رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لم يشهد الشرق الأوسط استقرارًا حقيقيًّا. فقد واجهت الدول العربية تحديات كبرى، أبرزها قيام إسرائيل في قلب المنطقة، بينما كانت دول عديدة حديثة الاستقلال تسعى لترسيخ الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي. وبين عامي 1978 و1982، شهدت المنطقة تحولات جذرية غيّرت مسار تاريخها وأثّرت بعمق في توازن القوى: اتفاقيات كامب ديفيد، الثورة الإسلامية في إيران، الغزو السوفيتي لأفغانستان، الانقلاب العسكري في تركيا، الحرب العراقية الإيرانية، اغتيال السادات، واجتياح إسرائيل للبنان وصعود حزب الله. أعادت هذه الأحداث رسم ملامح التوازنات الإقليمية وتركَت أثرًا واضحًا على النظام العالمي القائم اليوم. لقد لعبت اتفاقيات كامب ديفيد (1978) دورًا مهمًا في إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط. فمصر التي خاضت عدة حروب ضد إسرائيل ورفضت الاعتراف بها، أصبحت أول دولة عربية تعترف رسميًا بإسرائيل، مما أدى إلى كسر الإجماع العربي بشأن القضية الفلسطينية. علاوة على ذلك، تزعزع موقع مصر كقائدة للعالم العربي، بل وتعرضت للعزلة من قِبل العديد من الدول العربية. إن توقيع مصر على اتفاقية سلام مع إسرائيل وانضمامها إلى المعسكر الغربي لم يُقوِّ من موقف إسرائيل فحسب، بل أضعف أيضًا القضية الفلسطينية. وبعد أن ضمنت إسرائيل أمن حدودها الغربية، توجهت نحو الشمال فاجتاحت لبنان عام 1982. وقد ساهم هذا الغزو في تقويض استقرار لبنان، الذي كان يُعرف بلقب "لؤلؤة الشرق الأوسط" في الستينيات والسبعينيات، ومهّد الطريق أمام صعود حزب الله، الذي تحوّل لاحقًا إلى كيان فعلي داخل الدولة. وفي خضم هذه التحولات، شكّل انتقال مصر من دائرة النفوذ السوفييتي إلى الاصطفاف مع الولايات المتحدة تطورًا استراتيجيًا محوريًا، ساهم بشكل كبير في توسيع نفوذ واشنطن وتعزيز حضورها في الشرق الأوسط. شكّلت الثورة الإيرانية عام 1979 نقطة تحول جوهرية في طبيعة النظام الإيراني وموقعه الإقليمي، حيث أطاحت بالحكم العلماني الموالي للغرب بقيادة الشاه محمد رضا بهلوي، وأقامت نظامًا دينيًا تهيمن عليه طبقة رجال الدين. وقد تجاوز أثر هذه الثورة حدود إيران ليصل إلى العالم العربي وجنوب ووسط آسيا. في بداياته، عارض النظام الجديد الرأسمالية والشيوعية على السواء، إلا أن تصاعد التوتر مع الغرب، خصوصًا مع الولايات المتحدة والدول العربية، دفعه تدريجيًا نحو التقارب مع الاتحاد السوفييتي. اقتصاديًا، وبوصفها من أبرز منتجي النفط، تسببت الثورة في اضطرابات كبيرة في الأسواق العالمية، ولا سيما في سوق النفط، مما أدّى إلى أزمات طاقة وصدمات اقتصادية ذات آثار بعيدة المدى على السياسات الجيوسياسية والاستثمارية. أما عربيًا، فقد تدهورت العلاقات الإيرانية-العربية بعد الثورة، يمكن تفسير صعود صدام حسين إلى السلطة داخل حزب البعث في العراق عام 1980 في هذا السياق. لم يكن غزو العراق لإيران مباشرة بعد الثورة الإيرانية أمرًا عرضيًا. فقد أسفرت الحرب الإيرانية-العراقية، التي استمرت ثمانية أعوام وأسفرت عن مقتل حوالي نصف مليون شخص من الجانبين وتسببت في خسائر مادية كبيرة للعراق ودول الخليج، عن تعزيز الانقسامات الإقليمية بشكل أكبر. كما أن التكلفة الباهظة لحرب الخليج أدت إلى تدهور العلاقات بين العراق ودول الخليج، مما ساهم في غزو العراق للكويت لاحقًا، وبالتالي فرضت حرب الخليج الأولى أعباء اقتصادية وسياسية كبيرة على العراق. في نفس العام، ألهمت مقاومة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان في عام 1980، بالتزامن مع الثورة الإيرانية، العديد من الحركات الإسلامية الراديكالية. بعد انتهاء الاحتلال، عاد العديد من المجاهدين إلى بلدانهم، حيث ساهموا في انتشار الفكر المتطرف وزيادة عدم الاستقرار في منطقتهم. وفي السياق ذاته، يمكن اعتبار الانقلاب العسكري في تركيا ضد تهديد الشيوعية عام 1980 تطورًا ذا صلة بهذا السياق الإقليمي. ومع اقتراب نهاية الحرب الباردة، بدأت الولايات المتحدة في فرض سيطرتها الواضحة على منطقة الشرق الأوسط. بإجمال، تُعد فترة 1978-1982 مرحلة مفصلية في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر، إذ تركت تأثيرات مستمرة على التطورات الحالية في المنطقة، وأثرت بشكل عميق في التحولات السياسية والجيوسياسية التي ما زالت تتكشفحتىاليوم.
1038
| 23 أبريل 2025
أُقيم هذا الأسبوع في تركيا منتدى أنطاليا الدبلوماسي في نسخته الرابعة، وهو منتدى يهدف إلى تعزيز دور الدبلوماسية كبديل للحروب، على غرار منتدى الدوحة ومنتدى الجزيرة. المنتدى يسعى إلى ترسيخ ثقافة الحوار والسلام في مواجهة النزاعات والصراعات، وقد أصبح منصة دولية هامة بمشاركة ما يقرب من 5000 شخصية من مختلف أنحاء العالم، بينهم قادة دول، ودبلوماسيون وخبراء وصحفيون. في دوراته السابقة، لعب منتدى أنطاليا دورًا محوريًا في جمع الأطراف الروسية والأوكرانية إلى طاولة الحوار، ما يعكس أهميته المتزايدة على الساحة الدولية. هذا العام، شهد المنتدى مشاركة رؤساء دول من تركيا، أذربيجان، بلغاريا، إندونيسيا، جورجيا، المجر، الصومال، سوريا وليبيا، إلى جانب عدد من الوزراء وممثلي المنظمات الدولية. المنتدى لم يكن مجرد منصة لطرح القضايا الدولية، بل كان ساحة فعالة للقاءات دبلوماسية متعددة الأطراف، مما جعله مركزًا مهمًا للحوار بين مختلف الأطراف. في ظل التطورات السياسية والإنسانية في العالم والمنطقة، ركز المنتدى على القضايا العالمية في العلاقات الدولية والدبلوماسية، مع السعي إلى تقديم حلول عبر مسارات السلام. وشارك المشاركون من مختلف أنحاء العالم لتبادل وجهات النظر وتقديم مقترحات لمعالجة التحديات العالمية. كما تم التأكيد على أهمية التعاون بين الدول، خصوصًا في تعزيز الحوار الإقليمي. في عالم اليوم، الذي تتعدد فيه التحديات والتهديدات، أصبح التعاون والتواصل على المستويين الإقليمي والدولي أكثر ضرورة من السعي الفردي لدول لحل الأزمات. منتدى أنطاليا في دورته الحالية بدأ بمناقشة الأوضاع الإنسانية والسياسية في غزة وفلسطين، حيث تم التأكيد على الحاجة الملحة لتدخل دولي عاجل لتقديم المساعدات الإنسانية. كما دعا المشاركون إلى زيادة الضغط الدولي على إسرائيل والدول الداعمة لها، مطالبين المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني. وقد حظي الملف السوري باهتمام خاص في المنتدى، حيث تم التأكيد على ضرورة دعم عملية إعادة الإعمار وتعزيز التعاون الإقليمي لاستعادة سوريا دورها كركيزة للاستقرار في المنطقة. الحكومة السورية كانت حاضرة بقوة في المنتدى، حيث أجرى وفدها سلسلة من اللقاءات مع ممثلي الدول المختلفة، في خطوة اعتُبرت مؤشراً على انفتاح دبلوماسي يعكس تحوّلات في المشهد الإقليمي والدولي. كما تم مناقشة قضايا تغيّر المناخ والتنمية المستدامة في المنتدى، حيث تم التأكيد على أهمية التعاون الدولي لمواجهة تأثيرات تغيّر المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. تناولت الجلسات ضرورة تعزيز استخدام الطاقة المتجددة والحد من انبعاثات الكربون. كما ناقش المشاركون سبل تعزيز التجارة العالمية والتنمية الاقتصادية الإقليمية في ظل تأثيرات الحروب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. منتدى أنطاليا كان أيضًا فرصة لمناقشة دور الاقتصاد الرقمي والابتكار وتأثير الذكاء الاصطناعي، حيث تم التركيز على التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أتاحها العصر الرقمي، وما يطرحه من تحديات وفرص. وقد أثيرت قضايا مثل الأمن السيبراني وأدوات الدبلوماسية الرقمية وتأثير الرقمنة على التعاون الدولي. من بين المواضيع المهمة التي تم مناقشتها أيضًا كانت ظاهرة الهجرة وأزمة اللاجئين الناجمة عن الأزمات السياسية والاقتصادية. تبادل المشاركون وجهات النظر حول أسباب وآثار أزمة اللاجئين وسبل معالجتها، مع التركيز على قضايا دمج اللاجئين وحماية حقوق الإنسان. وقد تم التأكيد على ضرورة التعاون الدولي لمواجهة هذه التحديات، بما في ذلك الاستعداد لمواجهة الأوبئة التي قد تنشأ نتيجة الانتشار السريع للحركة البشرية على مستوى العالم. في كلمته الختامية، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن «العالم أكبر من 5»، في إشارة إلى ضرورة إصلاح النظام العالمي الذي يقتصر فيه النفوذ على خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وشدد على ضرورة إنهاء الهجمات الإسرائيلية على غزة وسوريا التي وصفها بـ»إرهاب الدولة». أردوغان أشار أيضًا إلى أهمية الموقع الجيوسياسي لتركيا الذي يفرض عليها إقامة علاقات متوازنة بين الشرق والغرب، مؤكدًا على دور تركيا المحوري في الدبلوماسية والوساطة لحل الأزمات الإقليمية. كما أشار إلى أهمية دور النساء والشباب في إضفاء طاقة إيجابية جديدة على الدبلوماسية والقضايا العالمية. وفي ختام كلمته، ذكر أن تركيا شهدت خلال فترة حكمه تعزيزًا ملحوظًا في تأثيرها الدبلوماسي على الساحة الدولية. منتدى أنطاليا الدبلوماسي أثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد لقاء دبلوماسي، بل منصة مهمة لتعزيز السلام والحوار على المستوى الدولي، ومواصلة البحث عن حلول مبتكرة للتحديات العالمية.
