رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جابر محمد المري

مساحة إعلانية

مقالات

588

جابر محمد المري

زيادة معدلات النمو السكاني

26 أغسطس 2025 , 02:51ص

لا شك أن الثروة البشرية تعد هي عماد أي دولة أو كيان يسعى إلى البقاء والوجود، وهي طبيعة فطرية فطر الله خلقه عليها وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويزدادوا ليعمّروا الأرض التي خُلقت من أجلهم، وحمّلهم الأمانة ليقسطوا فيها ويعدلوا ولا يُغيّروا من طبيعتهم التي خُلقوا عليها، وبين التكاثر بمفهومه الطبيعي الغريزي وما جاء بعدها من تعريفات ومصطلحات حول الحالة الوجودية للإنسان، اختلت موازين الحياة وأصبحت المجتمعات العربية والمسلمة في وقتنا الحاضر أسيرة للنظريات والمعتقدات الغربية التي تنادي بتحديد عدد النسل وعدم الإكثار من الإنجاب !

ورغم سعي دولة قطر ودول الخليج لزيادة معدلات النمو السكاني لديها لرفع نسبة المواطنين من إجمالي السكان إلا أنها لا زالت ومنذ سنوات تعاني من انخفاض معدلات الإنجاب، وهو الأمر الذي يكتنفه العديد من الإشكاليات المركبة والمتراكمة التي تحتاج إلى وقفة جادة واستنفار على كافة الأصعدة لإيجاد الحلول المناسبة لهذه المعضلة.

ففي أحدث دراسة أُجريت في دولة قطر حول هذا الموضوع أثبتت أن المعدلات في قطر تراجعت إلى 2.9 % عام 2017، حيث تبين الإحصائيات تراجع المعدل بنسبة 5.3% عام 1986 إلى 4.6% عام 1997، ثم إلى 4.5% 2004، ثم شهدت الأعوام الستة التالية حتى عام 2010 أكبر معدل للتراجع إلى وصولها إلى هذه النسبة الضعيفة في عام 2017، وتزامن هذا التراجع مع ارتفاع في معدلات الطلاق، وانخفاض في معدلات الزواج لدى المواطنين القطريين، وأما متوسط العمر عند الزواج الأول فلم يشهد خلال العقدين الأخيرين تغيرات كبيرة، وإن كان اتجاهه العام يميل نحو الارتفاع.

وأوضح معهد الدوحة الدولي للأسرة عضو مؤسسة قطر الذي أجرى الدراسة التي جاءت بعنوان « المحددات الاجتماعية للخصوبة في دولة قطر « أن هناك 6 عوامل تشكل محددات لقرار الإنجاب في قطر، وهي عوامل الاختيارات الشخصية والاقتصادية والهيكلية أو المتعلقة بمنظومتي التعليم والعمل والعوامل الصحية، وقد أكد غالبية المشاركين في هذه الدراسة على تفضيل تحديد النسل والاكتفاء بطفلين أو ثلاثة على الأكثر، وأن الإناث يملن بشكل أكبر لتحديد النسل، وذلك لعدة أسباب، منها الاعتناء بالرفاه العام للأسرة وأفرادها.

وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات، من بينها تعديل قانون العمل ليمنح الموظفة الحامل في جميع القطاعات إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 6 أشهر، وأن تعود الموظفة إلى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية ناتج عن إجازة الأمومة، وضرورة منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين من استحداث إجازة والدية، وإلزام أصحاب العمل في كافة القطاعات الذين يبلغ تعداد موظفاتهم 20 موظفة أو أكثر بإنشاء دار للحضانة في مكان العمل تستوعب الأطفال في عمر الحضانة، كما أوصت الدراسة بضرورة إنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية ترتفع قيمتها كلما زاد عدد الطفال في الأسرة، ومنح العائلات مساعدات مالية لتغطية تكاليف رعاية الأطفال وخاصة تكاليف الحضانات ورياض الأطفال والمدارس الخاصة، وضرورة التوسع في إنشاء قاعات الأفراح لتشمل جميع مناطق الدولة والارتقاء بالخدمات المقدمة فيها.

ونوهت الدراسة إلى جانب مهم جداً وهو وجود علاقة بين نمط الحياة الصحي ومعدلات الإنجاب، حيث اتفقت عينات الدراسة على أن نمط حياة الأسرة يؤثر على معدلات الإنجاب، وبأنه لا بد من أهمية ممارسة الرياضة لتحسين الصحة بشكل عام، والتي تساعد في إنجاب أطفال أصحاء، بينما من الممكن أن يؤثر الكسل والسمنة سلباً على معدلات الإنجاب، كما أُشير في الدراسة إلى دور التكنلوجيا البيولوجية الحديثة في المساهمة في علاج العديد من حالات العقم وتأخر الإنجاب. 

ولا ريب أن معادلة (عدم الإنجاب) تساوي في قيمتها (شيخوخة السكان) وهو ما يعني (دق ناقوس الخطر) الذي يؤدي لا قدّر الله لـ (كارثة) لا يحمد عقباها، وهي المرحلة التي تكافح الدولة من أجل القضاء على مسبباتها، ليكون الهدف هو تحقيق ما يسمى علمياً بـ (فتوة السكان) من خلال زيادة نسبة الشباب والأطفال في التركيبة السكانية، وهي المرحلة الديموغرافية التي تمر بها المجتمعات عندما ترتفع نسبة السكان في سن العمل من ( 15-64 ) مقارنة بنسبة الأطفال (أقل من 15)، بمعنى آخر، هي الفترة التي يصبح فيها الغالبية العظمى من السكان في سن الإنتاج والعمل وتوافر قوة عمل شابة ومنتجة، مع انخفاض الأعباء النسبية لإعالة الأطفال وكبار السن، وزيادة فرص الادخار والاستثمار، وارتفاع معدل النمو الاقتصادي إذا ما تم استثمار الموارد البشرية استثماراً جيداً.

ومن أمثلة المعاناة مع شيخوخة السكان مع دولة اقتصادها من أعظم اقتصاديات العالم كألمانيا جعلها تلجأ للمهاجرين لإنقاذ اقتصادها، وهو ما انتهجته مع مئات الآلاف من اللاجئين السوريين لتعويض التراجع الديموغرافي وحماية اقتصادها، فالتقديرات الرسمية توضح أن البلاد بحاجة إلى 400 ألف مهاجر سنويا للحفاظ على حجم القوى العاملة في ظل الشيخوخة وتناقص السكان. 

فاصلة أخيرة

تخيّلوا معي لو قَبِلَ المجتمع وشجّع وحث على الزواج مبكراً والإكثار من الإنجاب، وزاد ذلك على التشجيع على التعدد، هل سنعاني من قلة السكان والإنجاب ؟!

إذن المشكلة تكمن فينا كمجتمع ونظرته إلى أن التحضر والرقي في تحديد النسل حتى نضمن لهم بزعمهم حياة سعيدة !

اقرأ المزيد

alsharq رحمات مُرسلة

في مسيرة الحياة، تتسلل إلينا بعض الأرواح كأنها إشارات خفيّة من السماء، تحمل في حضورها سكينة تخفف عن... اقرأ المزيد

324

| 21 أكتوبر 2025

alsharq متى تعود غزة للحياة؟

ما هذه الأخبار التي نقرأها كل يوم؟! أليس من المفترض أن يكون قرار وقف إطلاق النار ساريا منذ... اقرأ المزيد

135

| 21 أكتوبر 2025

alsharq ثقافة الإلغاء

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح توثيق كل كلمة وصورة سهلا وفي متناول اليد. وكل صواب وخطأ يمكن... اقرأ المزيد

159

| 21 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية