رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
التزاماً بمبدأ الرأي والرأي الآخر، والحرية التي مُنحت للدكتور المسفر أن يكتب مقالاً بتاريخ 11/4/2023يتطاول فيه على رجل دولة له مكانته أينما حلّ، فإنني ومن نفس الموقع أردّ عليه: وأقول: إن تطاوله على الرئيس/ محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، بما يمتلك من كارزما قيادية مميزة، استطاع خلال أصعب سنوات النضال أن يعبر بسفينة فلسطين إلى الأمان، رغم العواصف العاتية من القريب والبعيد، والعدو، وممن يدّعون أنهم أصدقاء، ومن أفواه وأقلام حاقدة، لا تزن الأمور بميزان المنطق والحسابات الإقليمية والدولية التي تعيشها الدول والشعوب، فهذا لا يجوز أبداً، ولا يحق لعديد الأسباب.
يا دكتور المسفر، سيادة الرئيس هو إنسان، وليس نبي يُوحى إليه ليقول الصواب دوماً، يصيب ويخطئ، ولكنه الأكثر صواباً في قراره، والأكثر حنكة في تصرفاته، والأكثر توازناً في علاقاته، وإذا كان هذا منهجه وديدنه، فنحن شعب فلسطين لا نقبل أن يتدخل في شؤوننا أحد، مهما كان، فنحن كما نقول «لسنا ابن البطة العرجة» يُسمح لمن هبّ ودبّ أن يمس رئيسنا بسوء، أو أن تظنون بنا الهوان، فلنا كبرياؤنا، ومكانتنا، ويكفي أننا كنعانيون، نمتلك ما لا يمتلكه كثير من الناس وربما تعيها جيدا.
(1)
أرجو منك قراءة تاريخ فلسطين كيف كُنا عوناً لكل شعوب الأرض، لكن الله أكرمنا باستعمار لا قِبل لأي دولة حتى العظمى بتحملهم، لهذا يحاولون طردهم إلى الأرض التي يجب أن يكونوا عليها، لتحقيق وعد الله، ولهذا جاء قوله تعالى: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا وقال تعالى: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ» أتعرف مَن هم؟ إنهم الفلسطينيون والرئيس منهم. وإذا قرأت معنى العذاب، فستجده ذا معان مختلفة، ونحن اليوم مَن نسومهم سوء العذاب.
وإنني من هنا أدعوك يا سيادة الدكتور المسفر/ أن تجفف قلمك، وتكفّ عن النيل من فلسطين ورموزها ورجالاتها، ألمْ يكفك النيل من الشهيد ياسر عرفات في عديد المقالات قبل وبعد استشهاده، ونلت منه علنا في عديد المناسبات، وكنا نقول، لعله يقول، رحمه الله، ونقول: ربنا يهديه إلى الرشد والصواب. ثم بدأت بالنيل من سيادة الأخ الرئيس/ محمود عباس في مقالات سابقة، واليوم تأتي لتطلب منه التنحي.
(2)
يا أيها الدكتور المسفر أهيب بك وأناشدك، أن تتنحى أنت عن الكتابة، فلا يحق لك أبدا أن تطلب من رئيس دولة لست من أبنائها ولن تكون، أن يتنحى، فهل أنت مَن انتخبه، وهل أنت أحرص على فلسطين منه، ومن شعبها؟ وهل أنك من المنافحين عن القدس، ومن سكانها لتطلب منه ذلك؟ وهل أنت من المرابطين في القدس، أو ممن أوقد سراجاً في الأقصى؟ لا أعتقد. وهل أنت ممن يتبرع للرئيس براتبه، أو يمد يد العون لأي إنسان في فلسطين كي تطلب هذا الطلب؟ حتى وإن كنت تقدم، فلا يحق لك ولا لغيرك مهما كان أن يطلب هذا الطلب، فأنت لست الوصي على الرئيس الذي تم انتخابه انتخاباً حراً نزيها، ولست الوصي على شعب فلسطين، أو حتى على طفل لم يولد بعد، ثم هل أنت مَن يعيّن ويُنحي.؟ فاتق الله يا رجل، واكتب بما يدفع عجلة الحياة في فلسطين إلى الأمام مثل معظم الكتّاب القطريين «المركز القطري للصحافة» الذين أصدروا بياناً يوم الأربعاء يدين جرائم إسرائيل.
الدكتور المسفر، رئيسنا شأن فلسطيني خاص وخالص، وشأن الشعب الصامد المرابط، وشأن الأسرى والشهداء، وشأن الطفل الفلسطيني الذي لم يولد بعد، وأيضا شأن الشهداء الأبطال الذين ارتقوا في ساحات النضال، فنحن نترحم على شهدائنا، ونعتز بهم، ونكرمهم وعائلاتهم، فأرجوك أن تكفّ لسانك وقلمك عن هذه التُرهات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع.
(3)
الدكتور المسفر، إذا كان الرئيس قد بلغ من الكبر عتيا، فهذا أمر الله، ونقول، اللهم أطل في عمره من أجل فلسطين، فما زال بكل عنفوانه، وقوته الفكرية، والتحليلية، فكم من الزعماء بلغوا من الكِبر عتيا، وجميعهم والحمد لله يمتلكون القدرة على الحديث، وإدارة دفة الحكم في دولهم باقتدار، ورئيسنا واحد من هؤلاء الزعماء الذين يمتلكون ذاكرة وقّادة، وفهماً عالياً، وتحليلاً دقيقاً، ورؤية واضحة، وبصيرة قادرة على وضع الأمور في نصابها.
إذا جالسته – ولا يريد منك - تشعر أولاً بامتلاكه ذاكرة وقّادة، وقدرة على الحديث شائقة، وممتعة، ومفيدة سواء تحدث في السياسة أو الاقتصاد، أو التاريخ، أو الثقافة بشكل عام، وتقديري يمتلك ناصية مميزة لا يمتلكها إلا قليل من الزعماء والأمراء، ليس بشهادة كاتب أو محاضر، أو سياسي، بل بشهادة كل الزعماء دون استثناء.
(4)
إن إدارة الحكم تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي الذي يُكرس جل عمله في أساليبَ للنيل من الفلسطيني بأي شكل من الأشكال، في أرضه، وماله، وحياته، وزراعته، وصناعته، وسفره، وزيتونه، وكل ما يمكن أن تتصور ليست أمراً هينا، فصراعنا يا دكتور ليس صراعاً على المال، ولا على الحياة، بل صراعنا من أجل الأرض، ومن أجل القدس، ومن أجل فلسطين بأسرها، فتخيل كيف يكون هذا الصراع – ولا أعتقد أنك تتخيل - بين الحق الذي نحمله ونؤمن به، والباطل، الذي يدّعون أنه حق لهم، وبمساعدة العديد من الأنظمة التي تعيق مسيرة الانتصارات السياسية في كافة المحافل الخارجية التي حققتها وزارة الخارجية الفلسطينية، والتي أعتقد أنك لم تقرأها خاصة خلال العقد الأخير. إنها يا دكتور تركمات، لن يتأخر حصادها.
والله يا دكتور، لن أفيدك بماهية وظيفة الرئيس محمود عباس، التي طلبت، ولا وظيفة السلطة الفلسطينية، لأنك لو فهمت، فربما يختلف ميزان العقل لديك، لهذا، إن العاقل هو مَن يستطع أن يتفهم كافة التفاصل. خاصة إذا كنا جميعا تحت الاحتلال الإسرائيلي.
(5)
أستغرب تماماً مما تقول حول الأموال التي تُغدقها دول الخليج على السلطة الفلسطينية، بالله عليك اذكر لي دولة تغدق هذه الأموال خلال هذه السنوات الأخيرة، عدا دولة قطر، وأقولها ليس لأنني منذ أكثر من أربعة عقود أعيش فيها، ولكنني أعلم ما لا تعلم بهذا الخصوص، وعليه أرجوك في المقال القادم أن تحدد بالأرقام قيمة المبالغ التي تُدفع والدول التي تقدمها، وهذا لا يعني أنها صائمة عن دعمنا في كافة المجالات والمحافل عربيا وعالمياً، فلها ولكل الدول العربية التحية بمقدار مساهماتهم مع الحق الفلسطيني.
يا دكتور، أوروبا لا تدفع لفلسطين «نقدا» وإنما مشاريع محددة، وتوقع الاتفاقيات مع رئاسة الوزراء والوزراء ضمن آليات وضوابط تحكمها الشفافية العالية جداً، وإلا لَما استمروا في الدعم منذ «أوسلو» المليء بالشوائب، إلى اليوم، وبدون مقابل، بعكس بعض الدول التي تريد أن تدعم، ولكنها تريد ثمناً للدعم، حتى وإن كان الثمن على حساب الوطن، ولكن القيادة ترفض ذلك، مما سبب وما زال بضائقة مالية لا يعلمها إلا الله.
(6)
استغرب تحليلك وتفنيدك بيان الخارجية الأخير بهذه السطحية، وأنك لم تستوعب المغزى منه، والذي أشاد به كل صُناع القرار، مع المعارضين والموالين بأنه تحذير علينا أن نأخذه في الاعتبار حتى لا نُفاجأ لاحقاً بما ستصير عليه الأمور بعد أعياد الفصح.
نأتي إلى « دايتون» هذا الكلام المكرور في أكثر من 5 مقالات، ونفس الكلام، « قواتك الأمنية (تربية دايتون) إذا كان الأمر كذلك، فدايتون انتهى، ومن دربهم تقاعدوا، ولكن في كل دول العالم تقوم كوادر عسكرية لها تجارب، وقدرات وإمكانيات، بتدريب الآخرين، وهذا طبيعي جداً، فعلى سبيل المثال (أوكرانيا أرسلت جنوداً لبريطانيا وألمانيا وأمريكا ) ليتدربوا على السلاح الجديد ليحاربوا به روسيا.
وسابقاً، كانت القيادة ترسل شبابها للتدريب في الصين والاتحاد السوفيتي، وكوبا وكوريا الشمالية، ودول أوروبا الشرقية كلها، فهل هؤلاء أصبحوا تابعين لهذه الدول.
وجميع طائرات الدول العربية الحربية هي صناعات أمريكية، أو روسية، أو أوروبية، ويقوم على تدريبهم من نفس الدول المصنّعة لهذه الطائرات، أرجوك دقق وحلل كما يحلل سيادة الرئيس حتى لا تقع في الخطأ.
طلابنا يتعلمون في كل جامعات أوروبا وأمريكا، فهل يصبحون تابعين لهذه الدول.
أخي المسفر: أقول لك: قدّم لي السلاح، أو انزع سلاح الجيش الاسرائيلي، ثم اترك شعبنا الفلسطيني ودون ظهير عربي إلا الشرفاء من الأمة، وسندعوك للصلاة في الأقصى خلال أسبوع أو أقل، ولكن دون تأشيرة، لأن القدس وطن المسلمين والمسيحيين واليهود جميعاً، ولن تكون غير هذا أبداً، لأن نبينا عليه الصلاة والسلام صلّى بالأنبياء في القدس.
إن انتفاضة العالم مع فلسطين حق وواجب، وما قاموا به هو واجب ديني ووطني وقومي أولاً وأخيرا،. ولكني أقتبس من صحيفة الشرق القطرية «المركز القطري للصحافة يستنكر الصمت الدولي، وتوفير غطاء سياسي عالمي لدولة الاحتلال».
(7)
يا دكتور، هل طلب منا العالم أن يمدنا بالسلاح ورفضنا، وهل طلب منا قصف إسرائيل ورفضنا، وهل طلب منا تسيير جحافل إلى الحدود ورفضنا، فهم – إسرائيل تمتلك كل أنواع الأسلحة حتى النووي، ونحن نملك الإرادة والحق، فشهداؤنا نعتز بهم ونفاخر، ولا نُحصيهم عددا من أجل إبراز العجز لدينا، وعدم قدرة الرئيس على حماية شعبه، بل من أجل نيل شرف الشهادة، فصراعنا أبديّ، ونحن ولله الحمد نُقدّم الشهداء منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين، وإلى اليوم، وأحاول هنا أن أفتح ذاكرتكم، ففي عام 1956 يوم 3-9/9 قتل الاحتلال (750) رجلاً وامرأة في أكبر مجزرة بتاريخ فلسطين، بمدينة خان يونس، ومازلنا صامدين، وكم هي المجازر التي ارتكبها على مدار هذه السنوات، فهي أكثر بكثير مما يقوم به الاحتلال الآن ومازلنا صامدين، لأننا أصحاب حق، وإرادة.
(8)
نحن يا دكتور مسفر بحاجة إلى قلم نزيه، وفكر متقد، ولغة إيجابية موجهة إلى الفلسطينيين، دفاعاً عن المرابطين والمرابطات في القدس، والمصلى المراواني الذي شهد التنكيل بالسيدات النشامى، بحاجة إلى إشهار سيف الحق ضد الاحتلال بقلمك ليستشعر أن الكل مع فلسطين. بصدق يا دكتور نحن بحاجة إلى كلمة سواء لننقذ وطن الأنبياء، والشهداء، وأضرحة صحابة الرسول، لنتحرك سوياً من أجل انقاذ فلسطين، فلا داعي أبدا ليد تناضل ويستشهد أبناؤها بشرف وحب وإقبال، وهذا ما وعدنا الله به، وما خصنا فيه رب العالمين، وهناك قلم يقطر حقداً، وسلبية متخفياً وراء عجزه وعجز الآخرين..
يا دكتور: لقد تكالبت علينا أمم، وشعوب وأنظمة من أجل النيل منا، تكالبوا علينا لصالح العدو، ولكننا في قرارة أنفسنا أننا شعب لن يُقهر، ولن ينهزم، ولن يفرط في حق من حقوقه مهما امتد بنا الزمن، ففلسطين التي كانت مساحتها (27) ألف كيلو متر مربع، ستعود هذه المساحة بكاملها إذا كانت الأمة كلها تقف سنداً قوياً من أجل الحق الإسلامي والفلسطيني، فهل تكون أنت جزءاً من هذه الأمة. أرجو ذلك، لسبب بسيط، لأنك قومي فقط.
إنني في نهاية مقالتي أدعوك أن تتنحى عن الكتابة، لأنك أصبحت خالي الوفاض من كلام مُقنع.
القمة السعودية - الأمريكية تعزز الدور الخليجي بقيادة المنطقة
برغم أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس الوزراء السعودي ليس رئيس دولة - ولكن حرص الرئيس... اقرأ المزيد
114
| 23 نوفمبر 2025
مــا كـان ومـا هو الآن فـي غزة
اقرأوا معي هذا الخبر: «ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى... اقرأ المزيد
99
| 23 نوفمبر 2025
الصراع يبدأ
قرار مجلس الأمن أوقف اطلاق النار وأوقف حرب الابادة وأوقف التهجير القسري وأوقف القتل اليومي وفتح المسار لحل... اقرأ المزيد
114
| 23 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
12876
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2466
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1770
| 21 نوفمبر 2025