رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تعد ظاهرة الإسلاموفوبيا أحد العناصر التي تتحدد من خلالها صورة المسلمين في الواقع الغربي، فتكون إما تجليا للقبول والاعتراف بهم كمكون من مكونات النسيج الاجتماعي الغربي، واعتبار الإسلام من التعبيرات الثقافية التي تبلورت في السياق الأوربي والغربي عامة خلال العقود الأخيرة، أو تكون عنصرا ودافعا للرفض والاستبعاد، فيتم النظر إليهم؛ أي إلى المسلمين، باعتبارهم غرباء، يجسدون الآخر المختلف حضاريا وثقافيا، ومن ثم عدم إمكانية مد الجسور والاندماج حسب المصطلح التقليدي، والاعتراف بالتعبير الفلسفي. وتلك الصورة السائدة، والتي تتأرجح بين الاعتراف بالمكون الإسلامي في السياق الغربي أو استبعاده، تكشف عن طبيعة التمثلات التي تشكلت حول الإسلام، والتي غذتها أسباب تاريخية وفكرية وسياسية واجتماعية، أي أن للظاهرة جذورا تغذيها في تجلياتها السلبية، ولا يتوقف الأمر على العوامل الراهنة التي تنسج على منوالها علاقة الإنسان في أوروبا والغرب عامة بالإسلام والمسلمين، والتي يقف فيها الإعلام الأداة الفعالة في توجيه الوعي، وإنما تتحدد بالترسبات الكامنة في ثنايا التاريخ وفي الصراع الفكري والسياسي، وهي التي تكون مادة خصبة للاستخدام من الأطراف التي تستثمر في الإسلاموفوبيا وتوظفها في السياق الراهن لإبقاء حالة من المفاصلة مع الإسلام والمسلمين، وتوظيف تلك الحالة توظيفا سياسيا كما تجلى في المقالة السابقة، لكن الظاهرة تتغذى على أكثر مما هو ظاهر، حيث يجد خطاب المعاداة مشروعيته في صيرورة من التراكم التاريخي القائم على التباين بين الغرب والشرق والحروب والنزاعات، إلى حدود الاستعمار، ثم من جانب آخر مع البعد الفكري، حيث تمت صورة المسلمين على مرحلتين، مع الدراسات الاستشراقية -الفرنسية بالأساس- ونظرية صدام الحضارات. ما الأسس الفكرية والتاريخية التي تشكل مصدر استمداد للإسلاموفوبيا؟ المصادر والمحددات الفكرية والتاريخية للإسلاموفوبيا وكل هذا، سواء في السياق الغربي أو غيره من السياقات، بحاجة لقراءات جديدة، تقدم النبي الكريم في طبعه الإنساني المتفرد، ولا يمكن ذلك في واقع الأمر، إلا بتجاوز منطق التأليف في السيرة النبوية والتعريف بها، بغير النمط الذي ظل سائدا، وهو نمط ظل يركز في تأريخ التجربة النبوية على الغزوات والسرايا، مما أدى إلى إغفال الجوانب الأخرى الملهمة، والتي شكلت القاعدة في حياة النبي الكريم واتساع قاعدة المجتمع الإسلامي، والمقصود بذلك نظام القيم الذي غرست مبانيه ومعانيه في الجيل الأول، فكان مثل بذرة أصبحت شجرة وارفة الظلال، اتسعت أغصانها بفعل الأخلاق الإسلامية والمعاملة الحسنة، وليست بمنطق القوة، فإنما القوة كانت وسيلة لحماية النظام العام كما هو شأن كل الأمم التي انتقلت إلى وضعية الدول أو الإمبراطوريات. ولم تكن القوة جوهر الرسالة النبوية، إنما الرحمة مع مطلق الإنسان أيا كان أصله ومعتقده بصريح الآية القرآنية «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، وأن التفاضل بين الخلق ليس كما كان سائدا وما يزال، إنما تفاضل قيمي «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، فلم يكن المحدد اللون أو الجنس أو المعتقد، إنما روح القيم التي شكلت معالم الرسالة الإسلامية في الوجود مع سائر الخلق، وذلك في واقع الأمر كان تحريرا للإنسان من بنى الهيمنة والقهر والاستعباد التي مورست بحق الإنسان، وما تزال تحمل وعودا لبث المعنى