رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.

978

| 09 ديسمبر 2025

خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات والتشريعات البيئية والمناخية التي تقودها مؤسسات ذات نفوذ واسع، مثل الاتحاد الأوروبي والمنظمات البيئية العالمية. وقد بدأت هذه الموجة في الأصل بحركات شبابية غاضبة ومتحمّسة تعبّر عن قلقٍ مستقبلي عميق تجاه الوقود الأحفوري (Fossil Fuels)، خاصة النفط والغاز. وتغذّي هذا التوجّه أحزاب سياسية، ونقابات عمالية، ومنظمات مجتمع مدني تمتلك نفوذًا إعلاميًا وتمويلًا كبيرًا، إضافةً إلى فئة من الأكاديميين والشركات الاستشارية وبيوت الخبرة العالمية التي وجدت في ملف “المناخ” ضالّتها؛ مجالًا مناسبًا لتعزيز حضورها وبناء مسارات تجارية مربحة تُدرّ مئات الملايين من الدولارات سنويًا. تُمرَّر الضغوط المناخية اليوم عبر أدوات “خضراء” يبدو ظاهرها بيئيًا، بينما يحمل جوهرها أبعادًا اقتصادية وجيوسياسية واضحة. وقد بات من الجليّ أن هذه السياسات تستهدف الثروات الهيدروكربونية في المنطقة من خلال فرض تشريعات وأنظمة وغرامات عابرة للحدود تُقيِّد الاستثمار في التوسع والإنتاج، وتضع عراقيل أمام مشاريع النفط والغاز تحت ذريعة التحول السريع نحو بدائل “نظيفة” أو “متجددة”. ويُضاف إلى ذلك الدفع نحو التزام صارم بأهداف الحياد الصفري للانبعاثات (Net-Zero Emissions) بحلول عام 2050، رغم عدم واقعية هذه الأهداف بالنسبة للعديد من الدول المنتِجة للطاقة. إن هذه الضغوط تُهدر طاقات وموارد مالية كبيرة بدل توجيهها نحو التقنيات والتكنولوجيا القادرة فعلاً على خفض الانبعاثات ورفع كفاءة الإنتاج، وعلى رأسها حلول التقاط وتخزين الكربون (CCS) في التكوينات الجيولوجية العميقة، بما في ذلك استخدامها في تعزيز إنتاجية المكامن وإطالة عمرها (EOR). كما تتجاهل هذه السياسات حاجة الدول النامية إلى مصادر طاقة موثوقة تدعم النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وفي مقدمتها النفط والغاز، اللذان يوفّران أبسط مقومات الحياة الكريمة لملايين البشر حول العالم إن ما يجري اليوم يتجاوز الاعتبارات البيئية البحتة؛ إذ أصبح خطاب المناخ أداةً لإعادة تشكيل ميزان القوى العالمي بين الدول المنتجة للطاقة والدول الصناعية المستهلكة. فالحديث المتكرر عن “خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري” لا يراعي حق الدول المنتجة في التنمية واستثمار ثرواتها الوطنية، على الرغم من أن هذه الثروات وفّرت للعالم، طوال عقود، طاقة مستقرة مكّنت الاقتصادات الصناعية من النمو والازدهار والتطور. وتبرز المفارقة بوضوح عند النظر إلى منظومة أرصدة الكربون (Carbon Credits)، التي تُسوَّق اليوم بوصفها حلًّا سحريًا لتجاوز صعوبة الوصول إلى الحياد الصفري، بينما تقوم في جوهرها على معايير منهجية معقدة وبيوت خبرة عالمية ومنصات تداول وصناديق مناخ دولية تتحكم في تسعير الائتمان الكربوني وتُحرّك مليارات الدولارات سنويًا. غير أن معظم هذه التدفقات المالية لا يصبّ في صالح الدول المنتجة والمصدّرة للطاقة، بل ينتهي في مؤسسات دولية خارج المنطقة، فيما تتحمّل دول الخليج النصيب الأكبر من الضغط السياسي والإعلامي دون أن تكون المستفيد الاقتصادي الحقيقي من هذا النظام. ومن هنا يصبح من الضروري التفكير في تطوير منظومات كربونية وطنية أو إقليمية تستند إلى واقع المنطقة واحتياجاتها، وتُسهم في تعزيز اقتصاديات دول الخليج وتمكينها من الاستفادة من أدوات الكربون متى دعت الحاجة مستقبلًا، بدل أن تبقى أسيرة لمنظومات عالمية لا تراعي مصالحها ولا خصوصياتها. وفي خضم هذا المشهد، يبرز سؤالٌ جوهريّ يتعلق بالصياغة الرسمية للمؤسسات: هل يخدم تضمين عبارات مثل “التغيّر المناخي” أو “شؤون المناخ” في أسماء الهيئات مصالح الدول المنتجة للطاقة؟ إذ إن تضمين مصطلح “التغيّر المناخي” في الاسم قد يُفسَّر بأنه قبول ضمني بالرواية التي تُصوّر النفط والغاز بوصفهما “مشكلة يجب التخلص منها تدريجيًا”. في المقابل، فإن الاكتفاء باسم “البيئة” مع إدراج ملف المناخ ضمن الاختصاصات الداخلية يمنح توازنًا مدروسًا؛ يوفّر مواكبة للخطاب العالمي دون تقديم اعتراف مجاني قد يتحول مستقبلًا إلى التزامات سياسية أو قانونية غير مرغوب فيها.

651

| 04 ديسمبر 2025

الذهب المحظوظ والنفط المظلوم!

منذ فجر الحضارات الفرعونية والرومانية وبلاد ما وراء النهرين وقياصرة فارس، حاز الذهب مكانته الأبدية لا بسبب تفوقه الكيميائي وخصائصه الفيزيائية ذات الاستخدامات المحدودة فحسب، بل لأنه لِحُسن حظه التاريخي اكتُشف مبكرًا في زمن سمح له بأن يتسلل إلى قصور الملوك والسلاطين، وفي طقوس المعابد والكنائس، ويتحول إلى رمز للسلطة والهيبة والقداسة الدينية، وإلى زينة على صدور حسناوات البلاط وحريم السلاطين. ولندرته، واعتقادًا قديمًا بأن لونه يشبه الشمس والنور والخلود، بلغ ببعض الحضارات كالفرعونية أن عدته “لحم الإله”. ومع سهولة صهره وتشكيله، ترسخت صورته في الوعي البشري كأصل خالد للقيمة عبر آلاف السنين، حتى عندما ظهر معدن أكثر تفوقًا في خصائصه الفيزيائية كالبلاتين، لكنه حُرم من هذه الرمزية لأنه جاء متأخرًا في التاريخ، ولعل لونه الأبيض الفضي الهادئ لم يرتبط بأي دلالة قدسية أو أسطورية. وعلى الجانب المقابل، يقف النفط اليتيم المظلوم؛ المورد الذي غيّر شكل العالم. فلولاه لما وُجدت الكهرباء، ولا المياه المُحلاة في عالمٍ يعاني شحًّا مائيًا، ولا صُنِع الدواء ولا توافر الغذاء، ولا قامت المصانع، ولا سارت المركبات والقطارات والسفن، ولا طارت الطائرات، ولا ازدهرت اقتصادات دول كانت صحراء قاحلة، ولا تقدمت أوطان واستغنت شعوب بفضل هذا المورد المظلوم. بل إن الذهب نفسه الذي يعتلي عرش القيمة يستهلك كميات كبيرة من النفط في عملية تعدينه واستخراجه وفصله. وأخيرًا وليس آخرًا، ما كانت التكنولوجيا الرقمية الحديثة، كالذكاء الاصطناعي لتتطور لولا الطاقة الهيدروكربونية (النفط والغاز) التي تغذي بنيتها التحتية الهائلة. بل إن الثورة الصناعية الغربية الحديثة نفسها، من الإمبراطورية البريطانية التي أصبحت يومًا “الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس” إلى الولايات المتحدة التي ورثت زعامة العالم، ما كانت لتبلغ ذروتها لولا النفط الذي منح الآلة قوتها، والجيوش تفوقها، والاقتصادات طاقتها. ومع ذلك، بقي هذا المورد بلا رمزية ولا مكانة تليق بدوره الحيوي وأهميته. فهو وقود الحضارة الحديثة والمستقبلية، لكنه واقع تحت ضغط أوراق السياسة لا منطق الاقتصاد، وتحت تأثير صراعات الدول الكبرى. والأهم من ذلك أن مشكلته الأساسية، في رأيي، هي وجوده في التكوينات الجيولوجية تحت باطن أرض الجزيرة العربية، وفي جغرافية قلب العالم، وعلى مقربة من أهم المضايق والممرات البحرية والبرية التي تمر عبرها تجارة الكوكب كله. في المقابل، ينعم الذهب “المدلّل” بحياة هادئة فوق رفوف البنوك وخزائن البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي وصناديق الاستثمار العالمية. يُلمَّع ويُنظَّف ويُراقَب تحت أنظمة تبريد وكاميرات المراقبة،لا يُستهلك ولا يُستنزف. والأونصة الواحدة منه قد تعادل ما يقارب خمسة وثلاثين برميلًا من النفط، ما يعكس الفارق الجوهري بين أصلٍ يُخزَّن كقيمة خالدة، وأصلٍ يُستهلك فور استخدامه. الذهب محظوظ… والنفط يُحاسَب ويُتَّهَم ويُحارَب ويُستَخدَم كسلاحٍ في الصراعات. حتى عندما انفصل الدولار عن الذهب، أصبح النفط هو الغطاء الحقيقي للعملة الأمريكية عبر “البترودولار”. ومنذ ذلك اليوم، بات النفط، لا الذهب، هو الذي منح الدولار ثقله العالمي. ومع ذلك، لم يتحول النفط إلى أصل قيمة نهائي، بل بقي سلعةً استراتيجية تحاول الدول الصناعية المستهلكة التحكم بسعرها ومسارها تحت شعارات زاهية مثل “الطاقة المتجددة” و”حماية المناخ” و”الحياد الكربوني الصفري”. وهنا تبرز المفارقة الكبرى: الذهب محظوظ بإرثه وصولجانه التاريخي لأنه لا يفسد ولا يُستهلك، فاحتفظ برمزيته وقداسته. والنفط مظلوم، لا لعيب فيه، بل لأنه هو الذي يشغّل العالم كله، ولأنه خرج من طبقات أراضي الجزيرة العربية، فصار هدفًا للضغوط والسياسة وحتى للقوة العسكرية. ويبقى السؤال الجوهري الذي يراودني كثيرًا: كما أطفأ اليابانيون بريق لؤلؤ الخليج عندما أغرقوا الأسواق ببدائلهم الصناعية كاللؤلؤ الصناعي، هل تُعيد الدول الصناعية الكبرى، خصوصًا الأوروبية منها، صياغة سوق الطاقة بالأسلوب نفسه؟ هل تحاول عبر أدوات تشريعية وتنظيمات بيئية ومناخية دولية ومعايير “الصفر كربون” والطاقة المتجددة إعادة تشكيل معادلة القيمة لإضعاف نفوذ المنتجين العرب والخليجيين وتقليص دور النفط في النظام المالي العالمي؟ في النهاية، ليست معركة النفط والغاز معركة حول “من يملك المورد” بل حول من يحدد قيمته، ومن يحدد موقعه، ومن يحدد بدائله، ومن يحدد حجمه كمًّا وزمنًا داخل النظام المالي العالمي.

525

| 24 نوفمبر 2025

إستراتيجية توطين «صناعة البيتومين»

يُعد البيتومين (Bitumen) المكون الأساس في صناعة الأسفلت المستخدم في رصف الطرق ومشروعات البنية التحتية وتطبيقات أخرى، وهو منتج نفطي ثقيل يُستخلص من بقايا تكرير النفط الخام عالي الكثافة. ومع توسع مشروعات البنية التحتية وصيانة شبكات الطرق، تبرز الحاجة إلى تأمين إمدادات محلية ومستدامة من هذه المادة الحيوية بما يعزز الاستقلال الصناعي والاقتصادي، ويقلل الاعتماد على الاستيراد وتقلبات الأسعار العالمية. ونظرًا لطبيعة النفط القطري الخفيف، تُعَد قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي تعتمد بالكامل على استيراد البيتومين لتلبية احتياجاتها المحلية، بخلاف جاراتها المنتجة له، إذ إن الخام القطري من نوع الخفيف الحلو (Light Sweet Crude) يفتقر بطبيعته إلى المخلفات الثقيلة اللازمة لإنتاج البيتومين التقليدي، ما جعل السوق المحلي والمشروعات الحكومية تعتمد اعتمادًا كليًا على الاستيراد لتغطية الطلب المتنامي. وقد بُذلت جهود بحثية مقدرة لمعالجة هذا التحدي عبر تعاون بين الجامعات والمراكز البحثية، حيث أُجريت في جامعة قطر وجامعة تكساس A&M دراسات متقدمة لتطوير خلطات بيتومينية مناسبة للبيئة القطرية. وأظهرت النتائج أن دمج التقنيات الحديثة يرفع كفاءة الأداء تحت الظروف المناخية الحارة والرطبة ويسهم في خفض تكاليف الصيانة على المدى الطويل. وفي الإطار ذاته، طرحت شركتا QatarEnergy وShell فكرة مبتكرة لإنتاج بيتومين اصطناعي من الغاز الطبيعي (GTL-Bitumen) عبر تكنولوجيا فيشر–تروبش (Fischer–Tropsch)، تقوم على تصنيع شموع ثقيلة (FT Waxes) تُعالج حراريًا أو تُخلط مع زيوت أثقل للحصول على مادة لزجة بخصائص قريبة من البيتومين التقليدي. وتبرز في هذا السياق تجارب دولية ملهمة لدول غير منتجة للنفط مثل هولندا واليابان، اللتين أثبتتا أن الاعتماد على النفط المستورد لا يُعد نقطة ضعف بالضرورة، بل يمكن أن يتحول إلى فرصة ابتكار صناعي. ففي هولندا يتم خلط خام ثقيل مستورد مع خام حلو محلي في مصافي روتردام لتحقيق المواصفات الفنية وضبط نسب الكبريت، مع إعادة تدوير نحو 50% من الأسفلت المستخدم. أما اليابان فقد طورت أنواعًا متقدمة من الأسفلت مثل الأسفلت الصامت والطرقات المبردة، وبلغت معدلات إعادة التدوير لديها أكثر من 70% من إجمالي الأسفلت المستخدم، ما يؤكد أن الجمع بين التقنيات الحديثة والمواد المعاد تدويرها يسهم في خفض التكاليف ورفع جودة الطرق واستدامتها. ورغم أن البيتومين لا يشكل سوى 4–6% من وزن الخلطة الأسفلتية، إلا أنه يمثل 65–78% من تكلفة المواد، وقد يصل إلى 30% من إجمالي تكلفة مشاريع الطرق، ما يجعل تقليل كلفة إنتاجه أو استيراده عنصرًا أساسيًا في تحسين كفاءة الإنفاق على البنية التحتية. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة إلى مسارين استراتيجيين لتوطين صناعة البيتومين: الأول يتمثل في إنتاج البيتومين من الغاز الطبيعي (GTL-Bitumen) عبر تكنولوجيا متقدمة، وهو خيار ذو موثوقية بيئية عالية لكنه يحتاج إلى رأس مال كبير وشراكات أجنبية متخصصة تضمن نقل التقنية وتشغيلها تجاريًا بكفاءة. أما المسار الثاني، وهو الأكثر واقعية وعملية في المدى القريب، فيتمثل في استيراد خام نفطي ثقيل منخفض الكلفة وخلطه محليًا مع الخام القطري الخفيف في مصفاة قائمة أو ضمن توسعات المصافي المستقبلية، بشرط وجود شراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) وعقود شراء طويلة الأجل (Off-Take Agreements) لتشجع المستثمرين المحليين والأجانب على دخول هذا القطاع الحيوي. ويمكن تعزيز الجدوى الاقتصادية لهذا الخيار من خلال التعاون مع شركات آسيوية من الصين أو الهند لما تمتلكه من تقنيات بسيطة، وتكاليف تنافسية منخفضة، وكفاءة تشغيلية عالية قادرة على تلبية المواصفات القطرية والخليجية. كما يتطلب نجاح هذا التوجه توفير دعم مؤسسي وضمانات تمويلية وحوافز استثمارية تشمل الإعفاءات الضريبية وتطبيق نماذج الشراكة الدولية (BOT، BOOT، BOO، DBFO)، إلى جانب تفعيل دور الجامعات والمراكز البحثية في التطوير والاختبار وتحسين جودة الخلطات لتناسب الظروف المناخية المحلية. إن تبني هذا التوجه الاستراتيجي سيحول صناعة البيتومين من عبء استيرادي إلى فرصة صناعية واعدة تعزز الاستقلال الصناعي والاقتصادي، وتدعم مفهوم «التوطين» كإحدى ركائز رؤية قطر الوطنية 2030، وتُرسخ شعار «صُنع في قطر» كرمز لجودة البنية التحتية وكفاءة الإنفاق وابتكار الحلول البيئية، بما يفتح آفاقًا جديدة أمام الصناعات التحويلية والتقنيات المحلية في مجالات إعادة التدوير وتطوير المواد المرتبطة بصناعة الأسفلت.

741

| 17 نوفمبر 2025

الحجرة المظلمة وعجائب الدنيا السبع

لم تعد الكاميرا مجرد أداةٍ لنقل الأحداث، بل أصبحت صانعةً للواقع الذي نراه والذي قد لا نراه. لا تنخدع؛ فالصورة التي أمامك ليست العالم كما هو، ولا كما ينبغي أن يكون، بل كما يريد أصحاب النفوذ المالي أو السياسي أن تراه وتؤمن به. إن التضارب الهائل في الروايات والسرديات الإعلامية ليس محضَ صدفة، بل فوضى مقصودة تُنهك الوعي وتُجرّد الإنسان من قدرته على التفكير والتمييز. وحين تفقد الثقة بكل مصدر، وتصل إلى قناعةٍ بأن «الكلّ مُضلَّلٌ وأسيرُ روايته الخاصة»، تكون قد وقعت في الفخّ الأكبر: فخّ اللامبالاة تجاه قضايا إنسانية لا تحتمل النرجسية، ولا النفاق، ولا الحياد المزيّف. المؤسسات الإعلامية الكبرى من قنواتٍ وصحفٍ ومنصّاتٍ رقمية لا تنقل الحقيقة كما هي، بل كما تُلائم أجنداتها ومصالح مموليها. فإعلامٌ يضخّم خطرًا خارجيًا لتبرير تحالفٍ ما، وآخر يُمجّد زعيمًا لتغطية فشلٍ داخلي، وثالث يُخوِّف من «الفتنة» لتبرير القمع، ورابع يُخوِّن ويُكفِّر ويشتم ويسبّ ليكسب شعبيةً رخيصةً عبر دغدغة عواطف فئةٍ محدودة الوعي والثقافة. وليس هذا اختلافَ آراء، بل صراعٌ على تعريف الواقع ذاته. الغاية الأعمق من كل ذلك ليست التنوير، بل الترويض: ترويضٌ فكريّ ونفسيّ وثقافيّ، وسلخٌ للإنسان عن وعيه الفطريّ والحقيقيّ. يُعاد تشكيل عقلك لتخاف بدلًا من أن تعبّر وتحلّل، ولتكره بدلًا من أن تتسامح وتتقبّل الطرف الآخر، ولتصفّق بدلًا من أن تفكّر وتتأمّل وتقتنع. لذلك، لا تُصدّق كل ما يُقال، ولا تُنكر كل ما لا يُقال؛ بل اسأل نفسك دائمًا: من يقف وراء هذا الخبر؟ ولماذا يُنشر الآن؟ ولماذا بهذه الصياغة وهذا الأسلوب؟ ولا تكتفِ بالمضمون، بل تأمّل الصورة أيضًا: انظر إلى خلفية الاستوديو الذي يُدار فيه الحوار لِمَ اختير هذا الشكل والمنظر والرمز واللون؟ ولماذا هذه الشخصيات تحديدًا تدير المشهد؟ ولماذا هذه المشادات والاعتداءات والصراخ والألفاظ البذيئة التي تُقدَّم باسم “الحرية الإعلامية”؟ إن المعركة الحقيقية اليوم ليست بالمدافع ولا بالطائرات المسيّرة، ولا بالأساطيل الجرّارة، بل في الحجرات المظلمة: غرف المونتاج، وشاشات البثّ، ومراكز التحكم الخفية والإخراج، حيث تُصنع الصور وتُعاد صياغة الوعي. وفي عالمٍ تُدار فيه العقول بـ«الزيف الأنيق»، تبقى الحقيقة أعجوبةَ الدنيا الثامنة،لا يكتشفها إلا عقلٌ يقِظٌ لا يُشترى ولا يُدار، وقلبٌ حرّ لا يُرهب ولا يقتنع بالصوت والصراخ والقهقهة ولاحتى بالهمس واللمز. وأخيرًا… كما قال الأديب والمفكر المصري نجيب محفوظ: «العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى ولو لم يؤمن بها».

789

| 10 نوفمبر 2025

الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء (Tender Bond)، وضمان الأداء (Performance Bond)، وضمان الدفعة المقدَّمة (Advance Payment Guarantee)، وضمان الصيانة (Maintenance Guarantee)، والضمان الختامي (Retention Guarantee) أدوات مالية أساسية لتعزيز الثقة بين أطراف التعاقد. وقد كانت هذه الأدوات ضرورية خلال المرحلة السابقة، ولا سيّما أثناء تنفيذ مشاريع كأس العالم 2022، لضمان الانضباط والجودة والالتزام بالمواصفات الزمنية والفنية المحددة. إلا أنّ الاستمرار في تطبيقها بصيغتها التقليدية في المرحلة الحالية أصبح يشكّل عبئًا متزايدًا على الشركات المحلية والقطاع الخاص، خصوصًا في ظل تباطؤ حركة المشاريع، وتراجع السيولة، وصعوبة الحصول على التمويل. فاشتراط تغطيات نقدية تتراوح بين 5% و10% من قيمة العقود يؤدي إلى تجميد مبالغ ضخمة تحدّ من قدرة القطاع الخاص على النمو والتوسع، وتزيد من اعتماده على القروض والتكاليف التمويلية الإضافية التي لا يستفيد منها في النهاية إلا المموّل. ومع تشديد شروط هذه الكفالات وغياب البدائل المرنة، ظهرت آثار سلبية واضحة على بيئة الأعمال، إذ ساهم هذا الواقع في ارتفاع النزاعات القضائية بين الشركات والجهات المالكة أو البنوك نتيجة تعثّر البعض في سداد التزاماتهم أو تجديد ضماناتهم البنكية، مما يؤدي في كثير من الحالات إلى سحب الضمان وتكبيد الشركات خسائر فادحة قد تدفعها نحو الخروج التدريجي من السوق أو حتى الإفلاس. وتُعدّ نزاعات الكفالات البنكية من أبرز القضايا المتداولة ضمن المنازعات التجارية في المحاكم القطرية، نظرًا لارتباطها الوثيق بعقود المقاولات والمناقصات العامة وما يترتب عليها من التزامات مالية كبيرة بين القطاعين العام والخاص. ولا تقتصر هذه الآثار على الشركات وحدها، بل تمتد لتطال سمعة السوق واستقراره، وتضعف الثقة المتبادلة بين القطاعين العام والخاص، وهو ما يتعارض مع أهداف التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي الوطني. من هذا المنطلق، تبرز الحاجة الملحّة إلى إعادة هيكلة منظومة الكفالات البنكية بما ينسجم مع أهداف التنويع الاقتصادي وتمكين القطاع الخاص. فبدلاً من النهج الصارم التقليدي، يمكن تبنّي حلول واقعية أكثر توازناً، من أبرزها: ١-إلغاء ضمان العطاء (Tender Bond) واستبداله بخطاب تعهّد (Undertaking Letter) للشركات ذات السجل الموثوق والسمعة الجيدة. ٢-تطبيق الضمانات المتدرجة (Gradual Guarantees) التي ترتبط بمراحل التنفيذ الفعلية بما يخفّف الضغط على السيولة مع تحديد سقف زمني واضح لتحريرها. ٣-اعتماد نظام تصنيف ائتماني للشركات يمنح الملتزمة منها تخفيضًا في نسب الضمان أو إعفاءً جزئيًا وفق معايير أداء وسجل مالي معتمد. ٤-إلغاء اشتراط الخطاب البنكي في أوامر الشراء الخاصة بمواد البناء ومواد الخام والمعدات وقطع الغيار التي يتم فيها تأجيل الدفع إلى ما بعد التوريد الفعلي للبضاعة أو الخدمة، إذ تكون المخاطر محدودة ويمكن استبدال الضمان بتوثيق تعاقدي واضح ومُلزم. ٥-تأجيل الموعد الزمني لتقديم الخطاب البنكي بحيث لا يُطلب فور توقيع العقد وإنما بعد مرحلة بدء التنفيذ الفعلي، مما يخفف الضغط النقدي والتمويلي على الموردين والمقاولين ويعزز قدرتهم على الاستمرار. ٦-إنشاء صندوق ضمان وطني لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتحفيزها على المنافسة، على أن يُدار بالشراكة بين بنك قطر للتنمية والبنوك المحلية. ٧-تفعيل الضمانات المشروطة أو استبدالها ببوالص تأمين متخصصة تُستخدم فقط في حالات الإخلال الجوهري بالعقد. وفي هذا السياق، يمكن لبنك قطر للتنمية أن يؤدي دورًا محوريًا في تفعيل فكرة صندوق الضمان الوطني بالنظر إلى خبرته وبرامجه السابقة في مجال الضمانات، مثل البرنامج الوطني للضمانات أثناء الجائحة وبرنامج الضمان الجزئي للاستثمار، في حين تقع على البنوك المحلية مسؤولية كبيرة لتحديث سياساتها وتبنّي أدوات تمويل وضمان أكثر مرونة وعدالة تراعي خصوصية السوق القطري، خاصة مع دخول منافسة البنوك الأجنبية التي تقدم تسهيلات أكبر وأكثر جاذبية. فتمكين القطاع الخاص لا يتحقق فقط عبر تخفيف الأعباء المالية، بل من خلال بناء منظومة ثقة متبادلة توازن بين حماية المشتري ودعم المنفّذ الوطني. وفي المقابل، يتحمل القطاع الخاص نفسه مسؤولية جوهرية في هذا المسار، إذ إن كثيرًا من تعثراته تعود إلى ضعف الحوكمة وسوء الإدارة والقرارات الارتجالية غير المبنية على رؤية استراتيجية واضحة، ما يفرض عليه تحسين هياكله الإدارية وسجلاته المالية ورفع مستوى الشفافية لتعزيز الثقة مع الجهات الممولة والمشترية، وتجنّب المجازفة بالدخول في مشاريع تفوق قدراته الإدارية أو المالية. فإصلاح المنظومة لا يكتمل دون نضج داخلي في إدارة المخاطر والمحاسبة الذاتية داخل القطاع الخاص. ختامًا، فإن إصلاح منظومة الكفالات البنكية لا يُعدّ مجرد إجراء مالي، بل هو خطوة استراتيجية لتحويل العلاقة بين جميع الأطراف من علاقة تبعية إلى شراكة تنموية متوازنة تقوم على الثقة والمساءلة المتبادلة، وتضع تمكين القطاع الخاص الكفء في صميم رؤية قطر الوطنية 2030 نحو اقتصاد متنوع ومستدام.

1125

| 04 نوفمبر 2025

فاتورة الهواء التي أسقطت «أبو العبد» أرضًا

“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر بعرق جبينه، فيما تدير “أم العبد” شؤون البيت بحكمة وصبر الجبال، متحمّلةً غيرة الضراير وزيجات “أبو العبد” الثلاث: أم الياسين، وأم جمال، وأم عزّام. عاد “أبو العبد” في ذلك المساء مُنهكًا، وعلى وجهه تُقرأ فصولُ كفاحٍ الزمن وأهواله. تناول غداءه البسيط: “فتات الخبز البلدي المغموس بزيت الزيتون النابلسي والزعتر الجبلي، وبجانبه بعض حبات البندورة”. ثم جلس ليستريح على كرسيه الخشبي القديم، وفي يده ظرفٌ بنّي اللون يحمل شعار وزارة الكهرباء والماء، كُتب عليه بخطٍ عريض: «رضا المواطنين هدفنا وغايتنا». ما أن فتح الظرف حتى ارتعشت يداه وصاح بقوة: “يا الله يا لطيف! مستحيل هالكلام ! شو هالمسخرة؟ شو هالمهزلة؟ شو هالتخبيص يا عالم؟!… الله لا يوفّقكم لا دنيا ولا آخرة!”. زمجر غاضبًا وهو يلوّح بالفاتورة الماء العالية التي أفقدته صوابه. أسرعت أم العبد تحمل دفتر المصاريف الشهري وبدأت تحسب بعينٍ قلقة: “مصروف الأولاد والمدرسة… وثمن كيس الطحين… وسعر المازوت… والأدوية…” ثم صاحت: “شو هالعبط….! الله لا يوفقهم يا أبو العبد! ما يخافوا الله!”. وبينما هو غارق في همّه، وأم العبد تلطم خدّيها، فتح مذياعه القديم، يرتشف من “الهيشة” ويتنهّد كمن يحمل همّ الدنيا. وفجأة، انطلق نداءٌ عاجل من مسؤول الكهرباء والماء عبر الإذاعة: “نعتذر للمواطن أبو العبد، لقد حصل خطأ غير مقصود… تم احتساب كمية الهواء مع الماء في عدّاد أبو العبد للمياه.” “شووووو..الله لا يبارك فيكم ولا في عداداتكم! حتى الهواء اللي بنتنفسه صار عليه فاتورة؟… يعني الأوكسجين صار عليه ضريبة يا “ ام العبد “…؟!” شعر بدوارٍ شديد، حاول التمسّك بالكرسي فلم يستطع، فسقط على الأرض مغشيًا عليه. هرعت أم العبد تصرخ: “النجدة! النجدة، أبو العبد مات!”. تجمّع الجيران وأطفال الحارة، وأُرسلت سيارة الإسعاف التي نقلته إلى المستشفى، وأم العبد خلفه تبكي وهي تردد: “فاتورة هوا يا ناس ! فاتورة الهوا يا عالم! في المستشفى، وبينما الأطباء يحاولون إنعاشه، بعد ساعاتٍ طويلة، أفاق أبو العبد، نظر حوله بنظرة حزينة، ثم همس ورفع يديه إلى السماء قائلاً: “حسبنا الله ونعم الوكيل… ما بيخافوا الله في الفقراء.” لقد كانت حادثة “أبو العبد” صرخةً مدوّية، وسؤالاً مؤلمًا يراودني: كم من “أبي العبد” سقط ضحية خطأٍ أو إهمال مسؤول؟ وكم من أسرةٍ بسيطةٍ انقلبت حياتها رأسًا على عقب بسبب خطأٍ عابر، مقصودًا كان أم غير مقصود؛ ناتجٍ عن عطلٍ في جهاز، أو خللٍ في “النظام” (السيستم)، أو حتى ورقةٍ بيضاء تحمل توقيع مسؤولٍ لم يُدرك تبعات قراره؟ بل الأدهى والأمر، كم من موظفٍ يدفع ثمن سوء اختيار المسؤول، أو ضعف كفاءته أومحدودية خبرتيه أو إمكانياته الإدارية والقيادية معًا! ولعلّ ما يثير القلق أنّ القضايا الإدارية المتعلّقة بالنزاعات بين الموظفين وجهات عملهم تمثّل نحو ٤٠٪؜ من إجمالي القضايا التي تُرفع إلى مكاتب المحاماة، ما يعكس حجم الفجوة والخلل الإداري في الشركات والمؤسسات بين ربّ العمل والموظف الحلقة الأضعف. فبيئات العمل الإدارية المرنة والناجحة لا تُقاس بشدّة أنظمتها، ولا بكثرة لوائحها وملفّاتها وأعداد موظفيها، بل بعدالةٍ وحزمٍ من يديرها، وحكمةٍ وحنكة من يقودها. ومع ذلك، يجد الموظف البسيط نفسه في النهاية هو من يدفع ثمن أخطاءٍ لم يرتكبها. وعندما تقع الأخطاء، يختفي السبب والمسبّب معًا خلف ستار “الإجراءات” و“النظام”( السيستم) و“اللوائح”، ليبقى الموظف في الواجهة يتحمّل اللوم وحده، بينما ينجو صاحب القرار إمّا ببقائه في منصبه، أو بخروجه منها بكامل مستحقاته المالية، في حين يدفع المتضرر الثمن باهظًا عن خطأٍ لا ناقة له فيه ولا جمل. وفي نهاية المطاف، لم يكن “أبو العبد” ضحية فاتورةٍ خُلِط فيها الماء بالهواء، بل ضحية فاتورةٍ أكبر بكثير: فاتورة الإهمال الإداري، والتسرّع في إصدار القرارات دون دراسةٍ أو تأنٍّ، وتداخل المسؤوليات، وتشابك البيروقراطية التي لا تُرهِق الأفراد فحسب، بل تُفكّك الكيان الإداري نفسه مع مرور الوقت. وهكذا تبقى العدالة والنزاهة والشفافية مجرّد بنودٍ في النظام الأساسي، وملفّاتٍ مُرتّبة بعنايةٍ على رفّ مكتب “المسؤول المحترم”، بينما يظل “الموظف” هو الحلقة الأضعف التي تدفع الثمن بصمت. أخيرًا، مات “أبو العبد” قهرًا وصمت قلبه الموجع قبل أن يصمت لسانه، رحمة الله رحمةً واسعة، وعوّضه في الآخرة خيرًا من الدنيا وما فيها، وجزاه جزاء الصابرين والشهداء، وحَسُنَ أولئك رفيقًا.

1077

| 27 أكتوبر 2025

القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين القطاع الخاص نحو التخصصية: انطلقت مبادرة القيمة المضافة المحلية (In Country Value ) أولًا في سلطنة عُمان عام 2013 كبادرة رائدة، وتبعتها دول الخليج الأخرى؛ إذ تبنّت الإمارات البرنامج عبر شركة “أدنوك” عام 2018، وأطلقت السعودية برنامج “اكتفاء” (IKTVA)، ثم قطر عام 2019 ببرنامج “توطين” (Tawteen) تحت قيادة “قطر للطاقة”، التي جعلت من المحتوى المحلي دافعًا رئيسيًا لدعم ونمو القطاع الخاص، ومعيارًا إلزاميًا للمشاركة في المناقصات والمشاريع الصناعية والخدمية. يُعد برنامج القيمة المضافة المحلية إطارًا استراتيجيًا يهدف إلى تعظيم النمو الاقتصادي من خلال تحفيز دورة رأس المال المحلي، والحد من استنزاف العملات الأجنبية، وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي. كما يسهم البرنامج في تحسين الموازنة العامة للدولة عبر رفع الإيرادات غير الريعية وخفض النفقات الخارجية، بما يدعم تحقيق الاستقرار المالي ويُسهم في تقليص العجز التجاري. ويهدف البرنامج كذلك إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص الكفء في المشاريع التنموية الكبرى، وزيادة حصته في سلاسل التوريد المحلية. ويقوم نجاحه على تمكين هذا القطاع ليكون شريكًا فاعلًا في بناء منظومة توريد وطنية متكاملة، من خلال منح الأفضلية للشركات المحلية وإلزام الشركات العالمية بالتعاون معها في توطين الصناعات والخدمات المساندة، بما يضمن نقل المعرفة والتقنية، ويزيد من جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر، فضلًا عن تأهيل الكفاءات الوطنية لضمان استدامة التنمية غير الريعية. ويتميز المحتوى المحلي (Local Content) بإيجابيات تنموية شاملة تخدم جميع الأطراف؛ فبالنسبة للمشتري يضمن استمرارية التوريد وجودة الخدمة وسرعة الاستجابة للتسليم، مع تقليل مخاطر سلاسل الإمداد العالمية وبأسعار تنافسية مناسبة. أما للشركات المحلية، فيفتح أمامها آفاق النمو المستدام، ونقل المعرفة والخبرات، وتوسيع التحالفات العالمية، ويوفر للاقتصاد الوطني بيئة خصبة لتنمية الكفاءات وبناء قاعدة صناعية متينة تحقق منفعة متبادلة تعود بالخير على الجميع. وفي هذا الإطار، يجب على الشركات المحلية أن تدرك أن الأسعار المقدمة للسلع والخدمات يجب أن تكون تنافسية ومناسبة، إذ إن الهدف الاستراتيجي هو بناء صناعة محلية قادرة على البقاء دون الاعتماد على الحماية أو التفضيلات الدائمة. فغياب المنافسة السعرية قد يحوّل برنامج القيمة المضافة من أداة تنموية إلى عبء اقتصادي على المشتري مستقبلاً، مما يفقد المحتوى المحلي قيمته الحقيقية ومبرر وجوده. ويُعد التعاون بين الجامعات وشركات القطاع الخاص ركيزة أساسية في هذا المسار، حيث تسهم برامج التدريب العملي وتبادل الخبرات في بناء اقتصاد قائم على المعرفة والكفاءة، وربط مخرجات التعليم باحتياجات السوق الفعلية. وتشير الدراسات إلى أن كل زيادة بنسبة 1% في المحتوى المحلي بقطاع الطاقة تؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بما بين 0.2% و0.4% سنويًا. ولا يقتصر دور البرنامج على تعزيز التنمية الصناعية وتوطين التقنيات فحسب، بل يمتد إلى خلق فرص عمل نوعية في القطاعات عالية القيمة، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي والخاص عبر إعادة تدوير رأس المال محليًا، وتعزيز التنافسية الإقليمية لسلاسل التوريد. ولضمان نجاح البرنامج، يجب أن يكون القطاع الخاص مؤهلًا تنظيميًا وماليًا وإداريًا، وقادرًا على تنفيذ المشاريع وفق معايير عالمية، مع توفير بيئة عمل محفزة تستقطب الكفاءات الوطنية وتضمن تطورها المهني. كما يتعين على الشركات المحلية تعزيز أنظمة الحوكمة والكفاءة التشغيلية لضمان استدامتها وقدرتها على المنافسة محليًا وإقليميًا. ومن المهم ألا يقتصر تطبيق البرنامج على قطاعي الطاقة والصناعة، بل ينبغي أن يتوسع ليشمل قطاعات أخرى حيوية كالبنية التحتية، والتعليم، والصحة، وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والخدمات الاستشارية، مما يسهم في بناء اقتصاد متنوع قائم على الابتكار والمعرفة. ولتحقيق ذلك، يُقترح تشكيل لجنة فنية للمحتوى المحلي تتبع وزارة المالية أو وزارة التجارة والصناعة، ويُضم في عضويتها ممثلون عن قطر للطاقة، لدراسة التجربة القائمة والاستفادة من نجاحاتها وتلافي تحدياتها وسلبياتها عند وضع استراتيجية وطنية شاملة لتوطين الخدمات والمنتجات ذات الأولوية، مع خطة زمنية واضحة وأهداف قابلة للقياس والتنفيذ، والأهم من ذلك تبسيط الإجراءات التشريعية والإدارية. ورغم إيجابيات البرنامج، إلا أنه يواجه تحديات مثل ضعف القاعدة الصناعية المحلية في بعض المجالات، والبيروقراطية في التقييم والتصنيف، واختلاف معايير التطبيق بين الجهات. كما يحتاج إلى موازنة دقيقة بين حماية السوق المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي دون تعقيدات، وتحويل الالتزام بالتوطين من إجراء إلزامي إلى فرصة استثمارية جاذبة. ويجب الحذر من التوطين الشكلي، عبر التدقيق المستقل وقياس الأداء الفعلي للمشاريع. إن برنامج القيمة المضافة المحلية ليس مجرد أداة لتقييم العروض، بل رؤية اقتصادية متكاملة لبناء اقتصاد منتج قائم على الكفاءة والإبداع والاستمرارية، وأداة تحفيزية للإصلاح الاقتصادي من خلال تشجيع الشركات العالمية على تبني خطط استثمارية طويلة الأمد محليًا. فمن أراد أن يكون جزءًا من مستقبل مشاريع الدولة، عليه أن يكون شريكًا حقيقيًا في استراتيجيتها، وداعمًا لمحتواها المحلي واستدامتها.

981

| 20 أكتوبر 2025

العدالة المناخية بين الثورة الصناعية والثورة الرقمية

في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر البيئية الناجمة عن الصناعات الهيدروكربونية، وفي مقدمتها النفط والغاز. وقد تبنّت مؤسسات كبرى، كالأمم المتحدة عبر أهدافها السبعة عشر للتنمية المستدامة و247 مؤشراً لقياسها، ووكالة الطاقة الدولية، والاتحاد الأوروبي وتعقيداته، إشارات تُحمّل دول الخليج العربي، بوصفها من كبار المنتجين والمصدّرين، المسؤوليةَ الرئيسية عن أزمة المناخ. ونتيجةً لذلك، تُفرض على هذه الدول سياسات وضغوط تحدّ من توسّعها الاستثماري في قطاع الطاقة الأحفورية، وتُلزمها بالتوجّه نحو مصادر الطاقة المتجددة، لتظلّ في موقع الاتهام وتحت ضغوط الاستنزاف المستمرة، في خطابٍ يبدو للوهلة الأولى دعوةً لحماية المناخ، لكنه في جوهره «كلمةُ حقٍّ يُرادُ بها باطل». غير أنّ هذا الخطاب يخفي تناقضًا واضحًا؛ إذ يتم التغاضي عن الأثر البيئي المتنامي للتقنيات الرقمية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي (AI)، والعملات المشفّرة (Cryptocurrencies)، ومراكز البيانات العملاقة (Hyperscale Data Centers)، التي تستهلك مئات «التيراواط ساعة» من الكهرباء سنويًا، معظمها من مصادر هيدروكربونية. ولولا هذه الموارد لما ازدهرت الثورة الرقمية، أو ما يُعرف بـ«الرأسمال السحابي» (Cloud Capital)، الذي أصبح أداةً في الصراع الجيوسياسي بين القوى الكبرى كأمريكا والصين، ضمن ما يُسمّى بـ «حروب التكنولوجيا». وقد باتت الشركات الرقمية تتصدّر القيم السوقية في البورصات العالمية بفارقٍ شاسع عن قطاعات الطاقة التقليدية. وتشمل هذه الطفرة أيضًا قطاع النقل والسيارات الذكية ذاتية القيادة، بما يعكس التحوّل الجذري نحو الاقتصاد الرقمي. وتشير التقديرات إلى أنّ مراكز البيانات قد تستحوذ على أكثر من 20% من الاستهلاك العالمي للكهرباء بحلول 2030، أي ما يفوق استهلاك دول صناعية كاملة. كما تحتاج هذه البنى إلى مليارات الأمتار المكعّبة من المياه للتبريد. تطرح هذه الازدواجية تساؤلات جوهرية حول عدالة المعايير: هل الهدف حقًا هو حماية المناخ، أم التحكّم في مسار التنمية والاقتصاد العالمي عبر فرض قيودٍ على الموارد الهيدروكربونية الخليجية التي تمثّل ركيزة استدامة اقتصاداتها؟ لقد تحوّل النقاش من قضية بيئية إلى ورقة ضغط سياسية واقتصادية تستخدمها القوى الصناعية غير المنتجة للطاقة لإعادة رسم خريطة تدفقاتها وأسعارها بما يخدم مصالحها الاستراتيجية. وفي المقابل، يُمنَح الذكاء الاصطناعي والعملات المشفّرة غطاءً «أخضر» باعتبارهما رمزًا للتفوّق التكنولوجي، رغم بصمتهما الكربونية العالية. وهكذا تُستخدم «العدالة المناخية» شعارًا لتقييد المنتجين الخليجيين والحد من قدرتهم التنافسية في أسواق الطاقة، بينما يُتجاهل الأثر البيئي لشركات التكنولوجيا الكبرى. وربما سنشهد مستقبلاً تصنيف الكربون الناتج عن هذه التقنيات بغطاء «أخضر» أو «أزرق» في تلميعٍ سياسي لا بيئي. ولا يختلف اثنان على أنّ النفط والغاز شكّلا الأساس الذي قامت عليه الثورة الصناعية الثانية ومهّدا للثورة الرقمية والصناعية الرابعة، وصولًا إلى بروز الذكاء الاصطناعي ذاته. ومع ذلك، يواجه هذا القطاع ضغوطًا متزايدة من منظمات دولية وكيانات أوروبية تسعى لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050. ومن وجهة نظري، فإنّ أغلب الحلول المناخية المطروحة تتركّز على استبدال الطاقة الهيدروكربونية بالطاقة المتجددة دون معالجةٍ حقيقية لجذور الأزمة أو تعزيز كفاءة الاستهلاك وعدالة التحوّل. فالقضية ليست في تبديل مصدرٍ بآخر، بل في بناء منظومةٍ متوازنةٍ ومنصفة، دون إقصاء قطاعٍ لحساب آخر «لحاجةٍ في نفس يعقوب». ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تمضي الاستثمارات الخليجية في الطاقة المتجددة والهيدروجين والتقنيات الرقمية بدافع رؤيةٍ استراتيجيةٍ مدروسة، أم استجابةً لضغوطٍ دولية قد لا تنسجم مع مصالحها الوطنية وثرواتها التي وهبها الله لها؟

1314

| 09 أكتوبر 2025

كورنيش الدوحة بين ريجيم “راشد” وعيون “مايكل جون” الزرقاء

في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان الشروق الحالمة، حين وصل الأوروبي الرشيق والأنيق “مايكل جون” إلى الدوحة بدعوةٍ من زميله “راشد”، وقد جمعتهما صداقة مهنية تمتد لأكثر من عقدٍ من الزمان في قيادة مشاريع صناعية ضخمة. واليوم، وقد بلغا معًا أواخر الستين من العمر، لم يكن صباحهما موعدًا لدراسة مشروع أو استعادة ذكريات الصناعة المليئة بالمتعة والصعوبة، بل كان موعدًا من نوع آخر. “راشد”، ذو القامة المهيبة ووزنٍ يزيد على مائةٍ وعشرة كيلوغرامات، استجاب أخيرًا لنصائح الأطباء وتشجيع صديقه “مايكل”؛ فقرّر خوض رحلة ريجيم صارمة. وضعا خطة بسيطة وواضحة: نظامٌ غذائي، ونومٌ مبكر عند التاسعة مساءً، ومشيٌ يومي مع بزوغ الفجر. وما أن انطلقا معًا على المسار الساحلي حتى انبهر “مايكل” بسحر وجمال كورنيش الدوحة؛ بمياه الخليج الهادئ المتلألئة، وصفوف النخيل الفاتنة، وناطحات السحاب التي تتحدى الأفق بثقة، وكأن الكورنيش لوحةٌ تجمع بين حداثة المدينة وهدوء البحر. لكن “مايكل”، مهندس المشاريع المتقاعد، لا يتخلّى بسهولة عن نظرته التحليلية المهنية. وبينما كان “راشد” يلهث بشدّة تحت وطأة الكيلوغرامات الزائدة، وقد بدأ العرق يتصبّب من جبينه، كان “مايكل”، بلياقته الرياضية، يواصل الركض الهادئ بثبات، وعيناه الزرقاوان تلتقطان أدقّ التفاصيل كما لو كان في جولة تدقيق وتقييم ميدانية لأحد المشاريع الصناعية. فرأى قوارب خشبية متهالكة غير مجهّزة لتوفير الراحة لمرتاديها، بألوانٍ عشوائية تجمع كل ألوان قوس قزح بلا تناغم، وسلالم صعود للسياح تبدو هشة كأنها تنتظر أول زلّة، وعمالاً يرتدون ملابس متهالكة يصعب التمييز بينهم: أبحّارة محترفون أم عمال عابرون قد لا يجيدون السباحة أو أساسيات الأمن والسلامة، ولا حتى ثقافة التعامل مع الزوار والسياح. واصل “مايكل” رصد ملاحظاته: صيادون هواة يلقون صنّاراتهم بلا تنظيم أو مراعاة لإجراءات السلامة، تاركين على المقاعد الإسمنتية بقايا طُعم ذات رائحة نفّاذة ومخلّفات تشوّه المشهد العام وتزعج المارة. وعلى امتداد المسار تبرز قطع من البلاط غير متقنة التركيب قد تهدّد سلامة العابرين، فيما يبدو التشجير بلا رؤية جمالية أو تنسيق واضح، مع ندرة تكاد تكون معدومة للوحات الإرشادية. بدا الكورنيش في عينيه تحفة طبيعية ومعمارية… لكنه، في نظر المهندس الخبير “مايكل”، يحتاج إلى “مدير مشروع” أو مشرف حقيقي يقظ يدوّن الملاحظات الدقيقة ليُبرز جماله الكامل ويحافظ على سلامة مرتاديه وزوّاره، وخصوصًا السائحين. واستوقفته كذلك الحواجز الزجاجية الممتدة في بعض المقاطع؛ فارتسمت على وجهه نظرة متسائلة: أهو بالفعل الحلّ الأنسب لبيئةٍ تتقلب أجواؤها بين رطوبة وحرارة عالية وأحيانًا رياحٍ محمَّلة بالغبار؟ وكيف ستكون كلفة العناية بها وصيانتها مع مرور الوقت؟ بعد ساعةٍ من المشي، جلسا في مقهى يطل على الخليج الغربي لاحتساء مشروباتٍ باردة. عندها التفت “مايكل جون” إلى “راشد” بنبرة جادّة قائلاً: “هل قام المسؤول المتخصص عن الكورنيش بتقييم وتحليل شامل لإدارة المخاطر قبل التطوير الأخير؟” توقّف “راشد” عن ارتشاف عصيره، وحدّق في صديقه بدهشة مبتسماً: “Are you serious… John…! يا أبو جون… نحن في نزهة صباحية لا في جولة تفتيش لأحد المشاريع الصناعية!” ابتسم “مايكل جون”، وفي عينيه الزرقاوين وميض خبرة راسخة يعكس سنواتٍ من التجربة، وقال بنبرةٍ تجمع حزمَ المهندس وهدوءَ المراقب: “مستر راشد، الجمال لا يكتمل من دون مراعاة معايير الأمن والسلامة، وهذا المكان البديع يستحق دراسة شاملة لتقييم وتحليل المخاطر (Risk Assessment & Risk Analysis) تمامًا كما لو كان مشروعًا نفطيًا أو بتروكيماويًا». ثم انحنى قليلًا إلى الأمام مستفسرًا بفضول: “ومن هو المسؤول والمشرف المعني عن هذا الكورنيش المدهش؟” هزّ “راشد” كتفيه وأجاب بابتسامة تجمع روح الدعابة بالتأمل: “لا أعلم على وجه الدقة… لكن يبدو أن تداخل الصلاحيات بين أكثر من مسؤول قد يفسّر بعض هذه الثغرات». فرد “مايكل” وهو يرفع كوبه، قائلاً بثقةٍ تستند إلى خبرة وتجارب طويلة في إدارة المشاريع الضخمة: “إنّ كورنيش الدوحة، بوصفه أحد أبرز المعالم السياحية في قطر، يحتاج إلى تقييم شامل لإدارة المخاطر (Risk Assessment) تتولاه جهة متخصصة محترفة، تضمن الإشراف عليه وتضمن السلامة لمرتاديه، وتحافظ في الوقت نفسه على استدامته وجاذبيته ومنظره الخلّاب». وما أن همَّا بالمغادرة حتى توقّف “مايكل” فجأة، مشيراً إلى بقعٍ بنية متناثرة شاهدها على طول الأرصفة، أشبه ببصقاتٍ جافة على الأرض، وقال باستغراب: “مستر راشد، ما سرّ هذه البقع البنية؟ وما حقيقتها؟” ساد صمتٌ قصير، ثم ابتسم “راشد” ابتسامة مازحة وهو ينظر إلى ساعته: “حان الوقت يا مايكل… علينا الآن أن نلحق بزيارة صديقنا خليفة، ولندع هذا اللغز للمسؤول أو المشرف! فلعله يجد له حلاً…” ضحك “مايكل” وهو يلتقط حقيبته، بينما ظل السؤال معلّقًا كعلامة استفهام كبيرة: هل يرى المسؤول عن الكورنيش ما يراه الزائر؟ وهل يكتفي بمنظر الجمال والشكل الخارجي فقط؟ هكذا انتهى صباح الرجيم على كورنيش الدوحة بجرعةٍ من الدعابة، وتقرير هندسي غير معلن، وسؤال مفتوح قد يجد جوابه من المسؤولين الذين نأمل أن يدركوا أن “قطر تستحق الأفضل”.

804

| 30 سبتمبر 2025

الهيدروجين بين حلم الطاقة النظيفة وسلطانة الغاز

الهيدروجين (Hydrogen) هو أبسط العناصر وأكثرها وفرة في الكون، لكنه لا يوجد منفردًا في الطبيعة، بل يُنتَج عادةً من الماء أو من الغاز الطبيعي. ما يميّز الهيدروجين أنه ناقل للطاقة لا مصدر لها، إذ يُعدّ مخزنًا للطاقة الكيميائية التي جرى تحويلها مسبقًا من الكهرباء عبر التحليل الكهربائي (Electrolysis)، ثم يُعاد إطلاقها عند الحاجة عن طريق خلية الوقود (Fuel Cell). وعندما يُنتَج باستخدام الكهرباء المولَّدة من مصادر متجددة، يُعرف باسم “الهيدروجين الأخضر” (Green Hydrogen)، إذ لا يُطلق عند استخدامه أي انبعاثات سوى بخار الماء (H2O). ويعتقد خبراء الطاقة أنه قد يكون وقود المستقبل وأحد ركائز التحول نحو اقتصاد أخضر منخفض الكربون. ولهذا السبب تتجه دول العالم إلى الاستثمار فيه، سواء عبر “الهيدروجين الأخضر” المنتج من الطاقة المتجددة، أو “الأزرق” المعتمد على الغاز مع تقنيات احتجاز الكربون، وأخيرًا “الهيدروجين الأبيض” المستخرج من باطن الأرض. برأيي الشخصي المتواضع، يرتبط الاهتمام العالمي ـ والأوروبي بالأخص ـ بالهيدروجين بثلاثة دوافع رئيسية: الأول: تحقيق أهداف المناخ والوصول إلى الحياد الكربوني الكامل (Net Zero) بحلول عام 2050، وهو هدف شبه مستحيل عمليًا. الثاني: توفير بدائل للقطاعات التي يصعب “كهربنتها” (Electrification)، مثل صناعة الصلب والطيران والنقل البحري، وهي بدائل ما زالت تجد صعوبة في منافسة النفط والغاز. أما الثالث، وهو الأهم، فيتمثل في تعزيز أمن الطاقة وتنويع مصادرها بعيدًا عن النفط والغاز العربي الخليجي. وهذا ما دفع الدول المنتجة للنفط والغاز في الخليج إلى الدخول في هذا المجال كخطوة مفروضة وإستراتيجية لحماية مكانتها وحصتها في السوق العالمي، مستفيدة من بنيتها التحتية وخبرتها في إنتاج الغاز. ورغم الطموحات المعلنة، يكشف الواقع أن الهيدروجين لم يتحول بعد إلى لاعب رئيسي في سوق الطاقة؛ فالإنتاج التجاري واسع النطاق لا يزال مكلفًا، والمشروعات الضخمة لم تتجاوز في معظمها المراحل التجريبية. وقد أعلنت عدة دول وشركات عالمية عن تعليق أو تجميد أو إلغاء مشاريعها، خصوصًا في مجال “الهيدروجين الأخضر”، مثل Shell وBP وRepsol وIberdrola، إلى جانب “مصدر” الإماراتية و“فيرتيغلوب” المصرية، ومشاريع أخرى في أستراليا والولايات المتحدة واليابان، وأخيرًا مشروع Scottish Power في المملكة المتحدة. وذلك إما بسبب ارتفاع التكاليف، وأبرزها الرأسمالية والتشغيلية، أو غياب عقود شراء طويلة الأجل، أو ضعف الطلب، أو لغياب سياسات وإستراتيجيات حكومية واضحة، أو لضعف البنية التحتية، أو لأن الطاقة المتجددة ما زالت تعتمد على السحب من شبكة الربط الكهربائية العامة التي تعمل بالوقود الأحفوري، أو لغياب آلية تسعير واضحة للهيدروجين تجبر السوق على ربط أسعاره بمؤشرات طاقة أخرى كالكهرباء والغاز، أو حتى الحاجة إلى تطوير التقنية لتكييف الأفران (Furnaces) القائمة حاليًا، وأخيرًا ـ وهو الأهم ـ الحاجة إلى تعاون دولي لتقاسم التكاليف المذكورة آنفًا وتطوير الحلول والتقنيات المستدامة المبتكرة. ولا ننسى أيضًا تحديًا آخر يتمثل في غياب توحيد أو توافق لأنظمة شهادات الهيدروجين (Hydrogen Certification Schemes)، وهو ما قد يشكّل عقبة رئيسية أمام انطلاق تجارة الهيدروجين العالمية، ويهدد فرص التصدير للدول المُصدِّرة الناشئة، خصوصًا إذا استمرت الفجوة بين الأنظمة المحلية والدولية. إن الصعوبات التي تواجه مشاريع الهيدروجين الأخضر والأزرق قد تؤثر مباشرة حتى على مشاريع إنتاج الأمونيا واليوريا الزرقاء (Blue Urea). وهذا ما حدث بالفعل في أحد المشاريع المشتركة بين شركة BASF الألمانية وشركة Yara النرويجية، الذي كان يهدف إلى إنتاج 1.5 مليون طن سنويًا من الأمونيا الزرقاء. هذا يعني أن الحديث عن “ثورة هيدروجينية خضراء” (Green Hydrogen Revolution) لا يزال سابقًا لأوانه، وأن النفط والغاز ما زالا المصدر المهيمن للطاقة عالميًا. والمفارقة أن معظم شركات النفط والغاز والطاقة العالمية العملاقة نفسها (Energy Supermajors)، ورغم شعاراتها المليئة بالخطاب الأخضر والصديق للبيئة، ما زالت تستثمر ـ وبقوة وشراهة ـ مئات مليارات الدولارات في مشاريع النفط والغاز، مدركة أن هذه المصادر ستبقى الركيزة الأساسية لأمن الطاقة العالمي وتلبية الاحتياجات الاستهلاكية والإنشائية والخدمية لعقود مقبلة. ويبقى الخطر الحقيقي أن ينجرف المنتجون الخليجيون خلف خبراء الطاقة ووعود شركات النفط والغاز والطاقة العالمية العملاقة (Energy Supermajors)، ومكاتب الاستشارات والدراسات الدولية، نحو استثمارات ضخمة قد تقوّض دور النفط والغاز الخليجي العربي، وهما العمود الفقري للاقتصاد الخليجي الريعي ومكتسبات الأجيال القادمة، ومصدر هيمنتهم على أسواق الطاقة العالمية حاضرًا ومستقبلًا. فالحقيقة أن الوقود الأحفوري (النفط والغاز) وبالأخص الغاز سيبقى “سيد الموقف” لسنوات وعقود مقبلة، حتى مع توسع مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين بألوانه المختلفة. وسيظل الهيدروجين، حتى إشعار آخر، مجرد حلم قيد التشكل؛ قد ينجح في منافسة بعض المصادر، لكنه لم يثبت بعد أنه قادر على إزاحة النفط والغاز عن عروشه، وهذا ما تؤكده بالفعل تقارير وكالة الطاقة الدولية التي صدرت حديثًا على أن نمو الطلب على النفط والغاز مستمر للـ 25 سنة القادمة على الأقل. لكن يظل السؤال مطروحًا: هل تُعدّ الاستثمارات الخليجية الضخمة في بدائل الطاقة الأخرى إستراتيجية صائبة تصب في مصلحة المستهلك الخارجي أكثر مما تفيد المنتج والمصدر العربي الخليجي للنفط والغاز؟ … مجرد سؤال….؟؟؟ أخيرًا… ما هو ثمين يجب أن يُحمى، وما يُحمى يجب أن يُنمّى.

525

| 17 سبتمبر 2025

حكاية «مهندس قطري» وملحمة وطن

على رمالها وسواحلها الهادئة كهدوء أهلها الطيبين حيث لا يعلو صوت فوق هدير وأزيز المعدات والآلات، وعلى منصات النفط والغاز العملاقة العائمة فوق أمواج مياه الخليج، تتجسد قصة إنسان صنع بجهده وعرقه وتضحياته جزءًا من مجد هذا الوطن الغالي. يجلس اليوم في عقده السابع، هادئًا ممسكًا بسبحته على إحدى أريكات كورنيش الدوحة الاسمنتية، يناظر الأفق البعيد وناطحات السحاب، بينما تتلون السماء بوهج الغروب وأطياف الشفق الساحرة، شارد الذهن في ذكريات الماضي الجميل يلفها عباءة الفخر والعزة والحنين. إنها رحلة “مهندس قطري”، امتدت لأكثر من أربعة عقود، سطر خلالها ملحمة من التحدي والصبر والإصرار، وكان شاهدًا على أبرز التحولات في تاريخ بلاده الصناعي. لم تكن تلك المرحلة مفروشة بالورود والرياحين؛ ففي سبعينيات القرن الماضي، كانت قطر تضع لبناتها الأولى في التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما بكميات تجارية. وكان هذا المهندس الشاب جزءًا من تلك النخبة، فلم تكن شهادته الأكاديمية وحدها سلاحه، بل كانت همته العالية وإرادته الصلبة. عمل جنبًا إلى جنب مع زملائه من العرب والآسيويين والأوروبيين، وعمالقة الشركات الصناعة العالمية IOCs, مثل بي بي، يارا (هيدور )، كوبي ستيل،شل، توتال، إكسون موبيل، وشيفرون، وغيرهم، لم تكن هذه الشركات مجرد جهات عمل، بل كانت بحق جامعات ميدانية نقلت إليه وإلى أبناء قطر المخلصين أعلى معايير الدقة والاحترافية والإبداع. في القطاع الصناعي، تعلم فنون الإدارة والإشراف على تلك المصانع العملاقة بكل إتقان وكفاءة على سبيل المثال، اكتسب من الإدارة اليابانية مبدأ “كايزن” (Kaizen)، وتشرب من الادارة الأمريكية “التصنيع الرشيق” (Lean Manufacturing)، ومن الإدارة الأوروبية أجاد أتقان مبدأ “السلامة أولًا” (Safety First). ولكن الأهم من ذلك كان ترسيخ قيم الالتزام، والتسامح، والرقي في التعامل مع الآخرين، فكانت هذه الأسس التي صنعت بيئة عمل متماسكة كالعائلة الواحدة، على الرغم من اختلاف مشاربها الثقافية والعرقية ”Ethnicity”. كانت التحديات هي المحك الحقيقي؛ فالعمل في قطاع الطاقة والصناعة يعني التصدي للمخاطر المهنية اليومية.كالتعامل مع غازات ذات الضغوط العالية التي قد تتجاوز 1000 بار، ودرجات الحرارة التي قد تصل وتتجاوز 900 درجة مئوية، بالإضافة إلى التعامل مع المواد السائلة شديدة الخطورة والصلبة، والعمل تحت لهيب حرارة الصيف ورطوبته العالية. ومرورًا بالظروف القاسية والعزلة العائلية والاجتماعية لفترات طويلة على المنصات البحرية والجزر الصناعية العائمة ( Production Offshore Platforms ). وفي تلك الظروف، كانت اليقظة والدقة هاجسًا دائمًا من أجل السلامة والعودة إلى الأهل والأحبة.هناك، بعيدًا عن دفء الأسرة تذوب الفوارق بين الجنسيات والألوان والثقافات، ليصبح الزميل أخًا وشريكًا في الهدف. لم تكسر هذه الظروف الرجال، بل صقلتهم، وحولتهم إلى قادة قادرين على اتخاذ القرارات المصيرية والحاسمة. ولا نستثني في هذا السياق الإداريين الأفاضل، حيث كان الوصول إلى أعلى هرم الادارة متاحًا بلا حواجز ولا مواعيد مسبقة، فكانوا هم السند الحقيقي والخفي الذي جعل الإدارة حلقةً داعمة وفاعلة تكمل منظومة الجهد الجماعي بين العمل الميداني والمكتبي. ولم تتوقف رحلة هذا المهندس عند حدود الوطن؛ فبعد أن اكتسب خبرة واسعة، حمل راية بلاده إلى أنحاء العالم، من أمريكا إلى آسيا وأوروبا، مشرفًا على مشاريع كبرى، وكان خير سفير للكفاءات القطرية. كانت تلك البعثات والمهمات اغترابًا طوعيًا، وثمنًا دُفع في سبيل اكتساب معاير الريادة العالمية. ورغم صعوبات البعد عن الوطن وحواجز اللغة، أثبت أن “المهندس القطري” قادر على المنافسة وإضافة قيمة في أي مكان ومشروع يذهب إليه. يجلس هذا المهندس الخبير المخضرم اليوم ليس كشاهد على عصر فحسب، بل كمدرسة ومرجعية وطنية يجب استغلالها ومهمته الحالية لا تقل أهمية عن سابقاتها؛ فهو ينقل للأجيال الحاضرة العلم والتقنية الهندسية، ومعهما ينقل إرثًا من القيم: الأخلاق، والإخلاص، والولاء، والدقة، والابتكار. لقد غدا جسرًا انتقلت عبره أفضل الممارسات العالمية لتندمج مع الهوية القطرية الأصيلة، وتشكل نموذج المهندس العالمي الذي لا يتخلى عن جذوره. إن قصة هذا المهندس هي دليل على أن الثروة الحقيقية لا تكمن في باطن الأرض، بل في عقول أبنائها. لقد حول ذاك الجيل الرائد التحدي إلى فرصة، والفرصة إلى إنجاز، والإنجاز إلى إرث خالد تفتخر به الأجيال القادمة. أخيرًا وليس اخرا، تحية إجلال وتقدير إلى رواد الصناعة والطاقة في بلادنا. الذين حوّلوا الصحراء وسواحلها إلى مصانع شامخة ببهائها تتلألأ ليلًا كالجواهر واللآلئ الثمينة، أُقبّل جباههم التي خاضت التحديات وحملت مسؤولية بناء صرح نفخر به امام الجميع والأجيال القادمة، بكل شموخ وأنفة. وأسأل الله أن يتغمد من رحل منهم بواسع رحمته، وأن يوفق الأحياء منهم والأجيال القادمة، ليواصلوا حمل راية العز والفخر. دام عز هذا الوطن ودامت سواعد رجاله الأوفياء ودمتم ……والسلام.

1584

| 08 سبتمبر 2025

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4335

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

2187

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

2124

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1800

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1455

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1173

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

978

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

732

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

672

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

651

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

627

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

597

| 11 ديسمبر 2025

أخبار محلية