رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عند الحديث عن الوجود التركي في الشرق الأوسط، غالبًا ما تُذكر الدولة العثمانية، غير أن تأثير الأتراك في المنطقة يعود إلى فترات أسبق، لا سيما في عهد السلاجقة والمماليك. فقد لعبت الإمبراطورية السلجوقية الكبرى، التي تأسست في القرن الحادي عشر، دورًا محوريًا في تاريخ الشرق الأوسط. وينحدر السلاجقة من القبائل التركية في آسيا الوسطى. بدأ صعود السلاجقة، الذين جاءوا من الأتراك الأوغوز الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا في العصر العباسي، بزعامة طغرل بك. الذي نجح مع شقيقه جغري بك في توحيد القبائل التركية تحت قيادتهما وتمكنا من تأسيس إمبراطورية واسعة امتدت من الخليج العربي إلى سوريا والأناضول. كان للسلاجقة تأثير سياسي واقتصادي وديني واسع في المنطقة العربية حيث سيطروا على طرق التجارة البرية والبحرية، وحاربوا النفوذ الفاطمي، وعملوا على تعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة. *كان الإرث الأبرز للسلاجقة يتمثل في حماية الخلافة العباسية وتعزيز الإسلام السني. ففي عام 1055، دخل طغرل بك بغداد بدعوة من الخليفة العباسي وأنهى حكم البويهيين الشيعة. وبذلك اكتسب السلاجقة مكانة عظيمة باعتبارهم المدافعين عن الإسلام السني. وقد منحهم هذا التحالف مع الخلافة الشرعية الدينية، وساعدهم أيضًا على توسيع الإمبراطورية. كما شكل هذا الحدث بداية الهيمنة الإسلامية التركية في الشرق الأوسط والتي استمرت لمدة تسعة قرون. وصلت الإمبراطورية السلجوقية إلى ذروتها في عهد ألب أرسلان وملك شاه. شهد عهد ألب أرسلان فتوحات عظيمة، حيث تمكن عام 1065 من توحيد ضفتي الخليج العربي بعد سيطرته على عُمان، ثم عزز قوته بالاستيلاء على سوريا عام 1070. وجاء انتصاره في معركة ملاذكرد عام 1071 ليُمهد الطريق أمام الاستيطان التركي الإسلامي في الأناضول. ومع تزايد ضعف بيزنطة أمام المسلمين، لجأت إلى طلب الدعم من المسيحيين في الغرب، مما أدى إلى اندلاع الحروب الصليبية. وقد تصدى السلاجقة، ومن بعدهم الزنكيون والمماليك والعثمانيون، للهجمات الصليبية بكل حزم وقوة. * أنشأ السلاجقة بنية دولة قوية من خلال الجمع بين التقاليد البيروقراطية التي ورثوها من الساسانيين والعباسيين والأنظمة العسكرية التركية. وقد أنشأوا نظامًا مرنًا يسمح بالحكم المحلي من خلال حكام المقاطعات الذين أطلق عليهم اسم «الأتابكة» والذين كانوا مسؤولين عن الشؤون الإقليمية. كان أحد أهم الابتكارات الإدارية للسلاجقة هو نظام الإقطاع (التيمار). وفي هذا النظام، تم تخصيص عائدات الأراضي لموظفي الخدمة المدنية والجنود مقابل خدماتهم. وبهذه الطريقة ضمن ولاء أفراد الجيش للدولة وأصبحت إيرادات الدولة منتظمة. وقد وضع هذا النظام الناجح فيما بعد الأساس لنظام «تيمار» في الدولة العثمانية. *أنشأ الوزير السلجوقي الشهير نظام الملك المدارس النظامية التي كانت تهدف إلى تدريب المسؤولين والعلماء الذين سيخدمون الإمبراطورية وما بعدها. وقد أسسوا وموّلوا العديد من المدارس التي لعبت دورًا مهمًا في نشر المعرفة. ومن خلال هذا النظام، تم إنشاء رابط قوي بين التعليم والإدارة. كما قام السلاجقة بحماية الفنون والعلوم وخلق بيئة تشجع على التعلم والابتكار. كما عملوا على تعزيز التقاليد الإسلامية السنية باعتبارهم حماة للخلافة العباسية. وفي تطور الإسلام الصوفي، كان لشخصيات مهمة مثل الغزالي وجلال الدين الرومي تأثير على الفكر والممارسة الإسلامية حتى يومنا هذا. *وعلى الصعيد الفني فقد ساهموا بأعمال عظيمة في الأدب الفارسي خلال العصر السني، كما قدموا مساهمات جدية في مجال العمارة. قاموا ببناء هياكل ضخمة مزينة بأنماط هندسية معقدة وخطوط تجمع بين التأثيرات الفارسية والتركية والإسلامية. ومن أبرز إنجازاتها المعمارية المسجد الكبير في أصفهان، وهو مثال ممتاز للفن السلجوقي. كما قام السلاجقة ببناء العديد من القوافل، مما سهل التجارة والاتصالات عبر أراضي الإمبراطورية الشاسعة، مما ساهم في الازدهار الاقتصادي للمنطقة. * سهل التفاعل السلجوقي مع أوروبا خلال الحروب الصليبية التبادل الثقافي والنمو الفكري، مما ساعد في ظهور عصر النهضة وأثر بشكل كبير على مسار الحضارة الغربية. باختصار، يعد إرث الإمبراطورية السلجوقية في الشرق الأوسط، التي نشأت في آسيا الوسطى، إرثًا متعدد الجوانب ودائم التأثير. فقد ترك السلاجقة بصماتهم في مجالات العمارة، الاستراتيجية العسكرية، الإدارة، الثقافة والدين، مما أثر بشكل عميق في تاريخ المنطقة ومستقبلها. كما كان لإرثهم تأثير بالغ على الدول الإسلامية التي تلتهم، وخاصة الدولة العثمانية.
612
| 19 مارس 2025
يشهد العالم، وخاصة الشرق الأوسط، تسارعًا غير مسبوق في وتيرة الأحداث. قبل ستة أشهر، كانت الولايات المتحدة تدعم أوكرانيا بشكل كامل ضد روسيا، أما اليوم، فيبدو أن ترامب يتبنى موقفًا يميل لصالح موسكو ويلقي باللوم على كييف. وبالمثل، كان يُعتقد أن الثورة السورية قد انتهت وأن بشار الأسد باقٍ في السلطة، إلا أن ديسمبر الأخير حمل معه مفاجأة كبرى، حيث انهار نظام الأسد، وظهرت ملامح مرحلة جديدة في سوريا. هذا التغيير المفاجئ أدى إلى تبديد الاستثمارات الروسية والإيرانية في سوريا، كما انعكس سلبًا على نفوذ طهران في لبنان والعراق. في الوقت نفسه، اقتربت تركيا خلال الشهر الأخير من إنهاء مشكلة الإرهاب التي استمرت لأربعة عقود مع حزب العمال الكردستاني. هذه التحولات السريعة والمتلاحقة تعيد رسم المشهد السياسي في المنطقة والعالم، ما ينذر بمرحلة جديدة مليئة بالتحديات والفرص. * خلال الأسبوع الماضي (6-8 مارس)، شهدت المناطق الساحلية الغربية لسوريا تمردًا مفاجئًا قادته ميليشيات مسلحة تابعة لنظام الأسد، حيث أعلنت عن تشكيل "المجلس العسكري لتحرير سوريا". وهاجمت هذه الجماعات قوات الأمن المركزية في محاولة لإنشاء كيان مستقل في مدن مثل اللاذقية وطرطوس. وأسفرت المواجهات العنيفة مع القوات الحكومية عن سقوط أكثر من 500 قتيل من الجانبين، وفقًا للتقارير الواردة. أثارت هذه التطورات مخاوف بشأن مستقبل البلاد، حيث تصاعدت التساؤلات حول إمكانية عودة النظام القديم أو انزلاق سوريا نحو التقسيم. وردًا على ذلك، شهدت مدن كبرى مثل دمشق وحلب وحمص وإدلب مظاهرات واسعة، عبّر خلالها المواطنون عن دعمهم للحكومة المركزية ورفضهم لمحاولات إحياء النظام السابق. * وفي الأيام التالية، تمكن الجنود الحكومية من السيطرة على الوضع، لكن البلاد والمنطقة شهدتا صدمة وقلقاً كبيرين. واتُّهم كلا الجانبين في الصراع بقتل المدنيين، وأصبح الصراع قضية دولية نوعا ما. ومن المهم بشكل خاص أن هذا التمرد جاء عقب بعض التطورات المهمة. في البداية جاءت التصريحات الاستفزازية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول الدروز في جنوب سوريا ومطالبته للحكومة المركزية بالابتعاد عن جنوب دمشق. وبعدها جاء الإعلان من المسؤولين الكبار أن إيران أنشأت جبهة مقاومة في سوريا. وفي أعقاب الانتقادات التركية لجهود إيران في زعزعة الاستقرار في سوريا، نشأت مشادة كلامية وتهديدات متبادلة بين البلدين. * أصدرت العديد من المنظمات الدولية الغربية بيانات تدعو إلى وقف المجزرة العلوية في سوريا. ولكن، هذه الحكومات والمنظمات الغربية نفسها كانت قد صمتت سابقاً تجاه المجازر التي تعرض لها السوريون. استجابةً لهذه الانتقادات، أعلنت الحكومة السورية عن تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت ضد المدنيين. كما أصدرت تركيا وقطر والسعودية ومصر وبعض الدول العربية تصريحات دعم للحكومة السورية. لو استمرت الاشتباكات لفترة طويلة، لكان من المحتمل أن تزداد الضغوط على الحكومة السورية وتُسمع دعوات للتدخل الدولي. ولحسن الحظ، لم يحدث ذلك، وتم قمع التمرد، مما قلل من خطر تقسيم البلاد وفتنة الصراع الطائفي وتهديد التدخل الدولي. من أبرز التطورات التي شهدها هذا الأسبوع، التوصل إلى اتفاق بين الحكومة المركزية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) على تسوية شاملة واندماج بين الجانبين. وقد عبّرت الجماهير العربية والكردية عن ترحيبها بالاتفاق من خلال احتفالات في شوارع مدن شمال سوريا. يعزز هذا الاتفاق الآمال في توحيد سوريا وتقويتها، ويحد من مخاطر الانقسام. بالنسبة للحكومة المركزية، أصبح هذا الاتفاق أكثر إلحاحًا بعد الفتنة التي اندلعت في منطقة الساحل. ينص الاتفاق على التأكيد على أن الأكراد هم جزء أصيل من الشعب السوري وأنهم لن يُستبعَدوا من العملية السياسية، مع إعلان وقف إطلاق النار في جميع المناطق لضمان وحدة البلاد. كما يتضمن الاتفاق توحيد القوات المسلحة، والمعابر الجمركية والمطارات، والمنشآت النفطية، إلى جانب التأكيد على التعاون لمكافحة فلول نظام الأسد. في مقالنا السابق، أشرنا إلى أن حل القضية الكردية في تركيا سينعكس إيجابا على سوريا. إن الاتفاق في سوريا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتصالح في تركيا (خاصة بعد تسليم حزب العمال الكردستاني أسلحته). لولا الضغط التركي، لما كانت قسد لتوافق على الاتفاق، لأنهم لا يزالون يسيطرون على قوة تفوق ما يستحقونه بدعم من الغرب وإسرائيل. ومع الاتفاق الأخير، فإن موارد النفط والأراضي والمياه التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ستكون ملكًا لجميع السوريين. وسيزداد التعاون والاستقرار التركي الكردي العربي في منطقتنا وكذلك في سوريا. في ضوء هذه التطورات المتسارعة، نأمل في أن نشهد منطقة أكثر سلمًا وأقل نزاعًا.
1035
| 12 مارس 2025
يعيش معظم الأكراد في تركيا، وقد اختلطوا بالأتراك منذ اعتناقهم الإسلام. وكانت هناك علاقات طيبة بينهم في التاريخ. ومؤسسو الجمهورية التركية الجديدة حاولوا خلق أمة علمانية متجانسة بفرض قيود مشددة على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية. ولم تقتصر هذه الإجراءات على هيكلة الدولة، بل شملت أيضًا الأكراد، إذ مُنعت لغتهم وثقافتهم، مما جعلهم يواجهون تمييزًا مزدوجًا، سواء بسبب انتمائهم العرقي أو لكون معظمهم متدينين. وأسفر هذا التوجه القومي المتشدد عن ردود فعل عكسية، تجسدت في تصاعد النزعة القومية الكردية. ومع نهاية السبعينيات، برز حزب العمال الكردستاني كرد فعل متطرف على هذه السياسات، مستغلًا المناخ السياسي القمعي الذي أعقب انقلاب 1980 لتعزيز نفوذه وتوسيع نطاق تأثيره. * رغم وجود تيارات أكثر اعتدالًا داخل القومية الكردية، إلا أن كلًّا من الوصاية العسكرية وحزب العمال الكردستاني (PKK) عمدا إلى إقصائها، حيث جرّمت الأولى جميع المطالب الكردية، بينما رفض الأخير أي بديل للكفاح المسلح. كما استُغل تهديد الإرهاب ذريعةً لتعزيز نفوذ المؤسسة العسكرية في تركيا. وزاد المشهد تعقيدًا الدعم الخارجي الذي تلقاه حزب العمال الكردستاني من جهات عدة، مثل نظام الأسد والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية وإيران، مما صعّب إيجاد حل للقضية. إلا أن وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم مطلع الألفية الثالثة ساهم في معالجة العديد من المشكلات الجوهرية، عبر الاعتراف بالحقوق الثقافية، وإجراء إصلاحات ديمقراطية واقتصادية. وكان العامل الحاسم في نجاح هذه الجهود هو تمكن الرئيس أردوغان من فرض السيطرة على المؤسسة العسكرية، مما حدَّ من قدرتها على عرقلة الإصلاحات. * خلال المحاولة السابقة للمصالحة عام 2013، كانت الوصاية العسكرية لا تزال قائمة، كما تعرضت جهود المصالحة الوطنية للتخريب من قبل إدارة أوباما، التي وعدت حزب العمال الكردستاني (PKK) بدولة مستقلة في شمال سوريا. في ذلك الوقت، كانت الأحزاب القومية والعلمانية المعارضة تعارض هذه المصالحة. أما اليوم، فقد أصبحت المعارضة تدعم مسار المصالحة، بل إن زعيم الحزب القومي، دولت بهجلي، دعا إلى استئناف هذه العملية، وقد استجاب زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، عبد الله أوجلان، بشكل إيجابي، داعيًا إلى التخلي عن الكفاح المسلح وحل الحزب. كما وافقت قيادة حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل على الالتزام بهذا الطرح. والأهم من ذلك، أن هذه العملية جاءت عقب نجاح تركيا في محاربة إرهاب حزب العمال الكردستاني داخل أراضيها وخارجها، خصوصًا في سوريا والعراق. * تُعتبر هذه المرحلة بداية فترة جديدة في تركيا حيث يتم حل مشكلة عمرها 40 عامًا، والتي أودت بحياة 40 ألف شخص من الجانبين وتسببت في خسائر مالية ضخمة. في ظل السياق العالمي المضطرب، يعد تعزيز الوحدة الوطنية مكسبًا كبيرًا لتركيا وللتحالف الحاكم بقيادة أردوغان. أما المستفيدون الآخرون فهم الأكراد الذين كانوا في موقف حرج بين الإرهاب والانتماء إلى تركيا قوية ومستقرة. أظهرت العديد من الانتخابات أن نصف الناخبين الأكراد كانوا يصوتون للأحزاب المؤيدة لحزب العمال الكردستاني، بينما صوت النصف الآخر لحزب العدالة والتنمية. واليوم نرى تصالحًا بين القوميين الأتراك والأكراد. وبالطبع، هناك بعض الأحزاب القومية التي تعارض هذه العملية، لكنها تمثل أقلية. * ستنعكس هذه العملية على السياسة الداخلية حيث ستشكل ضربة أخرى للعلمانية التقليدية لأن المصالحة الجديدة تقوم على خلفية أكثر ديمقراطية وحضارية. وفي حال نجاحها، فإنها ستعطل تحالف المعارضة العلمانية بين حزبي الشعب الجمهوري والديمقراطي الديمقراطي. وسيتمكن أردوغان من كسب الحزب الكردي إلى ائتلافه الحاكم لكتابة دستور ديمقراطي جديد من قبل المدنيين للسماح بمشاركة سياسية شاملة، وسيقلل من الاستقطاب الأيديولوجي. كما أكد كل من بهجلي وأوجلان، فإن السياسة التركية لن تكون بعد الآن مظللة بالإرهاب ومخاوف الانقسامات. * ستكون للمصالحة الوطنية التركية تداعيات هامة في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق. فقد شهدت العلاقات بين تركيا وحكومة إقليم كردستان العراق توترًا بسبب وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، خصوصًا بعد استفتاء الاستقلال الذي أجراه الإقليم. قريبًا، سيقوم حزب العمال الكردستاني في تلك المنطقة بتسليم أسلحته وسيتم دمجه في مجتمعاته. ستستفيد حكومة إقليم كردستان والعراق من هذا السلام، وستتحسن علاقاتهما مع تركيا. كما ستنعكس هذه التطورات على سوريا الجديدة، حيث تبتعد قوات سوريا الديمقراطية عن حزب العمال الكردستاني. الآن، تتاح الفرصة للمصالحة داخل سوريا لتسليم الأسلحة والاندماج في سوريا الجديدة كمواطنين متساوين. بالطبع، لن يكون هذا الأمر مقبولًا لدى إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين تدعمان حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية. لكن التاريخ سيستمر في مساره الطبيعي، وستظل روح الأخوة هي السائدة في تركيا والمنطقة.
