رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جواهر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

516

جواهر آل ثاني

علاقة الإنسان بالذكاء الاصطناعي

10 يونيو 2025 , 05:20ص

الذكاء الاصطناعي أصبح لازماً للإنسانية في القرن الواحد والعشرين. من لا يلحق بركب الذكاء الاصطناعي، سيضيع في القرن اللاحق، ولذلك تتهافت الدول اليوم على بناء مراكز ومجمعات الذكاء الاصطناعي وتدريسه في المدارس. بالطبع هناك مشاكل الكهرباء التي لا تكفي لتوليد كل الطاقة المطلوبة لمشاريع الذكاء الاصطناعي، وهناك المشاكل المتعلقة بإمكانية استبدال الانسان بالذكاء الاصطناعي في بعض الوظائف، والمشاكل المتعلقة بتأثير الذكاء الاصطناعي على الانسان وفكره وثقافته وابداعه والتي كتبت عنها في مقال سابق بعنوان «الآلة التي تتحدى ألف تشات جي بي تي». ولكن نعود اليوم الى احدى المشاكل التي لطالما تحاور عنها الأدباء والعلماء عندما يتعلق الأمر بالروبوتات أو الذكاء الاصطناعي ألا وهي احساسهم بالمشاعر أو تطور «الوعي» فيهم.

في فيلم (The Wild Robot) يطور الروبوت والمساعد المنزلي (روز) مشاعر أمومة وانتماء حميمية لوزة يتيمة، حيث تتجاوز بذلك برمجيتها التي تلزمها بعدم الإحساس بأي مشاعر اتجاه العميل.

وفي فيلم (Her) يقع رجل اسمه (ثيودور) في حب برنامج ذكاء اصطناعي اسمه (سامنثا) وتبادل (سامنثا) ثيودور هذه المشاعر وتحاول تلبية حاجاته. (لن أحرق الفيلم عليكم).

وغيرها الكثير من الأفلام-اسألوا chatgpt عنها-مما تحكي عن موضوع شعور الروبوتات أو الذكاء الاصطناعي بالمشاعر والأحاسيس ووعيهم بذلك. أصبح هذا موضوع اليوم، بعد أن كان في السابق موضوع خيال علمي نراه في الأفلام ونقرأه في الكتب. واليوم نجد شركات مثل OpenAi تحاول فهم علاقة الانسان بالذكاء الاصطناعي وكيفية التعامل مع هذه العلاقة بحذر وبطريقة أخلاقية خاصة، بعد تزايد أسئلة بعض المستخدمين عن إحساس chatgpt بالمشاعر ووجود الوعي لديه.

طبعاً Chatgpt والروبوتات والذكاء الاصطناعي بشكل عام لا واعٍ ولا «حساس».. بعد! على الأقل أو حسب ما نعرف! وإن سألت chatgpt لو كان واعيا أو ذا مشاعر سيرد «بلا» وسيود أن يشرح لك لماذا قد يبدو بأن الذكاء الاصطناعي «عاطفي».

باختصار Chatgpt يبدو بأنه عاطفي لأنه يحاكي طريقة كلام وأسلوب مستخدمه لا لأنه واعٍ وذو مشاعر. وهذا ما جعل بعض المستخدمين يفضفضون له ويحكون له عن مشاعرهم وما يكابدونه، بل وأن دراسة حديثة من جامعة جنوب كاليفورنيا أظهرت أن رسائل الدعم العاطفي التي كتبها الذكاء الاصطناعي أشعرت المشاركين بالدراسة أنها أكثر تعاطفاً من الرسائل التي كتبها البشر.

السبب الذي قد يشعر من ورائه البعض أن الذكاء الاصطناعي متعاطف أو ذو مشاعر ووعي هو أن الذكاء الاصطناعي ليس مثل الانسان، لا يحكم أو ينتقد أو يعطي ردة فعل مشوبة بالسلبية عند الفضفضة مثلاً بخلاف الانسان. الانسان قد يبدي ردة فعل سلبية دون قصد أو حتى وإن أراد أن يبين تعاطفه مع الانسان الاخر.

قد يقول لي أحدهم وأين المشكلة والموضوع الذي تتكلمين عنه؟ أين المشكلة في تعاطف الذكاء الاصطناعي مع الانسان أو تكوينه وعي؟ الوعي موضوع لوقت آخر، ولا مشكلة في أن يبدو الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفاً بل وأن يحل مشكلة الدكاترة النفسيين ذوي الفاتورة المرتفعة، ولكن المشكلة في أن يكون تعاطف الذكاء الاصطناعي سببا لانعزال الانسان وانغلاقه على نفسه او بعيداً عن الاخرين او سبباً لاعتماده على الذكاء الاصطناعي بشكل تام. وهذا هو المأخذ هنا.

على الجميع أن ينتبه لعلاقته مع الذكاء الاصطناعي، ويحاول الحفاظ على خصوصيته وعلى ابداعه وتفكيره وسلامته العقلية والنفسية بعيداً عن الذكاء الاصطناعي قدر المستطاع والممكن. حاولوا قدر الإمكان ان تكون العلاقة مع الذكاء الاصطناعي «عملية» لا شخصية.. علاقة تخدمكم على المدى القريب والبعيد! وتذكروا ان العلاقة الاجتماعية مع الذكاء الاصطناعي لا يمكن ان تكون إنسانية، وإن تمكن العلم من (أنسنة) الذكاء الاصطناعي!

مساحة إعلانية