870
| 16 أبريل 2025
لا يزال العالم العربي يعاني من أزمات متلاحقة ودمار مستمر منذ سنوات طويلة. وفي مقال نُشر العام الماضي، أشرنا إلى أن السودان سيكون الضحية الثانية في عام 2024 بعد غزة. وبالفعل، شهد هذا العام مآسي إنسانية كبيرة في كل من غزة والسودان، غير أن الأزمة السودانية لم تحظَ باهتمام كافٍ على الساحة الدولية. ومع دخول العام الجديد واستمرار الدمار في غزة، بدأت تظهر بوادر انفراج في السودان، حيث تبدو الأزمة الدامية التي استمرت لعامين، وشهدت جرائم قتل ونهب واغتصاب وتهجير، في طريقها إلى الانتهاء، مما يمنح الشعب السوداني فرصة لالتقاط الأنفاس. ولم تقتصر تداعيات هذه الأزمة على الداخل السوداني فحسب، بل أثّرت بشكل مباشر على استقرار المنطقة بأكملها. فقد سعت قوات الدعم السريع، التي تلقت دعماً واضحاً من دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب عسكري في عام 2023، مما فاقم حالة الفوضى وأدى إلى تصعيد خطير في الصراع الداخلي. خلال العامين الماضيين شهد السودان دماراً واسعاً. فإلى جانب الاشتباكات المتبادلة، ارتكبت قوات الدعم السريع، التي جنّدت مرتزقة من عدة دول إفريقية، انتهاكات جسيمة في المناطق التي تسيطر عليها. وقد انعكست هذه الانتهاكات على تقارير لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وقد تم تهجير ما لا يقل عن 14 مليون سوداني من مناطقهم ويعانون حالياً من أزمات اقتصادية حادة. كما تتكرر الانتقادات بشأن نهب المساعدات الإنسانية أو منع إيصالها في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع. ويُذكر أن السودان، الذي يُعد «سلة غذاء إفريقيا»، يعاني اليوم من أزمة غذائية خطيرة، حيث تشير التقارير إلى أن نحو 25 مليون شخص داخل البلاد يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء. بعد اشتباكات عنيفة، تمكنت القوات المسلحة السودانية (SAF) خلال الأشهر الأخيرة من السيطرة الكاملة على العاصمة الخرطوم، مما منحها أفضلية كبيرة وغير من توازن الحرب ونفسيتها. أما قوات الدعم السريع التي انسحبت من الخرطوم، فعودتها التكتيكية باتت شبه مستحيلة. وتحمل هذه التطورات أيضاً أهمية على صعيد الشرعية الدولية، إذ كانت بعض الدول تروج لفكرة أن ما يجري في السودان هو حرب أهلية وأن الطرفين متساويان في القوة والشرعية. بل إن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو ويُلقب بـ»حميدتي»، استُقبل العام الماضي في بعض العواصم الإفريقية وكأنه رئيس دولة. * مع اقتراب نهاية الأزمة، ستخرج الدول التي لم تدعم الانقلاب في السودان - وعلى رأسها مصر والسعودية وقطر وتركيا - مستفيدة من الوضع الجديد. فقد أبدت الحكومة المصرية انزعاجاً شديداً من الأزمة في السودان، وكانت تخشى من تكرار فوضى مماثلة داخل أراضيها. ويُعد استقرار السودان، الذي يشكل ممراً حيوياً لمياه النيل، أمراً بالغ الأهمية لمصر، كما أن الضغط الناتج عن اللاجئين السودانيين على الأراضي المصرية قد يتراجع. ومن الطبيعي أن تُعتبر تركيا وقطر أيضاً من الرابحين في هذه التطورات، إذ إن كلا البلدين ينظران إلى الاستقرار الإقليمي كميزة استراتيجية، ويعارضان الانقلابات العسكرية والتدخلات الخارجية، ويعتبران السودان القوي حليفاً طبيعياً في المنطقة. إن حل الأزمة في السودان من شأنه أن يُعزز الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، ومنطقة الساحل، وحوض البحر الأحمر، وهي مناطق عانت من تداعيات النزاعات المسلحة وحركات النزوح الواسعة. وقد تضررت الزراعة والتجارة داخل السودان وعلى مستوى الإقليم بشكل كبير بسبب الحرب، إلا أن الأمل معقود اليوم على تحسن هذه الأوضاع في ظل التهدئة الجارية. انتهاء حالة الفوضى في السودان يُعد أيضًا مكسبًا للدول التي استقبلت أعدادًا كبيرة من اللاجئين السودانيين، كمصر وتشاد وجنوب السودان وحتى إثيوبيا، وهي دول تواجه أصلاً تحديات اقتصادية صعبة، ما يجعل من عودة الاستقرار في السودان أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لها. * لن تكون التطورات الأخيرة في السودان محل ترحيب لدى الدول الغربية التي تسعى لإبقاء حالة الفوضى في الشرق الأوسط، وعلى رأسها إسرائيل. فعلى الرغم من أن الغرب دعم الجناح الليبرالي الذي أسقط نظام البشير عبر الاحتجاجات، إلا أنه لم يكن يرغب فعليًا في انتقال حقيقي للديمقراطية في البلاد. أما اليوم، فقد أعلن الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي يقود البلاد حاليًا، أن الجيش سيسلم السلطة للمدنيين بعد انتهاء الحرب. وعلى الرغم من الأزمات المتعددة التي يواجهها السودان، فإن توقف العقوبات الغربية والتدخلات الخارجية، وترك القرار للسودانيين أنفسهم، قد يفتح الباب أمام نهضة حقيقية. فالسودان بلد غني بالموارد الطبيعية كالبترول والذهب، إضافة إلى الأراضي الخصبة والطاقات البشرية، ما يؤهله لتحقيق تقدم سريع إذا توفرت له الظروف الملائمة.
1194
| 09 أبريل 2025
الهدم أسهل من البناء، وبما أن القوى الهدّامة لم تتخلَّ عن أنشطتها، فإن سوريا الجديدة بحاجة إلى دعم أكبر من الخارج والداخل. تلقت هذه الحكومة بالترحيب الدولي والإقليمي وهي الأولى في تطبيق النموذج الجديد للنظام الرئاسي. مع دخول الإدارة السورية الجديدة شهرها الرابع، وبعد إعلان الحكومة المؤقتة، ظهرت الرؤية لمستقبل سوريا من خلال الإعلان الدستوري. بعد فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، تبين أنه سيكون هناك نظام رئاسي، وسيتم إجراء انتخابات ديمقراطية وسيكون شاملاً وتشاركياً. وخلال عيد الفطر، ظهر الرئيس أحمد الشرع أمام السوريين والرأي العام العالمي بفريق سيتحمل المسؤولية من خلال تشكيل كادر حكومي جديد، الحكومة الجديدة تمزج بين الأوجه الجديدة والقديمة من العهد السابق ذوي الخبرة وحتى لأسباب مالية، بقي عدد الوزراء محدودا. *ستكون الحكومة قوية وناجحة لأنها شكلت على أساس الكفاءات، بعيداً عن المحاصصة، والمناطقية والدين والمذهب، ويبدو أن السوريين الذين احتفلوا بأول عيد فطر بحرية قد استقبلوا الحكومة الجديدة بتفاؤل، من الضروري منح كل فريق جديد فرصة للعمل وإثبات جدارته، ولكن تكثر التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة مثل ضمان الأمن والاستقرار وتحسين الوضع الإنساني وإعادة إعمار البلاد وإعادة النازحين السوريين إلى وطنهم والتنمية الاقتصادية. ونظرًا لأن التنمية والاستقرار لا يمكن تحقيقهما دون أمن، فإن من الضروري بشكل عاجل تسليم جميع الأسلحة التي بحوزة أنصار الأسد وقوات سوريا الديمقراطية إلى الدولة. * خلال الأشهر الأربعة الأولى، أدركنا أن تحقيق الأمن في سوريا ليس بالأمر السهل، إذ إن الغارات الجوية الإسرائيلية لا تزال مستمرة من جهة، ومن جهة أخرى يسعى أنصار النظام السابق إلى العودة وإشعال الفتنة الطائفية، ورغم أن الطائفة العلوية، التي كان النظام السابق يستند إليها، قد ترغب في العيش والتعايش بسلام، فإن إيران وروسيا (بل وحتى إسرائيل) تسعى لاستخدامها كورقة ضغط. وفي المقابل، تحاول إسرائيل الظهور كحامية للدروز بهدف فصلهم عن سوريا. ومن ناحية أخرى، لا تزال قوات سوريا الديمقراطية الموالية لحزب العمال الكردستاني تسيطر على ثلث البلاد وأهم موارده، لكنها تبدو مترددة في إلقاء السلاح والاندماج في النظام الجديد. وبينما تقدم تركيا وقطر دعمًا في هذا الصدد، ليس من المستغرب أن تعمل بعض الدول الأخرى في الاتجاه المعاكس. * إن عدم تحقيق الأمن بشكل كامل أو حتى انتشار شعور بعدم الاستقرار سيؤدي إلى عرقلة عودة السوريين إلى وطنهم، كما سيحدّ من تدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال إلى البلاد. وقد تمكنت الحكومة الجديدة من إحكام السيطرة على التمرد في غرب سوريا، فيما يتمتع وزير الداخلية الجديد، أنس خطاب، ووزير الدفاع، مرهف أحمد أبو قصرة، بخبرة ميدانية تمتد لأكثر من 12 عامًا، مع تركيزهما على ترسيخ العمل المؤسسي، ويبقى التحدي الأبرز هو مدى قدرة الإدارة الأمنية السورية على التصدي للهجمات الإسرائيلية، وإقناع قوات سوريا الديمقراطية بالتخلي عن مشروع الانفصال أو إنشاء كيان موازٍ للدولة. * نظرًا لوجود اهتمام وتدخل العديد من الفاعلين الخارجيين في قضايا مثل اللاجئين، المساعدات الخارجية، العقوبات، ومساعدة الدول المجاورة، فإن وزير الخارجية في سوريا يعد شخصًا ذا أهمية كبيرة، هناك العديد من المواضيع المتعلقة بالتفاوض، والإقناع، والتعاون. شخصيًا، أعتقد أن أداء وزير الخارجية، أسعد حسن الشيباني، كان جيدًا وأراه مناسبًا للاستمرار في منصبه. من مهامه أيضًا متابعة أوضاع اللاجئين السوريين في جميع أنحاء العالم، ستظل قضية اللاجئين السوريين على أجندة العديد من الدول المجاورة، ويمكن أن تؤثر أيضًا على العلاقات الخارجية لسوريا. * تزداد فرص نجاح الحكومة باختيار الوزراء في المجالات الاقتصادية (المالية، الاقتصاد والصناعة، التنمية، الزراعة، السياحة، والطاقة) من بين الخبراء والكفاءات المتخصصة، وذلك ضمن إطار حكومة تكنوقراطية تهدف إلى انتشال البلاد من الانهيار الاقتصادي وإعادة بنائها. من الضروري معالجة مشكلات نقص الغذاء والبنزين وتقليل انقطاع الكهرباء. كما أن تعيين امرأة في منصب وزيرة يعد أمرًا إيجابيا ويحظى باهتمام المجتمع الدولي. وكان من المهم ولا يزال أن تُعامل وزارتا الإعلام والثقافة بشكل منفصل عن الوزارات الأخرى مثل الشؤون الدينية، الصحة، التعليم، الشباب والثقافة، لضمان تقديم صورة دقيقة ومتكاملة وواعدة عن سوريا على الصعيدين الداخلي والخارجي. ورغم أن سوريا لا تزال أمامها تحديات كبيرة، فإن إرادة الشعب السوري وجهوده قادرة على تحقيق ما يبدو مستحيلًا.
1269
| 02 أبريل 2025
تعد إسطنبول التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة، أكبر مدن تركيا. ورغم أن أنقرة هي العاصمة السياسية، إلا أن إسطنبول تمتلك ثقلًا اقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا بارزًا. أكرم إمام أوغلو، الذي خاض الانتخابات البلدية عامي 2019 و2024 كمرشح للمعارضة، نجح في الفوز بالمنصب في كلتا المناسبتين. في صيف 2023، رغب في الترشح للانتخابات الرئاسية، لكن رئيس حزب الشعب الجمهوري آنذاك، كمال كليتشدار أوغلو، قرر الترشح بنفسه. بعد هزيمة كليتشدار أوغلو في الانتخابات، لعب إمام أوغلو دورًا محوريًا في الإطاحة به داخل الحزب، حيث دعم انتخاب أوزغور أوزل رئيسًا جديدًا لحزب الشعب الجمهوري في نوفمبر 2023، ما جعله الشخصية الأكثر نفوذًا داخل الحزب. استمرت الشائعات والتحقيقات حول قضايا الفساد المتعلقة بأكرم إمام أوغلو، الذي يسعى للوصول إلى الرئاسة في عام 2028. كما وردت مزاعم عن استغلاله أموال بلدية إسطنبول لتمويل شبكة إعلامية واسعة تضم وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي. تمكن إمام أوغلو من إعادة تشكيل نهج حزب الشعب الجمهوري، حيث خفف من طابعه العلماني المتشدد واعتمد أسلوبًا أكثر براغماتية وشعبوية. نجح في استمالة أصوات من الأوساط المحافظة والكردية، إلى جانب دعم القواعد التقليدية للحزب من العلمانيين والعلويين. وعلى الرغم من انتمائه لعائلة بارزة في قطاع المقاولات وامتلاكه ثروة عقارية كبيرة، استطاع كسب تأييد الطبقات الوسطى والفقيرة. يبلغ حجم ميزانية بلدية إسطنبول 213 مليار ليرة تركية، متجاوزًا ميزانيات وزارات الخارجية والداخلية والعدل والتجارة والسياحة. وبفضل حصتها من الميزانية العامة للدولة، إلى جانب إيراداتها الذاتية، تتمتع البلدية ببنية قوية ومستقلة نسبيًا. في تسعينيات القرن الماضي، نجح رجب طيب أردوغان في تحويل نجاحه في رئاسة بلدية إسطنبول إلى انطلاقة نحو السياسة الوطنية. أما أكرم إمام أوغلو، فقد اختار التركيز على بناء شبكة من الدعاية والعلاقات العامة بتمويل من موارد البلدية، بدلًا من إعطاء الأولوية للخدمات البلدية، بهدف التمهيد لدوره في السياسة العامة. في نفس الوقت، رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، حقق نجاحًا أكبر بفوزه بنسبة 60% من الأصوات، مقارنة بـ 51% التي حصل عليها إمام أوغلو، وكان هو الآخر يسعى للترشح لرئاسة الجمهورية. أدى التحقيق في قضايا الفساد الذي أطلقته وزارة العدل هذا العام إلى رفع دعوى قضائية ضد إمام أوغلو بتهم الفساد وتحويل أموال إلى منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية. سعى إمام أوغلو وحليفه أوزغور أوزل، اللذان أرادا تحويل هذه القضية القضائية إلى معركة سياسية واستعجال ترشيح إمام أوغلو للرئاسة في الانتخابات المقبلة بعد ثلاث سنوات. أما منصور يافاش، الذي كان يرغب أيضًا في الترشح، فقد أبدى ترددًا ولكن لم يعارض ذلك بشكل علني. وأوضح يافاش أنه رغم قوة إمام أوغلو داخل حزب الشعب الجمهوري، إلا أنه كان أكثر شعبية بين الجمهور العام، مشددًا على أنه لا داعي للعجلة فيما يتعلق بالانتخابات القادمة. تم إصدار قرار اعتقال بحق أكرم إمام أوغلو وعدد من الأشخاص المقربين منه بتهمة تشكيل منظمة غير قانونية والإضرار بالممتلكات العامة. نتيجة لذلك، تم إلغاء منصبه كرئيس لبلدية إسطنبول، مما وجه ضربة قوية لمسيرته السياسية. يعد هذا تطورًا بالغ الأهمية ذا تأثيرات حادة. حبسه وقطع التمويل الذي كان يوزعه من ميزانية البلدية سيؤدي إلى تقليص تأثيره السياسي بشكل كبير. من ناحية أخرى، حاولت قيادة حزب الشعب الجمهوري تصوير هذه القضية كعملية سياسية، ودعت إلى الاحتجاجات الشعبية، وهو ما حقق بعض النجاح. الحزب يواصل تصعيد الأزمة السياسية من خلال استغلال ورقة المظلومية وزيادة الفاتورة الاقتصادية والسياسية. الاحتجاجات ظلت مقتصرة على الحزب الجمهوري ولم تمتد إلى الجماهير الأوسع. في هذه المرحلة، سيكون من الضروري أن تكشف المحاكمة عن الأدلة المتعلقة بالفساد ومدى تأثيرها على الرأي العام التركي. في تركيا القضاء مستقل، ولكن إذا لم تسفر المحاكمات عن نتائج مقنعة، فإن الانطباع بأن أردوغان يشن حملات ضد خصومه السياسيين سيزداد قوة مما سيتسبب في ضرر كبير. ومع ذلك، تبقى هذه الفرضية ضعيفة لأن مثل هذه العمليات الجادة لا تقوم على أدلة زائفة. في هذه الأثناء، فقد إمام أوغلو منصبه كرئيس لبلدية إسطنبول، وشهادته، وأموال البلدية، مما يجعل عودته صعبة على الصعيد الشخصي، ولكنها ليست مستحيلة. في المستقبل، سيستمر حزب الشعب الجمهوري في استخدام ورقة المظلومية، وسيزيد نفوذ أوزغور أوزل، منصور يافاش، وكمال كيليتشدار أوغلو داخل الحزب. في السنوات الثلاث المقبلة حتى الانتخابات، سيعتمد المشهد السياسي الجديد على المعركة الداخلية في حزب الشعب الجمهوري، وأحداث المحاكمة، بالإضافة إلى التوازنات في السياسة الداخلية والدولية.
888
| 26 مارس 2025
عند الحديث عن الوجود التركي في الشرق الأوسط، غالبًا ما تُذكر الدولة العثمانية، غير أن تأثير الأتراك في المنطقة يعود إلى فترات أسبق، لا سيما في عهد السلاجقة والمماليك. فقد لعبت الإمبراطورية السلجوقية الكبرى، التي تأسست في القرن الحادي عشر، دورًا محوريًا في تاريخ الشرق الأوسط. وينحدر السلاجقة من القبائل التركية في آسيا الوسطى. بدأ صعود السلاجقة، الذين جاءوا من الأتراك الأوغوز الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا في العصر العباسي، بزعامة طغرل بك. الذي نجح مع شقيقه جغري بك في توحيد القبائل التركية تحت قيادتهما وتمكنا من تأسيس إمبراطورية واسعة امتدت من الخليج العربي إلى سوريا والأناضول. كان للسلاجقة تأثير سياسي واقتصادي وديني واسع في المنطقة العربية حيث سيطروا على طرق التجارة البرية والبحرية، وحاربوا النفوذ الفاطمي، وعملوا على تعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة. *كان الإرث الأبرز للسلاجقة يتمثل في حماية الخلافة العباسية وتعزيز الإسلام السني. ففي عام 1055، دخل طغرل بك بغداد بدعوة من الخليفة العباسي وأنهى حكم البويهيين الشيعة. وبذلك اكتسب السلاجقة مكانة عظيمة باعتبارهم المدافعين عن الإسلام السني. وقد منحهم هذا التحالف مع الخلافة الشرعية الدينية، وساعدهم أيضًا على توسيع الإمبراطورية. كما شكل هذا الحدث بداية الهيمنة الإسلامية التركية في الشرق الأوسط والتي استمرت لمدة تسعة قرون. وصلت الإمبراطورية السلجوقية إلى ذروتها في عهد ألب أرسلان وملك شاه. شهد عهد ألب أرسلان فتوحات عظيمة، حيث تمكن عام 1065 من توحيد ضفتي الخليج العربي بعد سيطرته على عُمان، ثم عزز قوته بالاستيلاء على سوريا عام 1070. وجاء انتصاره في معركة ملاذكرد عام 1071 ليُمهد الطريق أمام الاستيطان التركي الإسلامي في الأناضول. ومع تزايد ضعف بيزنطة أمام المسلمين، لجأت إلى طلب الدعم من المسيحيين في الغرب، مما أدى إلى اندلاع الحروب الصليبية. وقد تصدى السلاجقة، ومن بعدهم الزنكيون والمماليك والعثمانيون، للهجمات الصليبية بكل حزم وقوة. * أنشأ السلاجقة بنية دولة قوية من خلال الجمع بين التقاليد البيروقراطية التي ورثوها من الساسانيين والعباسيين والأنظمة العسكرية التركية. وقد أنشأوا نظامًا مرنًا يسمح بالحكم المحلي من خلال حكام المقاطعات الذين أطلق عليهم اسم «الأتابكة» والذين كانوا مسؤولين عن الشؤون الإقليمية. كان أحد أهم الابتكارات الإدارية للسلاجقة هو نظام الإقطاع (التيمار). وفي هذا النظام، تم تخصيص عائدات الأراضي لموظفي الخدمة المدنية والجنود مقابل خدماتهم. وبهذه الطريقة ضمن ولاء أفراد الجيش للدولة وأصبحت إيرادات الدولة منتظمة. وقد وضع هذا النظام الناجح فيما بعد الأساس لنظام «تيمار» في الدولة العثمانية. *أنشأ الوزير السلجوقي الشهير نظام الملك المدارس النظامية التي كانت تهدف إلى تدريب المسؤولين والعلماء الذين سيخدمون الإمبراطورية وما بعدها. وقد أسسوا وموّلوا العديد من المدارس التي لعبت دورًا مهمًا في نشر المعرفة. ومن خلال هذا النظام، تم إنشاء رابط قوي بين التعليم والإدارة. كما قام السلاجقة بحماية الفنون والعلوم وخلق بيئة تشجع على التعلم والابتكار. كما عملوا على تعزيز التقاليد الإسلامية السنية باعتبارهم حماة للخلافة العباسية. وفي تطور الإسلام الصوفي، كان لشخصيات مهمة مثل الغزالي وجلال الدين الرومي تأثير على الفكر والممارسة الإسلامية حتى يومنا هذا. *وعلى الصعيد الفني فقد ساهموا بأعمال عظيمة في الأدب الفارسي خلال العصر السني، كما قدموا مساهمات جدية في مجال العمارة. قاموا ببناء هياكل ضخمة مزينة بأنماط هندسية معقدة وخطوط تجمع بين التأثيرات الفارسية والتركية والإسلامية. ومن أبرز إنجازاتها المعمارية المسجد الكبير في أصفهان، وهو مثال ممتاز للفن السلجوقي. كما قام السلاجقة ببناء العديد من القوافل، مما سهل التجارة والاتصالات عبر أراضي الإمبراطورية الشاسعة، مما ساهم في الازدهار الاقتصادي للمنطقة. * سهل التفاعل السلجوقي مع أوروبا خلال الحروب الصليبية التبادل الثقافي والنمو الفكري، مما ساعد في ظهور عصر النهضة وأثر بشكل كبير على مسار الحضارة الغربية. باختصار، يعد إرث الإمبراطورية السلجوقية في الشرق الأوسط، التي نشأت في آسيا الوسطى، إرثًا متعدد الجوانب ودائم التأثير. فقد ترك السلاجقة بصماتهم في مجالات العمارة، الاستراتيجية العسكرية، الإدارة، الثقافة والدين، مما أثر بشكل عميق في تاريخ المنطقة ومستقبلها. كما كان لإرثهم تأثير بالغ على الدول الإسلامية التي تلتهم، وخاصة الدولة العثمانية.
558
| 19 مارس 2025
يشهد العالم، وخاصة الشرق الأوسط، تسارعًا غير مسبوق في وتيرة الأحداث. قبل ستة أشهر، كانت الولايات المتحدة تدعم أوكرانيا بشكل كامل ضد روسيا، أما اليوم، فيبدو أن ترامب يتبنى موقفًا يميل لصالح موسكو ويلقي باللوم على كييف. وبالمثل، كان يُعتقد أن الثورة السورية قد انتهت وأن بشار الأسد باقٍ في السلطة، إلا أن ديسمبر الأخير حمل معه مفاجأة كبرى، حيث انهار نظام الأسد، وظهرت ملامح مرحلة جديدة في سوريا. هذا التغيير المفاجئ أدى إلى تبديد الاستثمارات الروسية والإيرانية في سوريا، كما انعكس سلبًا على نفوذ طهران في لبنان والعراق. في الوقت نفسه، اقتربت تركيا خلال الشهر الأخير من إنهاء مشكلة الإرهاب التي استمرت لأربعة عقود مع حزب العمال الكردستاني. هذه التحولات السريعة والمتلاحقة تعيد رسم المشهد السياسي في المنطقة والعالم، ما ينذر بمرحلة جديدة مليئة بالتحديات والفرص. * خلال الأسبوع الماضي (6-8 مارس)، شهدت المناطق الساحلية الغربية لسوريا تمردًا مفاجئًا قادته ميليشيات مسلحة تابعة لنظام الأسد، حيث أعلنت عن تشكيل "المجلس العسكري لتحرير سوريا". وهاجمت هذه الجماعات قوات الأمن المركزية في محاولة لإنشاء كيان مستقل في مدن مثل اللاذقية وطرطوس. وأسفرت المواجهات العنيفة مع القوات الحكومية عن سقوط أكثر من 500 قتيل من الجانبين، وفقًا للتقارير الواردة. أثارت هذه التطورات مخاوف بشأن مستقبل البلاد، حيث تصاعدت التساؤلات حول إمكانية عودة النظام القديم أو انزلاق سوريا نحو التقسيم. وردًا على ذلك، شهدت مدن كبرى مثل دمشق وحلب وحمص وإدلب مظاهرات واسعة، عبّر خلالها المواطنون عن دعمهم للحكومة المركزية ورفضهم لمحاولات إحياء النظام السابق. * وفي الأيام التالية، تمكن الجنود الحكومية من السيطرة على الوضع، لكن البلاد والمنطقة شهدتا صدمة وقلقاً كبيرين. واتُّهم كلا الجانبين في الصراع بقتل المدنيين، وأصبح الصراع قضية دولية نوعا ما. ومن المهم بشكل خاص أن هذا التمرد جاء عقب بعض التطورات المهمة. في البداية جاءت التصريحات الاستفزازية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول الدروز في جنوب سوريا ومطالبته للحكومة المركزية بالابتعاد عن جنوب دمشق. وبعدها جاء الإعلان من المسؤولين الكبار أن إيران أنشأت جبهة مقاومة في سوريا. وفي أعقاب الانتقادات التركية لجهود إيران في زعزعة الاستقرار في سوريا، نشأت مشادة كلامية وتهديدات متبادلة بين البلدين. * أصدرت العديد من المنظمات الدولية الغربية بيانات تدعو إلى وقف المجزرة العلوية في سوريا. ولكن، هذه الحكومات والمنظمات الغربية نفسها كانت قد صمتت سابقاً تجاه المجازر التي تعرض لها السوريون. استجابةً لهذه الانتقادات، أعلنت الحكومة السورية عن تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت ضد المدنيين. كما أصدرت تركيا وقطر والسعودية ومصر وبعض الدول العربية تصريحات دعم للحكومة السورية. لو استمرت الاشتباكات لفترة طويلة، لكان من المحتمل أن تزداد الضغوط على الحكومة السورية وتُسمع دعوات للتدخل الدولي. ولحسن الحظ، لم يحدث ذلك، وتم قمع التمرد، مما قلل من خطر تقسيم البلاد وفتنة الصراع الطائفي وتهديد التدخل الدولي. من أبرز التطورات التي شهدها هذا الأسبوع، التوصل إلى اتفاق بين الحكومة المركزية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) على تسوية شاملة واندماج بين الجانبين. وقد عبّرت الجماهير العربية والكردية عن ترحيبها بالاتفاق من خلال احتفالات في شوارع مدن شمال سوريا. يعزز هذا الاتفاق الآمال في توحيد سوريا وتقويتها، ويحد من مخاطر الانقسام. بالنسبة للحكومة المركزية، أصبح هذا الاتفاق أكثر إلحاحًا بعد الفتنة التي اندلعت في منطقة الساحل. ينص الاتفاق على التأكيد على أن الأكراد هم جزء أصيل من الشعب السوري وأنهم لن يُستبعَدوا من العملية السياسية، مع إعلان وقف إطلاق النار في جميع المناطق لضمان وحدة البلاد. كما يتضمن الاتفاق توحيد القوات المسلحة، والمعابر الجمركية والمطارات، والمنشآت النفطية، إلى جانب التأكيد على التعاون لمكافحة فلول نظام الأسد. في مقالنا السابق، أشرنا إلى أن حل القضية الكردية في تركيا سينعكس إيجابا على سوريا. إن الاتفاق في سوريا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتصالح في تركيا (خاصة بعد تسليم حزب العمال الكردستاني أسلحته). لولا الضغط التركي، لما كانت قسد لتوافق على الاتفاق، لأنهم لا يزالون يسيطرون على قوة تفوق ما يستحقونه بدعم من الغرب وإسرائيل. ومع الاتفاق الأخير، فإن موارد النفط والأراضي والمياه التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ستكون ملكًا لجميع السوريين. وسيزداد التعاون والاستقرار التركي الكردي العربي في منطقتنا وكذلك في سوريا. في ضوء هذه التطورات المتسارعة، نأمل في أن نشهد منطقة أكثر سلمًا وأقل نزاعًا.
996
| 12 مارس 2025
يعيش معظم الأكراد في تركيا، وقد اختلطوا بالأتراك منذ اعتناقهم الإسلام. وكانت هناك علاقات طيبة بينهم في التاريخ. ومؤسسو الجمهورية التركية الجديدة حاولوا خلق أمة علمانية متجانسة بفرض قيود مشددة على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية. ولم تقتصر هذه الإجراءات على هيكلة الدولة، بل شملت أيضًا الأكراد، إذ مُنعت لغتهم وثقافتهم، مما جعلهم يواجهون تمييزًا مزدوجًا، سواء بسبب انتمائهم العرقي أو لكون معظمهم متدينين. وأسفر هذا التوجه القومي المتشدد عن ردود فعل عكسية، تجسدت في تصاعد النزعة القومية الكردية. ومع نهاية السبعينيات، برز حزب العمال الكردستاني كرد فعل متطرف على هذه السياسات، مستغلًا المناخ السياسي القمعي الذي أعقب انقلاب 1980 لتعزيز نفوذه وتوسيع نطاق تأثيره. * رغم وجود تيارات أكثر اعتدالًا داخل القومية الكردية، إلا أن كلًّا من الوصاية العسكرية وحزب العمال الكردستاني (PKK) عمدا إلى إقصائها، حيث جرّمت الأولى جميع المطالب الكردية، بينما رفض الأخير أي بديل للكفاح المسلح. كما استُغل تهديد الإرهاب ذريعةً لتعزيز نفوذ المؤسسة العسكرية في تركيا. وزاد المشهد تعقيدًا الدعم الخارجي الذي تلقاه حزب العمال الكردستاني من جهات عدة، مثل نظام الأسد والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية وإيران، مما صعّب إيجاد حل للقضية. إلا أن وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم مطلع الألفية الثالثة ساهم في معالجة العديد من المشكلات الجوهرية، عبر الاعتراف بالحقوق الثقافية، وإجراء إصلاحات ديمقراطية واقتصادية. وكان العامل الحاسم في نجاح هذه الجهود هو تمكن الرئيس أردوغان من فرض السيطرة على المؤسسة العسكرية، مما حدَّ من قدرتها على عرقلة الإصلاحات. * خلال المحاولة السابقة للمصالحة عام 2013، كانت الوصاية العسكرية لا تزال قائمة، كما تعرضت جهود المصالحة الوطنية للتخريب من قبل إدارة أوباما، التي وعدت حزب العمال الكردستاني (PKK) بدولة مستقلة في شمال سوريا. في ذلك الوقت، كانت الأحزاب القومية والعلمانية المعارضة تعارض هذه المصالحة. أما اليوم، فقد أصبحت المعارضة تدعم مسار المصالحة، بل إن زعيم الحزب القومي، دولت بهجلي، دعا إلى استئناف هذه العملية، وقد استجاب زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، عبد الله أوجلان، بشكل إيجابي، داعيًا إلى التخلي عن الكفاح المسلح وحل الحزب. كما وافقت قيادة حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل على الالتزام بهذا الطرح. والأهم من ذلك، أن هذه العملية جاءت عقب نجاح تركيا في محاربة إرهاب حزب العمال الكردستاني داخل أراضيها وخارجها، خصوصًا في سوريا والعراق. * تُعتبر هذه المرحلة بداية فترة جديدة في تركيا حيث يتم حل مشكلة عمرها 40 عامًا، والتي أودت بحياة 40 ألف شخص من الجانبين وتسببت في خسائر مالية ضخمة. في ظل السياق العالمي المضطرب، يعد تعزيز الوحدة الوطنية مكسبًا كبيرًا لتركيا وللتحالف الحاكم بقيادة أردوغان. أما المستفيدون الآخرون فهم الأكراد الذين كانوا في موقف حرج بين الإرهاب والانتماء إلى تركيا قوية ومستقرة. أظهرت العديد من الانتخابات أن نصف الناخبين الأكراد كانوا يصوتون للأحزاب المؤيدة لحزب العمال الكردستاني، بينما صوت النصف الآخر لحزب العدالة والتنمية. واليوم نرى تصالحًا بين القوميين الأتراك والأكراد. وبالطبع، هناك بعض الأحزاب القومية التي تعارض هذه العملية، لكنها تمثل أقلية. * ستنعكس هذه العملية على السياسة الداخلية حيث ستشكل ضربة أخرى للعلمانية التقليدية لأن المصالحة الجديدة تقوم على خلفية أكثر ديمقراطية وحضارية. وفي حال نجاحها، فإنها ستعطل تحالف المعارضة العلمانية بين حزبي الشعب الجمهوري والديمقراطي الديمقراطي. وسيتمكن أردوغان من كسب الحزب الكردي إلى ائتلافه الحاكم لكتابة دستور ديمقراطي جديد من قبل المدنيين للسماح بمشاركة سياسية شاملة، وسيقلل من الاستقطاب الأيديولوجي. كما أكد كل من بهجلي وأوجلان، فإن السياسة التركية لن تكون بعد الآن مظللة بالإرهاب ومخاوف الانقسامات. * ستكون للمصالحة الوطنية التركية تداعيات هامة في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق. فقد شهدت العلاقات بين تركيا وحكومة إقليم كردستان العراق توترًا بسبب وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، خصوصًا بعد استفتاء الاستقلال الذي أجراه الإقليم. قريبًا، سيقوم حزب العمال الكردستاني في تلك المنطقة بتسليم أسلحته وسيتم دمجه في مجتمعاته. ستستفيد حكومة إقليم كردستان والعراق من هذا السلام، وستتحسن علاقاتهما مع تركيا. كما ستنعكس هذه التطورات على سوريا الجديدة، حيث تبتعد قوات سوريا الديمقراطية عن حزب العمال الكردستاني. الآن، تتاح الفرصة للمصالحة داخل سوريا لتسليم الأسلحة والاندماج في سوريا الجديدة كمواطنين متساوين. بالطبع، لن يكون هذا الأمر مقبولًا لدى إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين تدعمان حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية. لكن التاريخ سيستمر في مساره الطبيعي، وستظل روح الأخوة هي السائدة في تركيا والمنطقة.