807
| 06 مارس 2025
يُعد صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا من أبرز التحولات السياسية في القرن الحادي والعشرين. فقد أسهمت عوامل عدة، مثل تزايد أعداد اللاجئين، وعدم الاستقرار الاقتصادي، والعولمة، والمخاوف الثقافية، وتراجع الثقة في النخب السياسية التقليدية، في تعزيز هذا التوجه، مما أدى إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي الأوروبي. وغالباً ما يتسم اليمين المتطرف بالنزعة القومية المتشددة، والعداء للاتحاد الأوروبي، والمواقف المناهضة للهجرة، مما يجعله يشكل تحدياً لهيمنة الأحزاب الوسطية. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار فوز ترامب في الولايات المتحدة وصعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) في الفترة الأخيرة مؤشراً واضحاً على هذا التحول العميق. من الناحية التاريخية، لم يكن اليمين الراديكالي ظاهرة مستجدة، فقد شهدت أوروبا في مطلع القرن العشرين صعود الحركات الفاشية والنازية، مما أسهم في اندلاع الحرب العالمية الثانية. وبعد انتهاء الحرب، أدت صدمتها العميقة، إلى جانب فرض الولايات المتحدة للنموذج الديمقراطي الليبرالي، وتهديد الشيوعية، ومشروع التكامل الأوروبي (الاتحاد الأوروبي)، إلى كبح النزعات القومية المتطرفة. غير أن هذه التوجهات عاودت الظهور تدريجياً مع انتهاء الحرب الباردة وتراجع جاذبية الفكر الشيوعي في أواخر القرن العشرين. وقد ساهمت الأزمات الاقتصادية وتزايد موجات الهجرة في صعود أحزاب يمينية متطرفة، مثل "الجبهة الوطنية" في فرنسا و"حزب الحرية" في النمسا. شكل الاستياء الاقتصادي في صفوف الطبقة العاملة عاملا أساسيا في صعود اليمين المتطرف. فقد أدى فقدان الوظائف وتجمد الأجور، نتيجة العولمة ونقل الصناعات إلى خارج أوروبا والتوسع في الأتمتة الصناعية، إلى شعور العمال الأوروبيين بالتهميش. وزادت الأزمة المالية لعام 2008 وما تبعها من سياسات تقشف، إلى جانب التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19، من تفاقم الأوضاع في الدول الغربية. وفي ظل هذا الواقع، لجأ كثيرون إلى دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تروج للقومية الاقتصادية والسياسات الحمائية كبديل للسياسات التقليدية. ساهم تصاعد هجرة المسلمين من الدول العربية، وخاصة من سوريا، بعد عام 2011 في تعزيز ردود الفعل "الإسلاموفوبيا"، مما وفر بيئة خصبة لصعود الأحزاب اليمينية المتطرفة. كما أن النزاعات المستمرة، والفقر، والضغوط في أفريقيا وآسيا، إلى جانب تدفق المهاجرين واللاجئين، ساهمت في نشر دعاية تحذر من تهديد الهوية الوطنية للدول. في نفس السياق، ورغم أن الحرب في أوكرانيا لم تثر قضايا متعلقة بالهوية، إلا أن الدعم المالي الكبير الذي قدمته الدول الأوروبية لأوكرانيا أثقل الأعباء الاقتصادية على هذه الدول، مما دفع الشعوب إلى الشعور بتزايد الضغط والتذمر. إلى جانب ذلك، تزايدت المخاوف المتعلقة بالإرهاب والأمن، مما أضاف بعدًا آخر لهذه الديناميكيات. وفي أوساط الأحزاب اليمينية الراديكالية، هناك شكوك قوية تجاه الاتحاد الأوروبي، حيث تقول هذه الأحزاب إن الاتحاد الأوروبي يقوض سيادتها الوطنية ويقوض هويتها. علاوة على ذلك، يُنظر إلى الأحزاب السياسية الوسطية في أوروبا على أنها فاسدة ومنفصلة عن المواطنين العاديين. وبدافع من هذه المشاعر، صوت الشعب البريطاني لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وفي إيطاليا، فاز حزب الأخوة الإيطالية بزعامة جيورجيا ميلوني في انتخابات العام الماضي. وتستخدم أحزاب أخرى، مثل حزب البديل من أجل ألمانيا والتجمع الوطني في فرنسا وحزب خيرت فيلدرز من أجل الحرية في هولندا، خطابًا مناهضًا للاتحاد الأوروبي لكسب التأييد. توجد فروق أيضًا بين الأحزاب في أوروبا. ففي فرنسا وألمانيا، تبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة بمواقف معادية للهجرة وللاتحاد الأوروبي، بينما في إيطاليا يتم التركيز على القومية والقيم المحافظة. في هولندا، تبرز سياسات معاداة الإسلام والقومية، وفي المجر تُركّز على القومية ومعاداة المثليين، أما في السويد، فيتم التركيز على معاداة الهجرة والمخاوف الأمنية. وفي إسبانيا، يُلاحظ التركيز على القومية ومناهضة للنسوية. مع مرور الوقت، سيغدو مستقبل الاتحاد الأوروبي محل نقاش واسع بين هذه الأحزاب. من الناحية الدولية، تدعم روسيا الحركات المناهضة للاتحاد الأوروبي، معتبرةً إياها تحالفًا ضد مصالحها الاستراتيجية. وعقب فوز ترامب في الانتخابات، بدأت الإدارة الأمريكية في دعم الأحزاب القومية المتطرفة، ما أسهم في زيادة تأثير هذه الاتجاهات. هذا التحول في السياسة الأمريكية أظهر تغيرًا في موقف الولايات المتحدة تجاه روسيا، حيث انتقلت من العداء إلى التحالف. علاوة على ذلك، ستزداد مشاعر معاداة الهجرة والمسلمين في الغرب، لتصبح أكثر شيوعًا وتأثيرًا. وفي الواقع، بما أن هذه الأحزاب القومية لا تتفق فيما بينها، فإن التوترات بين الدول الأوروبية ستتصاعد. في الوقت ذاته، ستؤدي سياسة الانعزال التي تنتهجها أوروبا إلى تقليص نفوذها في قارات أفريقيا وآسيا، ما يتيح فرصة لتخفيف بعض الضغوط في تلك المناطق. رب ضارة نافعة.
945
| 26 فبراير 2025
على مدى العقود السبعة إلى الثمانية الماضية، حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على موقعها كقوة عظمى مؤثرة في التطورات العالمية. ورغم امتلاكها موارد ضخمة وجامعات ومراكز بحثية تعزز نفوذها وتحمي مصالحها، إلا أن سياستها الخارجية شهدت تغيرات وانقطاعات عميقة عبر التاريخ. ولم تقتصر هذه التحولات على مجرد التكيف مع المتغيرات الدولية، بل تأثرت أيضًا بالاتجاهات الأيديولوجية وأحيانًا بتفضيلات الرؤساء الشخصية. في المقابل، تؤدي هذه التغيرات الجذرية إلى تداعيات واسعة، مما يثير مخاوف الحلفاء الذين يعتمدون على الولايات المتحدة في استقرارهم وأمنهم. بعد الحرب العالمية الثانية، لعبت الولايات المتحدة دورا نشطا على الساحة الدولية، حيث استندت سياستها الخارجية خلال الحرب إلى تعاون روزفلت مع روسيا والصين. ومع تولي ترومان الحكم عام 1945، تحولت هذه السياسة إلى مواجهة الشيوعية والدول الشيوعية. وفي الستينيات، انتقل النهج العسكري من سياسة التدخل المحدود لكينيدي إلى مقاربة جونسون الأكثر تدخلاً، كما تجلّى في حرب فيتنام. أما في السبعينيات، فقد شهدت السياسة الأمريكية تحولًا من النهج المتشدد لجونسون إلى سياسة نيكسون القائمة على الانفراج مع الاتحاد السوفييتي والانفتاح على الصين. وفي العقد ذاته، انتقلت الإدارة الأمريكية من تبني السياسة الواقعية وتوازن القوى إلى نهج أكثر ليبرالية في عهد كارتر. ومع حلول عام 1980، عاد ريغان إلى تصعيد التوتر مع الاتحاد السوفييتي، مفضّلًا المواجهة بدلًا من التهدئة. في تسعينيات القرن العشرين، ورغم انتمائهما إلى الحزب الجمهوري، كان هناك اختلاف واضح في النهج بين ريغان وبوش الأب. كما برزت تباينات ملحوظة مع انتقال السلطة من بوش الأب إلى كلينتون. فقد ركزت إدارة كلينتون، التي استمرت لفترتين، على العولمة الاقتصادية، والتعاون الدولي، والتدخلات الإنسانية. لكن مع تولي بوش الابن الحكم، حدث تحول جذري، حيث تبنى نهجًا أحادي الجانب وعدوانيًا، ساعيًا إلى إعادة تشكيل النظام العالمي بعد الحرب الباردة، وخاصة في الشرق الأوسط. واستغل هجمات 11 سبتمبر وذريعة مكافحة الإرهاب لغزو أفغانستان والعراق، مما أدى إلى إدخال المنطقة في حالة من الفوضى العارمة. وفي مواجهة السياسة الأحادية لبوش، تبنى أوباما نهجًا متعدد الأطراف يميل إلى العالمية في سياسته الخارجية. ومن الأمثلة البارزة على التغير الجذري بنسبة 180 درجة في السياسة الخارجية الأمريكية أنه بينما كان بوش الابن يسعى لغزو إيران بعد العراق، قامت إدارة أوباما بالانسحاب المفاجئ من العراق، مما أدى فعليًا إلى تعزيز النفوذ الإيراني هناك. كما أبرمت اتفاقًا نوويًا مع إيران وأفرجت عن 100 مليار دولار من أصولها المجمدة. بالإضافة إلى ذلك، واجهت إدارة أوباما توترات مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مثل إسرائيل وتركيا ودول الخليج. ففي اليمن، ورغم أنها بدت وكأنها تدعم السعودية، مارست عليها ضغوطًا بدلاً من تقديم المساعدة المباشرة. وقد ركز أوباما على تعددية الأطراف من خلال توقيع اتفاقية باريس للمناخ، والاتفاق النووي مع إيران، واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، مما يعكس توجهًا نحو التعاون الدولي متعدد الأبعاد. مع وصول دونالد ترامب، شهدت السياسة الخارجية الأمريكية مجددًا تغييرات جذرية تحت شعار” أمريكا أولًا“. فبعد تحسين العلاقات مع العرب بشكل انتقائي، تخلت إدارة ترامب عن القانون الدولي والنهج التقليدي تجاه إسرائيل وأعطت نتنياهو كل ما يريده: القدس عاصمة، واحتلال مرتفعات الجولان والمستوطنات. كما انسحب من الاتفاق النووي مع إيران ومن اتفاقية باريس للبيئة دون استشارة الدول الأوروبية. كما انتقد حلف الناتو، منظمة الدفاع الغربية التي أسستها الولايات المتحدة الأمريكية، وشركاؤها. تبنت إدارة بايدن التي خلفت ترامب سياسة خارجية مغايرة تمامًا، حيث عادت إلى الاتفاقات التي انسحب منها ترامب باستثناء الاتفاق النووي مع إيران. من جهة أخرى، أسفر انسحاب بايدن المفاجئ من أفغانستان عن شكوك حلفاء الولايات المتحدة في مصداقيتها. كما كانت إدارة بايدن طرفًا محرضًا في الحرب الأوكرانية، وساندت الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، وهو ما يتناقض تمامًا مع المواقف التقليدية للديمقراطيين في أمريكا. أما ترامب، فبينما سعى من جهة إلى فرض وقف إطلاق النار في حرب غزة التي بدأها بايدن، طرح من جهة أخرى مشروعًا لتغيير هوية غزة وتحويلها إلى وجهة سياحية، وهو ما يعتبر بمثابة مشروع إجرامي. كما اتضحت تفضيلاته لشركاء آخرين في منطقة الخليج. في الوقت الذي تتراجع فيه الثقة في الولايات المتحدة، التي يفترض أن تكون دولة قائمة على المؤسسات والمبادئ، يواصل ترامب الاستفادة من مكانة بلاده كأقوى دولة في العالم.
1014
| 19 فبراير 2025
بعد اندلاع الثورة السورية، كلما اقتربت المعارضة من إسقاط النظام، شهدت بعض العواصم الأوروبية تفجيرات أدت إلى ترسيخ قناعة لدى حكوماتها بأن بقاء الأسد يشكل خيارًا أقل خطورة مقارنة بصعود تنظيم داعش. ونتيجة لذلك، تبنت الدول الأوروبية موقفًا متحفظًا تجاه الأزمة، تمامًا كما فعلت إدارة أوباما التي تخلّت عن دعم الثورة. فلم تُبدِ أوروبا رد فعل كبيراً تجاه الدمار الذي خلفته التدخلات الروسية والإيرانية في سوريا، كما أنها لم تمارس ضغوطًا جدية للدفع نحو تنفيذ اتفاق جنيف الذي كان من المفترض أن يضمن انتقالًا ديمقراطيًا. واليوم، بعد مرور 13 عامًا، تغيرت المعادلات الإقليمية والدولية، وتمكن السوريون من الإطاحة بنظام الأسد، مما فرض واقعًا سياسيًا جديدًا يستدعي إعادة النظر في السياسات الدولية تجاه سوريا. فوجئت الدول الأوروبية، كما غيرها، إذ لم يكن متوقعًا أن يتمكن السوريون من إسقاط نظام الأسد بعد عقود من الحكم الاستبدادي. وباعتبار أوروبا لاعبًا أساسيًا في التوازنات الدولية، فإن طبيعة علاقاتها مع الإدارة السورية الجديدة ستشكل عاملًا مؤثرًا في مستقبل المنطقة. من هنا، يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على مواقف بعض الدول الأوروبية الكبرى، مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا، تجاه الأزمة السورية وتطوراتها. *على الرغم من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، إلا أنها أظهرت أنها دولة أوروبية مهمة في العلاقات الدولية. فمنذ عام 2017، اعترفت بهيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، ولكنها أظهرت فور سقوط الأسد أنها لن تصر على هذه المسألة بإرسال وفد برئاسة آن سنو، المبعوثة البريطانية الخاصة لسوريا. وخلال الاجتماع، تمت مناقشة مستقبل سوريا والمساعدات الإنسانية والدعم الاقتصادي. كما شاركت بريطانيا في المحادثات السورية في الرياض في كانون الثاني/يناير الماضي ودعمت الإدارة السورية الجديدة. وبعد أن دعمت بريطانيا أوكرانيا وإسرائيل في حروبهما، هي رحبت بتراجع النفوذ الروسي والإيراني في سوريا. ولكنها، كغيرها من الدول الغربية الأخرى، ليست في عجلة من أمرها لرفع العقوبات وإعادة الإعمار لأنها لا تريد أن تصبح الإدارة الجديدة التي تنظر إليها سلبا باعتبارها ”إسلامية“. *تتخذ ألمانيا وفرنسا، الدولتان المحركتان للاتحاد الأوروبي، نهجاً أكثر انفتاحا تجاه سوريا. فقد سافر وزيرا الخارجية الألماني والفرنسي آنالينا بايربوك وجان نويل بارو إلى سوريا في يناير/كانون الثاني والتقيا الرئيس أحمد الشرع. وقد أكدا على ضرورة الانتقال الديمقراطي التعددي في البلاد واحترام حقوق الأقليات. كما تحدث المستشار الألماني أولاف شولتز هاتفياً مع أحمد الشرع. ألمانيا التي تعهدت بدعم إعادة إعمار سوريا، أكدت على محاربة داعش والمصالحة الاجتماعية وليس على وحدة البلاد. وكما هو معروف، فإن الدول الغربية تميل إلى التركيز على حقوق الأقليات بدلاً من التركيز على حقوق الأغلبية (الديمقراطية). فرنسا، التي استعمرت سوريا قبل ١٠٠ سنة، تولي اهتمامًا كبيرًا لهذا البلد. وإدراكًا منها لضرورة تفادي تكرار خسائرها الاستراتيجية في إفريقيا داخل الشرق الأوسط، تنتهج فرنسا سياسة أكثر نشاطًا في الشأن السوري. وفي الوقت نفسه، وكما هو الحال بالنسبة لألمانيا والولايات المتحدة، فإن دعمها لإدارة القوات السورية الديمقراطية (قسد) في شرق الفرات يجعلها تتغاضى عن قضية وحدة الأراضي السورية. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول زعيم أوروبي يتصل بأحمد الشرع ويدعوه إلى زيارة فرنسا. وبالنظر إلى اهتمامها الوثيق بلبنان وإسرائيل، تولي فرنسا أهمية خاصة لسوريا، كما أنها تدرك تمامًا موقعها الاستراتيجي عند تقاطع ثلاث قارات، وتسعى إلى استغلال الفراغ الذي خلفه تراجع النفوذ الروسي والإيراني في البلاد. *يتبنى الاتحاد الأوروبي، كمنظمة دولية، موقفًا أكثر مرونة تجاه الإدارة السورية الجديدة. ففي منتصف يناير، أعلنت حاجة لحبيب، المسؤولة عن إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي، عن حزمة مساعدات بقيمة 235 مليون يورو. وعلى الرغم من أن هذه المساعدات لن تحل جميع مشاكل السوريين، فإنها تحمل رسائل إيجابية. كما أكد مسؤولو الاتحاد الأوروبي أنهم أعدوا خريطة الطريق لرفع العقوبات في مجالات الطاقة والنقل والمالية، إلا أنهم لم يتخذوا خطوات ملموسة حتى الان. وتبدو الدول الأوروبية بطيئة في رفع العقوبات وتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية، ويُحتمل أن تكون هناك شروط مختلفة وراء الكواليس يتم التفاوض عليها. أبرز هذه الشروط هو تحسن العلاقات بين سوريا وإسرائيل واعترافها بإدارة قسد. ومن المخاوف المشتركة للدول الأوروبية، إطلاق سراح أعضاء تنظيم داعش الذين تحتجزهم قسد على الرغم من تقديم الحكومة السورية ضمانات في هذا الصدد. ويتطلع السوريون إلى رفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على نظام الأسد وإلى وصول المساعدات الإنسانية والتنموية.
1497
| 12 فبراير 2025
كان الاقتصاد السوري يُدار وفق النهج الاشتراكي منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث هيمن عليه التخطيط المركزي، وتدخل الدولة، والشركات العامة، مما أدى إلى نموذج اقتصادي فاشل. ورغم امتلاك سوريا لإمكانات تجارية كبيرة، إلا أنها لم تكن منفتحة على التجارة الخارجية، مما حرمها من تحقيق استفادة كبيرة في هذا المجال. ففي عام 2010، بلغ إجمالي الإنتاج 60 مليار دولار، وكان نصيب الفرد من الدخل القومي 2800 دولار. أما في عام 2022، فقد انخفض إجمالي الإنتاج إلى 23 مليار دولار، وتراجع نصيب الفرد من الدخل القومي إلى 1050 دولارًا. ردَّ نظام الأسد بعنف على مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية، مما أدى إلى تدمير بلاده بالقصف والصواريخ. أما الحكومة السورية الجديدة، فقد نجحت خلال ما يقرب من شهرين في استكمال اعترافها الإقليمي والدولي، وانتقلت الآن إلى مرحلة إعادة الإعمار. خلال ما يقرب من 13 عامًا من الصراعات المدمرة، تسبّب نظام الأسد وحلفاؤه، إيران وروسيا، في دمار واسع للبنية التحتية والمناطق السكنية في سوريا. ولم يقتصر هذا الدمار على المدن فحسب، بل امتدّ حتى إلى القرى. اليوم، تتطلب عملية إعادة إعمار سوريا جهودًا معقدة وشاملة، إذ أن تدمير المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والصرف الصحي يجعل إعادة تأهيلها وإصلاحها تحديًا كبيرًا. وقبل كل شيء، تحتاج إزالة الأنقاض وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار إلى تخطيط دقيق وموارد مالية ضخمة. ونظرًا لأن الحكومة السورية غير قادرة على تحقيق ذلك بمفردها، فإنها ستحتاج إلى دعم خارجي يشمل المساعدات والقروض الدولية لضمان إنجاز عملية إعادة البناء. في إطار عملية إعادة إعمار سوريا، يعدّ تنشيط الاقتصاد وتحقيق الاستقرار في البلاد أمراً ضرورياً، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بضمان وحدة أراضيها. ولتحقيق هذه الوحدة، ينبغي استعادة منطقة شرق الفرات، التي تزخر بموارد مهمة من الطاقة والمياه والأراضي الزراعية، وإخراجها من سيطرة قسد (PKK) ودمجها في الاقتصاد الوطني. هناك أربعة عوامل رئيسية تعرقل استقرار سوريا، وهي: التدخلات الإسرائيلية، ووجود قسد وبقايا نظام الأسد وخلايا إيران. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن يعاود تنظيم داعش الظهور كأداة لتدخلات دولية. وكما ظهر في التفجيرات التي شهدتها منبج مؤخرًا، فإن القوى التي تسعى إلى عرقلة الاستقرار والسلام في سوريا لا تزال تشكل تهديدًا خطيرًا. إحدى الركائز الأساسية لإعادة إعمار سوريا تكمن في استعادة قوتها الاقتصادية. على مدار 13 عامًا من الصراع، انخفضت إنتاجية البلاد ودخلها بشكل حاد، وزادت معدلات البطالة، وتدهورت قيمة العملة. إن انتعاش الاقتصاد يعتمد بشكل أساسي على إجراء إصلاحات هيكلية عميقة ومكافحة الفساد وتقديم المساعدات الخارجية والتسريع في رفع العقوبات الدولية. من الضروري تقليص تدخل الدولة في الاقتصاد، وتنشيط الصناعات الأساسية، ودعم القطاع الخاص، بالإضافة إلى خلق بيئة مشجعة لاستقطاب المستثمرين. بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، تتمتع سوريا بفرص كبيرة في مجالات الزراعة والتجارة والصناعة والسياحة. ومع اتخاذ الخطوات اللازمة، سيكون الاقتصاد السوري قادرًا على الاستمرار في النمو بشكل مستقل، تمامًا كما تواصل السيارة العمل بعد تشغيلها. إعادة بناء سوريا ترتبط بشكل وثيق بعودة ما يقرب من 6 ملايين سوري الذين تشتتوا بسبب الحرب إلى وطنهم للمساهمة في عملية الإعمار. من المهم أن يعود النازحون إلى مناطقهم الأصلية لاستئناف الفعاليات في أراضيهم وأعمالهم. كما أن المجتمع الشبابي والطاقة البشرية التي يمتلكها السكان تمثل ميزة مهمة، حيث يمكنهم أن يقدموا مساهمة كبيرة في تعزيز الإنتاج الوطني. علاوة على ذلك، فإن الخبرات والروابط التي اكتسبوها في البلدان التي لجأوا إليها مثل تركيا، ستشكل عاملا كبيراً في عملية إعادة البناء داخل سوريا. تُعد تلبية الاحتياجات العاجلة للأشخاص المهجرين وضمان عودتهم بشكل منتظم إلى مناطقهم إحدى القضايا الحاسمة في عملية إعادة البناء. إلى جانب توفير سكن مناسب، من الضروري إقامة مدارس لتعليم الأطفال وتوفير خدمات صحية، حيث ستساهم هذه العوامل في تسريع العودة والتحول. وقد أعلنت دول مثل قطر وتركيا والسعودية عن دعمها لعملية إعادة الإعمار. وستسهم المساعدات المالية والدعم الفني الذي تقدمه هذه الدول والمجتمع الدولي (الحكومات والمنظمات غير الحكومية) في عملية البناء والتعافي في سوريا. ورغم أن إعادة الإعمار تمثل مسارًا طويلًا وشاقا، فإن توافر الإرادة السياسية والاستقرار سيمكن السوريين من تجاوز التحديات وإعادة بناء وطنهم.
900
| 05 فبراير 2025
لطالما استهدفت الأطماع الغربية العالم العربي الإسلامي منذ حقبة الحملات الصليبية. وقد شكلت حملة نابليون على مصر ثم الحرب العالمية الأولى تجسيدًا لهذه النزعة الاستعمارية. وعند انسحاب القوى الغربية من المنطقة، عملت على إنشاء مشروع يخدم مصالحها الاستراتيجية، تمثل في تأسيس دولة إسرائيل. وجاءت حماية إسرائيل كوسيلة لضمان استمرار الانقسام والاضطراب وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بما يحقق أهداف الغرب. وقد رُبط بقاء هذا الوضع إما باستسلام الشعب الفلسطيني وإذعانه، أو بتهجيره من أرضه. بدعم من الولايات المتحدة والغرب، استغلّت إسرائيل وحكومة نتنياهو عملية السابع من أكتوبر كذريعة لشن حرب إبادة تهدف إلى القضاء على المقاومة في غزة. وقد سُجلت هذه الحرب في التاريخ كحملة الدمار والمجازر، لكنها لم تحقق لإسرائيل الأهداف التي كانت تطمح إليها. وكما أقرّ وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، لم يكن لديهم تصور بأن مقاتلي حماس الذين فقدوا حياتهم سيتم استبدالهم بهذه السرعة وبأعداد كبيرة. من جانبه، اعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاجاري، بأن التحدي الحقيقي كان مواجهة فكرة المقاومة، وهو أمر أصعب من هزيمة حماس نفسها. ورغم إصرار نتنياهو وحكومته المتطرفة على استمرار الحرب، إلا أن تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، إضافةً إلى إعلان الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب كلمة «كفى»، وضع حدًا لهذا الصراع. إن الطريقة التي انتهت بها حرب غزة تحمل في طياتها العديد من الدلالات والتأثيرات الاستراتيجية. في المقام الأول، ظهر بوضوح أن إسرائيل لا تمتلك القوة الكافية دون دعم الغرب، ولا سيما دعم الولايات المتحدة، حيث تبين أن عدوانها يعتمد بشكل أساسي على الإذن والدعم الأمريكي. ومن بين الآثار البارزة الأخرى، يتضح أن إسرائيل لن تتمكن مجددًا من خوض مشروع إبادة شاملة بهذا الحجم. وحتى إن حاولت، فإن الدعم الدولي الذي تعتمد عليه لن يكون بالقوة التي كان عليها سابقًا. لقد انقلبت رواية القوة والنجاح التي كانت تروج لها إسرائيل، مما جعل مهمتها أكثر تعقيدًا. ومع التوقعات باستمرار ثقافة المقاطعة والاحتجاجات على المستوى العالمي، ستواجه إسرائيل مزيدًا من العقبات. إضافة إلى ذلك، يبدو أن حرب غزة لعبت دورًا في خسارة الحزب الديمقراطي للانتخابات الأمريكية، وهو ما سيجعل هذه الحرب عنصرًا ذا تأثير في السياسات الداخلية مستقبلاً. كان القضاء على المقاومة في غزة أحد الركائز الأساسية لمشروع الشرق الأوسط الجديد. ففي فترة ترامب الاولى، بدأ تصميم جديد للمنطقة وفي مركزها إسرائيل، ولكن هذا المشروع توقف نتيجة اعتراضات الفلسطينيين. وكان هدف نتنياهو إنهاء هذه الاعتراضات من أجل المضي قدمًا في خطته. أما انتصار غزة، فقد ألقى باتفاقات «صفقة القرن» في سلة المهملات. أكبر خسارة لإسرائيل كانت في تكوين مناخ عالمي معادٍ لها، بعد أن كانت دائمًا قادرة على تقديم نفسها كضحية ومظلومة رغم كونها على خطأ. مع حرب غزة، رسخت صورة إسرائيل كدولة قمعية وممارسة للإبادة في أذهان الناس. من جهة أخرى، أصبحت حماس، التي وصفتها إسرائيل بالإرهاب، تحظى بتعاطف دولي وشرعية متزايدة. نظرًا لتدهور صورة إسرائيل، أصبح من الصعب على العديد من الدول الديمقراطية استقبال نتنياهو في عواصمهم، كما أن محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية ستعقد من تحركاته القانونية. من جهة أخرى، فقد تأثرت صورة الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية القوية مثل المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، بسبب الدعم غير المحدود الذي قدموه لإسرائيل. وعلاوة على ذلك، فإن تجاهلهم لمبادئ الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية التي كانوا يتاجرون بها سابقًا يجعل من الصعب عليهم استخدام هذه المفاهيم كأداة للضغط في المستقبل. كما اهتزت صورة القوة العسكرية لإسرائيل بشكل ملحوظ. على الرغم من الدعم اللامحدود من الولايات المتحدة والدول الغربية، فشلت إسرائيل في القضاء على حماس ولم تتمكن من تأمين تبادل آمن للعديد من الأسرى الإسرائيليين. فقد أظهرت حماس قدرتها على تطوير منظومة عسكرية فعالة للغاية رغم كل الظروف الصعبة والدمار الذي لحق بها. كما أصبح من الواضح أن إسرائيل غير قادرة على خوض حرب على جبهتين، مما دفعها إلى التوصل بسرعة إلى اتفاق مع حزب الله. عقب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، شعر الفلسطينيون بإحساس قوي بالانتصار والإنجاز، في حين كانت إسرائيل في موقف ضعيف. أصبح من شبه المستحيل على إسرائيل محاولة ارتكاب مثل هذه المجزرة مرة أخرى، وإذا حاولت ذلك، فمن المؤكد أنها ستواجه مقاومة أشد. والأهم من ذلك أن إسرائيل كانت تهدف إلى القضاء على المقاومة في غزة، لكن النتيجة كانت عكس ذلك تمامًا، إذ تعززت روح المقاومة واستراتيجيتها، واكتسبت شرعية دولية.
687
| 29 يناير 2025
على الرغم من الإبادة الجماعية والدمار الهائل الذي تعرض له شعب غزة، إلا أن هذا الشعب لم يستسلم للاحتلال الإسرائيلي، بل أظهر مقاومة أسطورية. وبعد 15 شهراً من الصمود، فشلت إسرائيل في تحقيق هدفها بالقضاء على المقاومة، مما أجبرها على قبول وقف إطلاق نار طويل الأمد. ومع بدء عملية وقف إطلاق النار التي توسطت فيها قطر، يسود بين الفلسطينيين - رغم التحديات الكبيرة - شعور بالتفاؤل، في حين يعمّ خيبة الأمل في صفوف الصهاينة وداعميهم. ومع ذلك، تظل المرحلة القادمة في غاية الأهمية، حيث يجب الاستمرار في الضغط عبر المقاطعة، الدعاية، وملاحقة مرتكبي جرائم الحرب قانونياً، لضمان عدم تجرؤ الصهاينة وداعميهم في ارتكاب مثل هذه الجرائم مستقبلاً. يجب على المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الإسلامية، التي عجزت عن وقف الحرب والإبادة الجماعية في غزة، أن تتحرك بسرعة لدعم عملية إعادة إعمار القطاع. إن الدمار الهائل الذي حل بغزة يستدعي جهوداً واسعة تشمل مختلف الجوانب والقطاعات. من أولويات هذه الجهود تقديم المساعدات الإنسانية، إصلاح أو إعادة بناء البنية التحتية، دعم التعافي الاقتصادي، وتوفير إدارة فعالة. تأتي المساعدات الإنسانية في مقدمة الأولويات العاجلة، إذ يعاني سكان غزة في ظل الشتاء القاسي من الجوع العطش ويفتقرون إلى الكهرباء والوقود وأبسط خدمات الرعاية الصحية. يجب أن يتم توزيع المساعدات بشكل عادل بين جميع المحتاجين. إلى جانب التنسيق السريع للوصول إلى المناطق الأكثر تضرراً، تعتبر المساعدات الطبية عنصراً أساسياً، حيث أصيب العديد من الأشخاص وتعرضوا للإعاقة نتيجة الحرب. لذلك، من الضروري إنشاء مستشفيات ميدانية، وتوفير الأدوية، إضافة إلى تقديم الدعم النفسي. نظراً لأن إسرائيل دمرت المستشفيات بشكل متعمد، تزداد الحاجة إلى الأطباء، والمستلزمات الطبية، والأجهزة الطبية. فقدت العديد من العائلات أحباءها، مما يجعل الدعم النفسي أمراً بالغ الأهمية لمساعدة الناجين في مواجهة معاناتهم ومحاولة التأقلم مع تحديات الحياة. وبالنظر إلى حجم الدمار الذي خلفته الحرب، فإن الصدمات النفسية تكون هائلة، خصوصاً بين المدنيين والأطفال. وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، سيتم إدخال 600 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة، منها 50 شاحنة ناقلة للوقود. وبما أن المساعدات الإنسانية كانت محتجزة بالفعل على الحدود المصرية، فلن تكون هناك مشكلة كبيرة في المرحلة الأولى. ومع ذلك، فإن أي تأخير أو نقص في المساعدات التي يحتاجها سكان غزة على المدى المتوسط والطويل سيكون عاراً علينا جميعاً. تأتي المساعدات الغذائية في مقدمة الاحتياجات الإنسانية، بالإضافة إلى الحاجة الماسة للمياه النظيفة، حيث إن نظام المياه والصرف الصحي قد تعرض للتدمير. لذا، يتطلب الأمر جلب المياه من الخارج في الوقت الراهن، مع العمل في الوقت ذاته على إصلاح البنية التحتية. ومن بين المساعدات العاجلة الأخرى، توفير المأوى للنازحين، حيث إن إعادة بناء المنازل المدمرة ستستغرق وقتاً طويلاً، مما يستلزم توفير الخيام والمساكن المؤقتة بشكل عاجل. في المدى القريب والمتوسط، هناك مهمة إعادة بناء المنازل المدمرة ولدى تركيا وقطر تجربة إعادة البناء. إن حجم الدمار في غزة يشبه إلى حد كبير الزلزال الذي وقع في جنوب تركيا وشمال سوريا في عام 2023. في ذلك الزلزال، تعرضت خمس ولايات تركية لدمار كبير، وفقد 2 مليون شخص منازلهم. كما أسفر الزلزال عن وفاة 53 ألف شخص وإصابة 107 آلاف آخرين. ومع ذلك، تمكنت تركيا من النجاح في عملية إعادة الإعمار خلال عامين، ويمكن لغزة أن تستفيد من نفس الخبرة في إعادة الإعمار. في هذا السياق، يعتبر التخطيط الحضري وتحديد الأولويات بشكل جيد، فضلاً عن تأمين التمويل، من المواضيع المهمة. لتحقيق حياة قابلة للعيش، يتطلب الأمر إصلاح وإعادة بناء الطرق والجسور، فضلاً عن إصلاح نظام الكهرباء. يجب العمل بسرعة على إصلاح الخطوط وتوفير الطاقة الشمسية والمولدات المتنقلة. كما أن إنشاء شبكات الاتصال يعد حاجة أساسية، لأنه سيساعد في توصيل المساعدات ودعم بدء الأنشطة الاقتصادية بشكل تدريجي وتسريعها. إن إنعاش الاقتصاد وخاصة الزراعة والتجارة، سيساعد أهل غزة في تلبية احتياجاتهم الخاصة. ولهذا الغرض، هناك حاجة إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. من جهة أخرى، يجب فتح المؤسسات التعليمية بسرعة، حتى لا يتأخر تأهيل أطفال غزة وتعويض السنوات المفقودة، مما يساعد في عودة الحياة إلى طبيعتها. كما يجب أن تستمر الضغوط الدبلوماسية والمقاطعة واهتمام وسائل الإعلام لمنع إسرائيل من العودة إلى الحصار على غزة مرة أخرى.
1044
| 22 يناير 2025
رغم الآمال بتهدئة العلاقات بين الجزائر وفرنسا مع بداية العام الجديد، إلا أن التوترات الدبلوماسية بين البلدين استمرت بالتصاعد. يعود أصل الأزمة إلى تمسك فرنسا بعقلية الحقبة الاستعمارية، إلى جانب تنامي نفوذ اليمين المتطرف الذي عزز موجة الإسلاموفوبيا ومعاداة العرب. وقد اختارت حكومة ماكرون الاستسلام لليمين المتطرف بدلاً من مواجهته، مما أدى إلى زيادة الضغوط على المسلمين. هذه السياسات تثير استياء الجالية الجزائرية، التي تُعد الأكبر بين المسلمين في فرنسا، وتؤجج غضب الجزائر أيضاً. إن أهم أسباب التوتر بين الجزائر وفرنسا هو الإرث الاستعماري. فخلال 132 عامًا من الهيمنة الفرنسية، عاشت الجزائر واحدة من أسوأ التجارب الاستعمارية تحت الهيمنة الفرنسية، ولم يقتصر الأمر على تجريد الجزائريين من أراضيهم فحسب، بل تعرضوا أيضًا للإبادة الجماعية والقمع الثقافي. ثار الشعب الجزائري من أجل الاستقلال عدة مرات، ولكن تم قمعه بعنف. واليوم، يطالب الشعب الجزائري وحكومته بالاعتذار والتعويض عن الإبادة الجماعية لأكثر من مليون شخص قُتلوا في سبيل الاستقلال. تتجلى الخلافات بين الجزائر وفرنسا في كيفية التعامل مع إرث الحقبة الاستعمارية. تحاول فرنسا إعادة صياغة تلك الفترة وكأنها كانت خدمة للشعب الجزائري، بينما يرى الجزائريون أنها حقبة استغلال وظلم ممنهج. وعقب انتهاء الاستعمار، استولت فرنسا على الأرشيف الجزائري الذي يمثل ذاكرة الأمة وتاريخها الجماعي. يطالب الجزائريون اليوم باعتراف صريح بالانتهاكات التي وقعت خلال تلك الفترة، لكن هذه المطالب تقابل برفض فرنسي، حيث يصنفها الإعلام والساسة في فرنسا على أنها تدخل في الشؤون الداخلية والاستفزاز. ومع تصاعد نفوذ اليمين المتطرف، تبدو فرص التفاهم أو تحقيق أي تقدم في هذا الملف أكثر تعقيداً وبُعداً. على الرغم من أن فرنسا اعترفت جزئياً بأن ما حدث في الماضي كان كارثة، إلا أنها لم تعترف رسمياً بجرائم الإبادة الجماعية، كما أنها ترفض اتخاذ أي خطوات فيما يتعلق بالاعتذار أو التعويض. أصبحت حكومة تبون، التي جاءت إلى السلطة بعد حراك الشعب الجزائري، تتبنى موقفاً أكثر قوة تجاه فرنسا، خاصة بعد أن ازدادت أهمية الجزائر كمصدر الغاز الطبيعي إلى أوروبا في أعقاب حرب أوكرانيا. من جهة أخرى، ورغم استمرار العلاقات الاقتصادية القوية بين البلدين، فإن سعي الجزائر لتنويع شراكاتها الاقتصادية مع دول مثل الصين وتركيا وروسيا يثير قلق فرنسا. خلال فترة الاستعمار، هاجر عدد كبير من الجزائريين إلى فرنسا، ويُقدّر عددهم بحوالي 4- 5 ملايين شخص، وما زالت مشاكل اندماجهم مستمرة، إذ يتم تهميشهم بسبب كونهم عرباً ومسلمين. هذه الجالية الجزائرية الكبيرة تواجه صعوبات اجتماعية واقتصادية، مما يزيد من حدة النقاشات حول قضايا الهجرة والاندماج والعنصرية في فرنسا. كما أن صعود اليمين المتطرف الفرنسي جعل من الصعب على الجزائريين المسلمين، بما فيهم ذوو الأصول الجزائرية، الاندماج بشكل كامل. علاوة على ذلك، تقوم فرنسا بفرض ضغوط إضافية على المسلمين في التعليم من خلال مشروع «الإسلام الفرنسي». تثير أنشطة فرنسا في منطقة الصحراء الكبرى (الساحل) قلق الجزائر، خاصة اهتمامها بليبيا ووقوفها الأقرب إلى المغرب، بالإضافة إلى دعمها الصريح لإسرائيل. يتعارض هذا مع موقف الجزائر الثابت في دعم القضية الفلسطينية ورفضها التدخل في شؤون الدول الأخرى. كما أن فرنسا تستغل قيود التأشيرات المقدمة للجزائريين كوسيلة الضغط، حيث تلجأ إلى فرض هذه القيود بعد كل حالة توتر بين البلدين. في صيف 2024، تصاعدت التوترات بين الجزائر وفرنسا بسبب دعم فرنسا للمغرب في نزاع الصحراء الغربية، مما أدى إلى إلغاء الرئيس تبون لزيارته إلى فرنسا. وفي ديسمبر 2024، بلغ الخلاف ذروته عندما اتهمت الجزائر دبلوماسيًا فرنسيًا بالانخراط في أنشطة معادية (تجسس) ضدها. ومع بداية 2025، تفجر نزاع جديد بعد أن قامت فرنسا باعتقال مؤثرين من أصل جزائري وطلبت ترحيلهم إلى الجزائر. من بينهم كان بو علام نعمان، الذي اعتقل بتهمة التحريض على العنف، وأرادت فرنسا إعادته إلى الجزائر. إلا أن الجزائر رفضت هذه العملية بسبب ما اعتبرته إجراءات غير قانونية، مما أدى إلى موجة من الانتقادات الحادة من وسائل الإعلام والسياسيين الفرنسيين ضد الجزائر. وفي بيان لها، رفضت وزارة الخارجية الجزائرية اتهامات التصعيد والإذلال. يبدو أن الجزائر دخلت مرحلة جديدة في علاقاتها مع فرنسا، حيث أصبحت قادرة على التعامل معها بشكل أكثر استقلالية، حان الوقت لفرنسا أن تتكيف مع الوضع الجديد.
873
| 15 يناير 2025
من الانتخابات المحلية إلى الحرب على غزة والانتصار في سوريا، عاشت تركيا العام الماضي مليئاً بالتطورات الحاسمة التي ستنعكس على العام الجديد. القضية الرئيسية التي ستتحدى تركيا في عام 2025 ستكون الاقتصاد. وكان الاقتصاد التركي قد تعرض في السنوات السابقة لصدمات شديدة نتيجة التطورات الخارجية، الضغوط السياسية، السياسات الشعبوية التي فرضتها الانتخابات، بالإضافة إلى آثار الزلزال. وعلى الرغم من استقرار سعر الدولار، إلا أن التضخم، الذي انخفض من 54% في عام 2023، لا يزال عند مستويات مرتفعة تبلغ 44%. تترك هذه التحديات الاقتصادية أثرًا كبيرًا على القاعدة الاجتماعية لحزب العدالة والتنمية، خاصة بين الطبقات الدنيا والمتوسطة. وبينما تسعى الحكومة للتخفيف من حدة الأزمة من خلال زيادة رواتب موظفي القطاع العام والحد الأدنى للأجور، لا تزال فئات واسعة من المجتمع تواجه صعوبات كبيرة. ويرى الخبراء الاقتصاديون أن الخطة الاقتصادية متوسطة المدى التي تطبقها الحكومة قد بدأت تؤتي ثمارها، حيث تظهر إشارات إيجابية في مكافحة التضخم وتنفيذ سياسات التقشف بفعالية. على الرغم من تعرض حكومة أردوغان لانتكاسة جزئية في الانتخابات المحلية لعام 2024، إلا أنها تواصل الاستفادة بشكل جيد من الائتمان لمدة خمس سنوات. ويُسهم ضعف المعارضة في تسهيل موقف الحكومة، حيث تواجه البلديات الكبرى التي يديرها حزب الشعب الجمهوري المعارض تعثرًا في تقديم الخدمات، مما أدى إلى تراجع الدعم الشعبي للمعارضة وعدم قدرتها على الدفع نحو إجراء انتخابات مبكرة. في الوقت ذاته، شكلت الثورة السورية دفعة معنوية لحزب العدالة والتنمية، بينما وجهت ضربة للمواقف المعارضة لسياسات الحكومة تجاه اللاجئين. ومن بين القضايا البارزة التي ستشغل السياسة الداخلية التركية في العام الجديد تأتي القضية الكردية، وخاصة ملف حزب العمال الكردستاني. وقد أقدم تحالف الشعب على اتخاذ خطوة جريئة في هذا الملف، الذي يرتبط أيضًا بالسياسة الخارجية، ولا سيما في سياق العلاقات مع سوريا. وتشير التقديرات إلى أن الصراع المستمر مع حزب العمال الكردستاني على مدار أربعة عقود كلف تركيا حوالي 40 ألف ضحية بشرية، بالإضافة إلى خسائر اقتصادية غير مباشرة تقارب تريليون دولار. في عام 2013، حاولت الحكومة التركية الجلوس على طاولة المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني، إلا أن وعد الولايات المتحدة بإقامة دولة في سوريا دفع حزب العمال الكردستاني إلى الانسحاب من المفاوضات. ومع ذلك، أسهم النجاح الذي حققته الحكومة في مواجهة حزب العمال الكردستاني داخليًا وخارجيًا، إلى جانب دعم الثورة السورية، في منح الحكومة فرصة لحل هذه القضية بشكل نهائي على طاولة المفاوضات. تسعى الحكومة التركية إلى دفع حزب العمال الكردستاني إلى التخلي عن السلاح وإعادة دمج أفراده في الحياة الطبيعية داخل تركيا وسوريا. ورغم محاولات إسرائيل وإيران استغلال حزب العمال الكردستاني أو قسد ضد تركيا، فإن وصول ترامب إلى السلطة وتغير الوضع الميداني قد أضعفا موقف حزب العمال الكردستاني بشكل كبير. وعلاوة على ذلك، فإن عام 2025 يُعد عامًا حاسمًا لاستقرار تركيا السياسي ولميراث الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية، الذي يقود البلاد منذ 23 عامًا. إذ سيكون هذا العام بمثابة اختبار حساس لنجاح البرنامج الاقتصادي وتحقيق الاستقرار السياسي. في عام 2025، ستظل مواجهة الإبادة الإسرائيلية في غزة إحدى القضايا الرئيسية التي تشغل الدبلوماسية التركية. ومن المتوقع أن يؤثر وصول ترامب إلى السلطة على السياسات الإسرائيلية، سواء بشكل إيجابي أو سلبي. وعلى الرغم من أن ترامب معروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل، إلا أن التساؤل يبقى قائمًا حول ما إذا كان سيمنح إسرائيل «شيكًا على بياض» كما فعل بايدن، أم أنه قد يفاجئ الجميع بالسعي لإنهاء الحرب في غزة. ومع ذلك، وبصرف النظر عن سياسات الولايات المتحدة، ستواصل تركيا وأصدقاء الشعب الفلسطيني دعم قضية غزة على المنصات الدولية. كما سيبذلون جهودًا لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وتحقيق وقف إطلاق النار، مما يعكس التزامًا مستمرًا تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. فإن نجاح الحكومة الجديدة في سوريا سيكون قضية ذات أهمية كبيرة لتركيا التي ترى في الحكومة الجديدة حليفًا طبيعيًا مثل قطر. ستقدم دعمًا دبلوماسيًا كبيرًا لضمان الاعتراف بالنظام الجديد، ورفع العقوبات الاقتصادية، وتقديم المساعدات العاجلة وإعادة الإعمار. المرحلة الأولى، وهي عملية الاعتراف الدبلوماسي، تسير بنجاح. ومع ذلك، فإن رفع العقوبات وجمع المساعدات يتقدم ببطء نسبي، ولكن الأجواء العامة إيجابية. ومن المتوقع في العام الجديد أن تعمل تركيا على تعزيز علاقاتها الإيجابية مع إدارة ترامب، إلى جانب تطوير علاقاتها مع العالم العربي وأوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى وأفريقيا، والحفاظ على علاقات متوازنة مع الصين والهند.
828
| 08 يناير 2025
عندما طالب الشعب السوري بالديمقراطية والحرية والتنمية، واجه دمارًا كبيرًا. وظل المجتمع الدولي صامتًا تجاه هذا الدمار. كما أن الدول الغربية رضيت ببقاء الأسد بحجة وجود تنظيم داعش، مما سمح للنظام الظالم المدعوم من روسيا وإيران بارتكاب دمار واسع وتهجير الملايين من ديارهم. أما الإدارة الأمريكية، فقد استغلت حجة محاربة داعش لتسليم شمال وشرق سوريا إلى قوات «قسد» التابعة لحزب العمال الكردستاني، متبعة أجندة أخرى. وعلى الرغم من أن عملية جنيف التي انطلقت لحل الأزمة السورية قد حُسمت عام 2016 تحت مظلة الأمم المتحدة، إلا أنه لم يُمارَس أي ضغط على نظام الأسد أو داعميه في روسيا لتفعيل هذا المسار، مما أدى إلى وصول الأزمة إلى هذا الوضع الراهن. بعد انتظار طويل ومعاناة داخل البلاد وخارجها، تمكن السوريون من إسقاط نظام الأسد واستعادة السيطرة. ومع ذلك، وجدوا اليوم في وطنهم دمارًا هائلًا ويواجهون تحديات خطيرة للعودة إلى الحياة الطبيعية. إعادة إعمار سوريا يجب أن تشمل تحقيق وحدة أراضيها وتلبية احتياجاتها العاجلة والمتوسطة الأجل. ويُعد هذا مسؤولية أخلاقية تقع على عاتق كل من الغرب، الذي كان متفرجًا على معاناة السوريين، ودول الخليج. وبعد 13 عامًا من الإهمال، يجب عليهم تقديم الاعتذار لسوريا والعمل على مساعدة الشعب السوري كواجب إنساني. كانت روسيا، التي تمتلك حق النقض في مجلس الأمن الدولي وتدعم الأسد، تشترط أن تكون المساعدات الإنسانية محصورة عبر معبر باب الهوى فقط، مما جعلها لا تصل إلى جميع المناطق. وتأتي المساعدات الإنسانية على رأس الاحتياجات العاجلة لسوريا، حيث أدى الدمار الاقتصادي الذي خلفته الحرب والعقوبات إلى انتشار الفقر بشكل كبير. كما أن هناك حاجة ماسة لتقديم المساعدة العاجلة لأكثر من 6 ملايين نازح و2 مليون مقيم في المخيمات أو العائدين من شمال سوريا إلى مناطقهم الأصلية، خاصة في مجالات المياه، والغذاء والأدوية والخيام. تشير الإحصائيات إلى أن 12 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، نصفهم من الأطفال. روسيا، بعد رحيل الأسد، لديها الآن فرصة ومسؤولية لتخفيف معاناة السوريين. ويتصدر هذه المساعدات ضرورة الاعتراف الدبلوماسي. يجب أن تكون دول الغرب والعالم العربي ممتنة لرحيل نظام الأسد، الذي تسبب في زعزعة الاستقرار والهجرة وإنتاج المخدرات. إن استقرار سوريا وتنميتها يمثلان مصلحة مشتركة للعالم العربي والإسلامي، لا سيما في ظل الفوضى العالمية الحالية. بدلاً من التنافس على النفوذ، يجب على القوى الإقليمية والدولية دعم التوافق الاجتماعي والسياسي في سوريا. كما يتطلب الأمر تعاونًا ودعمًا دبلوماسيًا لمحاكمة رموز النظام السابق المتورطين في جرائم ضد الإنسانية أمام المحاكم المحلية والدولية. تعاني البنية التحتية العامة في سوريا من تدهور كبير نتيجة الإهمال الطويل بسبب الحرب. ويُعد إصلاح البنية التحتية للكهرباء والمياه على وجه السرعة أمرًا ملحًا، بالإضافة إلى ترميم الطرق والمطارات وتوفير النفط. كما أن البنية التحتية الصحية قد تعرضت للدمار التام، وهناك حاجة ماسة لإعادة بناء المستشفيات وتوفير المعدات الطبية العاجلة. ولا يقتصر الأمر على المرضى، بل يشمل أيضًا المعاقين الذين أهملوا بسبب الحرب، والمصابين بصدمات نفسية يحتاجون إلى علاج وتأهيل. تمتلك سوريا أراضي زراعية خصبة، وتقع نسبة كبيرة منها في شرق الفرات. يمكن أن تكون جزءا من المساعدات على شكل قروض وائتمانات. ويمكن تشجيع مؤسسات المساعدات والقروض الدولية على إعطاء أولوية أكبر لسوريا، على الرغم من أن هذه المؤسسات ليست مستقلة تمامًا عن السياسة الدولية. استعادة الاستقرار الاقتصادي للبلاد ستستغرق وقتًا، فحتى بعض الدول التي تتمتع بالاستقرار السياسي لم تحقق الاستقرار الاقتصادي بعد، ما يجعل التحديات التي تواجهها سوريا واضحة. لكن بفضل أراضيها الزراعية الخصبة، وثقافة العمل النشطة، والخبرات التي اكتسبها السوريون حول العالم، وحتى رأس المال القليل الذي جمعوه، يمكن لسوريا أن تحقق نهضة اقتصادية سريعة. يعد قطاعا الزراعة والسياحة من القطاعات الرئيسية التي توفر فرص عمل واسعة. تتطلب عودة اللاجئين السوريين من تركيا ولبنان والأردن ودول أخرى إلى بلادهم بشكل آمن دعمًا وتعاونًا دوليًا. تنسيق الجهود بين الدول المتضامنة: وذلك لضمان تكامل الجهود وتجنب تكرارها، مع العمل على إيصال المساعدات بشكل منظم وفعَّال إلى الفئات الأكثر احتياجًا من خلال تعاون دولي منظم. معالجة الأضرار البيئية: تنبغي معالجة الأضرار البيئية التي تسبب فيها الصراع، مثل إعادة التشجير وإدارة الموارد المائية. إحياء التراث الثقافي السوري: تمتلك سوريا إرثًا ثقافيًا غنيًا يمتد من العهد الأموي إلى العصور المملوكية والعثمانية. لإحياء هذا التراث، هناك حاجة إلى دعم تقني ومالي كبير.
738
| 01 يناير 2025
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4149
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1599
| 02 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1428
| 07 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
900
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
654
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
612
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
558
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية