رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كانت مدينة سامراء في شمال بغداد، مدينة علم، وفيها جامعة دينية كبيرة، على رأس هذه الجامعة العلامة الكبير (أبو الحسن الأصفهاني) وكان أبو الحسن، من ألمع رجالات الفكر في العراق، ولديه عدد كبير من الطلاب من دنيا العرب، وكان من بين تلامذته تلميذ فقير الحال لكنه يحمل ذهناً متوقداً، كان طموح التلميذ أن يصبح أحد أعمدة العلم في العراق، وفي يوم قائظ، خرج التلميذ الفقير من الدرس جائعاً إلى السوق، يحمل في جيبه فلساً ونصف الفلس، لكن الوجبة من الخبز والفجل تكلف فلسين، اشترى بفلس واحد خبزة واحدة، وذهب الى صاحب محل الخضراوات وطلب منه باقة فجل، وقال للبائع: معي نصف فلس فقط، فرد عليه البائع ولكن الباقة بفلسٍ واحد، قال الولد: سوف أفيدك في مسألة علمية أو فقهية مقابل الفجل، فرد عليه بائع الفجل لو كان علمك ينفع لكسبت نصف فلس من أجل إكمال سعر باقة فجل واحدة، اذهب وانقع علمك بالماﺀ واشربه حتى تشبع، كانت كلمات البائع أشد من ضرب الحسام على نفسه، قال الولد لنفسه: نعم، لو كان علمي ينفع لأكملت به سعر باقة الفجل الواحدة نصف فلس، علم عشر سنوات لم يجلب لي نصف فلس! لأتركن الجامعة، وأبحث عن عمل يليق بي وأستطيع أن أشتري ما أشتهي.
هل يثمِّن بائع الفجل علمك؟
بعد أيام من الغياب افتقد الأستاذ الكيبر تلميذه النجيب، وفي قاعة الدرس سأل الطلاب أين زميلكم المُجِد؟ فرد عليه الطلاب: إنه تخلى عن الجامعة والتحق بعملٍ، يتغلب فيه على ظروفه القاسية، أخذ الاستاذ عنوان الطالب وذهب إلى بيته كي يطمئن عليه، سأله الأستاذ عن سبب تركه الجامعة، فرد عليه سارداً له القصة كاملة، وعيناه تذرفان الدموع بغزارة، فأجابه أستاذه: إن كنت تحتاج إلى نقود إليك خاتمي هذا، اذهب وبعه وأصلح به حالك، قال الولد: أنا كرهت العلم لأني لم أنتفع منه، قبل الطالب هدية أستاذه، وسار إلى محلات الصاغة وهناك عرض الخاتم للبيع، استغرب الصائغ وقال: أشتري منك الخاتم بألف دينار ولكن من أين لك هذا الخاتم؟ فقال هو هدية لي من عند أستاذي (أبو الحسن)، ذهب الصائغ مع التلميذ وقابلا الأستاذ واطمأن الصائغ الى صدق الطالب، أعطى الصائغ ثمن الخاتم إلى الطالب، ورحل، قال الأستاذ: أين ذهبت عندما أردت بيع الخاتم؟ فرد الطالب: إلى محلات الصاغة بالطبع، فرد عليه الأستاذ: لماذا ذهبت إلى محلات الصاغة وليس الى بائع الفجل؟ فرد عليه الطالب هناك يثمنون الخواتم والمعادن الثمينة، فرد عليه الاستاذ متعجباً: فلماذا قبلت أن يثمنك بائع الخضراوات ويثمن علمك ويقول إن علمك لا ينفع شيئاً، هل يثمن البائع علمك؟ لا يثمن الشيﺀ سوى من يعرف قيمته، وأنا أثمنك إنك من أعظم طلابي يا ابني. لا تدع من لا يعرف قيمتك يثمنك، ثمّن علمك عند من يعرف قدرك ارجع الى درسك وعلمك، هذه القصة التي كان بطلها ذلك الشيخ الحكيم نتعلم منها الكثير، كم مرة نقع ضمن تثمين خاطئ من شخص لا يعرف قيمتنا؟ والتقييم لا يصح إلا من أصحاب العلم والاختصاص الذين يعرفون قيمة الإنسان مهما كان صغيرا، الناس معادن ولا يعرف قيمة المعدن النفيس إلا من يفهم في المعادن، لا تسمحوا ابداً لبائعي الفجل أن يُقيّموا قيمتكم ومعدنكم وقيمة جهودكم، فالتقييم ينبع من جهتين من الداخل والخارج، من داخلنا يجب ان نعرف اننا بشر نخطئ ونصيب ونتعلم من أخطائنا على الدوام، ولكن العبرة في تعلم الدروس، والتقييم الخارجي من أشخاص بارزين ويعرفون قيمة الانسان مهما كان صغيراً.
أهمية العلم للإنسان
ساهم العلم في اكتشاف خامات وتقنيات جديدة على مدى التاريخ، وتتنوع التقنيات التي أنتجتها وما زالت تُنتجها العلوم المختلفة، والتي أدّت بدورها إلى تطوير اختراعات مختلفة استُخدمت في إنتاج البضائع التي تُسهِّل حياة البشر وترفع من رفاهيتها، وعليه فإن العلم يُعد أساس التكنولوجيا التي دخلت في تفاصيل حياة الإنسان، كالأجهزة الإلكترونية، ونشرات الطقس، ووسائل النقل، والشوارع، وطرق الطهي المختلفة، ووسائل الاتصال، والمضادات الحيوية، والمياه الصالحة للشرب، وغيرها الكثير من المعينات التي ساهمت في تحسين مستوى المعيشة، ولطالما ساهمت العلوم المختلفة وما أنتجته من تكنولوجيا في جعل حياة الفرد أسهل، كالتقنيات المستخدمة في تبريد وتسخين الهواء والأغذية، كالمكيفات الهوائية، والثلاجات، وأجهزة الميكروويف، وغيرها من المنتجات، كما أسهم العلم في اكتشافاتٍ عديدة في مجال الصحة والعلاج، وقد ساعد البشر على عيش حياة بعيدة عن الألم لكثير من الأمراض، وبالإضافة إلى أن الاكتشافات العلمية قد وفرت الأدوية المختلفة للأمراض، فإن لها دورا مهما في توفير الماء والغذاء الصالِحَين لاحتياجات الأفراد الأساسية، ومن أبرز الاسهامات العلمية في مجال الصحة هو إيجاد علاج للأمراض المزمنة، واختراع تقنيات تساهم في علاج المشكلات.
كسرة أخيرة
ونحن نفخر دائماً بأن بلادنا الحبيبة بفكر ووعي قيادتنا الرشيدة أولت اهتمامها للاستثمار العلمي لتصنع أجيال من أبناء الوطن قادرة على تحمل المسؤولية في تطوير بلاده والمساهمة في نهضته، وكانت مؤسسة قطر للعلوم والثقافة (قطر فاونديشن) هي تلك الصرخة التي دوت في فضاء العلم في بلادنا، وقد حققت المؤسسة العلمية العالمية الرائدة رؤيتها التي أطلقتها منذ خمسة وعشرين عاماً وكيف لا تصل الى هذه القمة ومن ورائها رائدة العلم الحديث في دولتنا الحبيبة سمو الشيخة موزا بنت ناصر التي خلقت الفكرة واشرفت عليها وبذلت الغالي والنفيس حتى حولت الرؤية الى واقع ملموس، والوطن كله مدين لها بهذا الصرح العملاق الذي ضم أرقى الجامعات والكليات العلمية في العالم، وما كانت هذه الكليات العالمية لتفتح فروعا لها في الدولة الا بعد ان وجدت البنية التحتية العلمية القوية من منشآت ومعدات وكوادر التشغيل التي تحقق معاييرها العلمية وتحافظ على سمعتها التي اكتسبتها طوال أعوامها السابقة، فهنيئا لشعبنا المعطاء وأبنائه بهذه الطفرة العلمية التي بدأت تُؤتي أُكُلها على أرض الواقع وتساهم في دفع عجلة نهضة بلادنا.
falghazal33@gmail.com
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
63
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
87
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
156
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4095
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1734
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1587
| 02 ديسمبر 2025