رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أكثر ما يحزنني فعلا برغم المأساة الكبرى التي تفتك بقلوبنا يوميا- حرب الإبادة في غزة، وغيرها من مآسٍ تملأ حياتنا طولا وعرضا من المحيط إلى الخليج إلى كل مكان فيه عربي أو مسلم- هو أن كل ذلك، رغم بشاعته، هو مجرد عملية إلهاء كبرى، عن الواقع المخيف الذي يُحضّرُ للجميع، ولنا بصفة خاصة. فحرب الإبادة الحقيقية شاملة ولا تستهدفنا نحن فقط. وهي تقترب من مراحلها التنفيذية الأخيرة، بينما نحن جميعا، من أعلى الهرم إلى أسفله، منشغلون حتى أذقاننا في شأننا المحلي، تماما وفق الخطة التي رسمها أعداء الإنسانية، منذ عقود بل قرون، نقلونا خلالها من عالم الحقيقة، إلى الخيال، إلى اللاواقع، إلى عالم يصبح الخيال فيه هو الواقع.
وهنا بعض التفاصيل. كثيرون سمعوا عما سمي «الإنفلونزا الإسبانية»، وسرت الرواية طويلا على أنها كانت وباء لا دخل للبشر فيه. وكنت أشرت في مقالات عدة وفي كتابي الذي صدر حديثا «صناعة الكفر» إلى أن ذلك الوباء وغيره، لم تكن كوارث طبيعية ولكنها صُنعت على أيدي أعداء الإنسانية. بالأمس وقعت على دليل جديد يؤيد صحة ما خلصت إليه.
فيرا شاراف، يهودية أمريكية، رومانية الأصل، ناشطة في مجال حقوق الإنسان وفضْح جريمة ما يسمى «تحسين النسل»، شاهد إثبات معي اليوم. فيرا، هي إحدى الناجيات مما يسمى المحرقة اليهودية، صاحبة عدة كتب منها «فاوتشي الحقيقي» و»الاستيلاء العظيم». تحدثَتْ في مناسبات عدة، وخاصة في «الاستيلاء العظيم»، عن زيف ووهم النظام العالمي وخاصة النظام البنكي، وأنه مصمم للاستيلاء على كل شيء لدى البشر بلا استثناء. فيرا انقلبت على النظام العالمي بعد موت ابنها نتيجة دواء قاتل. شبهت الدواء بما كان يُعطى لليهود خلال «مأساتهم إبان الحرب العالمية الثانية». وتكشف الآن أن الأوبئة، في العصور الحديثة، لم تكن كوارث طبيعية وإنما «مؤامرات».
تقول: في العام 1915، دشن ج. د. روكفلر، وأندرو كارنيجي، وغراهام بيل، مخترع الهاتف، وآخرون، مؤامرة «تحسين النسل». تضيف: كانوا قد عززوا بالفعل احتكاراتهم في النفط، وصناعة الصلب، والسكك الحديدية، والمصارف، وفكروا في تطوير خططهم للسيطرة على البشر وتقليل أعدادهم. كان الهدف من «تحسين النسل»، ولا يزال، هو القضاء على مَن اعتبرتهم النخبة أدنى منهم كبشر. شنوا حملة ضغط ضخمة لاستصدار قوانين لتعقيم البشر «الأدنى». صدرت قوانين التعقيم بداية في 28 ولاية، واستهدفت 10 ٪ من الأمريكيين. أي 15 مليون أمريكي، آنذاك، بحجة تحسين الصحة العامة والجنس البشري. كانت تلك القوانين بمثابة نموذج لقوانين التطهير العرقي النازية. استمرت عائلة روكفلر تقود حملة «تحسين النسل وتقليل السكان»، فصنعوا «الإنفلونزا الإسبانية» كجزء من حملتهم تلك. وظلوا لأكثر من قرن يروجون رواية كاذبة عن أنها كانت وباء، لكن الحقيقة أنها وجائحة كورونا كانتا مصنوعتين، وأوجه التشابه بينهما كثيرة.
وتمضي شاراف قائلة: الحقيقة أن ما سمي «الإنفلونزا الإسبانية» لم يكن إسبانيا، ولا طبيعيا ولا فيروسيا!.. القصة أنه عندما دخلت أمريكا الحرب العالمية الأولى، أرسلت أمريكا مليوني جندي للقتال في أوروبا. رأى روكفلر ومن معه في معهده للأبحاث الطبية ذلك فرصةً لاختبار وتجربة لقاحٍ جديد لقتل عدد كبير من البشر. كان ذلك في يناير 1918. اختبر روكفلر مصلا مصنوعا من مخلفات الخيول، لعلاج الالتهاب الرئوي البكتيري، على السكان والجنود أيضا. استخدموا الجنود خنازير تجارب. قتل المصل أكثر من ألف جندي خلال فترة التجربة فقط، وحمل الناجون المرض معهم إلى زملائهم المنتشرين في أوروبا. ومن هنا انتشرت العدوى في كل العالم. وفي العام 2008 أجريت دراسة تشريحية على نحو 9 آلاف جثة، أثبتت أن جائحة 1918 لم تكن بسبب الإنفلونزا، وإنما نتيجة الالتهاب الرئوي البكتيري، الذي سببه المصل. قتل المرض جنودًا من جميع الدول أكثر بكثيرٍ من كل الأسلحة. ووصل عدد الضحايا لنحو 100 مليون شخص.
شاهد عيان على تلك الجريمة هي د. إليانور ماكبين التي عاشت خلال جائحة 1918، وهي في عمر الـ 13، ولكنها وعائلتها لم يتلقوا المصل، فكانوا من بين الناجين القلائل. وقد ألفت ماكبين كتبا عدة بينها «الحقنة المسمومة»، 1957، و»التطعيم، القاتل الصامت»، و»فضح حقيقة إنفلونزا الخنازير»، 1977. وقالت ماكبين: لو كان ذلك وباء فيروسيا لقتلنا أيضا فقد كنا نساعد المرضى ونختلط بهم.
كان هذا في السابق، لكن حرب أعداء الإنسانية علينا لا تتوقف بل تتطور. تخبرنا مواقع أمريكية بينها موقع «أخبار حقيقية»، أننا وبسبب «الذكاء الصناعي»، على بعد سنوات فقط من «حروب روبوتات» سيستخدمها أعداء الإنسانية لإطلاق حرب إبادة جماعية ضد الجنس البشري، لتحقيق فكرة «المليار الذهبي». وهم يواصلون ترويج كذبة أن الروبوتات تعلمت الشر من البشر من خلال قراءتها تاريخ الحروب والإجهاض والإبادة الجماعية. ولعلنا شهدنا بالفعل مقدمة ذلك في حرص أوكرانيا منذ شهور، على إحلال الروبوتات محل القوات البرية. وكانت أوكرانيا أعلنت في مارس الماضي، وسط نزيف قواتها البشرية، أنها ستنشر 15 ألف روبوت أرضي مسلح خلال هذا العام. ما يجعلنا أمام «مسيرات جوية» يعرفها الجميع، و»مسيرات أرضية»، تمشي على الأرض، لنكون أمام تجسيد حقيقي لأفلام هوليود التي يبيدون فيها الناس بالجملة، بأسلحة كنا نعتبرها من الخيال العلمي، الذي أصبح حقيقة. لذلك علينا أن نستعد فـ «الروبوتات قادمون»!.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1200
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
792
| 10 ديسمبر 2025