رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يبدو أن هذه الحكمة التي أشار إليها الكاتب مصطفى حايد هي إحدى مرتكزات السياسة الخارجية القطرية لأن الموقف القطري يحدده فهم الآليات النفسية التي تقود إلى العنف الاجتماعي الذي هو ليس ترفا فكريا بل هو خطوة أساسية نحو تفكيكها ومقاومتها وبدلا من أن نكون ضحايا سلبيين لهذه العمليات يمكننا الاختيار أن نكون فاعلين ومؤثرين في كسرها. هل لاحظتم موقف قطر من تصعيد حرب الإبادة وهي كوسيط تسجل عدم تفاعل المحتلين مع حلول مقترحة من قبل الوسطاء ولذلك لا تستبعد الانسحاب من هذه الوساطة. وإذا أردنا تحليلا صحيحا مثلا للزيارة الموفقة التي أداها حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى إلى موسكو فنحن ندرك أن غاية السياسة الخارجية الذكية القطرية هي الحرص على توازن الشركاء وتعادل الحلفاء بين القوى العظمى التي تتصارع وتتقاسم النفوذ والمكاسب وثروات العالم فيما بينها. وهل يفيد إنكار هذا المعطى الأساسي في مجال العلاقات الدولية الراهنة والاستعاضة عن الواقع رغم مرارته بأحلام وهمية وبطولات جوفاء قد تعود علينا نحن العرب والمسلمين بالوبال والخيبات ومزيد الهزائم؟!
بهذا التفكيك العميق لحقائق العلاقات الدولية نفهم الوساطة القطرية بين المحتلين مغتصبي الأرض وحماس التي تدافع عن أرضها ومستقبل شبابها.
وأورد هنا رأيا يندرج في نفس السياق كتبه المدون التونسي حميد الغربي يقول فيه: «الاستهانة بحقوق الشعوب لا تصنع سلاما بل تراكم الغضب وتمهد لانفجارات لا تحمد عقباها. فحين يصبح الظلم قانونا يعوض القانون الدولي كما جاء في ميثاق الأمم المتحدة علينا أن نرفضه مع إدراكنا بأننا لا نريد عالما خاليا من الظلم فالظلم داء قديم وجرح يسكن الأرض منذ أن قتل قابيل هابيل لكن المصيبة أن يصبح للظلم أنصار وأن يتحول الجلاد إلى بطل والضحية إلى متهم.
* إن العدالة لم تعد عمياء بل مكممة مقيدة مختطفة من قبل كائن يصرخ في وجه الزمن بأنه هو القانون وأن من يعارضه خائن وأن الوطنية حكر على عيونه التي لا ترى وأذنيه التي لا تسمع ولسانه الذي يقطر حقدا. وكم من ضحية فلسطينية أخرى بعد عشرات الآلاف من الأبرياء ونصفهم من الأطفال على أيدي (ناتنياهو) المطلوب من محكمة الجنايات الدولية ليدرك الأحرار أن الوقت حان لمقاومة القهر والإبادة بالطرق العقلانية؟ وكم من مرة سنشرب القهر كالماء ونعض على الغصة كالرغيف؟ توزع المظالم كما توزع القبائل الطبول والمزامير يوم العيد. ومن يحلم يدفن حيا ومن يقول «لا» رافضا تعويض القانون الدولي بقانون الغاب يطرد من جغرافيا الوطن ومن يطالب بالحرية يتهم بالخيانة وتصبح القوانين لا تحمي الحقوق بل تدوسها وتصبح محاكمهم لا توزع «عدالتهم» بل تبيعها. حيث إن السكوت ليس حيادا بل جريمة.. بل خيانة. لن يتوقف الظالم لأنه لم يجد من يوقفه ولن يتراجع لأنه وجد في عبيده تصفيقا لكل صفعة.. هو لا يفهم معنى الوطن لأنه ليس من هذا الوطن.. وفي نفس سياق انعدام المنطق واستفحال الفوضى الاقتصادية والمالية وفي ظل الحرب الجمركية التي يشنها الرئيس (دونالد ترامب) يبقى السؤال الأكثر تداولا: هل سيصمد الدولار ويحافظ على مكانته المركزية في الاقتصاد العالمي؟
وفي حال أرادت الدول التخلي عن «الأخضر» فهل من بدائل؟ وكما نعلم فالدولار يترنح على وقع الحرب الجمركية التي يشنها الرئيس (دونالد ترامب) غير أنه لا يزال في الوقت الراهن يحافظ على موقعه كعملة لا غنى عنها في المبادلات التجارية والاحتياطات العالمية. لكن لكم من الوقت؟ فالعملة الخضراء التي تستمد قوتها من النفوذ الاقتصادي والسياسي للولايات المتحدة تظل الوسيلة الأوسع انتشارا للتحوط في أوقات الأزمات أو النزاعات لكن يمكن أن تفقد قيمتها مع تحول القوة والنفوذ من الولايات المتحدة إلى الصين مثلا وهي التي تملك اليوم عام 2025 أكبر مخزون من الدولارات بل أكثر مما هو موجود في الخزينة الفيدرالية الأمريكية!!!
ولعل العملاق الروسي الذي ظل نائما إلى اليوم شرع يستيقظ من سباته بعد أن أيقظته حربه مع أوروبا القارة العجوز المتهالكة عبر الضحية أوكرانيا!!
* هذه روسيا التي يزورها حضرة صاحب السمو أمير قطر، حفظه الله، وتتضمن مذكرة تفاهم بين جهاز قطر للاستثمار وصندوق الاستثمار الروسي: دفع التعاون مع روسيا إلى مجالات أرحب حيث تم توقيع اتفاقية و3 مذكرات تفاهم لبحث سبل تعزيز العلاقـــات وكذلك دعم الـتـعـاون والاسـتـثـمـار فـي عـدد مـن الـقـطـاعـات الحيوية لا سـيـمـا فـي مـجالات الـطـاقـة والاسـتـثـمـار والـثـقـافـة والـصـحـة بالإضافة إلى مناقشة أبرز القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين خاصة تـطـورات الأوضـاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة وسوريا ولبنان وذلك في حفل رسمي بقصر الكرملين والذي استهله فخامة الرئيس بالترحيب بسمو الأمير، مشيرا إلى تطور العلاقات بين البلدين ومنوها بزيارة سمو الأمير وما تجسده من عمق علاقات الصداقة والتعاون بينهما واصـفـا قطر بكونها مـن أهـم الـشـركـاء لـبلاده في الشرق الأوسـط. كما أعـرب فخامته عن تطلعه إلى تطوير هذه العلاقات لتشمل كافة مجالات الشراكة بما يحقق مصالح وطموحات الشعبين الروسي والقطري. وأصر سمو الأمير على إدراج قضيتنا المركزية الفلسطينية ضمن المحادثات وتضمينها في البيان الختامي للزيارة بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وذات السيادة في حدود 1967وعاصمتها القدس الشرقية.
* إنه لمن دواعي الاعتزاز أن تشق دولة قطر طريقها بين الأعاصير التي تعصف بالعالم وتفرض موقفها المشرف الجريء في الوساطات والمحافل الدولية دون أن تتنازل عن القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التي تؤمن بها وتتخذها مرجعا لعلاقاتها الخارجية وسياساتها العقلانية بتوجيه حكيم من حضرة صاحب السمو أميرها وقائد مسيرتها، حفظه الله ورعاه، وهو ما يفسر مصداقية قطر وثقة الدول فيها. ولو تأملنا فقط نجاح الجزيرة بقنواتها العديدة في كشف جرائم الإبادة وكيف استطاعت الجزيرة بلغاتها العالمية المعروفة وبـ 450 مليون مشاهد يوميا أن تصنع رأيا عاما عالميا ضاغطا على الحكومات وفاعلا في توجيه المواقف الدولية والأممية تجاه قضية شعب فلسطين...!
موازنة الدولة 2026 نهج متوازن يعزز جودة التنمية
تعكس موازنة الدولة للعام المالي 2026 جملة من المؤشرات الإيجابية التي تؤكد حرص الدولة على ترسيخ الاستقرار المالي،... اقرأ المزيد
81
| 13 ديسمبر 2025
من الرياض.. أطيب التهاني للدوحة بيومها الوطني
من فضل الله تعيش دول مجلس التعاون الخليجي اليوم مرحلة غير مسبوقة من التقارب والتنسيق، تعمّقها رؤى قادتها... اقرأ المزيد
159
| 13 ديسمبر 2025
العدالة المعلقة بين النية المبطنة والإبادة المعلنة 1-2
على شريط ساحلي قبالة بحر أبيض، وبتوقيت يكاد يتفق واللحظة، تُعاد كتابة التاريخ بدمٍ لا يزال يجري طوفانه!... اقرأ المزيد
132
| 13 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2418
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2268
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل كراية مرفوعة تتقدم بثبات لا يعرف الانحناء. خطا اللاعبون إلى العشب بخطوات واثقة، كأنهم يحملون على صدورهم تاريخًا يرفض أن يُمحى، وكأن كل نظرة منهم تعلن أن حضورهم موقف لا مجرد مشاركة. لعبوا بروح عالية، روح تدرك أنها تمثل وطنًا يقف رغم العواصف، وطنًا يُعلن في كل لمسة كرة أنه باق، صامد، وشامخ مهما ضاقت به الأيام. المنتخب الفلسطيني قدم أداءً أذهل النقاد وأوقف الجماهير احترامًا. لم يكن الفوز ولا التعادل وليدي صدفة، بل ثمرة بناء ذهني وشراكة وجدانية بين لاعب يعرف لماذا يلعب، ومدرب يحول الحلم إلى خطة، والخطة إلى واقع. منذ اللحظة الأولى ظهر الفريق كجسد واحد، تتشابك أرواح لاعبيه بخيط خفي. لم تلعب فلسطين بأقدام كثيرة، بل بقلب واحد. كانت احتفالاتهم بالأهداف تُشبه عودة غائب طال اشتياقه، وتحركاتهم الجماعية تؤكد أن القوة الحقيقية تولد من روح موحدة قبل أن تولد من مهارة فردية. ولم يعرف اللاعبون طريقًا إلى التراجع؛ ضغط مستمر، والتزام دفاعي صلب، واندفاع هجومي يُشبه الاندفاع نحو الحياة. في مباراتهم الأولى أمام قطر لعب "الفدائي" بثقة المنتصر، فانتزع فوزًا مستحقًا يليق بروح تقاتل من أجل الشعار قبل النقاط. وفي مواجهة تونس، ورغم صعوبة الخصم، حافظ اللاعبون على حضورهم الذهني؛ لم يهتزوا أمام ضغط الجمهور ولا لحظات الحماس، بل لعبوا بميزان دقيق يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع. فجاء التعادل إعلانًا أن فلسطين جاءت لتنافس، لا لتكمّل المشاركة. وراء هذا الأداء كان يقف مدرب يعرف لاعبيه كما يعرف صفحات كتابه المفضل. وظف قدراتهم بذكاء، وزع الأدوار بانسجام، وأخرج من كل لاعب أفضل ما لديه. وبدا الفريق كآلة متقنة، يعرف كل جزء فيها دوره، وتتحرك جميعها بتناغم ينبض بالحياة والتكيف. كلمة أخيرة: لقد كتب الفدائي اسمه في كأس العرب بمداد الفخر، ورفع رايته عاليًا ليذكرنا أن الرياضة ليست مجرد لعبة بل حكاية وطن.
1458
| 06 ديسمبر 2025