رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما زال حلم الهجرة يراود عقول الكثير من الشباب العربي وخصوصاً أولئك الذين يشعرون بأنهم يمتلكون من المهارات والجدارات والقدرات ما يكفي لجعلهم في أعلى المراتب وأسمى الدرجات المجتمعية والوظيفية.
كانت بداية هجرة العقول العربية والكفاءات المتخصصة إلى دول أمريكا، وكندا، وبعض الدول الأوربية ترجع إلى مرحلة مبكرة و بالتحديد في القرن التاسع عشر الميلادي وكانت سوريا، ولبنان، والجزائر أولى البلاد الطاردة لهذه الكفاءات العلمية والمهنية المتخصصة.
وترجع أسباب هجرة العقول والكفاءات العربية العلمية إلى الخارج إلى عدة عوامل أولُها: العوامل السياسية وعلى رأسها الاستبداد في السلطة، وتسلطها وعدم وجود مناخ كافٍ للحريات، وتغول وتوحش الأجهزة الأمنية في قمع كل رأي مستنير، كل ذلك أدى إلى نفور العقليات العربية المتميزة وهجرتها إلى الخارج. فالقمع المتكرر والمبرمج التي تقوم به الأنظمة السياسية المستبدة قد يصل أحيانًا إلى التصفيات جسدية، والاختفاءات القسرية، والاعتقالات ناهيك عن تجاهلها لتلك العقول واستثمارها والسعي الى تهميشها.
وقد أدى عدم الاستقرار السياسي في البلاد العربية، وحدوث الثورات، وانتشار النعرات الطائفية والمذهبية، والصراعات الداخلية إلى هجرة العقول العربية إلى الدول المتقدمة ( مع تحفظي على هذا الوصف ).
و لعبت الحروب في الأقطار العربية دورًا في هجرة الكفاءات العربية، كما حدث في فلسطين نتيجة تعرضها لاحتلال الصهاينة الغاشم فقد هاجرت أعداد كبيرة منها إلى بلاد أوروبا وكندا، ودول الخليج واستقرت فيها وحصلت على العديد من الحقوق التي كانت محرومة منها في بلدها الأم.
وفي العراق فقد حدثت عدة هجرات في الفترة من عام 1991م إلى عام 2000م، وذلك بسبب الحصار الذي فُرض على العراق مع، ومنذُ عام 2003م - وهو العام الذي غزت فيه القوات الأمريكية العراق- حتى الآن مازالت هجرة العراقيين إلى الخارج مستمرة، ففي هذا العام تعرضت حملة الشهادات العليا للاغتيالات، فقد تم قتل بعضهم وتهجير البقية واجبارهم على مغادرة البلاد.
وما زالت الهجرة مستمرة من سوريا واليمن بعد الحروب الأخيرة بعد أحداث الربيع العربي وغيرها من البلاد العربية إلى الخارج.
ويأتي بعد ذلك دور العوامل الاقتصادية وهي من العوامل التي لعبت دورًا في هجرة العقول العربية إلى أوروبا وأمريكا، ندرة فرص العمل المناسبة لأصحاب الكفاءات العلمية ذات الطموحات العالية والتي تتناسب مع تخصصاتهم العلمية من أول المحركات لتلك الهجرة، وكذلك ضعف الأجور والرواتب التي يتقاضونها من أعمالهم. وأيضاً تلعب البيروقراطية والروتين الإداري القاتل دورًا في هجرة العقول العربية المتميزة، فبسبب هذه البيروقراطية توقفت العديد من المشاريع والمبادرات والتي كان من الممكن أن تؤدي إلى نهضة البلاد العربية.
كما أن النظام التعليمي السائد في البلاد العربية فيعتريه الكثير من المثالب، أدى إلى وجود وفرة في التخصصات ليس لها وظائف في سوق العمل، ووجود عجز في تخصصات أخرى يحتاجها سوق العمل، فالنظام التعليمي لا يرتبط فعلياً بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية مما أدى إلى فتح باب الهجرة أمام تلك العقول العربية إلى البلاد التي استطاعت استيعاب هذه التخصصات، والتي عجزت البلاد الأم عن استيعابها.
ومن المعضلات أيضاً عدم توافر الحرية الفكرية، وموقف المجتمع العربي الشعبوي والمؤسسي من العلم، وعدم أخذه بالنتائج التي يتوصل إليها العلماء، لذلك نجد العديد من البحوث مهملة وغير مُستفاد منها مما يؤثر على نفسية الباحث وشغفه العلمي ويدفعه للهجرة خارج البلاد.
بالإضافة إلى عدم وجود حوافز مادية ومعنوية للعلماء والباحثين، وقلة الوسائل والأدوات المساعدة في إجراء البحوث العلمية.
العوامل الجاذبة للعقول العربية والتي تملكها تلك الدول المتقدمة هي أيضاً من أسباب هجرة العقول اليها، وتتمثل في التقدم العلمي والتكنولوجي، ومناخ الاستقرار، والحريات، وتوافر الثروات، ووجود المناخ العلمي المناسب لأصحاب التخصصات العلمية والذي يساعدهم على ممارسة البحث العلمي السليم، وإجراء التجارب العلمية. كما أن هذه البلاد توفر لهم المكانة الاجتماعية، والاقتصادية اللائقة لهم والتي هم يفتقدونها في بلادهم العربية.
وهجرة العقول العربية للبلاد الغربية تركت خلفهم العديد من الآثار السلبية، فقد أكدت التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أن معدلات التنمية البشرية لكل من إنجلترا، وكندا، وأمريكا قد نمت ايجابياً نتيجة هجرة الكفاءات العلمية المتخصصة إليها. كما أن الدول الجاذبة للعقول تقوم باستكمال ما ينقُصها من تخصصات مختلفة دون أن تبذل الكثير من الجهد والمال والوقت، وذلك عن طريق انتقاء أفضل العناصر عن طريق منح التسهيلات لهم من أجل الإقامة، والعمل.
ومن الآثار السلبية للهجرة على الدول الطاردة حدوث خسائر مادية واقتصادية شديدة تؤثر سلبًا على العملية الانتاجية، والاقتصاد القومي للبلاد العربية، كما أنها تؤدي إلى زيادة الهوة الحضارية بين البلاد العربية والبلاد الغربية. كما أن هجرة هذه الكفاءات تجعل الدول العربية تحت رحمة البلاد المتقدمة، فتضطر هذه الدول بعد ذلك إلى استيراد الخبرات الأجنبية لسد النقص الحاصل لديها. كما أن هجرة الكفاءات العربية جعل البلاد العربية سوقًا مفتوحًا أمام البلاد المتقدمة الصناعية فتقوم باستيراد الكفاءات، والمواد الخام من البلاد العربية وإعادة تصديرها إليهم مرة أخرى في صورة مصنوعات ومنتجات باهظة الثمن تحت إشراف العقول العربية المهاجرة هناك. كما أن هذه الهجرة للبلاد المتقدمة أدى إلى انخفاض مستوى التعليم الجامعي، نتيجة نقص التخصصات الأكاديمية والبحثية.
ولحل هذه الظاهرة الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة لابد من وضع استراتيجية عربية متكاملة، وأن تشارك في هذه الاستراتيجية جامعة الدول العربية، ومنظمة اليونسكو، ومنظمة العمل الدولي. ويجب على الدول العربية أن تتكامل فيما بينها لسد العجز في التخصصات العلمية المختلفة، وعلى الدول العربية أن تقوم باستيعاب الكفاءات العلمية، وتقديم الحوافز المالية، والمعنوية للعلماء والباحثين، وتيسير إجراءات عودتهم إلى أوطانهم للمشاركة في العملية التنموية، مع ضرورة تحسين الأوضاع السياسية للبلاد.
ولابد أيضًا من إصلاح النظام التعليمي في البلاد العربية. ورفع أجور أصحاب الشهادات والكفاءات العلمية، وتوفير الحرية الفكرية لهم. والتخلص من البيروقراطية والروتين الإداري وضرورة العمل على زيادة الوعي العربي بخصوص الحفاظ على الكفاءات العلمية، والحد من هجرتهم إلى الخارج.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
* باحث وأكاديمي كويتي
Jassimaljezza@hotmail.com
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
10002
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2451
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025