رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فهد عبدالرحمن بادار

تويتر @Fahadbadar

مساحة إعلانية

مقالات

573

فهد عبدالرحمن بادار

تكييف الهواء الذي نتنفسه

16 يوليو 2025 , 02:26ص

يوجد ما يقدر بنحو 1.5 مليار وحدة تكييف هواء في العالم اليوم، ويتوقع معهد روكي ماونتن، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة متخصص في كفاءة الطاقة، أن يصل هذا العدد إلى حوالي 4.5 مليار وحدة بحلول عام 2050. ومن المقرر أن يبلغ معدل النمو السنوي للسوق العالمية أكثر من 5٪ في المتوسط ​​خلال العقد الحالي، مع وصول قيمة وحدات التكييف إلى حوالي 260 مليار دولار بحلول عام 2029. ويشهد قطاع التدفئة والتهوية وتكييف الهواء على نطاق أوسع نموًا بنفس المعدل. 

ويُعدُ ارتفاع مستويات المعيشة في الاقتصادات الناشئة، ونمو السكان، وزيادة التحضر من العوامل التي تساهم في تعزيز هذا الاتجاه. كما يعمل ارتفاع درجات الحرارة في العديد من المناطق، والذي يُعزى إلى الاحتباس الحراري العالمي، على زيادة الطلب على وحدات التكييف بشكل أكبر. فهل يمكن لإمدادات الطاقة العالمية أن تلبي الطلب المتزايد على الطاقة؟ وفقًا للبيانات الواردة عن وكالة الطاقة الدولية، يشكل تكييف الهواء نحو 10% من استهلاك الكهرباء على مستوى العالم. وإذا كانت الكهرباء المولدة لتلبية هذا الطلب الإضافي تأتي من حرق الوقود الأحفوري، الأمر الذي يؤدي إلى إطلاق الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، وبالتالي مفاقمة هذه الظاهرة. وتتفاقم هذه المشكلة في الهند، التي شهدت درجات حرارة صيفية قياسية مرتفعة وصلت إلى نحو 50 درجة في دلهي خلال شهر مايو من العام الحالي. وتتسبب درجات الحرارة التي تزيد على 40 درجة في حدوث مخاطر كبيرة للبشر، وخاصة لدى الأطفال الصغار وكبار السن والنساء الحوامل والأشخاص الذين يعانون من حالات طبية، وتُعدُ درجات الحرارة التي تزيد عن 45 درجة مئوية غير مواتية للبشر. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن درجة الحرارة المثلى لجسم الإنسان تقع ضمن نطاق ضيق للغاية يتراوح بين 18 إلى 24 درجة.

وبالنسبة للعديد من الأشخاص، يمثل تكييف الهواء ضرورة وليس رفاهية. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى أنظمة تبريد الهواء لتشغيل أنظمة التخزين الحاسوبية وتلبية غيرها من الاستخدامات الصناعية. وفي الشرق الأوسط، ترتفع درجات الحرارة للغاية في فصل الصيف. وتُستخدم بعض مكيفات الهواء حتى في المناطق الخارجية، مثل الأفنية المغطاة بستائر، حيث يرتفع الهواء البارد عبر فتحات التهوية في المنطقة المرصوفة. وفي بلد مثل قطر، يُعدُ هذا الأمر ممكنًا في ظل رخص تكلفة الطاقة.

ويمكن للمدن أن تستفيد من التصميم الأفضل لأنظمة التكييف وتبريد الهواء. ويتمثل نظام تكييف الهواء الطبيعي الفعّال في وجود الكثير من الحدائق المليئة بالأشجار، وزراعة المزيد من الأشجار على جانبي الشوارع لتوفير ظل طبيعي. ويكون لهذه الحدائق والأشجار تأثير تبريد طبيعي بينما يساهم الأسفلت والطوب والخرسانة في تخزين الحرارة وعكسها وتكثيفها. وفي الشرق الأوسط، يمكن أن تكون الصحراء أكثر برودة بالفعل من المدينة في يوم حار. وقد توصلت دراسة نُشرت في مجلة نيو ساينتست في عام 2021 إلى أن الأشجار في المدن يمكن أن تقلل من درجة حرارة الأرض بما يصل إلى 12 درجة؛ ومن المثير للاهتمام أن هذه الدراسة خلصت أيضًا إلى أن المساحات الخضراء الخالية من الأشجار لها تأثير ضئيل على درجة الحرارة.

ويمكن أن يساهم الظل الطبيعي وتخضير المدن في تخفيض الطلب على الطاقة. وبالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى المزيد من الآلات الموفرة للطاقة. وفي عام 2019، انضمت حكومة الهند إلى معهد روكي ماونتن في الولايات المتحدة لطرح جائزة التبريد العالمية، حيث قدمت مليون دولار لفريق المهندسين القادرين على تحقيق تحسينات سريعة في كفاءة استخدام الطاقة في وحدات التبريد. وأشار المنظمون إلى أن الهندسة الأساسية لوحدة تكييف الهواء التقليدية لم تتغير تقريبًا في المائة عام التي تلت تطوير المخترع الأمريكي ويليس كارير لأول وحدة تكييف في عشرينيات القرن العشرين. وهناك أيضًا إمكانات كبيرة لمساهمة أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحسين استخدام الطاقة داخل المباني، حيث يمكن استخدام أجهزة الاستشعار وتحليلات البيانات في تشغيل أنظمة التحكم. وتساعد الصيانة التنبؤية، التي تكتشف أجهزة الاستشعار فيها جزءًا يحتاج إلى الاستبدال قبل أن يتعطل. ويتطلب النمو المستمر تخطيطًا حضريًا أفضل وتكنولوجيا أكثر ذكاءً لمنع الحلقة المفرغة التي تؤدي فيها الآلات التي تبرد مبانينا من زيادة درجة الحرارة المحيطة بنا.

مساحة إعلانية