رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد المحمدي

مساحة إعلانية

مقالات

441

د. أحمد المحمدي

يا باغي الخير.. هذا رمضان

02 مارس 2025 , 02:00ص

إذا انبثقت أنوار المواسم المباركة، وأقبلت نفحاتها العطرة، نادى منادي الرحمة من فوق سبع سماوات: «يا باغي الخير، أقبل!” فها هو شهر رمضان، شهر البركات والرحمات، قد أقبل ضيفًا كريمًا، يحمل بين أيامه نفحات المغفرة، ويُبسط فيه الكرم الإلهي لمن أراد القرب، فتُفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النيران، وتُصفّد الشياطين، فليس للشر سلطان إلا على من استسلم لهواه.

يا باغي الخير، إن العمر أنفاس معدودة، وأيام محسوبة، فهل لك في ساعةٍ تُبدِّد بها غفلتك، وتستدرك بها ما فاتك؟ هذا رمضان، فرصتك التي إن ضيّعتها كنت من المغبونين، فهو موسم تتضاعف فيه الأجور، ويُكتب فيه كل ليلة جمع من العتقاء من النار، فبادر قبل أن يغلق الباب، وأخلص قبل أن ينقضي الحساب.

إن رسول الله ﷺ قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه”؟وقال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه”؟ فكيف يلهو لُبُّ المؤمن عن شهر تتنزل فيه الرحمات؟ وكيف تنام عين العاقل عن ليلة هي خير من ألف شهر؟ على أن في هذا الشهر ساعات، احذر أن يغلبك الشيطان عليها:

- بعد الفجر

إنها أول ساعات النهار، وقت تصريف الأرزاق ونزول البركات، وقد كان النبي ﷺ يجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، وحثّ أمته على استغلال هذا الوقت، فقال: «من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة”. فهل يليق بالصائم أن يضيعها تلك الساعة.

- قبيل الغروب

لحظات عظيمة تُستجاب فيها الدعوات، حين تمتد أكفّ الصائمين إلى السماء قبل الإفطار، والقلوب متعلقة بعطاء المنّان، فقد قال النبي ﷺ: «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر”. وإن كان أوّل اليوم مفتاحه الذكر، فآخره ختامه الدعاء، فكيف يشغل الصائم نفسه في هذه الساعة بغير طلب حاجته من ربّه، والتضرّع بين يديه!

- وقت السحر

أما السحر، فهو وقت المناجاة الصادقة، وقت الاستغفار الذي مدحه الله في قوله: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. فمن أراد أن يكون من أهل النفحات الربانية، فليقم لله آناء الليل ساجدًا وقائما، يستغفر ربه ويطلب منه ما شاء، فإنها ساعة لا يرد فيها السائل، ولا يخيب فيها الراجي.

يا باغي الخير، إن رمضان سوقٌ فتحت أبوابه، وعُرضت فيه بضائع الآخرة، فمنهم من ربح، ومنهم من خسر. فما أجمل أن تُقبِل على الطاعات بفرح السالكين، وأن تتزوّد منها زادًا يدوم نفعه، فتكون من الذين قال الله فيهم: «أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون”.

يا طالب الخير، هذا ميدانك، وهذه فرصتُك، فاجعل لك في كل ساعةٍ ذكرًا، وفي كل ليلةٍ سجدة، وفي كل يومٍ دعوة، فلعلك تخرج من هذا الشهر كيوم ولدتك أمك، طاهرًا نقيًّا، قد غُفِر لك ما سلف، وتكون من الفائزين برضوان الله وجنّته.

مساحة إعلانية