في الحياة المعاصرة، وإنقاذ الإنسان والكون من نزعة الخراب. المرأة المستعبدة المنتهكة الحقوق يشكل هذا الموضوع إحدى القضايا الرئيسية التي يقع بشأنها نزاع حاد وتشكل المخيال الغربي بخصوص الموقف من الإسلام والمسلمين، سيما أن النموذج السائد حاليا يرتكز على منظومة حقوق الإنسان وما تتلبسه من خطاب المساواة، ومن خلاله يتم نقد التشريعات الإسلامية في الموضوع، أو وضع المرأة في الواقع الإسلامي، وهذا نفسه كما أشرنا سابقا يشكل إغفالا لطبيعة التحول الذي أحدثه الإسلام في قضايا المرأة. وبالمقارنات مع تطور النظم التشريعية، فإن جزءا من الخطاب السائد حاليا حول المرأة جديد على هذه المجتمعات، لكنه أصيل في الرؤية المعرفية الإسلامية. وإنما حدث الخلل في البنى الثقافية، حيث تلبس التدين لبوس الثقافة والعوائد الاجتماعية والقبلية التي أضرت بموقع المرأة، وقد عمل الفكر الإسلامي المعاصر في كثير من اجتهاداته على تجاوز تلك المشكلة (ينظر على سبيل المثال: تحرير المرأة في عصر الرسالة، عبد الحليم أبو شقة)، بل إن قضية المرأة أصبحت موضوعا للانتهاك، ومعها الإنسان برمته، من خلال الانتقال مع منظومة الاستهلاك من مفهوم المساواة إلى التسوية (المسيري عبد الوهاب، المرأة بين التحرير والتمركز حول الأنثى)، حيث تلغى الفروق بين النوع، وذلك خطر حقيقي يواجه في التحولات الجذرية التي يعرفها مفهوم الهوية على مستوى الفرد. وقد أحدثت أطروحة صدام الحضارات ضجة واسعة في سياق عالمي كان أحوج ما يكون إلى الاشتغال بتجسير الهوة بين الثقافات وليس البحث في الفروق وإذكاء نار الصراع من خلال تلك الفروق والاختلافات، وتكمن أهمية أطروحة الصدام من حيث مؤلفها الذي يعتبر قريبا من صنع القرار بالبيت الأبيض الأميركي حينها، ثم مما ورد فيها من تقسيم للعالم على أسس وقوالب وتخويف من عدو مستقبلي مفترض، وهو ما شكل جوهر خطاب جورج بوش الابن في مرحلة لاحقة وظل متحكما في صياغة العلاقات الدولية، التي كانت السياسة الدينية والثقافية في جوهرها تحت ما يسمى الحرب على الإرهاب، وفي جو الصراع والتوتر أضحى الخوف من الإسلام والرموز الدينية الإسلامية التعبير الأبرز، كما ساهمت الكيانات المتطرفة على نشر تلك الصورة السلبية، فخفت صوت الحوار وتجسير العلاقة بين الثقافات، لتحضر المقاربات الهوياتية المغلقة، وهو ما انعكس على تفسير الظاهرة الدينية بطريقة سلبية، انعكست على موقف لفيف عريض في السياق الأوروبي والغربي على الإسلام والمكون الإسلامي، سيما أن عددا من الدول تعرضت لأحداث إرهابية استدعت مقاربات عدة لفهم دواعي العنف وأسبابه.
972
| 15 مايو 2023
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4767
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3219
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2856
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2670
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2592
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1224
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
981
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
948
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
822
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
801
| 17 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
765
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية