رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إيران قطعاً ستكون إحدى أولويات التركيز القليلة لترامب في المنطقة خلال الأشهر الأولى من ولايته الجديدة. التفاعلات الأمريكية الإيرانية في ولاية ترامب الثانية تدور في سياق مختلف تماما عن ولاية ترامب الأولى، إذ يواجه ترامب إيران أضعف كثيراً عن السابق، فاقدة لمعظم أذرعها القوية في المنطقة. وعلى الجانب الموازي، يتفاعل ترامب مع إيران في ظل هياج إسرائيلي غير مسبوق بعد كارثة طوفان الأقصى، يبلغ طموحه الأقصى في تدمير البرنامج النووي الإيراني وإسقاط النظام الإيراني.
وعلى إثر ذلك، يمكن القول إن جميع الاحتمالات واردة بشأن سياسة ترامب تجاه إيران، بدءًا من الاستمرار في سياسة الضغط القصوى-كما صرح أعضاء من إدارته- مروراً بإمكانية التفاوض-كما صرح ترامب شخصيا- وصولاً بتوجيه ضربة عسكرية للمفاعلات النووية.
عندما يفكر ترامب في سياسة محددة في موضوع غاية في التعقيد كإيران، على الفور أول ما سيتبادر إلى ذهنه هو كيف يمكن تحقيق أقصى مكاسبنا بأقل خسائر ممكنة، وكيف يمكن تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة-لو أمكن- وذلك من منطلق مبدأ التعاملات التجارية الحاكم لنهج ترامب. وعلى ذلك، فمسألة الانخراط في حرب مع إيران من الخيارات غير المفضلة إطلاقا لترامب وهو ما يتماهى مع سياسته العامة «إنهاء الحروب الأبدية» خاصة في المنطقة.
والحقيقة أن تصريحات ترامب وبعض من أعضاء إدارته المفاجئة صراحة بشأن إمكانية التفاوض مع إيران، تعكس جلياً ما سبق. ففيما يبدو أن ترامب يرى أن وضع إيران الضعيف والمهزوز حاليا في المنطقة خاصة بعد فقدانها سوريا؛ قد يجبرها على إبرام صفقة تتخلى فيها عن كل شيء بما في ذلك برنامجها النووي، مقابل فقط بقاء النظام الحاكم. وبالتالي، حقق ترامب أقصى ما يمكن من مكاسب مقابل لا شيء. بل حافظ أيضا على حصة المكاسب الاقتصادية التي تجنيها الولايات المتحدة من دول المنطقة عبر صفقات بيع السلاح المليارية بذريعة «البعبع الإيراني».
يتبع ترامب نهج سياسة الضغط الأقصى المتدرجة كنهج معتاد عليه ويعتقد بفعاليته. وبالتالي، فمن المتوقع أن ترامب سيدعو إيران في الأسابيع من ولايته الجديدة للتفاوض المباشر على صفقة لإنهاء البرنامج النووي، ووسط هذه الدعوة تهديدات مباشرة وغير مباشرة من إدارته بعودة سياسة الضغط الأقصى، واحتمالية ضرب البرنامج النووي.
ستواجه إيران بلا أدنى شك خلال ولاية ترامب الثانية وضعا شديد الصعوبة ربما لم تمر به من قبل. فإجبار إيران على التخلي عن برنامجها النووي هو بمثابة انتحار لها. فامتلاك السلاح النووي هو حلم إيران الأبدي الذى دفعت فيه أثماناً باهظة على مدار ثلاثة عقود من أموال وعقوبات ووكلاء واغتيالات. ناهيك عن ذلك، تقارير تؤكد أن إيران على أعتاب إنتاج قنبلة نووية خلال شهر إذا أرادت وفقا للتقارير الدولية التي أكدت قدرتها على تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 70%.
وربما يكمن التحدي الرئيسي لإيران في أن صفقة مع ترامب حول البرنامج النووي ستخلو من أية نافذة ممكنة للمناورة، حيث سيتعين عليها تسليم أو تدمير ما لديها من يورانيوم وبلوتونيوم وأجهزة الطرد المركزية، ووضع جميع منشآتها النووية تحت أعين الرقابة الدولية الدائمة.
في ظننا أن إيران لن تقبل بصفقة التخلي النهائي عن البرنامج النووي، وترامب في المقابل لن يتحمل الانتظار طويلا السياسة الإيرانية التي تتبدل كل ساعة. وعليه، سيمضى فورا في مواصلة سياسة الضغط الأقصى أملا في إجبارها على صفقة التنازل. والواقع أن سياسة الضغط الأقصى المرتقبة ستكون أكثر عنفاً عن سابقتها، إذ من المتوقع أن يقطع ترامب جميع منافذ تصدير النفط لإيران لاسيما الدول المتحدية كالصين وروسيا، التي ربما ستستجيب إثر ضغوط أخرى ستمارس عليها كالحرب التجارية وإنهاء الحرب الأوكرانية. فضلا عن ذلك، أغلقت الكثير من المنافذ الإيرانية التي كانت تلتف منها على العقوبات كلبنان وسوريا وربما العراق.
خلاصة القول، من الجلي في ظل وضع إيران، والضغوط الإسرائيلية، أن ترامب لن يقبل إلا بصفقة باتة تتخلى فيها إيران عن برنامجها النووي، ووكلائها، وجميع طموحاتها في المنطقة. ومع عدم استبعاد خيار استخدام الحل العسكري بسبب ضغوط إسرائيل الملحة، أو مواصلة إيران بشكل سريع إنتاج القنبلة النووية؛ إلا أن ترامب لا يحبذه مطلقا وهو ما يتماشى مع التوجه العام للولايات المتحدة بعدم الانخراط في أية حرب في المنطقة. إذ يراهن على مواصلة سياسة الضغط الأقصى لإضعاف إيران إلى أقصى مدى ممكن مما سيجبرها على صفقة في نهاية المطاف.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1131
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
945
| 16 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
852
| 22 ديسمبر 2025