رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ثمة الكثير من المراقبين على اختلاف معتقداتهم وتوجهاتهم الأيديولوجية يجدون أنفسهم أسرى لحالة من الحيرة حيال خط العلاقة بين تل أبيب وواشنطن، رغم تعرّض الأخيرة لصفعات متتالية من السياسات الإسرائيلية ورضاها على الخروقات المتكررة التي تحدثها رغم خطورتها على أمنها القومي وسمعتها العالمية!
الكل يعرف أن ثمة روابط استراتيجية ورعاية مصالح مشتركة تختصر شكل العلاقة بين أمريكا وإسرائيل؛ والكل يعرف أن إسرائيل سعت دومًا لاستغلال تغلغل اللوبي الصهيوني في مفاصل الدولة الأمريكية لتنفيذ أعمال تجسسية وسرقات تكنولوجية وعسكرية واستغلال شخصيات سياسية نافذة لتحقيق أهدافها دون رادع أو قيد أو خوف من تصدع العلاقة مع واشنطن، أو حتى مراعاة للمصالح الأمريكية على الأقل! هذا الأمر يستحق التساؤل حول سبب رضا واشنطن عن الخروقات المتكررة التي تحدثها إسرائيل رغم خطورتها على أمنها القومي؟!
خلال الأيام القليلة الماضية تناقلت وسائل إعلام أمريكية و دولية قيام جهاز الاستخبارات الإسرائيلي بالتجسس على الولايات المتحدة الأمريكية على مدى عشرات السنوات، والأنباء تشير عن تكتم واشنطن على هذه التصرفات! وهو الأمر الذي دفع مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية للتعبير عن بالغ قلقهم أمام الكونغرس من حجم التجسس الذي وفق قولهم "تجاوز الخطوط الحمراء". مجلة "نيوزويك" الأميركية كشفت عن معارضة أجهزة الاستخبارات الأميركية لإعفاء الإسرائيليين من الحصول على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة، بسبب أعمال التجسس التي تمارسها الاستخبارات الإسرائيلية داخل البلاد. وذكرت المجلة أن مطالعات سرية قدمها مسؤولون أمنيون أمام لجان في الكونغرس، تضمنت انتقادات حادة ضد إسرائيل، التي "تستغل علاقات الصداقة بين الدولتين وتتجسس على نحو واسع على الأراضي الأمريكية". كما رأوا أن "الأصدقاء الإسرائيليين ساروا شوطًا بعيدًا في أعمال التجسس، بشكل مضر ومخيف، ويدفع الأمريكان أن يصحو من نومهم!". إسرائيل حاولت أن تنفي بشدة الاتهامات التي ساقتها أطراف أمريكية مسؤولة بأنها تتجسس عليها. هذا النفي ليس إلا جزءاً من سياسة الكذب "الإسرائيلية" المعهودة . وبدا المضحك هو رد فعل القيادات الإسرائيلية على خبر التجسس بقولهم أنه "جرى توجيه رسالة شديدة اللهجة إلى الإدارة الأمريكية ضد ما ورد في التقرير، الذي "تفوح منه رائحة معاداة السامية"!
الجدير ذكره أن قضايا التجسس التي مارستها أجهزة المخابرات الإسرائيلية ضد الأهداف الاستراتيجية الأمريكية وشخصيات ومؤسسات حساسة كثيرة جدًا ولا مجال لذكرها هنا؛ فتاريخ التجسس "الإسرائيلي" على الولايات المتحدة موثق، وأنصع دليل هو قضية الجاسوس "الإسرائيلي" بولارد الذي نقل الآلاف من الوثائق الأمريكية وبالذات عن البلدان العربية إلى إسرائيل، وحكم عليه بالسجن المؤبد. حتى إنها نجحت في تجنيد اليهود الأمريكيين للعمل لحسابها مستغلة نفوذهم في مختلف المفاصل الرئيسية في الولايات المتحدة رغم أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تعامل معاملة خاصة من قبل أمريكا، وتحصل على مساعدات تصل بالمليارات اقتصاديا واستراتيجيا وعسكريا، وفوق هذا وذاك دعم سياسي لا محدود أضر بمصالح واشنطن في منطقة الشرق الأوسط وسمعتها الدولية وتراجع مصداقيتها الأمر الذي جعل العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية حالة خاصة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات بين الدول.
يحاول بعض الكتاب الإسرائيليين مثل" وولف بليتزر" في كتابة "ساحة الأكاذيب" أن يبرر ويجد وجاهة لعمليات التجسس الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن هناك نوعين من التجسس: الأول هو التجسس بين الأصدقاء، والثاني التجسس الخسيس الذي يجند له العملاء وتدفع الأموال مقابل الحصول على المعلومات. وإذا كان النوع الأول يتم بوسائل فنية مكشوفة أو عبر الملحقين العسكريين بالسفارات، وهو ما يفعله الجميع، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا منذ عشرات السنين على عدم ممارسة النوع الثاني لكن هل التزمت إسرائيل هذا الاتفاق؟.
صحيفة "الإندبندنت " البريطانية ووفق خبر لها نشر مؤخرًا، قالت : "أنه ليس ثمة ما يسمى بعدم تجسس الأصدقاء على بعضهم، مشيرة إلى أن ذلك وهم كبير، موضحة بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعاني حاليًا من تجسس إسرائيل عليها، وهي أحد أقرب حلفائها". وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل كانت تحاول سرقة الأسرار من الولايات المتحدة، التي تعتبر الحامي والمتبرع الرئيسي لها منذ بداية الدولة اليهودية في عام 1948، وحتى قبل ذلك!!
نحن اليوم نقف أمام فصل جديد ترويه الجاسوسية الإسرائيلية التي لا تعرف إلا مصالح الدولة العبرية وحدها، في حين لا تزال الولايات المتحدة تغض الطرف عن تجسس الحليفة الأبدية. وربما هذا ما دفع المؤرخ الإسرائيلي "آفي شليم" في هذا السياق ليقول: " إن مطالعة سجلات إسرائيل خلال العقود الأربعة الماضية توصل إلى النتيجة بأن إسرائيل هي دولة مارقة...الدولة المارقة تعرّف بأنها تلك الدولة التي تخالف القانون الدولي بشكل دائم، وتمتلك أسلحة دمار شامل، وتمارس الإرهاب أي ممارسة العنف ضد المدنيين للوصول لأهداف سياسية. إنّ هذه الشروط تنطبق على إسرائيل تمامًا وعليها الاعتراف بذلك، فالأخيرة لا تنشد التعايش السلمي مع جيرانها لكنها تبغي الهيمنة العسكرية، وأنها تقوم بإعادة أخطائها في الماضي ولكن بشكل مأساوي في كل مرة".
رغم ما حصل ويحصل بين واشنطن وتل أبيب، ستستمر المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل في اتجاهها العام في تزايد مستمر، ورغم استمرار هذه المساعدات وتلقي الإدارة الأمريكية الصفع من تل أبيب سواء من خلال تصرفات كأعمال التجسس السياسي أو تصريحات وانتقادات تطال مسؤولين أمريكيين على رأسهم باراك أوباما ووزير خارجيته، ورغم ازدياد حالات التجسس الصناعي العسكري وبيع التكنولوجيا الأمريكية لدول تمارس الولايات المتحدة حظراً على التعامل العسكري معها كالصين على سبيل المثال، إلا أن تأثير اللوبي الصهيوني وقوته في القرار السياسي الأمريكي هو ما يجعل استمرار الدعم وتدفق كل أشكال المعونات و المساعدات المالية والعسكرية والاقتصادية، فمنظمة (الإيباك) لها أثر كبير على تعديل بوصلة الإدارات الأمريكية وتوجيهها للوجهة التي تراها جماعة الضغط مناسبة.
فأخبار عمليات التجسس الإسرائيلي على أمريكا لن تقدّم ولن تؤخر، ولن تغير الموقف الإسرائيلي الأساسي من رعاية القوة العظمى؛ فالقيادة الإسرائيلية ستبقى ترى في العلاقة مع واشنطن حاجة ماسة لمصالحها وأمنها القومي وستبقى تل أبيب تتجسس وواشنطن لا ترى ضيرًا إن هي غضت الطرف عن ذلك!
قضايانا المتسارعة تباعاً
السودان يستغيث وسوريا تستغيث وفلسطين تستغيث واليمن يستغيث وليبيا تستغيث وماذا بعد؟! وأنا جادة في السؤال لأنني بتُّ... اقرأ المزيد
204
| 29 أكتوبر 2025
قطر.. حين تتحدث الحكمة في زمن الحرب
في زمنٍ ارتفعت فيه أصوات الصواريخ، اختارت قطر أن يكون صوتها سلاماً يعلو على الضجيج، ليُثبت للعالم أن... اقرأ المزيد
258
| 29 أكتوبر 2025
المثقف في محكمة التاريخ.. الحقيقة أم الولاء؟
منذ أقدم الأزمنة، كان المثقف يقف على خط النار بين السلطة والجماهير، بين إغراء الولاء وضغط الضمير. وفي... اقرأ المزيد
102
| 29 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
• متخصص بالسياسة السيبرانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6549
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6429
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3156
| 23 أكتوبر 2025