756
| 06 مارس 2025
يُعد صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا من أبرز التحولات السياسية في القرن الحادي والعشرين. فقد أسهمت عوامل عدة، مثل تزايد أعداد اللاجئين، وعدم الاستقرار الاقتصادي، والعولمة، والمخاوف الثقافية، وتراجع الثقة في النخب السياسية التقليدية، في تعزيز هذا التوجه، مما أدى إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي الأوروبي. وغالباً ما يتسم اليمين المتطرف بالنزعة القومية المتشددة، والعداء للاتحاد الأوروبي، والمواقف المناهضة للهجرة، مما يجعله يشكل تحدياً لهيمنة الأحزاب الوسطية. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار فوز ترامب في الولايات المتحدة وصعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) في الفترة الأخيرة مؤشراً واضحاً على هذا التحول العميق. من الناحية التاريخية، لم يكن اليمين الراديكالي ظاهرة مستجدة، فقد شهدت أوروبا في مطلع القرن العشرين صعود الحركات الفاشية والنازية، مما أسهم في اندلاع الحرب العالمية الثانية. وبعد انتهاء الحرب، أدت صدمتها العميقة، إلى جانب فرض الولايات المتحدة للنموذج الديمقراطي الليبرالي، وتهديد الشيوعية، ومشروع التكامل الأوروبي (الاتحاد الأوروبي)، إلى كبح النزعات القومية المتطرفة. غير أن هذه التوجهات عاودت الظهور تدريجياً مع انتهاء الحرب الباردة وتراجع جاذبية الفكر الشيوعي في أواخر القرن العشرين. وقد ساهمت الأزمات الاقتصادية وتزايد موجات الهجرة في صعود أحزاب يمينية متطرفة، مثل "الجبهة الوطنية" في فرنسا و"حزب الحرية" في النمسا. شكل الاستياء الاقتصادي في صفوف الطبقة العاملة عاملا أساسيا في صعود اليمين المتطرف. فقد أدى فقدان الوظائف وتجمد الأجور، نتيجة العولمة ونقل الصناعات إلى خارج أوروبا والتوسع في الأتمتة الصناعية، إلى شعور العمال الأوروبيين بالتهميش. وزادت الأزمة المالية لعام 2008 وما تبعها من سياسات تقشف، إلى جانب التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19، من تفاقم الأوضاع في الدول الغربية. وفي ظل هذا الواقع، لجأ كثيرون إلى دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تروج للقومية الاقتصادية والسياسات الحمائية كبديل للسياسات التقليدية. ساهم تصاعد هجرة المسلمين من الدول العربية، وخاصة من سوريا، بعد عام 2011 في تعزيز ردود الفعل "الإسلاموفوبيا"، مما وفر بيئة خصبة لصعود الأحزاب اليمينية المتطرفة. كما أن النزاعات المستمرة، والفقر، والضغوط في أفريقيا وآسيا، إلى جانب تدفق المهاجرين واللاجئين، ساهمت في نشر دعاية تحذر من تهديد الهوية الوطنية للدول. في نفس السياق، ورغم أن الحرب في أوكرانيا لم تثر قضايا متعلقة بالهوية، إلا أن الدعم المالي الكبير الذي قدمته الدول الأوروبية لأوكرانيا أثقل الأعباء الاقتصادية على هذه الدول، مما دفع الشعوب إلى الشعور بتزايد الضغط والتذمر. إلى جانب ذلك، تزايدت المخاوف المتعلقة بالإرهاب والأمن، مما أضاف بعدًا آخر لهذه الديناميكيات. وفي أوساط الأحزاب اليمينية الراديكالية، هناك شكوك قوية تجاه الاتحاد الأوروبي، حيث تقول هذه الأحزاب إن الاتحاد الأوروبي يقوض سيادتها الوطنية ويقوض هويتها. علاوة على ذلك، يُنظر إلى الأحزاب السياسية الوسطية في أوروبا على أنها فاسدة ومنفصلة عن المواطنين العاديين. وبدافع من هذه المشاعر، صوت الشعب البريطاني لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وفي إيطاليا، فاز حزب الأخوة الإيطالية بزعامة جيورجيا ميلوني في انتخابات العام الماضي. وتستخدم أحزاب أخرى، مثل حزب البديل من أجل ألمانيا والتجمع الوطني في فرنسا وحزب خيرت فيلدرز من أجل الحرية في هولندا، خطابًا مناهضًا للاتحاد الأوروبي لكسب التأييد. توجد فروق أيضًا بين الأحزاب في أوروبا. ففي فرنسا وألمانيا، تبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة بمواقف معادية للهجرة وللاتحاد الأوروبي، بينما في إيطاليا يتم التركيز على القومية والقيم المحافظة. في هولندا، تبرز سياسات معاداة الإسلام والقومية، وفي المجر تُركّز على القومية ومعاداة المثليين، أما في السويد، فيتم التركيز على معاداة الهجرة والمخاوف الأمنية. وفي إسبانيا، يُلاحظ التركيز على القومية ومناهضة للنسوية. مع مرور الوقت، سيغدو مستقبل الاتحاد الأوروبي محل نقاش واسع بين هذه الأحزاب. من الناحية الدولية، تدعم روسيا الحركات المناهضة للاتحاد الأوروبي، معتبرةً إياها تحالفًا ضد مصالحها الاستراتيجية. وعقب فوز ترامب في الانتخابات، بدأت الإدارة الأمريكية في دعم الأحزاب القومية المتطرفة، ما أسهم في زيادة تأثير هذه الاتجاهات. هذا التحول في السياسة الأمريكية أظهر تغيرًا في موقف الولايات المتحدة تجاه روسيا، حيث انتقلت من العداء إلى التحالف. علاوة على ذلك، ستزداد مشاعر معاداة الهجرة والمسلمين في الغرب، لتصبح أكثر شيوعًا وتأثيرًا. وفي الواقع، بما أن هذه الأحزاب القومية لا تتفق فيما بينها، فإن التوترات بين الدول الأوروبية ستتصاعد. في الوقت ذاته، ستؤدي سياسة الانعزال التي تنتهجها أوروبا إلى تقليص نفوذها في قارات أفريقيا وآسيا، ما يتيح فرصة لتخفيف بعض الضغوط في تلك المناطق. رب ضارة نافعة.
882
| 26 فبراير 2025
على مدى العقود السبعة إلى الثمانية الماضية، حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على موقعها كقوة عظمى مؤثرة في التطورات العالمية. ورغم امتلاكها موارد ضخمة وجامعات ومراكز بحثية تعزز نفوذها وتحمي مصالحها، إلا أن سياستها الخارجية شهدت تغيرات وانقطاعات عميقة عبر التاريخ. ولم تقتصر هذه التحولات على مجرد التكيف مع المتغيرات الدولية، بل تأثرت أيضًا بالاتجاهات الأيديولوجية وأحيانًا بتفضيلات الرؤساء الشخصية. في المقابل، تؤدي هذه التغيرات الجذرية إلى تداعيات واسعة، مما يثير مخاوف الحلفاء الذين يعتمدون على الولايات المتحدة في استقرارهم وأمنهم. بعد الحرب العالمية الثانية، لعبت الولايات المتحدة دورا نشطا على الساحة الدولية، حيث استندت سياستها الخارجية خلال الحرب إلى تعاون روزفلت مع روسيا والصين. ومع تولي ترومان الحكم عام 1945، تحولت هذه السياسة إلى مواجهة الشيوعية والدول الشيوعية. وفي الستينيات، انتقل النهج العسكري من سياسة التدخل المحدود لكينيدي إلى مقاربة جونسون الأكثر تدخلاً، كما تجلّى في حرب فيتنام. أما في السبعينيات، فقد شهدت السياسة الأمريكية تحولًا من النهج المتشدد لجونسون إلى سياسة نيكسون القائمة على الانفراج مع الاتحاد السوفييتي والانفتاح على الصين. وفي العقد ذاته، انتقلت الإدارة الأمريكية من تبني السياسة الواقعية وتوازن القوى إلى نهج أكثر ليبرالية في عهد كارتر. ومع حلول عام 1980، عاد ريغان إلى تصعيد التوتر مع الاتحاد السوفييتي، مفضّلًا المواجهة بدلًا من التهدئة. في تسعينيات القرن العشرين، ورغم انتمائهما إلى الحزب الجمهوري، كان هناك اختلاف واضح في النهج بين ريغان وبوش الأب. كما برزت تباينات ملحوظة مع انتقال السلطة من بوش الأب إلى كلينتون. فقد ركزت إدارة كلينتون، التي استمرت لفترتين، على العولمة الاقتصادية، والتعاون الدولي، والتدخلات الإنسانية. لكن مع تولي بوش الابن الحكم، حدث تحول جذري، حيث تبنى نهجًا أحادي الجانب وعدوانيًا، ساعيًا إلى إعادة تشكيل النظام العالمي بعد الحرب الباردة، وخاصة في الشرق الأوسط. واستغل هجمات 11 سبتمبر وذريعة مكافحة الإرهاب لغزو أفغانستان والعراق، مما أدى إلى إدخال المنطقة في حالة من الفوضى العارمة. وفي مواجهة السياسة الأحادية لبوش، تبنى أوباما نهجًا متعدد الأطراف يميل إلى العالمية في سياسته الخارجية. ومن الأمثلة البارزة على التغير الجذري بنسبة 180 درجة في السياسة الخارجية الأمريكية أنه بينما كان بوش الابن يسعى لغزو إيران بعد العراق، قامت إدارة أوباما بالانسحاب المفاجئ من العراق، مما أدى فعليًا إلى تعزيز النفوذ الإيراني هناك. كما أبرمت اتفاقًا نوويًا مع إيران وأفرجت عن 100 مليار دولار من أصولها المجمدة. بالإضافة إلى ذلك، واجهت إدارة أوباما توترات مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مثل إسرائيل وتركيا ودول الخليج. ففي اليمن، ورغم أنها بدت وكأنها تدعم السعودية، مارست عليها ضغوطًا بدلاً من تقديم المساعدة المباشرة. وقد ركز أوباما على تعددية الأطراف من خلال توقيع اتفاقية باريس للمناخ، والاتفاق النووي مع إيران، واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، مما يعكس توجهًا نحو التعاون الدولي متعدد الأبعاد. مع وصول دونالد ترامب، شهدت السياسة الخارجية الأمريكية مجددًا تغييرات جذرية تحت شعار” أمريكا أولًا“. فبعد تحسين العلاقات مع العرب بشكل انتقائي، تخلت إدارة ترامب عن القانون الدولي والنهج التقليدي تجاه إسرائيل وأعطت نتنياهو كل ما يريده: القدس عاصمة، واحتلال مرتفعات الجولان والمستوطنات. كما انسحب من الاتفاق النووي مع إيران ومن اتفاقية باريس للبيئة دون استشارة الدول الأوروبية. كما انتقد حلف الناتو، منظمة الدفاع الغربية التي أسستها الولايات المتحدة الأمريكية، وشركاؤها. تبنت إدارة بايدن التي خلفت ترامب سياسة خارجية مغايرة تمامًا، حيث عادت إلى الاتفاقات التي انسحب منها ترامب باستثناء الاتفاق النووي مع إيران. من جهة أخرى، أسفر انسحاب بايدن المفاجئ من أفغانستان عن شكوك حلفاء الولايات المتحدة في مصداقيتها. كما كانت إدارة بايدن طرفًا محرضًا في الحرب الأوكرانية، وساندت الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، وهو ما يتناقض تمامًا مع المواقف التقليدية للديمقراطيين في أمريكا. أما ترامب، فبينما سعى من جهة إلى فرض وقف إطلاق النار في حرب غزة التي بدأها بايدن، طرح من جهة أخرى مشروعًا لتغيير هوية غزة وتحويلها إلى وجهة سياحية، وهو ما يعتبر بمثابة مشروع إجرامي. كما اتضحت تفضيلاته لشركاء آخرين في منطقة الخليج. في الوقت الذي تتراجع فيه الثقة في الولايات المتحدة، التي يفترض أن تكون دولة قائمة على المؤسسات والمبادئ، يواصل ترامب الاستفادة من مكانة بلاده كأقوى دولة في العالم.
945
| 19 فبراير 2025
بعد اندلاع الثورة السورية، كلما اقتربت المعارضة من إسقاط النظام، شهدت بعض العواصم الأوروبية تفجيرات أدت إلى ترسيخ قناعة لدى حكوماتها بأن بقاء الأسد يشكل خيارًا أقل خطورة مقارنة بصعود تنظيم داعش. ونتيجة لذلك، تبنت الدول الأوروبية موقفًا متحفظًا تجاه الأزمة، تمامًا كما فعلت إدارة أوباما التي تخلّت عن دعم الثورة. فلم تُبدِ أوروبا رد فعل كبيراً تجاه الدمار الذي خلفته التدخلات الروسية والإيرانية في سوريا، كما أنها لم تمارس ضغوطًا جدية للدفع نحو تنفيذ اتفاق جنيف الذي كان من المفترض أن يضمن انتقالًا ديمقراطيًا. واليوم، بعد مرور 13 عامًا، تغيرت المعادلات الإقليمية والدولية، وتمكن السوريون من الإطاحة بنظام الأسد، مما فرض واقعًا سياسيًا جديدًا يستدعي إعادة النظر في السياسات الدولية تجاه سوريا. فوجئت الدول الأوروبية، كما غيرها، إذ لم يكن متوقعًا أن يتمكن السوريون من إسقاط نظام الأسد بعد عقود من الحكم الاستبدادي. وباعتبار أوروبا لاعبًا أساسيًا في التوازنات الدولية، فإن طبيعة علاقاتها مع الإدارة السورية الجديدة ستشكل عاملًا مؤثرًا في مستقبل المنطقة. من هنا، يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على مواقف بعض الدول الأوروبية الكبرى، مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا، تجاه الأزمة السورية وتطوراتها. *على الرغم من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، إلا أنها أظهرت أنها دولة أوروبية مهمة في العلاقات الدولية. فمنذ عام 2017، اعترفت بهيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، ولكنها أظهرت فور سقوط الأسد أنها لن تصر على هذه المسألة بإرسال وفد برئاسة آن سنو، المبعوثة البريطانية الخاصة لسوريا. وخلال الاجتماع، تمت مناقشة مستقبل سوريا والمساعدات الإنسانية والدعم الاقتصادي. كما شاركت بريطانيا في المحادثات السورية في الرياض في كانون الثاني/يناير الماضي ودعمت الإدارة السورية الجديدة. وبعد أن دعمت بريطانيا أوكرانيا وإسرائيل في حروبهما، هي رحبت بتراجع النفوذ الروسي والإيراني في سوريا. ولكنها، كغيرها من الدول الغربية الأخرى، ليست في عجلة من أمرها لرفع العقوبات وإعادة الإعمار لأنها لا تريد أن تصبح الإدارة الجديدة التي تنظر إليها سلبا باعتبارها ”إسلامية“. *تتخذ ألمانيا وفرنسا، الدولتان المحركتان للاتحاد الأوروبي، نهجاً أكثر انفتاحا تجاه سوريا. فقد سافر وزيرا الخارجية الألماني والفرنسي آنالينا بايربوك وجان نويل بارو إلى سوريا في يناير/كانون الثاني والتقيا الرئيس أحمد الشرع. وقد أكدا على ضرورة الانتقال الديمقراطي التعددي في البلاد واحترام حقوق الأقليات. كما تحدث المستشار الألماني أولاف شولتز هاتفياً مع أحمد الشرع. ألمانيا التي تعهدت بدعم إعادة إعمار سوريا، أكدت على محاربة داعش والمصالحة الاجتماعية وليس على وحدة البلاد. وكما هو معروف، فإن الدول الغربية تميل إلى التركيز على حقوق الأقليات بدلاً من التركيز على حقوق الأغلبية (الديمقراطية). فرنسا، التي استعمرت سوريا قبل ١٠٠ سنة، تولي اهتمامًا كبيرًا لهذا البلد. وإدراكًا منها لضرورة تفادي تكرار خسائرها الاستراتيجية في إفريقيا داخل الشرق الأوسط، تنتهج فرنسا سياسة أكثر نشاطًا في الشأن السوري. وفي الوقت نفسه، وكما هو الحال بالنسبة لألمانيا والولايات المتحدة، فإن دعمها لإدارة القوات السورية الديمقراطية (قسد) في شرق الفرات يجعلها تتغاضى عن قضية وحدة الأراضي السورية. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول زعيم أوروبي يتصل بأحمد الشرع ويدعوه إلى زيارة فرنسا. وبالنظر إلى اهتمامها الوثيق بلبنان وإسرائيل، تولي فرنسا أهمية خاصة لسوريا، كما أنها تدرك تمامًا موقعها الاستراتيجي عند تقاطع ثلاث قارات، وتسعى إلى استغلال الفراغ الذي خلفه تراجع النفوذ الروسي والإيراني في البلاد. *يتبنى الاتحاد الأوروبي، كمنظمة دولية، موقفًا أكثر مرونة تجاه الإدارة السورية الجديدة. ففي منتصف يناير، أعلنت حاجة لحبيب، المسؤولة عن إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي، عن حزمة مساعدات بقيمة 235 مليون يورو. وعلى الرغم من أن هذه المساعدات لن تحل جميع مشاكل السوريين، فإنها تحمل رسائل إيجابية. كما أكد مسؤولو الاتحاد الأوروبي أنهم أعدوا خريطة الطريق لرفع العقوبات في مجالات الطاقة والنقل والمالية، إلا أنهم لم يتخذوا خطوات ملموسة حتى الان. وتبدو الدول الأوروبية بطيئة في رفع العقوبات وتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية، ويُحتمل أن تكون هناك شروط مختلفة وراء الكواليس يتم التفاوض عليها. أبرز هذه الشروط هو تحسن العلاقات بين سوريا وإسرائيل واعترافها بإدارة قسد. ومن المخاوف المشتركة للدول الأوروبية، إطلاق سراح أعضاء تنظيم داعش الذين تحتجزهم قسد على الرغم من تقديم الحكومة السورية ضمانات في هذا الصدد. ويتطلع السوريون إلى رفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على نظام الأسد وإلى وصول المساعدات الإنسانية والتنموية.
1389
| 12 فبراير 2025
كان الاقتصاد السوري يُدار وفق النهج الاشتراكي منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث هيمن عليه التخطيط المركزي، وتدخل الدولة، والشركات العامة، مما أدى إلى نموذج اقتصادي فاشل. ورغم امتلاك سوريا لإمكانات تجارية كبيرة، إلا أنها لم تكن منفتحة على التجارة الخارجية، مما حرمها من تحقيق استفادة كبيرة في هذا المجال. ففي عام 2010، بلغ إجمالي الإنتاج 60 مليار دولار، وكان نصيب الفرد من الدخل القومي 2800 دولار. أما في عام 2022، فقد انخفض إجمالي الإنتاج إلى 23 مليار دولار، وتراجع نصيب الفرد من الدخل القومي إلى 1050 دولارًا. ردَّ نظام الأسد بعنف على مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية، مما أدى إلى تدمير بلاده بالقصف والصواريخ. أما الحكومة السورية الجديدة، فقد نجحت خلال ما يقرب من شهرين في استكمال اعترافها الإقليمي والدولي، وانتقلت الآن إلى مرحلة إعادة الإعمار. خلال ما يقرب من 13 عامًا من الصراعات المدمرة، تسبّب نظام الأسد وحلفاؤه، إيران وروسيا، في دمار واسع للبنية التحتية والمناطق السكنية في سوريا. ولم يقتصر هذا الدمار على المدن فحسب، بل امتدّ حتى إلى القرى. اليوم، تتطلب عملية إعادة إعمار سوريا جهودًا معقدة وشاملة، إذ أن تدمير المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والصرف الصحي يجعل إعادة تأهيلها وإصلاحها تحديًا كبيرًا. وقبل كل شيء، تحتاج إزالة الأنقاض وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار إلى تخطيط دقيق وموارد مالية ضخمة. ونظرًا لأن الحكومة السورية غير قادرة على تحقيق ذلك بمفردها، فإنها ستحتاج إلى دعم خارجي يشمل المساعدات والقروض الدولية لضمان إنجاز عملية إعادة البناء. في إطار عملية إعادة إعمار سوريا، يعدّ تنشيط الاقتصاد وتحقيق الاستقرار في البلاد أمراً ضرورياً، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بضمان وحدة أراضيها. ولتحقيق هذه الوحدة، ينبغي استعادة منطقة شرق الفرات، التي تزخر بموارد مهمة من الطاقة والمياه والأراضي الزراعية، وإخراجها من سيطرة قسد (PKK) ودمجها في الاقتصاد الوطني. هناك أربعة عوامل رئيسية تعرقل استقرار سوريا، وهي: التدخلات الإسرائيلية، ووجود قسد وبقايا نظام الأسد وخلايا إيران. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن يعاود تنظيم داعش الظهور كأداة لتدخلات دولية. وكما ظهر في التفجيرات التي شهدتها منبج مؤخرًا، فإن القوى التي تسعى إلى عرقلة الاستقرار والسلام في سوريا لا تزال تشكل تهديدًا خطيرًا. إحدى الركائز الأساسية لإعادة إعمار سوريا تكمن في استعادة قوتها الاقتصادية. على مدار 13 عامًا من الصراع، انخفضت إنتاجية البلاد ودخلها بشكل حاد، وزادت معدلات البطالة، وتدهورت قيمة العملة. إن انتعاش الاقتصاد يعتمد بشكل أساسي على إجراء إصلاحات هيكلية عميقة ومكافحة الفساد وتقديم المساعدات الخارجية والتسريع في رفع العقوبات الدولية. من الضروري تقليص تدخل الدولة في الاقتصاد، وتنشيط الصناعات الأساسية، ودعم القطاع الخاص، بالإضافة إلى خلق بيئة مشجعة لاستقطاب المستثمرين. بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، تتمتع سوريا بفرص كبيرة في مجالات الزراعة والتجارة والصناعة والسياحة. ومع اتخاذ الخطوات اللازمة، سيكون الاقتصاد السوري قادرًا على الاستمرار في النمو بشكل مستقل، تمامًا كما تواصل السيارة العمل بعد تشغيلها. إعادة بناء سوريا ترتبط بشكل وثيق بعودة ما يقرب من 6 ملايين سوري الذين تشتتوا بسبب الحرب إلى وطنهم للمساهمة في عملية الإعمار. من المهم أن يعود النازحون إلى مناطقهم الأصلية لاستئناف الفعاليات في أراضيهم وأعمالهم. كما أن المجتمع الشبابي والطاقة البشرية التي يمتلكها السكان تمثل ميزة مهمة، حيث يمكنهم أن يقدموا مساهمة كبيرة في تعزيز الإنتاج الوطني. علاوة على ذلك، فإن الخبرات والروابط التي اكتسبوها في البلدان التي لجأوا إليها مثل تركيا، ستشكل عاملا كبيراً في عملية إعادة البناء داخل سوريا. تُعد تلبية الاحتياجات العاجلة للأشخاص المهجرين وضمان عودتهم بشكل منتظم إلى مناطقهم إحدى القضايا الحاسمة في عملية إعادة البناء. إلى جانب توفير سكن مناسب، من الضروري إقامة مدارس لتعليم الأطفال وتوفير خدمات صحية، حيث ستساهم هذه العوامل في تسريع العودة والتحول. وقد أعلنت دول مثل قطر وتركيا والسعودية عن دعمها لعملية إعادة الإعمار. وستسهم المساعدات المالية والدعم الفني الذي تقدمه هذه الدول والمجتمع الدولي (الحكومات والمنظمات غير الحكومية) في عملية البناء والتعافي في سوريا. ورغم أن إعادة الإعمار تمثل مسارًا طويلًا وشاقا، فإن توافر الإرادة السياسية والاستقرار سيمكن السوريين من تجاوز التحديات وإعادة بناء وطنهم.
855
| 05 فبراير 2025
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4791
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3477
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2865
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2670
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2595
| 21 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1428
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1038
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
954
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
831
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
807
| 17 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
765
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية