرف علاج بدل علاج مشابه بالاسم أو إعطاء جرعة مضاعفة بسبب عدم وضوح الرقم أو إعطاء معلومات غير واضحة بين قسم الإسعاف وأقسام التنويم أو اختلاط الملفات وتشابه الأسماء بين المرضى أو إعطاء تشخيص غير صحيح للمريض بناء على نتيجة تحاليل خاطئة أو مسجلة باسم مريض ثان. وكانت هناك حالة، اكتشف بعد عام من إجراء عملية له في المعدة، وجود قطعة معدنية نسيها الطبيب الذي أجرى العملية في معدة المريض، وأن هذه القطعة قد بنى الجسم عليها أنسجة تحتاج إلى عملية أخرى لاستئصالها وقد لجأ المريض إلى القضاء يطالب بتعويض عن ذلك الخلل وإصلاح ما أفسده الطبيب المعالج.

ويرى مختصون ان اسباب الاخطاء عديدة منها عدم توفر المعلومات مثل تأخر وصول نتائج التحاليل بالوقت المناسب في الحالات الاسعافية أو عدم توفر نتائج التحاليل التي قد يعتمد التشخيص وصرف العلاج على أساسها أو فقدان المعلومات الطبية عن المريض عند نقله من قسم طبي إلى قسم آخر.

* أخطاء متعلقة بالمريض أو المراجع بالقطاع الصحي وتشمل الفشل في تمييز المريض (اللبس بين المرضى بسبب تشابه الأسماء أو اختلاط الملفات) أو عدم فحص المريض وتقييم حالته بشكل جيد، أو عدم الحصول على الموافقة من المريض لأي من الإجراءات الطبية. أو عدم توضيح الحالة للمريض أو تشتت المريض بالمتابعة بين عدد من الاختصاصيين واختلاف أماكن العلاج، فعندما يتابع المريض عند عدة أطباء في عدد من المستشفيات أو المراكز الطبية مع عدم توفر ملف للمريض يوضح حالته أو الأدوية المعطاة له فقد يتم إعطاء المريض أدوية قد تتعارض مع بعضها مما يؤدي إلى نتائج سلبية وغير مستحبة.

* الأخطاء البشرية وهي أخطاء ناتجة عن عدم اتباع الأنظمة والإجراءات والتوجيهات الطبية. مثل القصور في تدوين التاريخ المرضي أو الأدوية المستخدمة في ملف المريض أو عدم تسجيل أنواع الحساسية التي يعاني منها المريض في ملفه الطبي. أو قد تكون أخطاء من الأشخاص العاملين نتيجة الإجهاد الزائد وكثرة العمل. وقد تكون بسبب نقص المعلومات الطبية الضرورية للطبيب أو احد العاملين بالقطاع الصحي مما يؤدي إلى تأخر تقديم العلاج أو الإجراء المناسب في الوقت المناسب.

الأخطاء الطبية جريمة جنائية

واكد محامون ان الاخطاء الطبية تعد جريمة يعاقب عليها القانون وانه من حق اي مريض رفع دعوى ضد الطبيب او المستشفى مطالبين بضرورة العمل على إلغاء الاقرار الذي يتم اخذه من المريض قبل العملية في حالة وقوع الخطأ الطبي حتي لا يسقط حقة القانوني.

في البداية قال المحامي أحمد البرديني: من الناحية القانونية يحق لكل من مريض أن يرفع في البداية قضية جنائية ضد الطبيب والمستشفى الذي تسبب اصابته أو تعرضه لأي خطأ طبي أثناء العلاج او إجراء عملية له، ومن ثم رفع قضية مدنية أيضا لمعرفة الأضرار وتقديرها ماديا وتعويض المريض بها كاملة كما يأتي بالحكم.

وأضاف أما بالنسبة لإقرار التوقيع الذي وقعة المريض قبل اجراء العملية اللازمة له، فهو يلغي كافة مستحقات المريض القانونية، موضحا أن في كافة المستشفيات الخاصة والعامة توجد اقرارات يجب على كل مريض التوقيع عليها والمستشفى يلزم كل مريض بالتوقيع على الإقرار وفي حال الرفض لن يتم اجراء العملية للمريض.

حقوق المريض القانونية

وطالب بضرورة إلغاء الإقرار الذي يتم توقيع المريض عليه قبل العميلة، وذلك لتعويضه في حال تعرضة للخطأ الطبي او أي اصابة أخرى، لأن هذه الاقرار يسقط جميع حقوق المريض القانونية، ولابد من ان يشمل القرار بعض الحالات وليس جميعها أي انه في حال حدوث خطأ طبي لا يشمل الاقرار هذا الامر لانه خطأ، أو حتى في حال نسيان أي قطعة في جسد المريض خلال اجراء العملية كما حدث فلا يشمل الإقرار هذا أيضا، ولا بد أن يكون الإقرار يشمل امورا عن أخرى وليس جميعها كما هو الوضع الحالي، موضحا أن الأخطاء الطبية تصنف في القانون على انها جريمة.

واكد على ان هناك العديد من القضايا في المحاكم الجنائية والمدنية ضد المستشفيات بسبب الأخطاء الطبية والأضرار التي تعرض لها الكثير من المرضى نتيجة أخطاء طبية.

الإهمال

أما المحامية منى عياد فترى أن أسباب الاخطاء الطبية التي يتعرض لها المرضى بشكل عام عدة فمنها: الإهمال أو أن الطبيب بذل قصارى جهوده وهذا الامر يحدث غالبا في إجراء العمليات ولم يتم انقاذ المريض أو تعرضه لإصابة بسبب الخطأ الطبي، فمن واقع السبب تكون هناك عقوبات قانونية تقع على الطبيب والمستشفى، على سبيل المثال إنْ كان سبب الخطأ الإهمال فتصل العقوبة إلى حبس الطبيب وتغريمة، إما إنْ كان سبب الخطأ يعود إلى أن الطبيب عمل كل ما عليه من اجراءات لانقاذ المريض وجميعها باءت بالفشل بهذه الحالة تكون الامور مختلفة، لأن الخطأ الطبي وقع رغما عنه.

ولفتت إلى أن الاخطاء الطبية بعضها تؤدي إلى الوفاة وينبغي عدم التهاون بها، وبعض الأخطاء أيضا تسبب عاهة مستديمة للمريض، والأسباب سلف ذكرها.

وأضافت من الناحية القانونية تشكل لجنة طبية على الفور للنظر في ملف المريض الذي تعرض لخطأ طبي وعليه تصنف الحالة إما إهمال أو دون قصد أو أن الطبيب بذل كافة الجهود ومع ذلك حصل خطأ طبي، وكل تصنيف له عقوبة مختلفة منها تصل إلى السجن ودفع التعويض الذي تقرره اللجنة الطبية على حسب الضرر.

وأوضحت من الضروري ان تكون هناك رقابة على جميع المستشفيات والأطباء أيضا أثناء اجراء العمليات وذلك تفاديا لاستمرار الاخطاء الطبية والحد منها.

الأخطاء الطبية في قطر قليلة

وكشف الدكتور عثمان السعيد مدير عام مستشفى عيادة الدوحة أنه لا توجد نسبة احصاء للأخطاء الطبية في قطر، وذلك لأن نسبة الأخطاء قليلة جدا، لافتا إلى ان ليس كل خطأ طبي يتم الإبلاغ عنه، فبعض المرضى ممن تحدث لهم أخطاء طبية يتقبلون الوضع على انه قضاء وقدر، ومنهم من يصر على رفع دعاوى قضائية يتم البت فيها، وقد تكون تلك الشكاوى او الدعاوى غير حقيقية بمعنى انها واقعية أو تسببت بضرر جسيم للمريض، ويتم اكتشاف الامر بعد التحقيق فيه من قبل الجهة المختصة.

وأضاف هناك بداية لحصر الاخطاء الطبية في كل مستشفى من خلال تخصيص لجنة معنية لمتابعة الامور الطبية التي تتعلق بالاخطاء وغيرها، وفي حال حدوث خطأ يتم تحويل الموضوع إلى اللجنة التي تقوم بدورها في التحقيق بالأمر لمعرفة إنْ كان الامر يصنف على انه خطأ وبعد ظهور النتائج يتم تصنيف الحالة على انها إما خطا طبي أو لا، وفي حال التأكد من انها خطأ طبي يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي هذا الخطأ مستقبلا، موضحا أن هذه بادرة طبية لحصر الأخطاء الطبية من جهة وتفاديها من جهة أخرى.

الطبيب الصيدلي

ولفت إلى أن أسباب الأخطاء الطبية عدة منها على سبيل المثال صرف جرعة كبيرة من الدواء للمريض، وفي هذه الحالة على الطبيب الصيدلي متابعة الوصفة ومراجعتها وفي حال وجود أي خطا يمتنع بدوره عن صرف الدواء ويرجع الوصفة الطبية إلى الطبيب المعالج، هذا بالنسبة للأدوية، أما بالنسبة للخطأ الجراحي إما يكون بالتخدير أي اعطاء المريض جرعة زائدة من المخدر، أو في اجراء العملية أو حتى في اعداد المريض أي ان حالة المريض الصحية لا تسمح له لإجراء عملية، وكل تلك الامور تكون اخطاؤها من الاطباء. وأوضح ان جميع دول العالم لديها الآن نظام باسم "برامج سلامة المرضى" الهدف منها توعية الاطباء في مختلف مجالاتهم، وكذلك توعية الطاقم الطبي المساعد أيضا لهذه الاخطاء والعمل على تفاديها والتغلب عليها، مؤكدا ان الخطأ الطبي وارد في كل شيء.

وبين أن الحد من وقوع الاخطاء الطبية يكون بإعطاء الاطباء والطاقم الطبي المساعد دورات تدريبية مستمرة، ومن ثم العمل على رصد الأخطاء الطبية وبعد ذلك تكون هناك دراسة للأسباب التي ادت إليها ووضع البرامج التي تستهدف عدم تكرار هذه الاخطاء مرة أخرى.

مساحة إعلانية