رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أمل عبدالملك

Amalabdulmalik333@gmail.com
@amalabdulmalik

مساحة إعلانية

مقالات

840

أمل عبدالملك

الحصاد الطيب

16 فبراير 2025 , 02:00ص

للحصول على حصاد طيب ومُثمر ووفير لابد أن يلتزم المزارع بتعليمات الري والحرث والطريقة السليمة لزراعة البذور التي ستشكل المحصول، وكلما اهتم المزارع بزراعته وتربته والري وانتبه لأي تغيرات في الأوراق والتربة وحرص على رش الزرع بالمبيدات الحشرية التي قد تتسلل وتنخر في المحصول كل ما حَصَدَ ثماراً طيبة صحية متعافية يتهافت على شرائها وتفيد الجميع.

ينطبق هذا الوضع على تربية الأبناء، وثمرة كل زواج الأبناء الذين إذا ما انتبهت لطريقة تربيتهم وحرصت على تقويمهم فسيكون الناتج أبناء صالحين مهذبين مفيدين للعائلة والمجتمع، وهذا ليس بالأمر الهيِّن أو السهل خاصة في الحياة السريعة والمنفتحة التي نعيشها، والتي مهما حاول الأهل السيطرة على أبنائهم إلا أن المحيط الذي يعيشون به قد يجرفهم لتيار بعيد عن مَسلك أهلهم والتربية التي يحرص الأهل عليها.

والتربية لا تقتصر على توفير الملابس الغالية أو الأجهزة الإلكترونية والألعاب أو إلحاق الأبناء بالمدارس الأجنبية أو أخذهم سفرات عبر القارات أو بقاء الأبناء مع المربيات طول اليوم وغيرها من الأمور الشكلية، بل التربية هي فهم سلوكيات الأبناء وبناء علاقة صداقة معهم تعتمد على الصراحة والصدق، وتعليمهم أصول الدين والعادات والتقاليد الأصيلة وكل سلوكيات (السّنع) كما نقولها بالعامية ومشاركتهم هواياتهم وتعزيزها بهم، والحرص على معرفة تفاصيل دراستهم وزملائهم في المدرسة والنادي وأصدقائهم المقربين، وتقويم السلوكيات الخاطئة بالنصح والإرشاد وإن وصلت للضرب التأديبي، والأهم تعليمهم معنى احترام الكبير والذي يبدأ من الوالدين إلى الإخوة والمربيات في المنزل وباقي أفراد العائلة وكل من يتعامل معهم.

والاحترام يبدأ بالقدوة فإذا ما الوالدان احترموا بعضاً نشأ الأبناء على الاحترام، وإذا ما شاهد الطفل أحد والديه يخل بمظاهر الاحترام فسيتعلم منه ذلك، فكيف يمكن أن يحترم الطفل المربية إذا كانت الأم لا تعاملها معاملة طيبة أو تهينها! الطفل كالإسفنجة في صغره ويمتص كل ما يمر عليه من مواقف ويحفظ الكلمات والسلوكيات التي تكوّن شخصيته فيما بعد، وإذا لم يجد من يقوّمها بالشكل الصحيح فقد ينحرف عن المسار وتظهر عليه سلوكيات خاطئة تنم عن اضطراب في الشخصية يتوجب عرضها على دكتور تربوي متخصص لتصحيحها قبل فوات الأوان!

أبشع ما قد يؤثر على سلوكيات الأبناء هو الحديث أمامهم عن الآخرين فهم لا يتعلمون النميمة فقط بل هم يُشحنون على الناس وإن كانوا لا يعرفونهم من الكلام السيئ الذي قد يسمعونه من الكبار حولهم، فالبعض يعتقد بأن الأطفال لا يفهمون، ويسردون أمامهم القصص السلبية عن أفراد عائلتهم وأقربائهم ويعتقدون أنهم أطفال ولا يعون ما يُقال أمامهم في الوقت الذي يُخزن الطفل كل ما يسمعه وقد يقوله لأقرانه أو لمن يحاول استنباطه من أفراد العائلة ناهيك عن الانطباع السيئ الذي قد يتكون في داخله تجاه هؤلاء الأشخاص الذين سمع أحد والديه أو أقرباءه يتكلمون عنهم، وربما يتولد لديه شعور بالخوف تجاههم أو الكره مما يسمعونه في حين قد تكون الحقيقة مختلفة تماما.

يشعر الأطفال بما يدور حولهم ويطلقون أسئلتهم بكل عفوية على آبائهم ويقارنون الأجوبة بما سمعوه وبما شاهدوه فإذا ما لاحظوا تعارضا واختلافا قد يصارحون آباءهم بذلك أو سيحبسون ذلك في داخلهم وسيولد لديهم تناقضات وتراكمات ستكبر معهم وستؤثر على شخصيتهم، لذلك وجب الحذر في التعامل مع الأطفال أكثر من الكبار فالكذب والمواقف السلبية قد تحفر أثراً يبقى مع الطفل العمر كله ويؤثر في رسم ملامح شخصيته عند الكبر.

علموا أولادكم أن احترام الآخرين ليس بضعف والبعد عن الكذب هي الحقيقة المطلقة لبداية الطريق الصحيح، وأن العائلة كنز لا يجب أن يُفرط الأبناء به، علموهم الحب قبل أن يتعلموا الكراهية من مواقف الحياة.

مساحة إعلانية