رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

327

هديل رشاد

اليوم التالي وخطة الجنرالات

29 يناير 2025 , 02:00ص

قد تكون ترويدة اليوم مختلفة باختلاف الظرف الصحي الذي أعيشه، والذي يتطلب مني الراحة التامة. ومع ذلك، فإن مشاهد العز والانتصار التي تناقلتها وسائل الإعلام العربية والغربية الحرة الشريفة لعودة سكان شمال قطاع غزة إلى أراضيهم قد آنستني وأعادت لي بعضًا من قوتي، بل انتصرت على آلامي التي تضاءلت أمام مشاعر الغزيين المختلطة بين فرحة العودة وحزن الفقد؛ الفقد في الأرواح والممتلكات. وهذا ما دفعني لكتابة هذه الكلمات من على سرير الشفاء لأتشارك فرحة العودة مع مئات الآلاف من سكان الشمال. هذا المشهد الذي حاولت حكومة الاحتلال الإسرائيلي منعه لأنه يتعارض مع أفكارهم الاستعمارية الاستيطانية، وخطة الجنرالات خاصة في قطاع غزة.

لقد أدركنا حجم النصر الذي تجلى في عودة السكان إلى شمال قطاع غزة من خلال ردود الفعل الإسرائيلية، خاصة من وزير الأمن الإسرائيلي السابق المتطرف إيتمار بن غفير، الذي رأى في عودة السكان إلى غزة انتصارًا لحماس واستسلامًا مطلقًا لجيش كيانه المزعوم، في ظل أجندة حكومته التي حاولت تهجير سكان غزة من الشمال وتهيئة الأرضية للمشروع الاستيطاني الاستعماري.

إن المشهد المهيب الذي سطره سكان شمال قطاع غزة خلال عودتهم إلى مناطق سكناهم عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين سيرًا على الأقدام لمسافة 7 كيلومترات، وهم يعلمون تمام العلم أن مساكنهم سُويت بالأرض، وأن هناك عددًا من المفقودين تحت الركام بل قد تحولوا إلى هياكل عظمية، أكد هزيمة الكيان المحتل بكل ما أوتي من قوة ودعم خارجي من أعتى الدول أمام صمود الغزيين. ليكتب بذلك فصلاً جديدًا من فصول الانتصارات الحقيقية أمام الأوهام التي ينسجها الكيان المحتل المشبع بالفكر الصهيوني بأنه يستطيع اقتلاع الفلسطيني من أرضه. فهذا المشهد سجله التاريخ ليكون وثيقة ليس لإسرائيل التي تعيش على الدعم الخارجي فحسب، بل للمتواطئين من العرب الذين يروجون لأفكارهم المسمومة بأن الفلسطيني قد باع أرضه. وهيهات هيهات أن يبيع الفلسطيني أرضه للمستعمر المحتل. فما عايشه الأجداد والآباء في 1948 نتيجة تخاذل عربي، يصعب على الأجيال الجديدة الوقوع في الفخ ذاته. فلا عهد ولا وعد مع الصهاينة.

* إن تاريخ 27 يناير 2025 بات وصمة عار في تاريخ الكيان المحتل، ويضاف إلى تاريخ السابع من أكتوبر 2023 الذي مرغ أنوف المحتل في تراب غزة الطاهر لفشله استخباراتيًا وعسكريًا. هذا المشهد الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام الغربية قبل العربية، دفعهم لطرح سؤال كبير: ما الذي كان يصنعه جنودهم طيلة الـ15 شهرًا الماضية في قطاع غزة؟ ما الأهداف التي حققتها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حربها على غزة؟ فما حققه الكيان من تدمير مادي في قطاع غزة لا يعد مقياسًا للنجاح بل هو بكل تأكيد مقياس للفشل. وكلما استهدف المدنيين واستهدفت البنى التحتية، كلما خسر الطرف المعتدي أكثر. وهذا ما أكده أندرياس كريغ - كاتب متخصص في شؤون الشرق الأوسط - خلال مداخلة له في برنامج «ما خفي أعظم»، قائلاً: «إن أكبر خطأ باعتقادي كانت إسرائيل تعاني منه وما تزال حتى اليوم هو أنهم يقاتلون فكرة في عقول الناس، وهذه الفكرة أكبر بكثير من حماس».

طوفان العودة قلب موازين النصر والهزيمة. فهو نصر لإرادة الشعب الفلسطيني، وتحديدًا لإرادة سكان قطاع غزة، الذين عاشوا ويلات حرب إبادة ممنهجة على مدار 15 شهرًا لم ولن يشهدها التاريخ الحديث، مقابل الكيان المحتل بذخائره وآلاته العسكرية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وكندا، وبدعم غير مباشر من بعض الدول الشقيقة التي ضيقت الخناق على قطاع غزة. ورغم هذه الحرب الشعواء التي ابتلعت الأخضر واليابس، واستهدفت الأطفال والنساء والشيوخ، خرج الغزيون وكان لسان حالهم يردد: «فإما حياة تسر الصديق. وإما ممات يغيظ العدى». خرجوا مرفوعي الرأس ينشدون العودة إلى ديارهم، وبالفعل كان لهم ما أرادوا. هذا الحلم الذي رآه ضعاف النفوس مستحيلًا، مراهنين على استسلام فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها «حماس»، ومراهنين على ضعف الحاضنة الشعبية لفصائل المقاومة، الذين سيستسلمون مقابل حرية مؤقتة في دول مجاورة. إلا أن الغزي لم يذقهم ما أرادوه، بل وبفضل الله ومقاومته الباسلة، رضخ العدو، وجعلته يجثو على ركبيتيه كما رسم لهم أبوإبراهيم الشهيد يحيى السنوار، حتى وصلوا إلى صفقة كانت فيها المقاومة الفلسطينية المبتدأ والخبر.

ختامًا:

* ما حدث كان نقطة فارقة في المشروع الاستيطاني وفي مسار العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. ما حدث خلق واقعًا جديدًا في العملية التفاوضية، ليس الآن فحسب، بل إلى أن يرحل الاحتلال عن أراضينا. ليكون اليوم التالي لنا، وليس خطط الاحتلال وجنرالاته، فإن عاشت غزة لذة العودة الصغرى، نحن وكل من هم في دول المهجر والشتات نتطلع إلى لذة العودة الكبرى للقدس وحيفا ويافا وعكا وفلسطين بأكملها.

 

اقرأ المزيد

alsharq تأهيل ذوي الإعاقة مسؤولية مجتمع

لم يعد الحديث عن تأهيل ذوي الإعاقة مجرد شأن إنساني أو اجتماعي بحت، بل أصبح قضية تنموية شاملة... اقرأ المزيد

207

| 24 أكتوبر 2025

alsharq منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح

النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز بالتّجدّد وتظهر دائما من خلال المشاريع الجديدة العملاقة المعتمدة على... اقرأ المزيد

693

| 24 أكتوبر 2025

alsharq لا تنتظر الآخرين لتحقيق النجاح

في حياتنا اليومية، نجد أنفسنا غالبا ما نعتمد على الآخرين لتحقيق النجاح والسعادة. نعتمد على أصدقائنا وعائلتنا وزملائنا... اقرأ المزيد

120

| 24 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية