رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

243

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

خماسية فن الإنصات

12 أكتوبر 2025 , 05:37ص

هل نَستَمِعُ حقاً للحديث أم ننتظر حتى ينتهي الآخر منه؟! هناك دائماً ثلاثية للاتصال والتواصل بغض النظر عن المكان أو نوع المنبر الذي تستمع منه، فلن يكون حديثٌ إلا برسالة ما بين مُلقِي ومُتَلقِي. ويستطيع الإنسان استغلال عضوه المخصص للاستماع بالكفاءة اللازمة للتعقل والتفكر والتدبر والتفقه والتحصيل، ألا وهو الأُذن. ولكن ما هو الفرق بين الاستماع والإنصات يا ترى؟ هناك أربع مفردات لغوية أعزائي القراء يجب التعرف عليها قبل التعرف على خماسية فن الإنصات، وهي السمع والاستماع والإنصات والإصغاء. والسمع هو أحد الحواس الخمس المسؤول عنها الإنسان، وهي اللفظة التي تعني عموم معنى اللفظ. وأما الاستماع فهو السمع مع إدراك المسموع والزيادة في شدة الانتباه مع قوة التركيز. ومن ثم فإن معنى الإنصات يأتي من خلال الاستماع مع السكوت، أي اقتران الاستماع بالإنصات كما في قوله تعالى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الأعراف 204. وأخيراً وليس آخراً فإن المرادف الرابع هو الإصغاء، أي الميل بسمع الشخص نحوه. وينقسم المعنى إلى شقين؛ فإذا مال الإنسان بسمعه فقط فقد أوعى سمعه بعقله، وإذا مال بقلبه فقد أصغى قلبه وهي الرغبة نحو الاستماع. وقد يحصلان كلاهما معاً. وقد يدخل القلب والفؤاد في الإصغاء ولكن الأعجب هو أن العقل يغيب عن الإصغاء في بعض الأحيان بالرغم من حضور القلب! 

فالمستوى الأول من فنون الإنصات وعادة ما يكون بين الخصوم أو الآراء المتجادلة، ويكون التركيز ذاتياً. فيكون الإلقاء بعد انتظار الحديث. وتراه واضحاً في المناظرات العلمية عند مناقشة بعض جزئيات الدراسات العليا أو المناظرات السياسية التي تراه في الإعلام أو بين المفاوضين الدبلوماسيين أو بين مساومات التجار في الأسواق الاقتصادية المختلفة. فأنت تنتظر فقط لأنك تفكر في الذي سوف تقوله لاحقاً. وهدفك المجادلة لإفْحام حجة المقابل بحق أو بدون وجه حق. 

وأما المستوى الثاني فالاستماع للكلمات ولكن مع التشتت. فتلتقط جزءًا من المحادثة، لكن انتباهك قد ينحرف. وهو غياب القلب عن الإصغاء كما بيناه. ويحدث ذلك عند الاستماع للخطيب من خلال منابر أو عند الحضور والاستماع لدروس العلم عبر مختلف وسائل الإعلام المرئية من خلال شاشات الأجهزة المختلفة. ويحصل التشتت أيضاً لكثرة استخدام تلك الوسائل، مما يؤثر على كفاءة العقل بالتحصيل ويسبب سلبية الشعور اتجاه المتحدث والجهد والمرض. ولكن قد يكون إيجابيا إذا كان القصد هادفاً عند الحوار مع المقابل لقصد نبيل سامٍ كدعوة للحق والسلام. والبحث وغربلة الحديث في الذهن عما هو حق وترك ما هو باطل. 

وفي المستوى الثالث يكون فقه الرسالة، فكل حديث هو خطاب للمتلقي. والتركيز فيه لازم لعمق فهم المخاطب. حيث لا تسمع الكلمات فحسب، بل ما تعنيها. وأنت تستمع للفهم وليس للرد. وذلك يكون عند المحاضرات الأكاديمية والتدريبية أو الاستماع للمسؤولين وولاة الأمر. 

وفي المستوى الرابع يضاف إليه مستوى التعرف على المشاعر من وراء الحديث. أي التعاطف مع المتحدث، لتذهب أعمق، وتشعر بحالة مشاعرهم وتدرك كيف يشعرون وليس فقط ما يقولونه. ويكون غالباً المتحدث يعيش الواقع المأساوي. ومثال ذلك عندما ترى من يتحدث من أماكن النكبات كحال قطاع غزة.

وختاماً فإن المستوى الخامس لفنون الإنصات، هو سماع ما لم يُقَل من خلال الحديث. أي تصل من خلال المتحدث عبر الحضور الكامل بالمستويات السابقة المذكورة، لتلتقط المعنى الأعمق للأشياء التي يكافح الخطيب للتعبير عنها ومما يحتاج المتلقون إلى سماعه ولم يذكر. أي بتعبير آخر استنتاج النوايا والمقاصد والمضمون من وراء الحديث. فكثير من الحديث في جميع الآفاق هو من اللغو أي الحديث الذي لا فائدة منه أو من الكذب. فلا يطلب منك أن ترعيه كامل إنصاتك. وكثير من الناس يتحدث في ما يعنيه وما لا يعنيه. ولكن الواجب علينا أن نقولَ (خيراً أو لنصمت) رواه مسلم.

اقرأ المزيد

alsharq حين تضعف منظومة الحكم الرشيد

لم يعد مشهد الاحتجاجات والحراك الشبابي مفاجئًا لنا وللمراقبين في عالمٍ يتغير بسرعة مذهلة، وحيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية... اقرأ المزيد

237

| 22 أكتوبر 2025

alsharq خطاب سمو الأمير.. رؤية واضحة ومسار وطني راسخ

جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد... اقرأ المزيد

111

| 22 أكتوبر 2025

alsharq الجعفراوي.. شهادة سبقت الرحيل

في آخر مشاهد حياته، ظهر صحفي الجزيرة صالح الجعفراوي في مقطع مصور تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، ممددا على... اقرأ المزيد

168

| 22 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية