رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
سأل أحد الأصحاب صاحبه: ما لي أراك متعباً، ومُجهداً، ووجهك مصفراً، وعيناك زائغتان؟، رد عليه صاحبه: صدقت – يا أخي الكريم - إني متعب جداً، فقد أصبت بالتهاب شديد في الرئتين، والقصبات الهوائية، مع آلام شديدة في المعدة، حتى ظننت أنها هي السبب الوحيد لهذه الآلام المبرحة، التي لم أذقها في حياتي كلها، وأمضيت عشرة أيام أو يزيد، لا أستطيع أن آكل أي شيء، مما اضطرني إلى مراجعة طبيب الهضمية وطلبت منه عمل تنظير لها، لربما فيها قرحة، أو التهاب.. غير أن الموعد، كان في الأسبوع التالي، فتحاملت على نفسي، وكان عندي موعد في اليوم التالي لتلقي جرعة من العلاج الكيماوي المضاد لورم نقي العظم المتعدد. ولما رآني طبيب أمراض الدم الذي يعالجني، متعباً بشكل شديد، طلب من طبيب آخر، إجراء فحص سريري لي، وبعد الفحص حولني إلى الإسعاف، الذي قام بإعطائي جرعات من الأوكسجين، وإعطائي المصل في الوريد، مع جرعة مسكنة للألم. ولما رجعت إلى الطبيب الذي حولني إلى الإسعاف، مع تقرير عن حالتي.. قرر إدخالي المستشفى بشكل عاجل، فأمضيت فيه ثلاثة أيام، كان قناع الأوكسجين لا يفارقني طوال أربع وعشرين ساعة، إلا وقت الطعام، ودخول الحمام، وأداء الصلاة، وفي اليوم الثالث، قررت الخروج من المستشفى، بعد أن شعرت بشيء من التحسن. لكن السبب الرئيسي الذي دفعني إلى الخروج السريع هو أن بطارية الهاتف، أخذت تتناقص، ولم أجد أحداً لديه شاحن لأشحن البطارية. والمصيبة الكبرى أنه إذا نفدت بطارية الهاتف، فإني لا أعرف كيف أرجع إلى البيت.. لأني جئت إلى المستشفى اعتماداً على خريطة غوغل، الموجود على الهاتف، فإذا تم إغلاق الهاتف بسبب نفاد البطارية، فكيف السبيل إلى خريطة غوغل؟، وهنا سأل الصاحب صاحبه، ألا يوجد معك أحد يأتيك بشاحن الهاتف؟، رد عليه المريض للأسف لا. يسأله صاحبه: وبعد أن خرجت من المشفى، هل توقفت آلام المعدة المبرحة، التي كنت تعاني منها أشد المعاناة؟، فقال المريض: للأسف الشديد، زادت بشكل رهيب، آلام تقطع المعدة تقطيعاً، لم أذق مثل هذا الألم طوال حياتي، فأمضيت ليلة الجمعة، مؤرقاً، ومسهداً، وكذلك أمضيت يوم الجمعة باستمرار الآلام، وتتابعها، حتى أني لم أتمكن من صلاة الجمعة لشدة الآلام، والضعف، والوهن الشديدين، اللذين أصاباني، بالرغم من أني بدأت باستخدام المضاد الحيوي، الخاص بالتهاب الرئتين، ولكن لسوء الحظ، لم يحدث أي فرق، ثم استعنت بمضاد حيوي آخر، يوم السبت، ولكن الآلام القاتلة، بقيت كما هي، مما اضطرني إلى الذهاب إلى الإسعاف، في مستشفى قريبة من البيت.. وطلبت منهم إعطائي مسكنا في الوريد مع المصل بشكل عاجل، وإعطائي الأوكسجين. وبعد إجراء فحص الدم، وفحص الرئتين بالأشعة الطبقية.. قرر طبيب الإسعاف، ضرورة دخولي المشفى لتلقي العلاج المناسب، فدخلته مساءَ، وبقيت فيه حوالي عشرة أيام.. أتلقى فيه جرعات الأوكسجين باستمرار كما كان في المشفى الأول، وجرعات من المضاد الحيوي، والمسكن مع المصل في الوريد. وبعد عدة أيام، أخذت آلام المعدة تخف، والحمد لله رب العالمين، وتبين أن آلام المعدة، ليس مصدرها المعدة، وإنما مصدرها التهاب الرئتين، فلما أخذ التهاب الرئتين يخف نتيجة المعالجة النوعية بالمضادات الحيوية، التي كانت تدخل إلى الجسم عبر الوريد، أخذت آلام المعدة تخف أيضاً. وهنا سأله صاحبه: ولكني لم أر على وسائل الإعلام، أنك نشرت أي شيء عن مرضك، وطلبت من الناس الدعاء لك – كما يفعل الجميع –. رد عليه المريض: نعم! فعلاً لم أنشر شيئاً عن مرضي، ولن أنشر شيئاً عن دخولي المشفى، ولن أسلك هذا الطريق المَهين المُذل.. كما أرفض هذه الاستعراضات الهزلية، بنشر صوري على الأسرة البيضاء، كما أرفض رفضاً قاطعاً، أن أتسول، أو أستجدي الدعاء من الناس. قال له صاحبه: ولكن – كما تعلم – أن الدعاء هو مخ العبادة، وإذا جاء الدعاء بظهر الغيب من عدد كبير من الناس، يمكن أن يُحدث فرقاً، ويُسرِّع الشفاء. رد عليه المريض: أعلم ذلك، ولكن مجرد الطلب من الناس، أي شيء – سواءً كان الدعاء أو غيره – هو في حد ذاته عملٌ مَهين، ومُذل، وفيه صورة مهينة، من التسول، واستجداء الناس، واستعطافهم، فقيمي، وأخلاقي، وعقيدتي.. تأبى أن تطلب المعونة، أو الاستعطاف من الناس، وثقتي القوية بالله تعالى، الذي بيده كل شيء، والقادر، والمقتدر، والقدير على كل شيء، تمنعني من طلب أي شيء من الناس، لأني أعتبرهم هم فقراء إلى الله، ولا يملكون لأنفسهم أي شيء، ولا يستطيعون أن يقدموا أي مساعدة.. فهم عاجزون عجزاً كاملاً في مسألة المرض. أما مسألة الدعاء لأخيه بظهر الغيب، فهذا حق لا شك، ولا مراء فيه البتة، ولكن كيف؟، حينما يعلم الناس بطريقة ما، عن مرض إنسان آخر، يحترمونه، ويقدرونه، ومن ثَمَّ يتصلون به، ويسألون عن أخباره، ويعرضون أنفسهم لتقديم أي مساعدة له.. وبما أنفته، وكبرياؤه، وكرامته، ترفض قبول أي مساعدة من الناس، حينئذ فقط يطلب منهم الدعاء. كما حصل مع بعض الشباب في مسجد الحي، الذي أصلي به.. فحينما انقطعت عن المسجد بضعة أيام، افتقدني أحدهم، واتصل بي هاتفياً، يسأل عن أخباري، وعن سبب انقطاعي عن الصلاة في المسجد، حينئذ أخبرته مضطراً، أني في المستشفى، أعاني من مرض التهاب الرئتين، والقصبات الهوائية. وهنا عرض نفسه لتقديم أي مساعدة، أنا محتاج إليها، فقلت له: إني أحتاج إلى مساعدة وحيدة لا غير، وهي الدعاء لي بسرعة الشفاء. ثم انتشر خبر وجودي في المشفى لدى كل شباب المسجد، فأخذوا يتصلون بي هاتفياً، للاطمئنان عني، وعن صحتي، وكل واحد منهم كان يعرض نفسه؛ لتقديم أي مساعدة، أحتاج إليها، فكان طلب الدعاء.. هو المساعدة الوحيدة التي أحتاج إليها. وهكذا! تم طلب الدعاء من الأصحاب، بعزة، وكرامة، وبدون أي تسول، أو استجداء، أو استعطاف من الناس.
3314
| 07 مارس 2022
كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا عزم على التوجه إلى مكان ما لغزو الكافرين لم يكن يصرح لأصحابه باسم المكان الذي يريده بل يوري باسم آخر.. خشية أن ينتشر الخبر بين الصحابة ومن ثم يصل إلى المشركين فيجعلهم في حالة استعداد وقوة مما يؤدي إلى إفشال الخطة النبوية وإلحاق الخسارة بجيش المسلمين. وفي هذه النقطة يجب أن نلاحظ أمرين اثنين هامين جدا.. جدا.. أولهما: أنه رغم أن الصحابة هو الجيل الفريد المتميز على كل أجيال البشرية قاطبة.. لأنه كان من تربية ورعاية سيد البشرية.. ورغم ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم بهم وبطاعتهم المطلقة لأوامره.. ومع ذلك لم يكن يعلمهم بالجهة التي يريدها حرصاً على السرية.. ولتعليم الأجيال القادمة كيف تكون قواعد الحرب مع الأعداء. ثانياً: ورغم بطء الاتصالات والمواصلات في تلك الأيام.. والتي قد تحتاج إلى أيام أو أسابيع حتى ينتقل الخبر من مكان إلى آخر.. بينما في أيامنا يمكن انتقال الخبر إلى كل البشرية في خلال ثوان معدودة.. ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم يكتم أسراره.. ويوجههم بقوله: استعينوا على إنجْاحِ الحوائِجِ بالكتمانِ ؛ فإنَّ كلَّ ذي نعمةٍ محسودٌ. ويقول أيضا: الحربُ خُدعةٌ. وبالمقابل نرى أن أعداءنا يبيتون لنا كل الشر ويخططون في الخفاء وتحت جنح الظلام لقتلنا والهيمنة والسيطرة علينا ونهب ثرواتنا دون أن ينبثوا ببنة شفة.. ودون أن يكشفوا لنا أي شيء مما يمكروه بنا.. يخادعوننا ويخدعوننا ويضللونا ويتظاهرون بأنهم يحبوننا وبأنهم أصدقاؤنا ويخافون علينا ويتعاونون معنا.. ويريدون لنا الخير.. إذن لماذا.. ثم لماذا.. إخواننا المجاهدون على أرض الشام وقبل ذلك على أرض العراق وقبلها في فلسطين يستهينون بهدي نبيهم.. ويستخفون بتعليماته وإرشاداته.. ولا يستفيدون حتى من تصرفات أعدائهم معهم؟؟ لماذا هذا الرجل الذي يزعم أنه رئيس دول العراق الإسلامية الوهمية الافتراضية التي لا يعلم أي إنسان على الكرة الأرضية أين حدودها وعاصمتها ومن هو الشعب الذي يسكنها... لماذا يعلن عن إنشاء كيان ليس له أي سيطرة عليه ولا يملكه؟؟ هل هذا الرجل يحب الله ورسوله ويسعى إلى عبادته وحده.. أم يسعى إلى مجد شخصي وهمي.. أم يريد تنبيه الأعداء.. وتحريضهم وتحفيزهم للبقاء مستيقظين متأهبين للقضاء على المسلمين؟؟ هل هذا الرجل فيه ذرة من الضمير.. أو قطمير من العقل والتفكير؟؟ هل يهمه حقاً أمر الإسلام والمسلمين.. وهل يكون إقامة دولة الإسلام في الفراغ وفي الفضاء الهوائي بالإعلانات الفارغة؟؟ وهل قرأ حديث النبي الذي يحذر أشد التحذير من القتال في سبيل المغنم والذكر: جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: الرجلُ يُقاتِلُ للمَغنَمِ، والرجلُ يُقاتِلُ للذِّكرِ، والرجلُ يُقاتِلُ ليُرَى مكانُهُ، فمن في سَبيلِ اللَّهِ؟ قال: (من قاتَلَ لتَكونَ كلمَةُ اللَّهِ هي العُليا، فهو في سَبيلِ اللَّهِ).. وهل يعلم هو وبقية المجاهدين أن الهدف الأول والواجب الأساسي للمسلم هو عبادة الله وحده فقط. كما قال: "وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" ﴿٥٦﴾الذاريات. وليس مطلوب منهم إقامة دولة الإسلام ولا تحقيق النصر على الأعداء.. فهذا كله من عمل الله وحده وليس من البشر كما قال تعالى: "فَإِنْ أَعْرَضُوا۟ فَمَآ أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ. وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ". وأما الرجل الآخر المدعو الجولاني أو الجيلاني – لا يهم - رئيس جبهة النصرة.. رغم أنه أعلن استنكاره لبيان دولة العراق الإسلامية بحجة عدم استشارته.. إلا أنه ارتكب خطأ كارثيا مميتا حينما أعلن في نفس لحظة الاستنكار مبايعته للظواهري. وهنا يجدر بنا أن نقف وقفة مصارحة ومكاشفة.. ونعلن ابتداء أننا رغم حبنا وتقديرنا الشديد للظواهري ولابن لادن ولعبد الله عزام ولكل المجاهدين وأئمتهم.. ورغم حصول جبهة النصرة على سمعة طيبة لدى فئات الشعب السوري عامة.. وحصولها على تأييد ودعم شعبي واسع النطاق.. ورغم شدة بأس مقاتليها ضد العصابات الأسدية.. إلا أن التصريح الأخير لزعيمها يحبط كل عملهم ليس فقط في الدنيا.. وإنما في الآخرة.. لماذا؟؟ لأن الكل يعلم أن الظواهري موصوف عند الغرب والشرق والعرب والعجم وعند كل طواغيت الأرض بأنه الإرهابي الأول.. ورأسه مطلوب حيا أو ميتا وبمبلغ فقط 25 مليون دولار.. وكل أجهزة مخابرات الأرض ترصد تحركاته وسكناته وهمساته.. وتطارده ليلا ونهارا.. وتسعى جاهدة للقبض عليه كما فعلت بسلفه أسامة. فلماذا يلجأ هذا الجيلاني إلى هذه البروزة بمبايعته للظواهري علناً.. ألا يمكن أن يكون سراً لا يعلم به حتى المقربين منه؟؟ أهو التحدي للغرب أم هو الرغبة في الذكر؟؟ التحدي لا يكون بكشف الأسرار والأوراق للأعداء وإطلاعهم على أسرار التنظيم.. والمبايعة.. هو سر من أسرار التنظيم لا يجوز حتى في الأوقات غير الخطرة كشفه.. فما بالك بهذه الأيام الحبلى بأشد الأخطار التي مرت على تاريخ الأمة المسلمة! فهذا من البلاهة والغرور.. وهذا تصرف أرعن أهوج.. لا يليق أن يفعله المسلم العادي البسيط.. فكيف بمن يسمي نفسه قائداً للمجاهدين؟؟ إنه يستفز الأعداء ويعطيهم معلومات مجانية تفرحهم وتزيد من تكالبهم وحشودهم ضد المسلمين. التحدي يكون باتباع الهدي النبوي.. بخداع الأعداء وتضليلهم.. وتعمية الأخبار عنهم.. ثم مفاجأتهم بعقر دارهم بقوة المسلمين.. والتحدي أيضا يكون بتعميق شعور العبودية الحقة لله تعالى الذي هو هدف هذا الوجود الكوني والبشري. وهنا أحب أن أنقل بعض تعليقات شهيد القرن العشرين سيد قطب الذي يزعم بعض المجاهدين أنهم يحبونه.. ويظنون أنهم يسيرون على طريقه.. ولكني أحسب بناء على ما تربيت على فكره وقرأت جميع كتبه مرات عديدة منذ 53 عاما قبل أن يولد معظم قادة المجاهدين أو حينما كانوا يحبون على الأرض.. وبناء على محبتي له التي تفوق مئات المرات ما يزعمه بعضهم مما جعلني يوم استشهاده في عام 1966 أن أغير كنيتي من أبي مصطفى إلى أبي سيد.. ولما جاءني المولود الأول بعد 12 عاما من استشهاده سميته سيداً.. وبناء على هذه التصرفات غير المسؤولة.. والطائشة الأخيرة فإني أعتقد أنهم لم يقرأوا كتبه أو لم يفهموها.. يقول رحمه الله: ومن ثم يتجلى أن معنى العبادة التي هي غاية الوجود الإنساني أو التي هي وظيفة الإنسان الأولى. أوسع وأشمل من مجرد الشعائر; وأن وظيفة الخلافة داخلة في مدلول العبادة قطعا. وأن حقيقة العبادة تتمثل إذن في أمرين رئيسين: الأول:هو استقرار معنى العبودية لله في النفس. أي استقرار الشعور على أن هناك عبدا وربا. عبدا يعبد. وربا يعبد. وأن ليس وراء ذلك شيء. والثاني: هو التوجه إلى الله بكل حركة في الضمير. وكل حركة في الجوارح. وكل حركة في الحياة. التوجه بها إلى الله خالصة من كل معنى غير معنى التعبد لله. ومتى حقق هذا المعنى انتهت مهمته وتحققت غايته. ولتكن النتائج ما تكون بعد ذلك. فهذه النتائج ليست داخلة في واجبه ولا في حسابه. وليست من شأنه. إنما هو قدر الله ومشيئته. وهو وجهده ونيته وعمله جانب من قدر الله ومشيئته. ومتى نفض الإنسان قلبه من نتائج العمل والجهد، وشعر أنه أخذ نصيبه. وضمن جزاءه. بمجرد تحقق معنى العبادة في الباعث على العمل والجهد. فلن تبقى في قلبه حينئذ بقية من الأطماع التي تدعو إلى التكالب والخصام على أعراض هذه الحياة.
1616
| 27 أبريل 2013
رغم أن السوريين ضربوا أروع الأمثلة في البطولة والبسالة.. وقدموا أعظم التضحيات في الدفاع عن الوطن وعن أهلهم وإخوانهم.. ورغم الدماء الغزيرة التي جرت على أرض سورية وفاقت أي دماء أخرى جرت في أي بقعة من الكرة الأرضية.. ورغم أنهم أصبحوا يستهينون بالموت.. بل يُقبلون عليه بكل نفوس راضية.. ويتحدون كل من يطلق عليهم الرصاص والمدفع والرشاش.. ولا يهابونه ولا يخافون منه.. وهذا ينطبق على الصغير والكبير.. والرجل والمرأة.. والطفل والرضيع.. رغم كل هذه الروائع.. وهذه المشاهد الآسرة للفداء.. والتضحية التي يبديها الثوار على أرض الشام... ورغم كل هذا الصمود.. والتحدي.. والصبر.. والتحمل للجوع والمرض والفقر.. والضنك والحر والبرد في الصحراء القاحلة.. وتحت خيام مهترئة بالية.. هذا التحمل الذي تنوء بثقله الجبال.. رغم كل هذا وذاك.. إلا أن العين لتدمع.. والقلب ليخشع ويتزلزل.. والفؤاد ليتمزق ويتشظى.. والصدر ليختنق ويتحشرج.. لما يراه الإنسان من استمرار مخلوقات هيكلية بشرية سورية غير قليلة.. 1- لاتزال تتشبث وتتمسك بالمافيا الأسدية.. ولاتزال تقدم لها كل الدعم والتأييد السياسي.. والإعلامي.. والمالي.. والعسكري.. ولاتزال تضحي وتدافع بكل شراسة وقوة وصلابة عنها.. ولاتزال تهاجم الثورة والثوار.. وتنعتهم بأوصاف مزرية دنية.. 2- لاتزال مخلوقات هيكلية بشرية سورية من كافة الأطياف والمكونات الشعبية.. والثقافية والتعليمية.. والاجتماعية.. والدينية.. تعتقد وتصدق وتؤمن بأن النظام الأسدي هو أفضل وأحسن وأعظم نظام في الكرة الأرضية.. بل هذا الاعتقاد المشين.. المزري.. المعيب لكينونة الإنسانية.. ليمتد وينتشر ويتغلغل في أذهان مخلوقات غير سورية عربية وأعجمية.. وما حادثة الوفد الأردني الصعلوكي الذي ذهب إلى بشار ليكرمه ويكافئه على جرائمه بإهدائه العباءة الأردنية.. عنكم ببعيد.. 3- لاتزال مخلوقات سورية تعيش في حياة البذخ والترف والنعيم.. وكأنها في عالم آخر.. وكوكب آخر في داخل سورية وفي خارجها.. تغب من الملذات والشهوات ما تشاء.. وما تحب وما تهوى..غير عابئة ولا مكترثة.. ولا مهتمة بما يجري من أنهار الدم.. وشلالات الدم على أرض سورية.. تمارس حياتها العادية كما كانت قبل الثورة.. وتخرج خارج سورية للتنزه والسياحة والترفيه والمتعة.. وتتحمل طول السفر وعناءه.. والمرور عبر الحواجز الأمنية.. 4- ولا تزال مخلوقات عجيبة.. غريبة تهتف باسم بشار وترفع صوره.. وتمجده.. وتعظمه.. وتؤيده.. وتهتف باسمه.. وتفديه بالروح والدم.. ليس في سورية فحسب بل – وللأسف العميق – في خارجها.. وفي أول بلد عربي حصلت فيها ثورة الحرية... فبالأمس عرضت شاشات التلفاز مظاهرة في تونس مؤيدة للمافيا الأسدية.. ومن أهلها.. مع أنه لم تحصل حتى الآن مظاهرة في تونس مؤيدة لرئيسها المخلوع بن علي.. 5- ولا يزال موظفو النظام الأسدي سواء منهم العسكريون أو المدنيون يمدونه بالقوة ويدعمونه بشتى الوسائل.. ويدافعون عنه بشراسة وضراوة لا نظير لها.. ويضحون بأرواحهم النجسة في سبيله.. ويبذلون أموالهم لتثبيت أركانه ودعائمه.. هل وصلنا إلى زمن يصبح فيه الحليم حيراناً؟؟! هل نحن في زمن المسيخ الدجال.. الذي يقول للأرض أنبتي.. وللسماء أمطري؟؟! وهل هذا رئيس المافيا الأسدية يمثل المسيخ الدجال الذي يفتن الناس.. ويسلب عقولهم.. ويعمي أبصارهم.. ويختم على قلوبهم.. فيجعلهم يمشون وراءه كالأنعام؟؟! ورغم هذه الصورة السوداوية.. القاتمة.. الكئيبة للمشهد السوري الحزين.. إلا أنه في الطرف الآخر ثمة مشهد رحب واسع من النور.. والفرحة.. والحبور.. والسرور يملأ الكون بالضياء والإشراق.. فلا يزال أناس طيبون قابعون تحت سيطرة المافيا الأسدية.. ينسحبون وينسلون تحت جنح الظلام.. فيعلنون تبرؤهم منها.. وينضمون إلى قافلة الأحرار الشرفاء.. وهذا ما قد يفسر سبب تأخر النصر.. من ناحية أن الباطل لا يزال متماسكاً.. قوياً رغم التصدعات والتشققات التي حصلت فيه.. ومن ناحية أخرى رحمته تعالى بالبقية الباقية من الطيبين المتواجدين تحت سيطرة المافيا الأسدية.. فيريد لها أن تنجو من العذاب الأليم بخروجها من سيطرتها.. وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمْرِهِۦ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ...
1069
| 30 مارس 2013
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4062
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1731
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1575
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1203
| 07 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
885
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
651
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
606
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
555
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية