رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. فاتن الدوسري

مساحة إعلانية

مقالات

459

د. فاتن الدوسري

أوروبا ما بين أمريكا والصين

13 يوليو 2025 , 05:04ص

تعيش أوروبا منذ الأزمة المالية العالمية 2008 أزمات عاصفة متتالية، فما تلبث أن تخرج من واحدة حتى تصطدم بالأعنف، وقد أدى ذلك إلى ارتباك وضعف أوروبي عام، وانقسام متزايد، وهشاشة على مستوى الوحدة والتضامن.

وتعد معضلة أوروبا في موازنة علاقاتها بين الولايات المتحدة شريكها الرئيس التقليدي، وضامن أمنها الوحيد، والصين أكبر شريك اقتصادي لها، أحد أهم المظاهر القوية للضعف والارتباك والانقسام الذي تعيشه أوروبا. 

منذ تولى ترامب رئاسة الولايات المتحدة في 2016، بدأت نبرة الاستقلالية الأوروبية-خاصة الأمنية أو العسكرية-في تزايد، بقيادة فرنسا وألمانيا على وجه الخصوص بسبب النزعة الانعزالية لترامب وتركيز واشنطن التام على الأندو-باسيفك للتصدي للتحدي الصيني على حساب كل المناطق الاستراتيجية التقليدية خاصة أوروبا والشرق الأوسط.

والاستقلالية التي ترتئيها أوروبا خاصة الأمنية؛ هي الاعتماد على النفس بصورة كلية خاصة في التصدي للتهديدات الأمنية الخطيرة دون مساعدة الولايات المتحدة وحلف الناتو عند الضرورة. وفى إطار تلك الاستقلالية، تنفصل أوروبا تدريجيا عن انحيازها التام لواشنطن خاصة بشأن الرؤية والتوجه تجاه الصين. 

فالصين لم تعد فقط أكبر شريك تجاري لأوروبا، حيث تعتمد الأخيرة عليها بصورة كبيرة لاستيراد المنتجات الرخيصة، والتكنولوجيا المتطورة مثل 2G؛ بل أصبحت شريكا في مبادرة الحزام والطريق، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وهما أهم أدوات الصين قاطبة لتعزيز قيادتها الدولية.

وعلى الرغم من الترابط الاقتصادي القوي بين الجانبين، فإن هذا لا يحول دون مخاوف أوروبية جلية من الصين، لكن بصورة عامة تنظر أوروبا للصين كمنافس خطير، وليس تهديداً استراتيجياً لزعامتها الدولية كما تنظر واشنطن. ولعل هنا تبرز أهم معضلة تواجها أوروبا حول سياسة متوازنة بين واشنطن وبكين.

إذ على الرغم من مساعي الاستقلالية، فإن تحقيقها بالكامل أمر مستحيل على الأقل في المديين القصير والمتوسط، وربما مستحيل على المدى البعيد أيضا. والأمر الثاني أن الاستقلالية الأوروبية لا تعني التخلي التام عن واشنطن، ومحورية حلف الناتو في حماية أوروبا، إذ كما تنص الوثائق الأوروبية خاصة البوصلة الاستراتيجية الاعتماد على النفس «عند الضرورة القصوى»، والهدف العام هو التكامل مع الناتو وليس تحديه.

وهذا ما تجلى تماما في قيادة واشنطن لأوروبا في أزمة الحرب الأوكرانية، إذ برهنت الأزمة لكثير من الدول الأوروبية بأن مسألة الاستقلالية الأمنية حلم صعب المنال. وعلى إثر هذه الأزمة أيضا، نجح بايدن جزئيا في إحداث شقاق بين أوروبا والصين، حيث علقت أوروبا مفاوضات اتفاق الشراكة مع الصين في 2021، وانضمت دول أوروبا إلى مبادرة «بناء عالم أفضل» الرامية لتقويض مبادرة الحزام والطريق، وانسحبت إيطاليا من الأخيرة. لكن ذلك لم يدفع أوروبا إلى إعادة توجيه رؤيتها للصين من منافس إلى تهديد استراتيجي، ولم تقلص تعاونها الاقتصادي الكبير مع بكين.

مع عودة ترامب للبيت الأبيض، تنامى حديث أوروبا حول الاستقلالية بصورة غير مسبوقة، بل اتخذت أوروبا بصورة جماعية سياسات تنم عن مظاهر استقلالية لافتة من أبرزها دعم أوكرانيا بالسلاح بقيادة بريطانيا، الإصرار على تحرير جميع الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها روسيا في أية مفاوضات لإنهاء الحرب، الانتقادات الشديدة غير المسبوقة لإسرائيل حول غزة خاصة في مسالة إدخال المساعدات، رفض التعريفات الجمركية المرتفعة والتلويح بتعزيز التعاون مع الصين.. وغيرها. 

وتلك السياسات العاكسة للاستقلالية، لن تفضي إلى توتر العلاقات مع واشنطن بصورة غير مسبوقة بالضرورة، ولن تؤدي إلى انفصال استراتيجي بين شركاء الأطلسي. لكنها بالضرورة تدشين لنهج يسعى إلى التوازن بين بكين وواشنطن.

ولعل منطلق هذا النهج هو رفض أوروبا الانجرار وراء واشنطن في تسخين الحرب الباردة مع بكين؛ إذ ترفض أوروبا من حيث المبدأ مفردات ومناخ ما يسمى الحرب الباردة على الهيمنة العالمية، ولا ترى في الصين تهديدا استراتيجيا يستدعي حربا باردة. ناهيك عن أن الصين باتت شبه حليف لأوروبا الشرقية.

خلاصة القول:

مؤخراً صرح الرئيس الفرنسي ماكرون أن على أوروبا أن تسعى إلى استقلالها الاستراتيجي للحد من الاعتماد على الصين والولايات المتحدة، ونجزم أن ما يتمناه فعلاً هو التوازن بين الشريكين، إذ باتت أوروبا في أمس الحاجة إليهما، ولا تستطيع الاستغناء عن أحدهما.

اقرأ المزيد

alsharq خطاب سمو الأمير.. دعم أسس الدولة الحديثة

في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى استهل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد... اقرأ المزيد

198

| 22 أكتوبر 2025

alsharq حين تضعف منظومة الحكم الرشيد

لم يعد مشهد الاحتجاجات والحراك الشبابي مفاجئًا لنا وللمراقبين في عالمٍ يتغير بسرعة مذهلة، وحيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية... اقرأ المزيد

276

| 22 أكتوبر 2025

alsharq خطاب سمو الأمير.. رؤية واضحة ومسار وطني راسخ

جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد... اقرأ المزيد

114

| 22 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية