رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مرزوق فليج الحربي

مساحة إعلانية

مقالات

174

مرزوق فليج الحربي

انتهاء الحرب وتوازن الردع

12 أكتوبر 2025 , 05:50ص

في مشهد درامي يعكس تحوّلاً تاريخيًا في مسار الصراع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني، أعلنت حركة حماس التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة بتاريخ 9 أكتوبر الحالي، يتضمّن انسحاب الاحتلال، إدخال المساعدات، وتبادل الأسرى، ما يُنظر إليه في الأوساط الفلسطينية والداعمة للمقاومة كـ انتصار ميداني وسياسي بعد صراع طويل ومعاناة جسيمة.

إن إعلان إنهاء الحرب بهذه الصيغة لا يعني فقط نهاية العمليات العسكرية المفتوحة في القطاع، بل يحمل في طياته رسالة رمزية عن قدرة المقاومة على فرض شروطها، ورفض أن تبقى غزة تحت رحمة الحصار والقصف. بينما تسعى إسرائيل دائمًا إلى تحقيق “حصار” مطلق وكسب توازن الردع، جاء الاتفاق ليضع حدودًا جديدة للتدخل العسكري، ويعيد للمقاومة دور المبادرة على خط التفاوض.

الانتصار هنا ليس فقط في المعارك العسكرية، بل في الوعي والمعنويات: شعور جماهيري في غزة والعالم العربي والعالمي بأن المقاومة نجحت في الصمود رغم الحصار والقصف المستمر وسياسات التجويع الممنهجة لمدة عامين، كما يعتبر نصرا تاريخيا ليس له سابقة فجميع المفاوضات التي كانت تتم خلال عمر القضية الفلسطينية كان الكيان الصهيوني هو من يضع الشروط وهو من يجني النتائج وإن كانت هناك وعود فهي بسيطة ولا تتم واليوم حماس تضع شروطها التي كانت تُعتبر “محرّمة” بل محرم طرحها وتجبر الكيان الصهيوني على تنفيذها.

لم تنتصر حماس على مستوى الكيان الصهيوني بل انتصرت على كل المثبطين والانهزاميين الذي استخدموا كل الوسائل وكأنهم جهاز اعلامي صهيوني فمرة يطعنون في قدرات حماس وأخرى يتهمونهم بإعطاء فرصة للصهاينة لضربهم وثالثة يشككون في دينهم ورابعة يقفون في صف الكيان ويطالبون حماس بتسليم سلاحها والخضوع لشروط الكيان الصهيوني.. واليوم هاهي غزة لم تخضع ولم تخنع وتظهر بقيادتها علناً وبتحدٍ وتضع ضمانات لاستمرارية الانسحاب وعدم العدوان مرة أخرى.

ومن يشكك بانتصار حماس لهذه المفاوضات ينظر للجانب الفارغ من الكأس ولو نظر للجانب الممتلئ لرأى أن هذه أطول حرب وهذا يدل على قدرات حماس القتالية التي استخدمت فيها الكثير من الأسلحة المنتجة محلياً وكبدت الكيان الصهيوني خسائر في الأرواح لم يتكبدها منذ اكثر من سبعين عاما أما الخسائر المادية فقد بلغت على اقل التقديرات اكثر من 70 مليار دولار مصروفات عسكرية وهناك خسائر أسبوعية تجاوزت 644 مليون دولار بسبب اغلاق منشآت ومنع العمال الفلسطينيين واغلاق مواقع البناء وأما القطاع الزراعي فقد تكبد اكثر من 280 مليون شيكل.. وتعرضت الميزانية العامة لعجز تاريخي وتحويل الكثير من بنود الميزانية للأمور العسكرية.

وأما من ينتقد ويقول إن حماس وأهل غزة والفلسطينيين عموماً لم يحققوا إلا زيادة عدد الشهداء وتدمير البنى التحتية وهذا مشهد مكرر من اكثر من 70 عاما نقول إن الانتصار الأكبر والذي لم نره من قبل على طول عمر القضية الفلسطينية هو تغيير الرأي العالمي تجاه القضية الفلسطينية وكسب التأييد للحق الفلسطيني وانتشار السردية الفلسطينية وعزل الكيان الصهيوني دولياً والنظر له ككيان مجرم وارهابي ملاحق من محكمة العدل الدولية .

مساحة إعلانية