رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

سعدية مفرح

كاتبة كويتية

مساحة إعلانية

مقالات

1101

سعدية مفرح

الانحدار اللامع.. حين يرقص الفن على جثة القيم

21 أبريل 2025 , 02:00ص

ليست الكارثة في أن يظهر فنان على المسرح ليقدم وصلة فنية لا تعجبنا، نحن «جيل الطيبين»، كما يسمى كل من غادر الأربعينيات من عمره وحسب، بل في أن يتحول المسرح إلى منصة لاغتيال الذوق، وأن يُستبدل الفن بالاستعراض، والرسالة بالمهزلة، والجمال بالإثارة الرخيصة.

في ليلة أمريكية صاخبة، وقف «ممثل» مصري على خشبة المسرح مؤخراً، ليعرض جسده في بدلة رقص نسائية لامعة ومبتذلة!

لم يكن ما فعله مجرد “عرض فني”، كما يحاول أن يبرر، بل كان فعلاً مقصوداً بعناية، وموجهاً، ومشحوناً برسائل خفية وظاهرة في آن. لم يكن يبحث عن صدمة جمالية، ولا عن كسر لحدود فنية قديمة، بل عن ضجيج. ضجيج يداري خواء التجربة، وغياب الموهبة، وارتباك البوصلة. ضجيج يجذب الكاميرات، ويفتح أبواب الجدل على مصراعيها، ويعيد اسمه إلى “الترند”، ولو على حساب أجيال تبحث عن قدوة، وعن ملامح رجل شرقي لا ينهار تحت بريق الشهرة الغربية الزائف.

ما فعله «الممثل» ليس حدثاً معزولاً، بل هو حلقة في سلسلة طويلة من محاولات تجريف الوعي، وتفكيك الثوابت، وضرب ما تبقى من قيم في عالم عربي بات يتلقى صدماته الأخلاقية واحدة تلو الأخرى، دون أن يملك الوقت ليلتقط أنفاسه. فالفن الذي كان من قبل يُهذِّب الذوق، ويُنير العقول، ويُسائل الواقع، تحوّل على يد بعض المغامرين إلى لعبة تجارية قائمة على الانحدار، وعلى تصدير التفاهة باعتبارها “تحرراً”، والانحطاط باعتباره “فنّاً”، والخروج عن المألوف كأنه شجاعة، لا قلة حياء.

في بدلة الرقص النسائية التي ارتداها «الممثل»، لم يكن الجسد وحده عارياً، بل كانت الرسالة أيضاً عارية من المعنى، عارية من أي إحساس بالمسؤولية تجاه مجتمع يتفكك، نحو أطفال ومراهقين يتخذون من نجوم الشاشات والمسرح مرآة لهويتهم.

فما الذي يمكن لطفل في العاشرة أن يفهمه حين يرى “نجم الأكشن” و”الأسطورة” يرقص كراقصة مبتذلة على المسرح؟ وأي نوع من الرجولة يُعاد تصديره هنا؟ وأي مفاهيم تُزرع في اللاوعي الجمعي؟

* إن المشكلة ليست في حرية الفنان، فالفن الحقيقي لا يُربى في أقفاص، بل في غياب البوصلة القيمية. الفنان حين يعتلي المسرح، يعتلي قلوب الناس، ويتسلل إلى عقولهم، ويشغل وجدانهم. فإذا خان هذه المساحة، خان جمهوره. وإذا قرر أن يطل على الناس بلا مسؤولية، فليتحمل نتائج قراره، لا أن يتذرع بـ”حرية التعبير” ليخرب الذوق العام.

لقد دخل كثيرون مثل هذا المغني الممثل، في سباق نحو قاع لا قاع له. سباق لا يحترم الفن، ولا الجمهور، خاصة أن ما يُبث عبر المسرح، أو التلفاز، أو وسائل التواصل، ليس ترفاً، بل هو تشكيل للوعي، وصناعة للقيم، وخلق لنماذج إنسانية يتبعها الملايين.

* نحن لا نهاجم الأشخاص، بل نُحاكم الأفعال. لا نريد أن نصادر حرية أحد، لكننا نرفض أن تُغتال الحرية باسمها. نرفض أن يُصدر لنا نموذج مشوَّه عن الفن، عن الرجولة، عن الإنسان. نريد فناً يحمل همومنا، لا يسخر منها. نريد وجوهاً ترفعنا، لا تسحبنا إلى الأسفل. نريد فناناً يشعر أن على كتفيه عبء رسالة، لا مجرد عباءة لامعة وبذلة غريبة.

ولن يخلد التاريخ من رقص على المسرح في ثياب الآخرين، بل من مشى على الجمر بقلبه. ولن يبقى في الذاكرة من صرخ بالألوان والابتذال، بل من همس بكلمة صدق في وجه الانهيار. ونحن، في زمن اختلط فيه كل شيء، ما أحوجنا لأولئك الذين يحمون نار الجمال من الريح، لا لأولئك الذين يرقصون حول رمادها.

اقرأ المزيد

alsharq خطاب سمو الأمير.. دعم أسس الدولة الحديثة

في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى استهل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد... اقرأ المزيد

198

| 22 أكتوبر 2025

alsharq حين تضعف منظومة الحكم الرشيد

لم يعد مشهد الاحتجاجات والحراك الشبابي مفاجئًا لنا وللمراقبين في عالمٍ يتغير بسرعة مذهلة، وحيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية... اقرأ المزيد

276

| 22 أكتوبر 2025

alsharq خطاب سمو الأمير.. رؤية واضحة ومسار وطني راسخ

جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد... اقرأ المزيد

114

| 22 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية